الطريق إلى الأبوة ليس مستحيلاً
عقم الرجال
أن تكون أباً وأن تترك امتداداً لك، هو حلم يراود -الرجال- مدى الحياة. ويعد العقم تشخيصاً يدمر نفسية الرجل وينقل له الإحساس بعدم الكفاءة، وهي مشكلة معقدة يعاني منها حوالي 15% من الأزواج الساعين للإنجاب، 50% منهم تكون المشكلة متعلقة بعامل الرجل. والوصول إلى الأسباب، وهل هي قابلة للعلاج أم لا..؟
تعد من الأمور الأساسية، ومن حسن الحظ وجود التقنيات الحديثة للفحص والعلاج التي جعلت الطريق للأبوة ليس مستحيلاً ولكنه مليء بالتحديات.
ولمعرفة ماذا يحدث في الأحوال العادية، يمكننا القول إن خصوبة الرجل تعتمد على تكوين حيوانات منوية طبيعية وإيصال السائل المنوي إلى قناة المهبل، وهذه العملية تبدأ بتكوين الحيوان المنوي في الخصية من خلايا أولية تنقسم بطريقة معقدة على مدى أشهر، بعدها تترك الخصية وتنطلق إلى البربخ حيث تستكمل النمو ومنه إلى الحبل المنوي ومجرى البول عند القذف.
تكون وتطور الحيوانات المنوية يعتمد على وجود جينات سليمة وظروف مهيأة وبخاصة وجود مستوى كاف من هرمون الذكورة ودرجة حرارة للخصية أقل من درجة حرارة الجسم.
ما هو عقم الرجال؟
العقم بالنسبة للرجل هو أي حالة تؤثر سلبياً على فرص حدوث الحمل وأشهرها تلك التي تحدث عندما يكون الرجل غير قادر على إنتاج حيوانات منوية سليمة وظيفياً.
الأسبـاب
المشاكل التي تؤثر على خصوبة الرجل تتعلق بعوامل كثيرة وقد يكون عاملاً واحداً فقط هو السبب، وهذه العوامل هي:
- الحيوانات المنوية: اضطرابات تكون ونمو الحيوانات المنوية هي من أكثر الأسباب حدوثاً وتظهر في صور غير كاملة النمو، أشكال غير طبيعية مع ضعف في الحركة أو تكون الحيوانات طبيعية من حيث الشكل لكنها تنتج بأعداد ضئيلة أولا توجد على الإطلاق.
2- دوالي الخصيتين: (تعد من أكثر العوامل القابلة للعلاج) وهي عبارة عن اتساع أوردة الخصية مع حدوث ارتجاع للدم إلى الخصية عبر هذه الأوردة وتوجد بنسبة 16% في الرجال بصفة عامة وفي 40% من الرجال الذين يعانون من مشاكل في الإخصاب ووجود الدوالي يسبب ضعف في تكوين الحيوانات المنوية من حيث العدد، الحركة وزيادة نسبة الأشكال المشوهة من الحيوانات المنوية.
3- اضطرابات القذف مثل القذف المرتجع وهنا يتم دفع السائل المنوي إلى المثانة بدلاً من مجرى البول وذلك بسبب فشل عضلات وأعصاب عنق المثانة أثناء القذف، ويحدث ذلك نتيجة عمليات جراحية، أدوية، أو أمراض تصيب الجهاز العصبي، وأعراض ذلك حدوث قذف دون رؤية السائل المنوي وتحليل البول بعده يوضح احتواؤه على كميات كبيرة من الحيوانات المنوية.
4- اضطرابات جهاز المناعة: وذلك عندما يتم تكوين أجسام مضادة للحيوانات المنوية عند الشخص نفسه ويحدث ذلك بعد إصابات الخصية بجرح أو عمليات جراحية أو التهابات وهذه الأجسام المضادة تسبب إعاقة نمو الحيوانات المنوية وأدائها لوظيفتها الحيوية من مرور داخل الرحم واختراق البويضة للتلقيح.
5- وجود انسداد بالجهاز التناسلي بسبب كثير من العوامل مثل الالتهابات المتكررة، قطع الحبل المنوي بغرض التعقيم أو عيوب خلقية، وهذه العوامل تسبب انسداد الجهاز التناسلي مثل البربخ، أو الحبل المنوي وتمنع مرور الحيوانات المنوية من الخصية إلى مجرى البول.
6- خلل الهرمونات: الهرمونات التي تخرج من الغدة النخامية تحفز الخصية لتكوين الحيوانات المنوية وحدوث خلل في هذه الهرمونات يسبب ضعف تكوين السائل المنوي.
7- العوامل الوراثية: وتلعب هذه العوامل دوراً مهماً في الخصوبة حيث إن الحيوانات المنوية تحمل نصف العوامل الوراثية لتكوين الحامض النووي للجنين، لذلك فأي خلل في عدد أو تكوين الكروموسومات يعيق الخصوبة.
8- أدوية: هناك بعض الأدوية تؤثر في تكوين وعدد ووظيفة الحيوانات المنوية أو قذف السائل المنوي مثل أدوية التهابات المفاصل ومضادات الاكتئاب وبعض المضادات الحيوية وبعض أدوية ارتفاع ضغط الدم.
تشخيص العقم
ويتم ذلك بأخذ التاريخ المرضي والفحص السريري ويلي ذلك فحص السائل المنوي وبعض تحليل الدم اللازمة.
تحليل السائل المنوي يتم جمعه في كوب معقم ويسبق ذلك مدة حوالي أربعة أيام بدون إنزال للسائل المنوي ويتم فحص الكمية، العدد، الحركة وشكل الحيوانات المنوية.
وإذا كان التحليل يحتوي على أعداد قليلة من الحيوانات المنوية أو عدم وجودها فذلك لا يعني تشخيص العقم، ولا نستطيع الجزم أن هذا الشخص عقيم إذ إن ضعف العدد أو قلة الكمية يعني فقط أن هناك مشكلة في تكوين أو توصيل الحيوانات المنوية، وهنا يحتاج المريض إلى إعادة تقويم المشكلة، وقد يحتاج الطبيب المعالج لطلب فحص موجات صوتية من الشرج لإظهار قنوات القذف والحوصلة المنوية من حيث وجود أكياس أو تكلسات أو حتى انسداد قنوات القذف.
أما دور أخذ خزعة من الخصية يأتي عندما يظهر التحليل عدم وجود حيوانات منوية ويكون مستوى الهرمونات طبيعياً وتستخدم هذه العينات للتشخيص النهائي، وأحياناً أخرى لاستخلاص الحيوانات المنوية من العينة واستخدامها للتلقيح المجهري في بعض الحالات. بالإضافة للسائل المنوي قد يحتاج الطبيب المعالج معرفة مستويات الهرمونات لمعرفة قدرة الخصية على تكوين الحيوانات المنوية فمثلاً ارتفاع نسبة هرمون FSH الذي يخرج من الغدة النخامية لتحفيز الخصية لتكون الحيوانات المنوية، وعندما يرتفع هذا الهرمون للضعف أو أكثر يعني زيادة نشاط الغدة لتحفز الخصية التي لا تستجيب.
طرق علاج العقم
يعتمد ذلك على نوع المشكلة، ففي بعض الأحيان قد لا يوجد علاج، وفي أغلب الحالات فإن العلاج الطبي والجراحي مع مسائل مساعدة الإنجاب قد تفيد.
الجراحات
مثل استئصال دوالي الخصيتين، فقد أظهرت الدراسات أنها تحسن من الحركة والعدد وأشكال الحيوانات المنوية، وهذه المؤشرات الثلاثة تتأثر كثيراً في وجود دوالي الخصية. وفي حالات أخرى تستخدم الجراحة لإعادة توصيل الحبل المنوي تحت الميكروسكوب الجراحي. كذلك هناك بعض الحالات التي تستخدم فيها الأدوية مثل القذف المرتجع واضطرابات جهاز المناعة.
أما إذا حدث فشل في العلاجات السابقة فهنا يأتي دور وسائل مساعدة الإنجاب مثل: التلقيح داخل الرحم: ويتم ذلك بحقن الحيوانات المنوية للزوج مباشرة إلى داخل الرحم من خلال قسطرة عبر عنق الرحم أثناء التبويض وبذلك تتخطى الحيوانات المنوية المادة المخاطية بعنق الرحم الذي يكون ذا تأثير سلبي وتصل قريباً من أنابيب فالوب، وتستخدم هذه الطريقة في حالات قلة العدد والقذف المرتجع وفي حالات وجود أجسام مضادة للحيوانات المنوية بعنق الرحم.
التلقيح الخارجي
يتم ذلك بالمعمل في أطباق خاصة حيث يتم جمع البويضة مع الحيوان المنوي ويتم فيها تنشيط المبايض لإنتاج أكثر من بويضة ناضجة، وبعد فترة حضانة من 48 إلى 72 ساعة لتلقيح البويضة يتم نقل الجنين إلى داخل الرحم وتستخدم هذه الطريقة في حالات انسداد قنوات فالوب وقلة عدد الحيوانات المنوية.
الحقن المجهري
وهو طريقة من التلقيح الخارجي ويتم فيها حقن حيوان منوي واحد مباشرة داخل البويضة تحت المجهر بإبرة خاصة وبعد أن يتم التلقيح يتم نقل الجنين إلى داخل الرحم وفي بعض الأحوال يتم الحصول على الحيوان المنوي مباشرة من البربخ أو الخصية في حالات انسداد الحبل المنوي.
د. أحمد العدل
استشاري المسالك البولية وأمراض الذكورة والعقم
مركز النخبة الطبي الجراحي
جريدة الجزيرة الأحد 18 ذو الحجة 1427 العدد 12519