أحمد الهواري
"يبدو أن مسئولي وزارة الداخلية يعتقدون أن من حقهم اختيار ديانة المواطن حين لا تعجبهم الديانة التي يختارها".. كان هذا ما قاله "جو ستورك"، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "هيومان رايتس ووتش" أثناء قيامه بعرض تقرير "هويات ممنوعة: انتهاك الدولة لحرية المعتقد" الذي أعدته منظمته بالتعاون مع منظمة "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" مضيفا أنه "على الحكومة إنهاء رفضها التعسفي للاعتراف بالمعتقدات الدينية للأشخاص. فهذه السياسة تضرب هوية الشخص في مقتل، وتبعاتها العملية تلحق أبلغ الضرر بحياة الأشخاص اليومية".
وطالبت المنظمتان في التقرير الذي أعدتاه بجهود مشتركة الحكومةَ المصريةَ بـ"السماح لكل المواطنين بتسجيل دياناتهم الفعلية عند إلزامهم بذكر الديانة في الوثائق الرسمية".. وأضافتا أن "الممارسات التمييزية للحكومة -والمتمثلة في عدم السماح سوى بتسجيل إحدى الديانات الثلاث وفي حرمان المتحولين عن الإسلام من إثبات ديانتهم الحقيقية- تنتهك طائفة كبيرة من الحقوق وتتسبب في قدر هائل من المعاناة".
وفي هذا يعتقد د."عاطف البنا" أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة أنه لا يمكن إلغاء خانة الديانة في البطاقة لأن بيانات الديانة لها آثار قانونية وعملية في مجالات كثيرة على رأسها الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق والميراث، وهذا هو السبب الأساسي الذي قد يؤدي إلغاء هذه الخانة إلى اختلاط الأمور فيه بشكل كبير. وتساءل د."البنا" في تصريحه لـ"بص وطل" عن هدف هذه المنظمة مؤكدا أن حرية العقيدة والدين مكفولة في القانون وفي مبادئ الشريعة الإسلامية، إلا أن حرية الإنسان في كثير من المعاملات تتوقف على الدين.. فكيف نلغي الخانة الخاصة به؟
ويضيف د."عاطف البنا" أن مسألة إلغاء خانة الديانة بدأت مع ظهور قضية المتحولين من المسيحية إلي الإسلام، ثم إلى المسيحية مرة أخرى، وهو ما يثير شبهة التلاعب بالأديان موضحا أن حرية العقيدة شيء والتلاعب بالأديان شيء آخر. مشيرا إلى أنه في هذه المسألة ينحاز إلى رأي رئيس مجلس الدولة الذي قال فيه بعدم إلغاء هذه الخانة، وإثبات عودة المسيحيين إلى دينهم مع وضع تسلسل في البطاقة يشرح الفترات الزمنية لتحولاتهم الدينية للمتعاملين معهم، كأن توضح البطاقة أنه كان مسيحيا في الفترة من كذا إلى كذا، ومسلما من كذا إلى كذا.
وعن رأيه في إلغاء خانة الديانة في الهوية يقول القس "رفعت فكري" -راعي الكنيسة الإنجيلية في شبرا- لـ"بص وطل" إنه ضد وجود خانة للديانة في البطاقة الشخصية، وإنه من الأفضل أن تزال من مكانها، موضحاً أنه "يجب التعامل مع المواطن على أساس من المواطنة بغض النظر عن دينه، وإن كان ولابد منها فيكتفى بوجودها في شهادة الميلاد، وهو ما يمكن أن يعتد به أمام المحاكم في قضايا الأحوال الشخصية". ويضيف القس "رفعت" قائلا: "في كل الحالات لو كنا نعيش داخل دولة مدنية فلن تكون هناك حاجة لخانة الديانة، ويتم التعامل مع جميع المواطنين سواسية ومن يريد أن يتزوج فليتزوج لأن هذا رأيه الشخصي.
وكان تقرير "هيومان رايتس ووتش" قد ذكر ما أسماه بالضغط والترهيب "من جانب وزارة الداخلية على البهائيين والمتحولين من الإسلام إلى المسيحية "لإجبارهم على قبول انتماء ديني لا يتفق مع إرادتهم"، كما قدم التقرير مجموعة من التوصيات إلى الحكومة المصرية أهمها الأخذ بتوصية المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمنشأ من قبل الحكومة، بحذف خانة الديانة من وثائق تحقيق الشخصية، واتخاذ إجراءات فورية لضمان تسجيل أي هوية دينية لأغراض السجل المدني، وإسقاط التهم عن أي شخص تمت إدانته جنائياً بسبب حصوله على وثائق تحقيق شخصية مزورة لا لشيء إلا لرفض الحكومة السماح له بإثبات تغيير ديانته من الإسلام إلى المسيحية. بالإضافة إلى إصدار تعليمات لوزارة الداخلية بوقف ممارسة الضغوط على المواطنين للتحول إلى الإسلام أو لقبول اتخاذ هوية دينية على غير إرادتهم، ومعاقبة المسئولين الذين يقومون بمثل هذه الممارسات.