شّكل مؤتمر مدريد في نوفمبر 1991 بداية لمفاوضات السلام الثنائية بين إسرائيل والدول العربية (عدا مصر)، الفلسطينيين ولبنان والأردن وسوريا أيضا، وعقد بالعاصمة الإسبانية "مدريد" (يتردد أنه اختيرت بعد مرور خمسمائة عام على سقوط الدولة الإسلامية في الأندلس "إسبانيا") بمبادرة من الرئيس الأمريكي الأسبق "جورج بوش" الأب في أعقاب حرب الخليج الثانية (1991) وبرعاية الاتحاد السوفيتي. وقد وافقت سوريا والأطراف العربية الأخرى على الحضور بعد التأكيد على أن المؤتمر سيعقد على أساس مبدأ "الأرض مقابل السلام" وقرارات مجلس الأمن 242 و338 و425 القاضية بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية المحتلة.

لم تجر أي محادثات خلال المؤتمر الذي استمر ليومين، وغلبت عليه المظاهر الاحتفالية، وكانت واحدة من اللحظات الدرامية عندما رد وزير الخارجية ورئيس الوفد السوري "فاروق الشرع" (نائب الرئيس الحالي) على اتهامات رئيس وزراء إسرائيل "إسحاق شامير" لسوريا بالإرهاب، بإبرازه أمام المؤتمر وثيقة بريطانية قديمة تفيد بأن "شامير" كان ملاحقاً في أوروبا على خلفية اتهامه بالمشاركة بعمليات إرهابية في فلسطين.

وانطلقت بعد المؤتمر المفاوضات الثنائية بين إسرائيل والدول العربية، وبينما لجأ الأردنيون والفلسطينيون إلى توقيع اتفاقات منفصلة مع إسرائيل فيما بعد، فإن سوريا ولبنان التزمتا بوحدة مساريهما التفاوضيين، ولم تسفر مفاوضات سوريا مع إسرائيل عن أي نتيجة بسبب رفض إسرائيل المستمر للانسحاب الكامل من مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ 1967.

قبيل انعقاد المؤتمر وزعت هيئة علماء فلسطين في مؤتمرهم الأخير قبل القمة في مدريد بيانا أشاروا من خلاله إلى حرمانية حضور المؤتمر لما فيه من خزي وعار للأمتين الإسلامية والعربية، وتنازل عن الحقوق الفلسطينية وإسباغ الشرعية على وجود إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، وهو ما دعا فلسطينيين آخرين إلى التنديد بالمؤتمر ونتائجه قبيل انعقاده وبعده أيضا.

وقد أكدت مصادر فلسطينية وعربية أن التغيرات التي جرت على الساحة الدولية نهاية حقبة الثمانينيات من القرن الماضي بسقوط الاتحاد السوفيتي القوة الدولية المساندة للعرب آنذاك، وهزيمة العراق في حرب الخليج الثانية، أهلت الولايات المتحدة ومن قبلها اسرائيل إلى فرض الإملاءات على الدول العربية، واعتبارهم المؤتمر كسرا للحاجز النفسي بين العرب وإسرائيل، لكنهم ذهبوا للمؤتمر مجتمعين وتفرقوا داخله.

كسر المؤتمر الهوة بين الدول العربية وإسرائيل، فبعد اعتراف الدول العربية بأن الرئيس "السادات" قد خان القضايا العربية والإسلامية بعقده اتفاقية ومعاهدة سلام مع إسرائيل، عادت الدول العربية نفسها وتنازلت عن آرائها وأقرت بوجود إسرائيل، حينما ذهبت إلى المؤتمر في العاصمة الإسبانية "مدريد" وفي نيتها عقد مؤتمر سلام مع إسرائيل، لكنها عادت بخفي حنين حينما وجدت أنها ستقدم تنازلات مؤلمة. بيد أن هذا المؤتمر قد أرسى قواعد المفاوضات الثنائية بين الأطراف العربية بشكل عام وإسرائيل، وأمكن من خلال إطار العمل الذي وضعه التوصل إلى اتفاقية سلام بين الأردن وإسرائيل (اتفاق وادي عربة 1994)، وقاد إلى فتح مفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل أسفرت عن اتفاق أوسلو) 1993)، وواي ريفر الأولى والثانية وكذا مباحثات طابا.

MohamedYahya578

Acc. Mohamed Yahya Omer Egypt , Elmansoura ,Talkha

  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 591 مشاهدة
نشرت فى 26 نوفمبر 2007 بواسطة MohamedYahya578

MOHAMED YHYA OMER

MohamedYahya578
وارحب بكل من يزرو هذه الصفحة واتمنى ان ينتفع بما فيه من معلومات »

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

223,500