محمد عبد المرضي منصور

موقع علمي أدبي

الثقافة عصب الطاقة

 

يعتبر هرمان فون هيلمولتز Helmholez  ويوليوس روبرت فون مايرJulius Robert von Mayerهم وغيرهم من مؤسسي قانون الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم في العصر الحديث ١٨٤٧م . كما كانت قوانين الفيزياء مكتشَفة منذ القدم، فقد صُنعت السفن الكبيرة في عهد النبي يونس عليه السلام طبقا لقوانين الفيزياء حيث لقم الحوت النبي، ومن المعلوم أن الحوت الذي يستطيع لقم إنسان كامل لا يوجد إلا في أعالي البحار والمحيطات. كما أن في عهد الفراعنة كان التقدم في كل العلوم مثل: الفيزياء والكيمياء فاستخلصوا الذهب النقي من الأرض، وصنعوا الألوان التي مازالت على جدران الأماكن الأثرية حتى اليوم، أمّا قوانين الرياضيات والفلك الدقيقة فيكفي تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني مرة يوم ميلاده وأخرى يوم تتويجه على العرش، كما كان علماء العرب غاية في الروعة والتقدم في جميع العلوم التي نُقلت للغرب أمثال: الفارابي وابن سينا وابن خلدون وعباس بن فرناس والخوارزمي والرازي وجابر ابن حيان وابن بطوطة وغيرهم . إلا أنَّ الفائدة تصل إلينا الآن وهي قانون الطاقة. 

 

الطاقة هي القوة اللازمة لجميع العمليات الكونية للأجسام والحيوية للكائنات الحية، فلا حياة دون طاقة، والذرة هي طاقة معظمها كامن داخل نواة الذرة، والقليل منها في الإلكترونات التي تختزن الطاقة ثم تفقد بعضها أثناء التفاعلات الكيميائية، فالكون كله مُكوّن من ذرات، وبالتالي الأرض طاقة والغلاف الجوي طاقة وما يصل إلينا من فوتونات ضوئية طاقة؛ لذا لم ولن تتمكن أي إمبراطورية من احتكار الطاقة.

 

أهمية الطاقة:

اهتمت البشرية بتسخير الطاقة لخدمتها لأنها أدركت أن الطاقة هي  سبيل الحياة ومحرك الاقتصاد. ويمكن لأي شعب تحويل الطاقة من صورة إلى أخرى بوسائل يسيرة كالزراعة و وتربية الكائنات الحية واستخلاص العناصر واستخدامها في التفاعلات الكيميائية ومن ثم استخدامها في التصنيع أو التكنولوجيا أو البناء أو غيره؛  فلا مبرر أبدا أن تظل دول ومجتمعات في كهوف الظلام.

 أما الشعوب التي  مازالت في هذه الكهوف فهي شعوب عجيبة ليس لديها إرادة التغيير، بداخلهم موروث ثقافي فاسد. فيمكن استخراج طاقة هائلة من حفنة تراب عن طريق التفاعلات الكيميائية أو عن طريق استغلال الطاقة المخزنة في نواة الذرة.

 ولكن لماذا نشأت العديد من الحروب بسبب الطاقة مع أنَّ الحصول على الطاقة ليس بالأمر المعقد؟  

انه اختيار الشعوب والحكام من بين طريقين أحدهما العمل والثاني هو السرقة، فالعمل أمر يسير وبالمثابرة تُنتج الشعوب الكثير بأقل جهد، ثم تتم المقايضة بين الشعوب على الطاقات المختلفة، ولكن الشعوب الفاسدة تختار الطريق الآخر وهو طريق السرقة والخداع والعنف لاعتقادها الخاطئ أنه أيسر.

 

كيفية الحصول على الطاقة:

العلم هو السبيل الرئيسي للحصول على الطاقة، وكلما ذاد علم  الإنسان كلما استطاع الحصول على الطاقة في الصورة التي أرادها  بسهولة ويسر ثم تحويلها إلى الصورة المرجوّة، لذا وجب على الجميع التعلم للوصول إلى المتطلبات الحياتية، ومن ثم الوصول إلى الغاية المنشودة وهي تحقيق مراد الخالق ومن ثم الفوز بالجنة والنجاة من النار.

العنف والإهانة من أكبر الموروثات المفسدة التي تمنع التعلم الحقيقي.

ومِن المعلوم أن النشء هو من سيتسلم المسئولية في المستقبل القريب لذا يجب إعداده بالطريقة الصحيحة حتى يكون قادرا على تحمل هذه الأمانة، فيجب إعداد النشء بداية  من مرحلة الإخصاب للتأكد من عدم وجود أمراض وراثية مرورا بمرحلة الأجنة ثم الولادة والرضاعة والطفولة حتى يصير قادرا واعيا عالما بالأمور الحياتية، ولكل مرحلة علمها، فأثبتت الدراسات الحديثة أن الطفل يتأثر نفسيا وهو بداخل رحم الأم فيفرح معها ويحزن معها ويقلق أثناء قلقها عن طريق الهرمونات التي تنتقل إليه خلال الدم. وكذلك اللبن في مرحلة الرضاعة يحتوي على الهرمونات الناتجة عن حالتها النفسية. 

معاملة الرضيع على وجه غير عادل أو إهماله لاعتقاد البعض انه لا يدرك، وهذا الفكر عار من الصحة؛ فالرضيع كامل الإدراك  النفسي فنفسه كاملة، ولكن معلوماته عن هذه الحياة هي التي لم تكتمل بعد، فهو مستقْبِل للمعلومات لذا يجب تغذيته بالمعلومات الصحيحة التي لا تخالف الفطرة التي  خلقه الله عليها، وبعض المجتمعات تعامل المولود أو الطفل  معاملة عجيبة؛ ففي بعض المجتمعات يهينون الأطفال بالصوت العالي والترهيب  والتخويف والبعض يضرب الطفل بحجة تعليمه، ويحمِّلون الأطفال ما لا طاقة لهم به، فليس من المنطق مثلا أن يحمل طفل صغير حقيبة مدرسية مليئة بالكتب يترنح يمينا ويسارا من ثقلها، ومن الممكن أن تحفظ الكتب في درج خاص في المدرسة، وليس من المنطق أيضا أن يهان أو يضرب طفل لأي سبب؛ فهذا ضد تعاليم الدين والعلم. لذا كره بعض الأطفال العلم والتعلم لأن التعلم ارتبط ذهنيا بالإهانة والمشقة والتنمر والمعايرة من بعض المعلمين والأهالي في بعض الدول، وهي أمور ضد الإنسانية، أما الشهادات العِلمية فأصبحت وسيلة للعمل وكسب الأقوات للكثير، وكان من الأحرى زرع حب العلم والتعلُّم في قلوب وعقول النشء، حتى يستطيع الإبداع والابتكار والتطوير.

 فليست معضلة الشعوب أو الدول ندرة الموارد أبدا. فالمعضلة الحقيقية هي فساد الثقافة. لذا يجب على الشعوب والدول تغيير ثقافتها إذا أرادت النهوض والتقدم والرقى.

 

محمد عبد المرضي منصور

المصدر: فلسفة علمية للكاتب محمد عبد المرضي منصور
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 64 مشاهدة
نشرت فى 10 مايو 2024 بواسطة MohamadMansour

عدد زيارات الموقع

4,230