د."عصام العريان": لو وصل الإخوان للسلطة سيحترمون "كامب ديفيد"..
ولن يعترفوا بإسرائيل
بعد تصريحاته التي قالها لصحيفة الحياة اللندنية عن نية الإخوان المسلمين الاعتراف بإسرائيل إذا وصلوا للسلطة، والتي سرعان ما نفاها وتراجع عنها بعد الهجوم العنيف الذي تعرض له، عاد النقاش من جديد وبقوة حول نقاط الاختلاف في برنامج حزب الإخوان المسلمين الذي نٌشر في العديد من الصحف والمواقع الإخوانية.
(بص وطل) سألت د."عصام العريان" القيادي البارز بالجماعة وعضو المكتب السياسي بها عدة أسئلة لنعرف منه المزيد من التفاصيل حول نقطة إسرائيل الخلافية هذه في برنامج حزب الإخوان..
ما حقيقه تصريحاتك التي قلت فيها إن الإخوان ستعترف بإسرائيل إذا وصلت للسلطة؟
لم يحدث، وكل ما قلته إن أي حكومة لابد لها من احترام المعاهدات المبرمة سابقا، وعندما سئلت عن اتفاقية كامب ديفيد قلت ومن ضمنها هذه الاتفاقية، وإن الشعب هو صاحب الحق الوحيد في إنهائها، ولكن تم حذف بعض الكلمات التي أخلت بسياق المعنى.
هل كنت تعبر عن موقف شخصي فردي أم موقف للجماعة؟
في مثل هذه المواقف لا يوجد مواقف فردية.. بالطبع هو موقف الجماعة التي أنتمي إليها، وكلامي لم يكن فيه أي كلمة تدل على اعتراف الجماعة بإسرائيل وهو أمر مستحيل..
ما رأيك في التحليل الذي يرى أن هذه التصريحات ما هي إلا رسالة للولايات المتحدة أو إسرائيل أو الحكومة نفسها؟
تحليل خاطئ مبنيّ على وهم، فأمريكا ليست بهذا الغباء لتعتقد أن الإخوان من الممكن أن يعترفوا بإسرائيل، وهو أمر لن يحدث بالطبع، وكذلك فإسرائيل تعلم أن الإخوان لن يعترفوا بها ولذلك فهي تتخوف من وصولنا للحكم في مصر، كما أن الإخوان ليسوا بحاجة لبعث رسالة للحكومة من خلال ما حدث.
قلت إن من يصل للحكم لابد له من التعامل مع إسرائيل على أساس معاهدة كامب ديفيد فماذا تقصد؟
أرى أن نتعامل مع الأمر "بواقعية" فأي حكومة منتخبة تصل للحكم لابد أن تعترف بكافة المعاهدات الدولية، ومن ضمنها كامب ديفيد الموقعة مع إسرائيل 1979م، وهو ما تم الاتفاق عليه داخل الجماعة ولكن بعد ذلك تحاول استخدام آليات الدستور وتقوم بعمل استفتاء شعبي وقرار من البرلمان لإلغاء المعاهدة.
هل يعني ذلك الاعتراف بإسرائيل؟
هذا شيء مختلف تماما واحترامنا للمعاهدات الدولية لا يعني الاعتراف بإسرائيل والتي لن نعترف بها وأكبر دليل على ذلك هو حماس التي لم تعترف بإسرائيل، ولكنها تتعامل معها بواقعية فهي تتعامل مع الخدمات المتاحة حولها من بلديات وكهرباء وطاقة وغيرها وبنوك إسرائيلية، ولكن لم يعن ذلك الاعتراف بإسرائيل.
ما رأيك في الخلافات بين الإخوان على برنامج الحزب؟
أرى أن ما يحدث هو آراء مطروحة ودائما جماعة الإخوان غنية بالآراء وذلك هو سر استمراريتها، وعندما تم طرح النقاش كان للاستفادة بأكبر قدر من الآراء ولابد من الاستماع للرأي والرأي الآخر فهو ليس خلافا كما يحلو للبعض أن يطلق عليه، وأطالب كل من يتناوله بالنقد أن ينظر للأمر بموضوعية ويتكلم بصورة إيجابية وقد يستفيد الإخوان أنفسهم برؤيته بعيدا عن أسلوب التجريح.
هل هناك خلافات بينك وبين الإخوان بسبب ما حدث.. خاصة مع ما يتردد من أنه سيتم بحث استبعادك من الجماعة؟
كل هذه تكهنات وافتراءات لا أساس لها من الصحة.. والأيام القادمة سوف تثبت ذلك، ولا يوجد أي خلافات بيننا بداخل الجماعة كما يقال ولا حتى انشقاقات.. وإن وجدت فهي في عقول من يرددها ليس إلا.. فهناك مجموعة تريد أن تشوه صورة الإخوان، وتصورها بأنها تتخلى عن مبادئها.
إيجابيات حزب الإخوان المنتظر..
استبعاد لوجه المرأة والأقباط!
بعد التعديلات الدستورية الأخيرة أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن نيتها إنشاء برنامج حزبي يحمل فكر الجماعة.. وامتلأت الصحف والمواقع بالحديث عن برنامج حزب الإخوان وتعددت التكهنات والتوقعات عن شكله وأهم نقاطه وجدواه في هذه الفترة بالأخص، إلى أن صدر البرنامج الإصلاحي للإخوان والذي يسميه البعض برنامج حزب الإخوان، وتم عرضه على عدد من المفكرين والكتاب.
ردود الفعل على بعض النقاط في البرنامج كانت تقريباً متساوية في الانتقاد من عدد كبير من المفكرين كالدكتور "ضياء رشوان" والدكتور "عمرو الشوبكي" وغيرهما.
ولأن علينا أن نكون متفائلين بل أكثر تفاؤلا من منتقدي المسودة وننظر للنصف الممتلئ للكوب _الحزب يعني_ كان علينا أن نكتشف بالبرنامج إيجابياته، فالبرنامج مثله مثل أي شيء له إيجابيات وسلبيات.
فأول إيجابية تكمن في معرفتنا أن الجماعة لم تنشر برنامج حزب ولكنه "برنامج إصلاحي" هذا حسب كلمات المرشد التي كتبها على مقدمة المسودة، وهذا يعني أن فكرة تكوين حزب سياسي مدني (يدخله من يشاء بدون قيد ويتركه من يريد) ما زالت بعيدة عن فكر الإخوان.
وثاني الإيجابيات: المفاجأة التي حدثت لقيادات إخوانية كبيرة كـ"عصام العريان" الذي قال: "إن آخر نسخة اطّلع عليها قبل اعتقاله لم تكن بها الكثير من النقاط التي قرأها في المسودة الأخيرة"، و"العريان" اعتقل لمدة شهرين فقط فهل من المعقول أن يكون نتاج أهم النقاط في البرنامج في شهرين؟ إلى جانب تأكيد مصادر من داخل الجماعة أن البرنامج أعلن عنه بسرعة، ولم يكن يعلم عدد من القيادات ولا كما قيل إنه مرّ على القواعد.
مهدي عاكف
وثالث إيجابية معرفتنا بحقيقة حرية التعبير داخل الجماعة فالموقع الرسمي للجماعة باللغة العربية (إخوان أون لاين) منع نشر مقال للدكتور "عبد المنعم أبو الفتوح" عضو مكتب الإرشاد _ أعلى جهة إدراية وتنظيمية وروحية بالجماعة_ فقط لأنه أبدى في بعض جمل في مقاله "مصر للمصريين" انتقادا لنقاط في برنامج الحزب ونُشر المقال على موقع الإخوان بالإنجليزي (إخوان ويب) وترجمته جريدة البديل عنه وما حدث مع "أبو الفتوح" حدث مع "جمال حشمت" القيادي المعروف.
وهذا ما يجعلنا نطرح سؤالا حول حقيقة الشورى التي لا نعرف معناها داخل صفوف الجماعة إلى جانب أننا لم نسمع رأيا أو تعليقا لأي نائب من كتلة الإخوان الـ 88 على البرنامج، وكأنهم غير متواجدين على الساحة.
ورابع إيجابية كشفها البرنامج الإصلاحي أن نصوص الكلام تختلف عن التفسير ففي نقطة لجنة كبار العلماء والتي كما يقول النص من على موقع (إسلام أون لاين): "ويجب على السلطة التشريعية أن تطلب رأي هيئة من كبار علماء الدين في الأمة"، نجد أن الدكتور "محمد مرسي" مسئول اللجنة السياسة بالإخوان وعضو مكتب الإرشاد قد فسرها بأن اللجنة لها دور استشاري مع أن كلمة "يجب" معروفة ومفهومة فيها صيغة الإلزام.. ثم لماذا تطلب السلطة رأي رجال الدين في مشكلات اقتصادية مثلا ومن المفترض أن تؤول لأصحابها؟؟.
البابا شنودة
اختلاف النص عن التفسير وضح بشدة كما في العبارة المشهورة عن الأقباط "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، وكان كثير من قيادات الجماعة من قبل يؤكدون أحقية القبطي التقدم للترشح في انتخابات مجلس الشعب ورئاسة الجمهورية.. ولكن جاء النص هذه المرة: "وللدولة وظائف دينية أساسية، فهي مسئولة عن حماية وحراسة الدين، وتلك الوظائف الدينية تتمثل في رئيس الدولة أو رئيس الوزراء طبقا للنظام السياسي القائم. ولهذا نرى أن رئيس الدولة أو رئيس الوزراء طبقاً للنظام السياسي القائم عليه واجبات تتعارض مع عقيدة غير المسلم. مما يجعل غير المسلم معفيا من القيام بهذه المهمة، طبقا للشريعة الإسلامية، والتي لا تلزم غير المسلم بواجب يتعارض مع عقيدته"، وهي تعتبر الإيجابية الخامسة حيث عرفنا حقوق الأقباط بعد سنوات كثيرة من جملة مبهمة.
وطالما تكلمنا عن الأقباط فستأتي سادس إيجابية حقوق المرأة في البرنامج والذي وجد اعتراضا من البعض عليه فالبرنامج جاء فيه هذه الجزئية:
صورة الناشطة كما نشرها الموقع المقرب من الإخوان
"ونحن من جانبنا نرى أن الواجبات المفروضة على رئيس الدولة، وهو له مسئوليات في الولاية وقيادة الجيش، تعد من الواجبات التي لا تفرض على المرأة القيام بها، لأنها تتعارض مع طبيعتها وأدوارها الاجتماعية والإنسانية الأخرى"، والسؤال لماذا يعترض المعترضون على البند السابق -خصوصا جزئية الرئاسة- وهل الاعتراض يأتي من منطلق الحزن على الجماعة أم الحزن على تفكير مثقفين ونخبة في مصر داخل الجماعة..؟ ولماذا الحزن..؟ فهل من المعقول أن نحزن من جماعة إعلامها الرسمي يعتبر ظهور وجه المرأة على مواقعه أمرا محرما؟ كما كان يحدث من قبل في (إخوان أون لاين)، والذي سمح الآن بظهورهن بالحجاب فقط أو يشوه وجه البعض منهن كما حدث مع صورة الناشطة الحقوقية الدكتورة "فيوليت داغر"، رئيس اللجنة العربية لحقوق الإنسان حيث طمس موقع نافذة مصر _القريب من الإخوان_ صورة "داغر" ووضعها مطموسة مع أن هذا الموقع بالأخص يعتمد كليا على انتقاء الموضوعات والأخبار وتحميلها على صفحته بدون ذكر مصدرها _لعل هذا ليس حراما!_ وهل من الممكن أن نحزن على جماعة تقول إنها أنشأت لجنة لصياغة البرنامج لم تكن بها سيدات بحسب مصادر من داخل الجماعة؟
هذه الإيجابيات من داخل خبايا برنامج الإخوان حتى لا يقال إننا ننظر للجانب المظلم دائما من الأمور ولم نكتشفها لأننا مكتشفون أفذاذ، ولكنها قراءة ووجهة نظر في البرنامج.. أما أهم وآخر الإيجابيات وهي السابعة وأكثرها حسما أننا عرفنا –حقا- كيف يفكر الكثير من قيادات الإخوان والمسيطرين على الجماعة؛ فالبرنامج كما وصفه البعض ليس برنامج حزب، ولكنه برنامج دولة لأنه لم يتكلم من منطلق أسس الدستور الحالية، فهو برنامج دولة داخل دولة، وليس برنامج حزب لتيار سياسي.