المراحل الخمسه لنموالشركات الصغيرة
سنتناول كل مرحلة بالتفصيل من خلال السمات التالية: الحجم، التنوع والانتشار، التعقيد، كما سيتم توصيف كل مرحلة من خلال عوامل خمس وهي: النمط الإداري، والهيكل التنظيمي، ومدى تواجد نظام إداري رسمي، والأهداف الاستراتيجية الرئيسية، ومدى تدخل مالك الشركة في عملها.
وتلك المراحل الخمس هي كما يلي:
1. المرحلة الأولى: التواجد.
2. المرحلة الثانية: البقاء.
3. المرحلة الثالثة: النمو، وتنضوي على مرحلتين فرعيتين وهما:
أ. نجاح الانفصال.
ب. نجاح النمو.
4. المرحلة الرابعة: الانطلاق.
5. المرحلة الخامسة: نضج الموارد.
المرحلة الأولى: التواجد:
تكمن المشكلة الرئيسية لهذه المرحلة في الحصول على العملاء وتقديم الخدمات أو المنتجات المتفق عليها، والأسئلة الأهم هي:
هل يمكننا الحصول على عدد كاف من العملاء، وتقديم خدماتنا ومنتجاتنا حتى تتمكن الشركة من البقاء على قيد الحياة؟
هل يمكننا الانتقال من الاعتماد على عميل واحد أو تحويل الخطوط التجريبية للإنتاج إلى مدى واسع من المبيعات؟
هل نمتلك المال الكافي لتغطية النفقات اللازمة لتلك المرحلة؟
المنظمة في هذه المرحلة تكون بسيطة، حيث يقوم المالك بكل شيء، ويتابع المرؤوسين بشكل مباشر ولابد أن يتمتع بمستوى متوسط على الأقل من الكفاءة.
يكون مدى الأنظمة والتخطيط الرسمي ضئيل أو معدوم تقريبًا، واستراتيجية الشركة هي البقاء، المالك يساوي العمل، فهو يقوم بكل المهام الهامة، وهو المورد الرئيسي للطاقة والتوجيه ورأس المال بمساعدة الأقارب والأصدقاء.
تترواح الشركات في تلك المرحلة من المطاعم جديدة النشأة ومحال التجزئة حتى الشركات الكبرى لتصنيع التكنولوجيا المتقدمة، التي تسعى إلى استقرار أنظمة الإنتاج وجودة ذلك الإنتاج.
معظم هذه الشركات لا يتمكن من تحصيل رضا العملاء وموافقتهم، ولا ترقى منتجاته إلى أن تبقى حية، وفي هذه الحالة يقرر المالك إغلاق الشركة حينما يبدأ رأس المال في النفاذ، وفي أحسن الأحوال يتمكن من بيع الشركة وتحصيل قيمة الأصول الثابتة الخاصة بها.
وفي بعض الحالات، لا يتمكن المالك من توفير متطلبات الشركة، والتمويل اللازم والطاقة المستخدمة في عملية الإنتاج، ويعلن الإغلاق، بينما تنتقل الشركات التي نجحت في تلك المرحلة إلى المرحلة الثانية (البقاء).
أأ
النمو من خلال الإبداع:
في مرحلة ميلاد المؤسسة، يكون التركيز على خلق منتج وسوق، هذه هي أبرز صفات مرحلة التطور الإبداعي:
- مؤسسو الشركة غالبًا ما يكونون مبادرين وفنيين، ويزدرون الأنشطة الفنية، طاقتهم الجسدية والعقلية تمتص في عمل منتج جديد وبيعه.
- الاتصال بين الموظفين كثير وغير رسمي.
- ساعات عمل طويلة مع مرتبات قليلة والوعد بحوافز ملكية المؤسسة.
- الرقابة على الأعمال تأتي من التغذية المرتدة من السوق، يتفاعل المديرون مع تفاعل العملاء.
مثال توضيحي:
شركة بي سيز المحدودة لبيع أجهزة الكمبيوتر التي أسسها مايكل ديل والتي كان يقوم بتجميعها بنفسه, الشركة الوليدة جاء رأس مالها في صورة قرض اقترضه المقاول الصغير من جديه, وكان باكورة زبائنه زملاء الدراسة في الجامعة الحالمون بامتلاك حاسوب يناسب ميزانياتهم المحدودة.
فالمبدأ الذي اعتمد عليه مايكل دل في بدايته أنه إذا باع مباشرة للجمهور فسيعرف متطلباتهم ويكون قادرًا على تلبيتها بشكل سريع, وهو بذلك يكون قد أخرج الوسطاء من المعادلة, فهو وجد أن مكونات الحواسيب الجاهزة بالإمكان الحصول عليها وحدها بأسعار أقل, ومن ثم يقوم هو بتجميعها وحصد فرق السعر لنفسه, بنى مايكل فلسفته على تقديم خدمة أفضل للجمهور بسعر أقل, عند بدايته, وضع مايكل دل لنفسه هدفًا واضحًا: هزيمة شركة آي بي ام.
في عام 1985 تمكنت شركته من تقديم أول جهاز كمبيوتر شخصي من تصميمها سمته تيربو بي سي, والذي اعتمد على معالج إنتل 8088 وبسرعة 8 ميجا هرتز, ركزت دعايات هذا الجهاز الجديد في المجلات المهتمة بالحواسيب على مبدأ البيع المباشر إلى الجمهور (دون الوسطاء) وعلى إمكانية تجميع الأجهزة وفقًا لما يريده كل مستخدم, حسب مجموعة من الخيارات المتوفرة.
هذا العرض قدم للمستخدمين أسعار بيع أرخص من السوق, لكن مع مصداقية أكبر مما لو كان كل مستخدم قام بتجميع جهازه بنفسه, رغم أنها لم تكن الشركة الأولى في تطبيق هذه الفكرة التسويقية, لكن شركة بي سيز المحدودة كانت أول من نجح في تطبيقها.
الأزمة في هذه المرحلة:
كل فترة نمو تتصف بالأسلوب الإداري السائد الذي يستخدم لتحقيق النمو، بينما تتصف كل فترة ثورة بمشكلة الإدارة السائدة والتي يجب أن يتم حلها لأجل استكمال النمو.
من المهم أن تلاحظ أن كل مرحلة هي نتيجة لمرحلة سابقة وسبب لمرحلة تالية. ملاحظة أخرى أن الممارسات الإدارية العادية لا تكون هي الحل في نقلة كل مرحلة بل لابد من اعتماد أسلوب إداري جديد للتقدم.
كل ما مضى من الأعمال الفردية والإبداعية هي ضرورية للشركة لتقلع من الأرض، ولكن في ذلك تكمن المشكلة, مع نمو المؤسسة، الحاجة لمزيد من الإنتاج يتطلب مزيد من المعرفة عن كفاءة التصنيع، مع زيادة عدد الموظفين لا يمكن إدارتهم من خلال الاتصالات الغير رسمية، الموظفون الجدد لا يحفظون بالشعور بالتزام القوي تجاه المنتج أو المنظمة، يجب الحصول على المزيد من رأس المال، وهناك حاجة لخطوات محاسبية جديدة من أجل الرقابة المالية.
هنا يجد المؤسسون أنفسهم ممثلين بأعباء إدارية غير مرغوبة، وبالتالي يتوقون لـ"لأيام الخوالي"، ويظلون يحاولون أن يعملوا كما كانوا في الماضي، وتبدأ النزاعات بين القادة المتعجلين تنمو بصورة أكبر.
في هذه النقطة تحدث أزمة القيادة، والتي تعد أول ثورة، من الذي سيقود المؤسسة بعيدًا عن اللخبطة ويحل المشاكل الإدارية التي تواجهها؟ بوضوح هناك حاجة لمدير قوي لديه المعرفة والمهارة اللازمة ليقدم أساليب إدارية جديدة, ولكن هذا أسهل أن يقال من أن يفعل.
في الغالب يكره المؤسسون أن يبتعدوا حتى ولو كانوا غير مناسبين كمديرين, وهنا يحدث أول خيار نمو خطير وحرج، وهو أن يتم وضع وتمكين مدير قوي والذي لديه قبول لدى المؤسسين والذي يستطيع شد المؤسسة مع بعضها, وهذا ما سنتحدث عنه إن شاء الله في المرة القادمة في مرحلة البقاء.
والآن, ماذا بعد الكلام؟
حتى تنمو الشركة وتمر من مرحلة التواجد إلى مرحلة البقاء, عليها:
1. أن تطور من أفكارها الإبداعية.
2. أن تطور من منتجاتها الحالية التي لازالت في بدايتها, وذلك من حيث البحث عن أفكار إبداعية لتدخل في طور المنتجات الفعالة.
3. أن تبحث عن منتجات جديدة ليتم إنتاجها وصناعة خطوط إنتاج جديدة.
4. أن تدخل هذه المنتجات في مرحلة التسويق, وذلك لكي يصبح هناك خط إنتاج فعال لها.
وأخيرًا
اختم بقول مدام دو ديفاند: (بُعد المسافة لا يهم؛ الخطوة الأولى فقط هي الأكثر صعوبة).