لم يتمكّن أحد من جمع قلوب العرب بأسلوب رشيق في العصر الحديث كما فعل رجب طيب أردوغان. فمن هو هذا الرجل وما قصته ؟
هذه بعض المعلومات جمعناها عنه مع الأخذ بعين الأعتبار أن الحذر واجب أثناء جمع المعلومات عن أردوغان، سواء بالعربية أو باللغات الأجنبية .
 فالكثير منها غير صحيح بالمرة، ومدسوس من كتاب أرمن وإسرئيليين وأتراك وغيرهم  وفرز الصحيح من الخطأ عملية ليست هينة، لكنها أصبحت ممكنة بعد أن اشتهر الرجل وأصبحت المصادر الصحيحة عنه متوافرة أكثر.

 لامس أوتار القلوب:

 فها هو يثلج القلوب بمواقف سياسية من إسرائيل تشفي الغليل، وكأنه عاد إلى ما كان يثلج  به قلوب الأتراك في أواخر ستينات القرن الماضي حين كان مراهقاً عمره  16 سنة  يبيع أثناء عطلة الصيف المدرسية الكعك والبطيخ والليموناضة بشوارع اسطنبول، حيث  أبصر النور في حي "قاسم باشا" الشعبي قبل 56 سنة.

اكتسح أردوغان المنطقة العربية من دون أي تعب تقريباً، بينما تجهد إيران كما الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي وتبذل الغالي والنفيس لكسب ربع ما اكتسبه من  شعبية ولو في بعض المنطقة ولا تستطيع.
وكل السر يكمن في أنه لامس أوتار القلوب بأنامل تنسجم مع طبيعة خفقاتها ونبضاتها  فبدأ كعازف معها في أوركسترا واحدة، لا دخيل عليها كسواه، حتى أصبح المكتوب عنه  بالعربية في أقل من عام أضعاف ما كتبه في سنوات أنصار الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وغيره ممن هم في محوره بالمنطقة.

 رئيساً للبلدية ثم سجيناً بسبب قصيدة:

عُرف عن أردوغان عشقه لاسطنبول التي عمل في مصلحة النقل ببلديتها وزرع فيها  مليون شجرة بعد انتخابه رئيساً للبلدية في 1994 ممثلاً عن حزب الرفاه الذي أسسه  أستاذه نجم الدين اربكان، كم عُرف عنه أيضاً إعجابه الكبير بأربكان، إلى درجة أنه  أطلق اسمه الأول "نجم الدين" على احد أبنائه.
 
 المعروف أيضاً عن أردوغان إعجابه بشاعر تركي إسلامي توفي في 1936 واسمه  محمد عاكف، وهو إعجاب قاده عام  1999 إلى السجن 4 أشهر ومعه خسر منصبه كعمدة  لاسطنبول، وكله بسبب قراءته خلال كلمة كان يلقيها في بلد علماني لبيتي شعر من قصيدة  حماسية لعارف عن الإسلام، وفيها يجعل الشاعر من الدين الحنيف ومؤسساته وزارة للدفاع  في دولة ليس لها وجود واقعي، فيقول:
المآذن حرابنا والقباب خوذاتنا..
مساجدنا ثكناتنا والمصلون جنودنا..
وهذا الجيش المقدس يحمي ديننا.

عائلته وأبناؤه:

وأردوغان، الذي أعلن مراراً عن نيته الترشح للرئاسة التركية بعد عامين، متزوج من تركية  تكبره بعام، وهي من مدينة سييرت وأصلها عربي واسمها أمينة غولباران، والتي لا تظهر  إلا مرتدية الحجاب.
وكان أردوغان تعرف إليها في 1978 خلال اجتماع حزبي، حيث تقول زوجته:
فإذا بي أراه يخطب وشبيها برجل كنت أراه في المنام أحياناً، فانجذبت إليه
وبعد 6 أشهر من العام نفسه كان الزواج، وبعده أدى الاثنان مناسك الحج معاً.

 ولأردوغان من زوجته 4 أبناء:
 أحمد بوراق ونجم الدين بلال، الذي تزوج قبل 6 سنوات وكان أحد الشهود على زواجه  رئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو برلسكوني.
 يومها أبطلت الشرطة السرية التركية خطة لمنظمة يسارية متطرفة أعدتها لاغتياله خلال  الحفل، فنجا من محاولة كان الزفاف سيتحول معها إلى حفل دموي.

 أيضاً  له ابنتان :
 إسراء، وله منها حفيدان أكبرهما عمره 4 سنوات
 وسمية التي تدرس في الولايات المتحدة، لأن البلاد التي يرأس حكومتها منذ 7 سنوات  تمنع الطالبات من ارتداء الحجاب في المدارس والجامعات.
 أ ما والدة أردوغان، فاسمها تنزيل، وهي مازالت على قيد الحياة ومعتلة الصحة بمرض القلب.

 تسلل إلى القلوب:

 ويمكن لمن يجمع تعابير المدح والثناء على أردوغان المنشورة هذه الأيام، خصوصاً بعد  الاعتداء الإسرائيلي على سفن المساعدات، في صحف ومجلات ومواقع على الإنترنت  عربية أن يكتشف بسهولة أن الرجل  لم يتسلل إلى القلوب العربية خلسة من شبابيكها  خلال نوم أصحابها، كما يحاول سواه أن يفعل، بل في اليقظة دخل من من الأبواب العريضة

وكانت البداية بشكل خاص يوم 29 يناير (كانون الثاني) 2009 حين اعترض على الرئيس  الإسرائيلي، شيمون بيريز، لمقاطعته أكثر من مرة وهو يلقي كلمة في منتدى دافوس بسويسرا فانسحب أردوغان من المنتدى غاضباً ومعترضاً على إدارة الجلسة بأسلوب  غير حيادي ولفت انسحابه الذي شاهده الملايين على الشاشات التلفزيونية انتباه العرب بشكل خاص فخطف الأضواء بامتياز، ومن يومها بدأوا يتابعون أخباره.

 خدمة الإسلام:

وقبل 3 أشهر منح العاهل السعودي الملك عبدالله جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام لأردوغان لقيامه بجهود بناءة في المناصب السياسية والإدارية التي تولاها  ومنها حين كان عمدة اسطنبول حيث حقق إنجازات رائدة في تطويرها.
 ومما ورد  في بيان لعبدالله العثيمين الأمين العام للجائزة :
 وبعد أن تولى رئاسة الوزراء في 14 مارس (آذار) 2003 أصبح رجل دولة يشار بالبنان  إلى نجاحاته الكبيرة ومواقفه العظيمة، وطنياً وإسلامياً وعالمياً.

 كما منحته جامعة أم القرى بمكة المكرمة دكتوراه فخرية هذا العام في مجال خدمة الإسلام.

 "باشبكان" تركيا : الطفل القوي:

 ومما يكتبون عن "باشبكان" تركيا (باش تعني الرأس، وبكان تعني وزير)
 أن اسمه المكون من كلمتين معناهما الطفل القوي (أر قوي، ودوغان طفل) وأنه من أصل  قوقازي جيورجي .
وقد كان أبوه أحمد عاملاً بسيطاً لدى فرقة لخفر السواحل بمدينة "ريزة" الممتدة في الشمال التركي على ساحل البحر الأسود، حيث استقر فيها 13 سنة عاد بعدها في 1967 إلى مدينته  اسطنبول حالما بمستقبل أفضل لأولاده الخمسة .
 فعاشت العائلة في حي مكتظ بالفقراء مثلها، وفيه راح أردوغان يدرس شتاء بمدرسة إسلامية  انطلق منها في ما بعد ليحصل على لقمة العيش من العمل كلاعب نصف محترف لكرة قدم  طوال 10 سنوات في ناد لم يعد موجوداً الآن.

 بائع الكعك والليموناضه:

وقد كان يبيع الكعك بالسمسم وهو مراهق، كما والبطيخ والليموناضة بالشوارع خلال  عطلة الصيف، لتأمين تكاليف دراسته ، ويبدو أن "الطفل القوي" حصل على شهادة   في المحاسبة من معهد  كان اسمه "معهد مرمرة" حيث  تطور هذا المعهد وتوسع بعدها  إلى أن أصبح جامعة فيما بعد.
 
 هذا وقد مات جده رجب ، وقد كان إمام مسجد ، قتيلا في 1916 أثناء صد حملة روسية-أرمينية  استهدفت أراض للدولة العثمانية في ذلك الوقت.

 رفض حلق شاربه:

 تعرف حيث كان يدرس إلى أستاذه نجم الدين أربكان، وانضم إلى الحركة الإسلامية في  تركيا، وجاءت أول مواجهة له مع القانون والسلطة في 1980 بعد الانقلاب العسكري حين  أبلغه رئيسه في هيئة المواصلات ببلدية اسطنبول، وهو عقيد متقاعد في الجيش، بأن عليه أن يحلق شاربه فرفض واستقال مفضلا الشارب على العمل في مناخ لا يرضاه.

 تأسيس حزب العدالة والتنمية:

 ثم راح ينشط بعدها في العمل السياسي بحزب الرفاه، إلى أن منعت السلطات الحزب  في 1998 وبعدها بأربع سنوات أسس مع عبد الله غل حزب العدالة والتنمية، ثم راح بعد  توليه الوزارة ينشط في مد يد السلام والتوافق في كل اتجاه:

فتصالح مع الأرمن بعد عداء تاريخي، وكذلك فعل مع أذربيجن .
وأرسى تعاونا مع العراق وسوريا .
ولم ينسى أبناء شعبه من الأكراد، فأعاد لمدنهم وقراهم أسماءها الكردية وسمح لهم رسميا  بالخطبة بها وافتتح بنفسه محطة تلفزيونية رسمية ناطق بالكردية .

 ولم ينس إسرائيل وما تفعله بالفلسطينيين فانبرى لها بكل ما رأيناه في الأيام الماضية وأكثر
 ثم تذكر العرب وقال عنهم في كلمة ألقاها قبل شهر حين افتتح قناة تلفزيونية بالعربية موجهة  إلى المنطقة:
 إن العالم من دونهم لا معنى له، وإن مصير ومستقبل اسطنبول لا يختلف عن مصير ومستقبل  أي مدينة عربية، وقد تكون الحدود السياسية خطت بين أوطاننا في التاريخ القريب، وربما  الألغام قد زرعت بين دولنا، وربما الجدران والسدود قد شيدت بين أراضينا، إلا أننا نمتلك من القوة والإرادة ما يجعلنا نتجاوز كل هذه العقبات.

ونختم بمعلومة بسيطة عن أردوغان وهي أنه لم يقم بتغيير منزله البسيط إلى الآن !

المصدر: مقالات الهدف - http://www.al-hadaf.org
  • Currently 195/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
65 تصويتات / 654 مشاهدة
نشرت فى 12 يونيو 2010 بواسطة Naseem

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

312,472