مسعود صديق العناكب
ندى أمين الأعور
استيقض سامي وزوجته مهى في يوم أحد ربيعي وجلسا على الشرفة يشربان القهوة ويتجاذبان اطراف الحديث الصباحي.
<!--لماذا لا نأخذ الأولاد ونذهب الى الغابة في القرية المجاورة لقضاء يوم في احضان الطبيعة؟
سأل سامي زوجته.
استحسنت مهى الفكرة خاصة وانهم لم يزوروا تلك المنطقة من قبل.
<!--سأحضر سلة من الطعام والشراب كي نأخذها معنا.
أجابت وتوجهت الى المطبخ.
أما سامي فذهب الى غرفة نوم الأولاد دانا وأشرف كي يوقضهما من النوم. استفاق الاولاد وتحمسا للفكرة كثيرا.
توجهت العائلة الى الغابة بالسيارة بعد ان استعدت.
اوقف سامي سيارته على حدود الغابة الى جانب بيت حجري صغير. كان الباب مفتوحا والى جانبه رجل طاعن في السن. رحب الرجل بالعائلة وأخبرهم عما في الغابة من اشجار ونباتات وطيور وحشرات وسواها. دلهم الى مكان بجانب نبعة من الماء كي يتناولوا طعامهم في رحابه بعد الانتهاء من التجوال في ارجاء المكان. شكره سامي وسأله عن اسمه. فأجاب:
<!--انا اسمي مسعود وأعيش بمفردي في هذا البيت الصغير الذي ورثته عن والدي.
ودعت العائلة مسعود وحملت سلة الطعام وسارت الى الغابة. مضى النهار بسرعة فائقة فالجميع لم يشعروا بالوقت لكثرة الاستمتاع بالطبيعة الغناء.
حان وقت العودة الى البيت فتوجهت العائلة الى السيارة التي لم يتمكن سامي من ادارة محركها. نزل وفتح الغطاء الخارجي فاكتشف بأن البطارية بحاجة الى تشريج. طرق باب مسعود طالبا المساعدة لكن الرجل لم يتمكن من اجابة طلبه.
تلفن سامي لجاره وائل كي يأتي وينقذه من الورطة التي وقع فيها.
<!--تفضلوا الى منزلي لشرب العصير كي لا تنتظروا وصول جاركم على الطريق.
قال مسعود.
شكره سامي ودخل مع عائلته الى المنزل.
<!--واااع صرخت دانا انظروا الى العناكب على الحيطان وعلى السقف.
قالت بصوت ملؤه الرعب وركضت الى الخارج لتجلس في السيارة وتقفل الابواب والشبابيك. لحقت بها والدتها كي تهدئ من روعها أما سامي وأشرف فجلسا يستمعان الى مسعود الذي روى لهما حكايته مع العناكب.
<!--بعض الناس يربون الكلاب في منازلهم وبعضهم يربون القطط. أما أنا فأربي العناكب الصديقة التي تأكل البعوض والذباب فتخلصي منها دون أي عناء.
قال مسعود. فسأله أشرف:
<!--الا تعقصك العناكب؟! الا تؤذيك أبدا؟!
<!--العناكب مسالمة جدا يا صغيري. فهي تحيك شباكها على الحيطان وعلى السقف دون ازعاجي. العناكب تشبع من اكل البعوض والذباب الذين يعلقا في شباكها بكل بساطة. فأرتاح من العقص المزعج ومن نقل الميكروبات الى طعامي. لست أدري لماذا يخاف الناس كبارا وصغارا من العناكب.
وصل وائل للمساعدة في شحن بطارية السيارة فودع سامي وأشرف مسعود وذهبا. دار محرك السيارة فعادت العائلة الى المنزل وكان الحديث على الطريق كله عن مسعود وعن العناكب. تالا بقيت على موقفها ولم تقتنع ان العنكبوت لا يخيف الانسان.
يوم الاربعاء في المدرسة حان وقت اجتماع نادي البيئة في تمام الساعة الثالثة. اشرف احد انشط اعضاء النادي فهو يواضب على تقديم الافكار الى الاعضاء. الانسة ليلى منسقة نشاطات النادي تحب الاستماع الى افكاره وتسهب في شرحها وفي جدوى تنفيذها.
<!--لدي اليوم قصة ارويها لكم.
قال أشرف للمجتمعين وحكى لهم تفاصيل زيارته الى منزل مسعود.
<!--حسنا قالت الانسة ليلى وطرحت على الطلاب زيارة منزل مسعود في نهاية الاسبوع.
وافق الكل عدا طالبين يخافا رؤية العنكبوت كثيرا.
تفاجأ مسعود بوقوف باص المدرسة امام بابه. نزلت الانسة ليلى برفقة اشرف وتحدثا اليه. علت الابتسامة وجهه المجعد ورحب بهم كثيرا. دخل الجميع وفي ايديهم الكاميرات والآت الفيديو. صوروا اعشاش العنكبوت على السقف وعلى الجدران وما في داخلها من حشرات عالقة. اجروا المقابلات مع الرجل الذي اسهب في الحديث عن حبه لكافة الحشرات المفيدة.
قبل انتهاء الزيارة عرض مسعود على اعضاء النادي مرافقتهم الى الغابة كي يدلهم على النباتات الطبية وعلى النباتات البرية التي يمكن للانسان أكلها.
وافق الجميع ووعدوا الرجل بالعودة اليه ثانية.
خلال اجتماع النادي في الاسبوع التالي كان النقاش حاميا بين الأعضاء فمنهم من اقتنع بوجوب تربية العناكب في المنازل ومنهم لم يقتنع. أما الانسة ليلى فأخبرتهم بأنها ابتدأت يتربية العناكب في غرفة نومها وفي المطبخ.
تفاجأ الجميع بالخبر وبعضهم لم يصدق ما سمعه!
ما رأيك انت؟