سيد إمام يقود مراجعات الجهاد
تعد قضية المراجعات الفكرية لجماعة الجهاد –ثاني أكبر تنظيم استخدام العنف في مصر بعد الجماعة الإسلامية- الشغل الشاغل لوسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية من ناحية، فضلا عن شغل العديد من المحللين السياسيين المعنيين بشئون الحركات الإسلامية بها من ناحية ثانية. سبب هذا الاهتمام هو المراجعة التي أطلقها المنظر الأول للتنظيم الدكتور "سيد إمام الشريف" والمعروف باسم الدكتور "فضل" مؤخرا، في وثيقة أو كتاب عرف باسم "ترشيد الجهاد في مصر والعالم"، والذي يقع في 111 صفحة ويتضمن العديد من المراجعات المهمة التي ظلت مسيطرة على التنظيم لفترة طويلة.
هذا الكتاب الذي تقوم بنشره الآن صحيفة "المصري اليوم" المستقلة بالتزامن مع إحدى الصحف الكويتية سوف تكون له أصداء واسعة ليس لدى النظام السياسي المصري فحسب، وإنما لدى تنظيم القاعدة –تحديدا- والذي يتردد حاليا أنه ينتظر انتهاء نشر جميع فصول الكتاب قبل أن يرد عليها بالتفصيل.. وذلك يعود لأن الدكتور "فضل" كان المعلم الأول لـ"أيمن الظواهري" الذي صار منظرا لـ"بن لادن"، ويعد كتاب (العمدة في إعداد العدة) للدكتور "فضل" بمثابة المرجع الأساسي –إن لم يكن الوحيد- لتنظيم الجهاد والقاعدة على حد سواء. وبالرغم من أن الدكتور "فضل" اعتبر الكتاب اجتهادا شخصيا، لكن مكانته التي يحظى بها لدى الجهاديين تجعل الأفكار الواردة به تعبر عن الغالبية العظمى من هؤلاء، وهو ما حدث بالفعل، حيث أيد هذه الأفكار غالبية أعضاء التنظيم داخل السجون، لكنها لم تصدر بصورة رسمية من مجلس شورى التنظيم.
وتعد الوثيقة بالفعل إحدى الخطوات المهمة في مسيرة تنظيم الجهاد باعتبارها تنادي بوقف جميع عمليات التنظيم ليس داخل مصر وحدها، بل الدول العربية والإسلامية أيضا، كما تطالب بوقف قتل المدنيين عامة والسائحين من كل الأجناس، كما تشدد الوثيقة على أنه "لا يجوز القيام بأي عمل مسلح ما دام الحاكم المسلم لم ينكر أمرا دينياً معلوماً بالضرورة مثل الصلاة" ومن المفارقات المهمة أن الوثيقة تصدر في الذكرى العاشرة لمذبحة الأقصر الشهيرة، وهو أمر قد يكون متعمدا لإثبات تخلي التنظيم عن العنف المسلح، خاصة في مواجهة السائحين والمدنيين الأبرياء.
وقبل أن نتابع تفاصيل المبادرة لابد أن نتعرف أولاً وعن قرب على تنظيم الجهاد والدور الكبير الذي لعبه منذ إنشائه في سنوات السبعينيات وحتى التسعينيات وكذلك العمليات والتفجيرات التي قام بتفيذها في تلك الفترة الملتهبة.. ولنبدأ أولا بالأصول والأهداف..
لماذا جماعة الجهاد؟
بحسب (دليل الحركات الإسلامية في العالم)، والصادر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام العام الماضي اتخذت جماعة هذا الاسم لأن الجهاد هو الأمر الذي اجتمع عليه أفرادها، وليس لأن الدين هو الجهاد فقط. وترى الجماعة أن الجهاد ودعوة الناس إلى دين الله هما أهم السبل لإقامة دين الله وشرعه في الأرض. وأما العلم والتربية وغيرهما فلا بد أن يكونا خادمين للجهاد لا مثبطين عنه. ولا يعني هذا أن نشاط الجماعة محصور في الجهاد فقط، بل تقوم الجماعة بواجبات الإسلام الأخرى قدر الاستطاعة، مع تقديم واجب الجهاد والإعداد له على غيره من الواجبات الكفائية عند التعارض (واجب الكفاية هو الذي إذا قام به البعض سقط التكليف عن باقي المسلمين، أما إذا لم يقم به أحد فإن جميع المسلمين آثمون، أما فرض العين فهو واجب على الجميع بدون استثناء وفي حالة تقصير أي شخص عنه فإنه آثم ومحاسب عليه أمام الله). واسم الجهاد هو للتمييز وليس للحصر (بمعنى أن فريضة الجهاد ليست قاصرة عليهم وحدهم).
اغتيال السادات إحدى العمليات التي شاركت فيها الجهاد
أنظمة الحكم.. العدو القريب!
وبحسب ما جاء في وثيقة تأسيس الجماعة وما أورده (دليل الحركات الإسلامية) فإن اعتقاد جماعة الجهاد هو اعتقاد أهل السنة والجماعة وما كان عليه أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) والقرون الثلاثة الأولى الفاضلة التالية لوفاة الرسول. وتعتقد الجماعة بكفر الدول والأنظمة والمؤسسات التي تحكم بغير ما أنزل الله، أو تحتكم إلى غير شريعة الله، أو تلزم الناس بالأنظمة المناقضة للإسلام أو التي تدعو إليها مثل العلمانية أو الديمقراطية أو الاشتراكية أو نحو ذلك (يطلق على هذه الأنظمة في أدبيات الجماعة العدو القريب).
ومنهج الجماعة قائم على اتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم سواء في أبواب الاعتقادات أو الأحكام دون غلو أو تفريط، كما نقلها الأئمة والعلماء..
أهداف الجماعة.. ضد الديمقراطية!
وبحسب مؤسسي جماعة الجهاد فإن أهداف الجماعة مأخوذة من الأهداف السامية التي جاءت بها شريعة الإسلام، ومنها الدعوة إلى دين الله تعالى، وبيان عقيدة السلف، ونشر العلوم النافعة بين المسلمين.
والعمل على خلع الطواغيت الحاكمين بغير شريعة الله، وإقامة حكم إسلامي وإعادة الخلافة الإسلامية. ولا ترى الجماعة شرعية أي وسيلة من وسائل التغيير غير الجهاد مثل اعتماد الديمقراطية والعمل النيابي والتي تتنافى -بحسب تفكيرهم- مع أصول عقيدة التوحيد، ويعتقدون بأن السبيل لذلك يكون من خلال تكوين جماعة مسلمة معدة إعدادا شرعيا وعسكريا كافيا لتحقيق الأهداف السابقة ومساعدة المجاهدين ودعمهم في الحركات الجهادية الأخرى في جميع بلاد المسلمين.