حالة من القلق أصابت الشارع المصري بعد الحديث عن تحويل الدعم العيني إلى نقدي، والخوف مما سيترتب عليه من زيادة أكيدة في الأسعار، وبرغم نجاح التجربة في بعض الدول كالمكسيك والبرازيل إلا أن للشعب المصري طبيعته الخاصة، ومن كثرة ما يعانيه في الفترة الأخيرة أصبح يخشى المجازفة والتجربة برغيف العيش الذي يصل له والزيت والسكر والأرز وغير ذلك من الاحتياجات الأساسية.
فهل يتقبل الناس فكرة الدعم النقدي بسهولة؟.. وهل تحويله من عيني لنقدي سيكون له تأثير اجتماعي على الأفراد؟.. وعلى أي الأسس سيتم اختيار من يحتاجون لهذا الدعم خاصة أن هناك دراسة من البنك الدولي تؤكد أن 66 % من أموال الدعم تصل لغير المستحقين؟
إلدعم النقدي.. زيادة في المعاناة وانتشار الفساد!
د"أحمد ثابت" أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسة بجامعة القاهرة يقول إنه لا يمكن مقارنة شعب بمصر بشعوب البرازيل أو المكسيك، ويعتبر أن مجرد مبلغ زهيد سيصرف للفرد مقابل إلغاء الدعم سوف يحقق كارثة شديدة، فكيف يمكن في شعب أغلبيته تحت خط الفقر تحديد من يستحق هذا الدعم؟!.. فلا توجد رقابة وخاصة بعد أن ترتفع الأسعار بشكل يرهق الناس أكثر مما هو الوضع عليه الآن، فالاقتصاد المصري مازالت تحتكره قلة من الأثرياء سيكونون المستفيدين من هذا النظام، بينما سيزداد الفقراء فقرا، مؤكدا أن رغيف العيش على سبيل المثال لابد من عدم الاقتراب منه، وأنه يجب التفكير في ما سيعانيه الناس من أزمات.
وهو نفس ما أكده دكتور "جودة عبد الخالق" أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة والذي يرى أن الدعم العيني يصل لمن لا يستحقه بدرجة أكبر، فماذا لو كان نقديا ففي هذه الحالة لن يستطيع الوفاء باحتياجات شريحة كبيرة من طبقات المجتمع في الوقت الذي يتوقع فيه أن يسود المجتمع حالة أكبر من الفساد مما هى عليه الآن في ظل غياب التواصل ما بين الحكومة والأفراد، وعدم ثقة الأخيرة في الحكومة وهو ما سيؤدي بالضرورة لحدوث خلل أكبر في المجتمع المصري.
الدعم العيني.. تلاعب ومساعدة من لا يستحق!
وعلى العكس يرى دكتور "إيهاب المسيري" أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية أن الناس عادة لا تتقبل أي فكرة تطرحها الحكومة حتى لو كانت في مصلحتها، فهي معادية للحكومة في أي فكرة، ولكن لابد أن يكونوا أكثر إيجابية من هذا لتسهيل مهام الدولة. وعن أسس اختيار من سيقع عليهم الدعم النقدي يقول إن هناك متخصصين سيضعون معايير ثابتة ومعينة، ولن يكون هناك تلاعب كما هو موجود الآن في الدعم العيني الذي يذهب أحياناً لمن لا يستحقه، ويشيد بنجاح التجربة في بلاد أخرى وهو أكبر دليل على أنها ستلاقي نجاحا كبيرا في مصر، خاصة أن الشعب المصري بحاجة لنوع من التغيير ليتحسن وضعه.
السرقة.. ستنتشر وتتوغل!
وعن ضرر ما سوف يحدث على المجتمع ترى أستاذة الاجتماع بجامعة المنوفية د "إنشاد عز الدين" أن الدعم العيني الذي يقدم أساسا في كثير من الأوقات لا يصلح للاستخدام الآدمي، ومع ذلك فملايين من الناس حريصون عليه، وهو يدل على حرص الشعب المصري على هذا الدعم مهما كان مضرا بصحته ففي وقت من الأوقات كانت زجاجات الزيت شكلها وتركيبها لا يصلح، ومع ذلك لم يعترض أحد فكيف إذا تم إلغاء هذا الدعم كما أن هناك من يعتمد في وجبته الأساسية على الأرز كتعويض عن قلة الغذاء وعدم توفر الأموال لشراء أنواع أخرى. وترى أن الشعب المصري مازال يعاني من عدة مشاكل في سلوكياته مثل سوء الاستخدام وعدم الترشيد، فالتموين الذي يحصل عليه الفرد قد ينفد في يومين دون أن يعمل أي خطة أو حسن استخدام، وهو نفس ما سيحدث مع الدعم النقدي، فسوف يصرف ما سيحصل عليه من أموال، ومن ثم لا يجد حلولا لذلك. فلو تم تحويل الدعم من عيني لنقدي سنرى مزيدا من العنف بين فئات المجتمع وانتشار السرقة والتي لن يستحرمها المحتاجون، كما ستؤدي بالضرورة لثورة جياع مرة أخرى لذا فعلى الحكومة التواصل مع الناس بدل من الشعارات التي لا تعرف احتياجات الشعب.