يوميات أناس عاديين // بائعة المناديل الورقية //11//

399

***********

تدب الحياة في الشوارع .. يتدفق دمي في عروقي ، فأعي حقيقة ذاتي بتجربتي القصيرة في الحياة . يعيش الإنسان ما لا يُحصى من اللحظات كل يوم .. لحظة سحريةُ ساحرة ٌ وأخرى شقيةٌ صعبةٌ ومُرَّةُ المذاق .. لحظاتٌ  تُرى و لا تُلْمَسُ ، وأخرى لا تُدرَك كلها .. إنه سر الحياة  وسحرها الذي يستعصي علي فهمه أنا الطفلة ذات السبع سنوات فقط ، فمن النادر أن يهتدي طفل مثلي بحدسه وعقله إلى أسرار الحياة الشبيهة بلحظات الإخصاب التي لا تُرى نتيجتها إلا بعد أسابيعَ و شهورٍ .

حياتي يتحدث عنها الناس ولو أنها قصيرة .. تثير اهتمامهم تماما كما أثارت اهتمام ذلك النادل الذي حكى لك عني .. وللأسف ، تحدث عني دون أن يكشف لك عن كينونتي الحقة .. لقد أتى على ذكر عنواني ، بل فقط الحي الذي نسكن فيه ووصفه بذلك الوصف القبيح ..  وأعتقد أنه  رسم في مخيلتك صورا وملامح بشرية يتداولها الناس عنا دون أن ينفذوا الى أعماق تاريخنا البائس  الذي لا يد لنا فيه . شخصيتي الناشئة لا ترى كل العيوب التي ذكرها لك النادل .. كنت مضطرة أن أسمع ما قال ، وكنت قليلة الحيلة لأشرح لك وأوضح له أشياء لم يعرفْها . " تراست " التي ربما تعرفُها أنت أيضا قد تفاجئك اليوم بنموها وازدهارها ، فشوارعها مفعمة بالحياة و تتحدى الواقع المهمش لمعظم الساكنة . نمطُ " بورجوازيةِ " الطبقة الوسطى بدأ يظهر في مدينتي ، ويوما ما قد لا نضطر أن نتنقل إلى أكادير لبيع المناديل الورقية ، لأن مجال تسويق بضاعتنا سيكون في  المقاهي العصرية التي بدأت تغزو شوارعنا ، وبالتالي سنقتصد حتى مصاريف تنقلاتنا اليومية . أرأيت ؟؟ لقد بدأت أفهم في الاقتصاد !!  قالتْ ذلك وابتسمنا ابتسامة خفيفة .

بقلم

سيف أسيف // المغرب //