محمد عبد المرضي منصور

موقع علمي أدبي

حقيقة الإنسان مِن القرآن

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾

[ سورة الزمر: 42]

الآيات هي المعجزات التي يعجز الخلق عن الإتيان بمثلها، وهذه المعجزات واضحة جلية لمن يتفَكَّر.

النفس تعيش في حياة أخرى أو نظامٍ آخر أثناء النوم (الوفاة)، ثم تُبعث في الجسَد عندما يستيقظ الإنسان. ثم يعيش الإنسان فترة العبادة (الاختبار) حتى الوفاة ليلا ( النوم). وهكذا يتكرر الأمر حتى يأتي الأجل( الموت).

أول شيء تفعله النفس عندما تُبعث توحيد الله، ثم يتطهر الجسد بالوضوء كما نُطهِّر المولود عندما يخرج للحياة الدنيا.

هل توحد النفس اللهَ عندما تخرج أول مرة من الأم إلى الحياة الدنيا؟ بالطبع فالنفس على الفطرة وهي الإسلام فهي كاملة الإسلام لله سبحانه أي منفِذة.

قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:٧ – ١٠]

فقط يجب على الإنسان أن يزكيها؛ يلتزم بفطرتها. ولا يدسها: لا يحاول تخدير ضميره، ولا يحاول كتم صوت ضميره.

لذا علمنا أن النفس توحد الله فور بعثها أول مرة.

يطهر الإنسان جسده بالوضوء بعد توحيد الله، ثم يُصلِّي صلة بينه وبين ربه. كذلك المولود يؤذَن وتقام الصلاة في أذنه ومن يدرك هي النفس البشرية الكاملة داخل الوليد.

ماهي النفس؟

بالطبع نفس المولود كاملة تامة؛ لكن ليس لديها معلومات عن طبيعة المكان الذي ستعيش فيه وهو هذه الحياة الدنيا.

تستمد النفس معلومات الحياة الدنيا عن طريق الدماغ.

يسجل الدماغ كل ما هو محسوس بالحواس الجسدية

وعندما يوضَع المولود في الدنيا تعمل عنده الحواس الجسدية، وهي مثل حواس النفس بصورة أخري.

النظر بالجسد والبصر بالنفس، والسمع بالأذن والسمع بالنفس أيضا، والإحساس بالجسد وكذلك النفس، والشم بالأنف وكذلك النفس، وحب الشهوات بالجسد وكذلك حب الخير بالضمير في النفس، وكل مراكز المخ الموجودة بالدماغ تقابلها مكونات نفسية.

لذا فالجسد هو صورة كاملة للنفس، انظر إلى جسدك ستعرف نفسك

وإذا أراد الإنسان معرفة مكونات نفسه فقط يجب عليك تذكر أحلامه أثناء الوفاة (النوم).

حينئذٍ سيجد أنَّ هذا الجسد العجيب هو صورة للنفس البشرية.

لقد أخذت النفس أمانة الجسد تخوض به الاختبار في الدنيا، وهو ليس غريبا عنها؛ بل هو صورة للنفس

الاختبار:

تعيش النفس داخل أمانة الجسد، فالإنسان هو النفس والجسد معا، وتختبر هذه النفس فقط أن تحافِظ على فطرتها مستخدمة للجسد الذي هو صورتها الملموسة.

جعل الله أبناءَ آدم مع بعضهم ومعهم مخلوقات أو أمم أمثالهم، مثل أمة النمل وأمة الكلاب وأمة الفيروسات وأمة الديدان وغيرهم.

فقط لا يظلم، فمن ظلمت هرَّة دخلت النار.

وجعل الله سبحانه وتعالى في النفس صفات عظيمة مثل الكرم والرحمة، لقد دخل رجل الجنة في كلبٍ سقاه.

فالقاعِدة معروفة واضحة: أحسِن إلى مخلوقات الله تنل الجنة، أما إن ظلمت دخلت النار.

يريد الإنسان السَّوي أن يحافظ على فطرته وجسده، وكما اتَّضَحَ أنَّ النفس كاملة الإدراك، والكل يعلم الصواب والخطأ، الأذى والنَّفْع.

كيف نحافِظ على فطرتنا؟

رحمة الله بنا وليس حقا لنا أنه سبحانه وتعالى أرسل لنا الرسل وأمرنا بالصلاة حتى نستطيع الحفاظ على فطرتنا.

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾

[ سورة الأنبياء: 107]

إلَّا تفيد الحصر، إن سيدنا محمد بالمؤمنين رؤوف رحيم؛ فالنفس ليس لها حق في الرسل إطلاقا، بل الرسل لنا رحمة ورأفة من الله سبحانه وتعالى.

وكذلك الصلاة حتى يستقوي بها العبد على نفسه، والصلاة رحمة لنا.

لماذا من ترك الصلاة دخل النار؟

لأن الله يعلم بعلم الغيب أن النفس دون صلاة سوف تنحرف وتضل عن الصراط المستقيم( طريق الحق، التمسك بالفطرة النقية).

نطلب من الله سبحانه وتعالى في كل صلاة أن يهدِنا الصراط المستقيم، فهل نتواكل ام نفعل شيئا؟

وهبنا الله كتابا عظيما فيه كلامه سبحانه وتعالى وهو القرآن الكريم.

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾

[ سورة البقرة: 2]

نحن ندعوا اللهَ أن يهدنا الصراط المستقيم في سورة الفاتحة، والهدى في أول سورة البقرة.

أفلا يعقلون

يأكل الإنسان بعد الصلاة وكذلك يرضع الوليد بعدما يؤذن في أُذنه وتُقام الصلاة أول مرة بعد الوضع.

يتحرك الإنسان للعمل وهو عبادة فتعم الفائدة على جميع المخلوقات وكذلك يتحرك جسد المولود.

ثم ينام المولود وهي الوفاة. وهذا يوم المولود، يوم المولود قصير يستغرق بضع ساعات.

وكلما كبر المولود طال يومه حتى يصبح بالغا فينتظم يومه مع حركة الشمس والأرض وهي تعاقب الليل والنهار.

ثم يقصر يومه تدريجيا حتى يصير يومه بضع ساعات مثل المولود.

يتلقى ابن آدم علامات وإشارات.

يوم ابن آدم هو حياة كاملة مصغرة.

بعث عند الاستيقاظ من النوم، التوحيد مباشرة ثم الوضوء ثم الصلاة ثم إطعام الجسد ثم العمل والصلوات وجهاد النفس ورعي الرعية ثم الوفاة ( النوم).

كذلك الحياة كلها: بعث ثم الصلاة وإطعام الجسد والعمل وجهاد النفس ورعي الرعية حتى الموت.

فاليوم للإنسان هو حياة مصغَّرة، أفلا يعقلون؟

ألا يجد الطفل جسده يقوي حتى يصبح فتيا ثم يضعف حتى يتوفى عن الحياة الدنيا دون رجوع.

ألا يرى الإنسان كل يوم صورته في الماء أو في المرآة حيث يزداد الشعر شيبا وبياضا، ويضعف الجلد ويرق وتضعف الصحة؛ لماذا تتغافل هذه النفس عن الحق أو عن الموت!

ألا يرى الإنسان حياة الشمس الصغرى التي تبدأ يوما فجرا ثم تشرق حتى الغروب فتستقر ساجدة تحت عرش الرحمن وكأنه حياة واضحة لأولي الأبصار.

ألا يرى الإنسان يوم القمر الطويل منذ الهلال صغيرا حتى يكتمل ثم يصغر حتى يتلاشى وكأنه يخبرنا كل يوم قمري أن كل مخلوق يعيش حيوات عديدة.

يعلم حقيقة هذه الحياة الدنيا.

ألا يرى الإنسان حياة النبات: بذرة ثم تصير نباتًا مُنتِجًا ثم مصْفَرَّا ضعيفا ثم حطاما ثم هشيما.

لذا يجب على الإنسان أن يُزكِّي نفسه فيتركها طاهرة على الفطرة ولا يدُسّها، حينئذ سينهل من نِعَمِ الله عليه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

 

 

 

 

المصدر: القرآن الكريم
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 240 مشاهدة

عدد زيارات الموقع

4,231