بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

  

                        

 

بسم الله الرحمن الرحيم  

 

حفـرة الإسقاط تسقط الحفـار  !!

  هم أهل السياسة ..  مجالهم أن يخوضوا في بحر السياسة .. يصطادون في الماء الصافي وفي الماء العكر .. يصدقون مرة وينافقون ألف مرة ..  ويجتهدون في خداع أقوامهم قبل أن يجتهدوا في خداع خصومهم  .. الثبات في المواقف أمر ينافي حكمة السياسة .. والسياسي هو أول من يناقض ذاته .. وينكر أقواله  ..  وذاك أمر لا يجلب العيب لهم بحكم المهنة .. فلو قيل أن سياسياً يصدق في أقواله يكون ذاك القول مزح يقبل الجدل .. ومنذ القدم القول في تفسير معنى السياسية يدور حول الحقيقة بأن السياسة هي الاحتفاظ بالمقدور والاجتهاد في تحصيل المفقود .. ولكن الكيفية في تحقيق ذلك لا تتقيد بمقاييس الأخلاق أو المنطق أو العادات أو التقاليد .. فكل مسلك متاح لتحقيق الأهداف السياسية .. فلا كوابل ولا قيود ولا أخلاقيات في عرف السياسة .. وكثير من التعايير والمعاني مفقودة في معاجم السياسة وهي لا تعني لهم شيئا  ..  ومنها  :  مشين أو مزين ، قبيح أو جميل .. حلال أو حرام ، سلب أو نهب .. عدالة أو ظلم .. صدق أو كذب .. خداع أو غش .. كلها مقبولة كوسيلة .. ولكن في النهاية الهدف يجب أن يتحقق كلياً أو جزئياً . وعلى ذلك يقال أن السياسي يفقد ماء الوجه .. ولا تهمه كثرة العتاب واللوم .
    أما الوجه الآخر ذاك الشن الذي يوافق الطبق فهم أصحاب السلطة الرابعة .. فهم تتماشى أحلامهم وأقدامهم مع فطرة أهل السياسة والسياسيين  .. وهم أصحاب الأقلام والإعلام ..  الذين هم إذا أصدقوا في ألسنة أقلامهم ينصفون .. وقلما يفعلون .. ويدعون بأنهم هم واجهة الحقائق المجردة .. والمنشورة على حبل الغسيل بقبيح أدرانها وبجميل أحسانها .. وتلك هي رسالتهم الفعلية .. ولكنهم في الواقع غير كذلك .. أحلامهم الوردية هي الإثارة ولفت الانتباه من أجل الكسب الرخيص .. ومن أجل أن يقالوا .. يؤلمون إذا امتطوا المكر والتضليل .. فإذا أحبوا ذاك السياسي مجدوا خطواته ..  وجعلوا صيده ثميناً حتى ولو أصطاد قملاَ .. ثم رفعوا شأنه فوق عنان السماء .. وقالوا عنه ما لم يقل هو عن نفسه .. فهم يستطيعون أن يجعلوا من الأقزام عمالقة .. ويستطيعون أن يقيموا بنايات شامخة وناطحات سحاب من الأوهام .. ورموز من المردة والعمالقة الزائفة  .. وكذا الحال مع القادة والزعماء .. السلطة الرابعة هي التي ترفع وتدافع عن من تشاء  ..  وتمدح وتؤازر وتنافق ثم تجعل من مجهول مبهم علماً فوق المقامات .. علامة لم تكن لولا السلطة الرابعة .. نرى مجهولاً أعجز من أن يقود نفسه قد أصبح رمزاً .. وتلك هي السلطة الرابعة التي تجعل منه كذباً منصوباً .. وضعيفاً قوياً .. وغبياً ذكياً .. وجاهلاً عالماً .. ثم السلطة الرابعة إذا كرهت سياسياً أو زعيماً أو قائداً عاندت وجعلت من انجازاته سراباً واهياً . ورفعت شعار الحرب الصامتة الغير معلنة ثم حاربت بغير عدالة وإنصاف  .. وفي حربها تلك هي قد تكون ظالمة وجائرة  .. فالواجب الأول في رسالتها هو أن تقول الحقائق مجردة .
       وقد كانت مواقف الكثير من المراكز الكبيرة للإعلام العربي غير منصفة في نقل المعلومات بصدق في أحداث الربيع العربي .. بل تعمدت بعضها أن تميل ميلاً كلياً عن الأمانة والمصداقية .. نقلت أوهاماً للعالم غير صحيحة .. وغضت الطرف عن أحداث وقعت ولم تعجب سياساتها .. وأرادت أن تقول ما في نفسها وأجندتها فقط من أمنياتها وأحلامها .. وظنت أنها بذلك نالت وسام الجماهير العربية .. وتلك فرية ووهم كبير .. بل حطت من قدرها ..  ومعظم مراكز الإعلام العربية سقطت إلى الحضيض .. وذلك عندما نسيت الحيادية التي كانت تدعيها .. وخاصة بالمقارنة مع مراكز الإعلام العالمية الكبيرة .. فالأخيرة كانت تتحرى الصدق وقول الصورة الحقيقية في الميادين .. ونقل الرأي والرأي المغاير .. أما مشاهير المحطات الإعلامية العربية فقد فقدت هيبتها السابقة .. وفقدت سمعتها ومكانتها السابقة حين ما كانت أمينة وجريئة ومحايدة وصادقة ..  ثم كشفت أوراقها .. وكشفت عن قناعها الزائف .. والشعوب بالفطرة تستطيع أن تميز مواقف الصدق ومواقف النفاق .. حتى ولو جاءت شعارات تلك المحطات محققاً لأمنيات البعض أو الكثيرين من الجماهير فهي مع ذلك قد سقطت هيبتها لدى تلك الجماهير نفسها .. لأنها ظهرت مريضة نفسياً .. وفي أعماقها ظهرت علامات الحقد والانتقام .. والآن تحولت الملايين من الشعوب العربية إلى القنوات والفضائيات العملاقة العالمية التي تتصف بالمصداقية والأمانة والحيادية  ..  حتى ولو كانت هي من جذور الأعداء  ..  وهربت من تلك التي أصبحت مسخاً كريهاً حتى ولو ادعت الوطنية وغير ذلك  ..  والأصالة الإعلامية وضحت في تلك المحطات الإعلامية ذات الجذور والتاريخ والمبدأ .. فقد التزمت بخطها الحيادي الملزم التي هي عليه منذ إنشاءها .. دون تحيز .. أما هنا فمحطات إعلامية ولدت عملاقاً ثم فجأة أصبحت قزماَ بغيضاً كذاباً ومنافقاً .. مما جعلت الأنامل فوق الريموت كنترول تتخطاها بسرعة .. مع الاقتران من النفوس على ذلك بتفاف ولعنة على شأنها .

ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسي محمد أحمد

 

 

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 42/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
16 تصويتات / 225 مشاهدة
نشرت فى 24 سبتمبر 2011 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

778,561