الانسة "نقطة ماء"حفيدة الزعيم سياتل في غابة الارز في لبنان في 18 تموز من عام 2005

ندى امين الاعور

 

ذهبت الى مركز التوعية البيئية في بشرّي الايكو كلوب (لم يعد موجودا اليوم بسبب الفساد الافقي والعمودي المستشري  في لبنان مما ادى بمؤسسته الصديقة والرفيقة ألين يوسف طوق للهجرة الى بلجيكا مع ابنائها مؤخرا)   كي اشارك في توعية اطفال المخيم البيئي الذي اقيم في 18 تموز من عام 2005 ،حيث كان عليّ لعب دور انسانة غريبة الاطوار يجدها الاطفال فجأة في غابة الارز وهم  يقومون بتنظيفها من الاوساخ.

لعبت دور حفيدة الزعيم سياتل واسمها "نقطة ماء" التي تتنقل مع الهواء حول الكرة الارضية حينما تشاء دون استخدام اي نوع من انواع المركبات الحديثة التي يتسبب صنعها واستخدامها بتلوث بيئة كوكب الارض الذي تعتبره هذه الفتاة أما لها اما والدها فهو السماء.

شرحت للاطفال يومها ما قاله جدي في رسالته الى العالم الحديث. فالرسالة تشرح بشكل واضح كافة اسباب المخاطر البيئية  التي تواجهنا اليوم بسبب السلوك الخاطئ للانسان تجاه الطبيعة وقوانينها.

في عام 1855 قدم رئيس جمهورية ما يسمى بالولايات المتحدة الاميركية اليوم  فرانكلين بيرس "طلبا" إلى زعيم قبيلة سواميش وهي من السكان الاصليين الذين احتلت بلادهم وابيدو ابادة جماعية شبه تامة سياتل ل "بيع" أرضه إلى الحكومة. فردّ عليه برسالة الى العالم الحديث قال فيها:

الرئيس الكبير في واشنطن يرسل لنا كلمة تقول أنه يرغب في شراء أرضنا. والرئيس العظيم يرسل لنا أيضا كلمات الصداقة وحسن النية. هذا لطف منه بالطبع، لأننا نعلم حق العلم أنه ليس لديه سوى القليل من الصداقة. لكننا سوف ننظر في العرض الخاص به، لأننا نعلم أنه إذا لم نفعل ذلك، سوف يأتي بجيشه مع السلاح لاحتلال أرضنا.

لكنني اسأله كيف يمكن لك شراء أو بيع السماء و دفء الأرض؟ الفكرة غريبة بالنسبة لنا. فنحن لا نملك نضارة الهواء ولا تألّق الماء. كيف يمكنك شرائها منا؟ كل جزء من هذه الأرض مقدس بالنسبة لشعبي. كل إبرة صنوبر خضراء مشرقة، كل رمال الشواطئ، كل الضباب في الغابات المظلمة.... طنين الحشرات هو مقدس في ذاكرة وتجربة شعبي.

نحن نعلم أن العرق الأبيض لا يفهم طرقنا في العيش. لأنه يعتبر ان اي جزء من الأرض سلعة ولا مانع لديه من السيطرة والاحتلال وتخريب موازين العيش. فهو هذا الغريب الذي يأتي في الليل ويأخذ من الأرض كل ما يحتاجه عنوة عن كل الموازين المطلوبة لاستمرار الحياة. فالأرض ليست شقيقة له بل عدوة، فهو عندما قام بغزو ارضنا، تحرك بطمع قاتل. شهيته المشبعة بالفوقية والطمع سوف تلتهم الأرض وتترك وراءها صحراء قاحلة.

مشهد مدنك يؤذي عيون افراد العرق الأحمر من البشر. ربما السبب في ذلك يكمن في كوننا من ضمن الوحوش فنحن في نظرك اغبياء.

 إذا قررت أن أقبل بيع الارض لك فذلك سيتم  بشرط واحد هو ان عليك ان تعامل وحوش هذه الأرض كما تعامل افراد عائلتك. لن يتمكن الانسان من البقاء على أمنا الأرض دون وجود الوحوش ايضا؟ إذا قمت بقتل كافة الوحوش، فإن البشر سوف يموتون من جراء فقدانهم لوحدة عظمى تجمع الارواح، فما قد يحدث للحيوانات سوف يحدث للإنسان ايضا.

نحن نعرف امرا واحدا قد يكتشفه العرق الأبيض يوما ما، فنحن نعبد نفس الله الذي لن تتمكن من امتلاكه كما ترغب في امتلاك ارضنا عنوة عنا. ذلك لأن في حبه لمخلوقاته جميعا هناك مساواة. هذه الأرض ثمينة بالنسبة له وإلحاق الضرر بها هو ازدراء لخالقها.

العرق الابيض أيضا، سوف ينقرض - ربما قبل غيره من باقي الاعراق البشرية. استمرارك في تلويث السرير الذي تنام عليه سوف يخنقك بالتأكيد فالعيش ليلة واحدة مع النفايات التي تقوم انت بانتاجها ستقضي عليك. كذلك انت عندما تقوم بذبح كافة الجواميس البرّية والتسبب بانقراضها، وعندما تتمكن من ترويض جميع الخيول البرية سوف تصل حتما الى الهلاك.

الزاوية المقدسة من الغابة تنوء برائحة عطرك الثقيل ، كذلك الحال بالنسبة للتلال الخضراء. أين هي كافة أنواع الأسماك؟ أين هو النسر؟ وما معنى أن نقول وداعا للحياة ؟ انها نهاية العيش وبداية الموت على هذا الكوكب.

ليس هناك اي مكان هادئ في مدن الرجل الأبيض ولا يوجد فيها اي مكان لسماع موسيقى أوراق الربيع أو ترانيم أجنحة الحشرات.

ولكن ربما لأنني متوحش ولا أفهم - قد يبدو حديثي مهينا لسمعك . فهل هناك حياة في حال عدم تمكننا من سماع صرخة جميلة  للطائر الليلي آكل الحشرات أو لنقيق الضفادع حول البركة بعد حلول الظلام؟

العرق الأحمر من البشر يفضل سماع الصوت الناعم للرياح حين هطول المطرلتطهيرها في منتصف النهار، أوالاحساس بالنسائم المعطرة برائحة الصنوبر.

الهواء ثمين بالنسبة للعرق الأحمر، فجميع المخلوقات بحاجة الى التنفس - الوحوش، والأشجار، والبشر و و و  ...

يبدو أن المحتل لارضنا لا يلاحظ الهواء الذي يتنفسه لأنه يبدو غائبا عن الوعي خلال النهار فرائحة هواء الغابات تخدّره تماما بعطرها.

قد ندرك مقاصد العرق الابيض لو كنا نعرف ما يحلم به. ما ذا تراه يأمل ان يصف لأطفاله في ليالي الشتاء الطويلة، ما هي هذه الرؤية التي يبدو انها تحترق في ذهنه.

أحلام العرق الأبيض غامضة بالنسبة لنا، لذلك سنواصل طريقتنا الخاصة في العيش. وإذا اتفقنا على شرط البيع ، سنرضى بالسكن في المحميات الخاصة بنا التي وعدتنا بها. فلعلنا قد نعيش أيامنا القصيرة في محمياتنا كما نشتهي.

عندما يختفى العرق الأحمر من البشر عن الأرض تماما، لتبقى ذكراه كظل سحابة تتحرك عبر البراري. فالشواطئ والغابات ستبقى محافظة على تراثه وعلى أرواح افراده.  لسبب بسيط وهو انه  احب هذه الأرض كما يحب المولود الجديد نبض قلب أمه. وإذا كنا سنبيع لك أرضنا، سنظل نحبها كما كان يحبها اجدادنا، وسنتابع الاهتمام  بها.

ضع في ذهنك الاهتمام  بالأرض عندما تحصل عليها، لأنك مع كل ما تستخدمه من القوة، ومع كل ما قد يكون لديك، عليك الحفاظ على الارض لأطفالك.

امر واحد نعرفه - إلهك هو الهنا نفسه. الأرض ثمينة لديه. حتى العرق الأبيض من البشرلا يمكن أن يعفى من المصير المشترك لكل ما هو حي على هذا الكوكب.

(رسالة صادرة عن حكومة الولايات المتحدة كجزء من احتفالات الذكرى المئوية الثانية).

سميت مدينة سياتل في ولاية واشنطن باسم هذا الزعيم.

 

 

 

المصدر: مقال بقلم ندى أمين الاعور حول تجربة شخصية في مجال التوعية البيئية

ند ى أمين الاعور

Nadamine
الشهادات العلمية تموز، 1988 الجامعة الأميركية في بيروت، بيروت، لبنان ماجستير في الآداب الخبرات المهنية شباط 1995 –حزيران 2001 مؤسسة ومنسقة نشاطات النادي البيئي المدرسي "بلو اند غرين" ، مدرسة يسوع ومريم، الربوة، لبنان. حزيران 1999 - نيسان 2001 مديرة البرامج، شريكة المركز الدولي للتنمية، المتحف، شارع اوتيل ديو، بناية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

130,680