مجلة مشكاتي للشعر ..... للشاعر هشام عوض

 

♠ ♠ ♠ ♠ القصة القصيرة ♠ ♠ ♠ ♠

 

♥ وَ ♥ رَحَّلَتْ ♥ البَرَكَةُ ♥

 

♥ ♥ كَانَتْ آلَامٌ كَبِيرَةُ السِّنِّ تَعِيشُ مَعَ الاِبْنِ المُتَزَوِّجِ ، وَالزوجة ذات جمال وأكثر خصوصاً لو إجتمع الجمال مع الدلال ، فكَانَتْ الزَّوْجَةَ كَثِيرَةَ الشَّكْوَى مِنْ عَدَمٍ أَخَذَهَا رَاحَتْهَا فِي بَيْتِهَا ، وكأن وجود الأم قد ضيق عليها ممارسة جمالها في بيتها ، وَأَحْيَانًا الشكوى مِنْ تَدَخُّلِ الأُمِّ فِي شُئُونِ البَيْتِ ، وَكَانَ الاِبْنُ كَثِيرَ الضَّجَرِ مِنْ أمه لِكَثْرَةِ شَكْوَى الزَّوْجَةِ لَهُ ، وَالأُمِّ صَامِتَةً لَا تَتَكَلَّمُ ، وتفهم من نظرات الإبن وكذلك زوجته ، أنها غير مرغوب فيها ، فكانت تتعمد أن تتوارى في الحجرة التي تعيش فيها مع الإبنه الصغيرة ، وتسمع بإذنيها شكوى الزوجة للزوج عند عودته من عمله بغير حق ، وكَانَتْ الزَّوْجَةُ تَعْمَلُ في إحدى المصالح الحكومية ، وَعَنَدَمٍا تَصِلُ كُلَّ صَبَاحٍ إِلَى عَمَلِهَا ، تبدأ فِي البُكَاءِ ، وَالشَّكْوَى مِنْ سُوءِ حَظِّهَا وَالعَيْشِ مَعَ أُمِّ الزَّوْجِ ، وَيُحَاوِلُ كُلًّ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهَا ، تَرْضِيَتَهَا وَيَدْعُونَهَا إِلَى الصَّبْرِ عَلَى هَذَا البَلَاءِ ، وكَانَ الزَّوْجُ يَقُولُ في نفسه لَا أَعْلَمُ حَظِيَ ، كُلَّ الأَوْلَادِ تُمَوِّتُ أُمَّهَاتِهُمْ وَأَنَا مَا زَالَتْ أُمِّي حَيَّةً ، وَحَيَاتِي كُلُّهَا مَشَاكِلُ بِسَبَبِهَا ، وَالأُمُّ تظل صَامِتَةً لَا تَتَكَلَّمُ وَلَا تَشْكُو وَلَا تُعَاتِبُ ، وفجاءة مَاتَتْ الأُمُّ فَظَنَّ العَارِفِينَ بِهِمْ أَنَّ حَيَاتَهُمْ أَصْبَحَتْ سَعِيدَةً ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ أَمْرُهُمْ شَيْئًا ظَلَّتْ تَبْكِي الزَّوْجَةَ لِكُلٍّ مِنْ حَوْلِهَا وَلَا تَدْرِي مَاذَا حَدَثَ لَهَا ، وَزَادَتْ شَكَوْاهَا لِكُلِّ مَنْ يَعْرِفُهَا لَقَدْ أَصْبَحْتُ لَا تُطِيقُ حَيَاتُهَا ، ولا بيتها ولا حتى زوجها ، وقد من الله عليهما بِنْتُ ، وهي التي تنام في غرفة الجدة ، واِرْتَبَطَتْ بِالجَدَّةِ الَّتِي رَحَّلَتْ وحزنت لعدم وجود الجدة فهي لم تعي بعد معنى الموت ، وفجآة مَاتَتْ البنت هِيَ أَيْضًا ، وَظَلَّتْ الشَّكْوَى مِنْ الرَّجُلِ وَمِنْ المَرْأَةِ مُسْتَمِرَّةٌ ، وَتَرَاكَمَتْ الدُّيُونُ عَلَى الزَّوْجِ ، فجأة من كثرة طلبات الزوجة التي تبحث عن السعادة ، وأصبح البيت لها وحدها ، ومع ذلك كرهته وهجرت حتى جمالها ودلالها ، وَكَثْرَةُ المَشَاكِلِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ ، وَلَوْلَا تَدَخُّلُ العُقَلَاءِ مِنْ الأَقْرِبَاءِ بَيْنَهِمَا لِحَدَثِ الطَّلَاقِ ، وَأَخِيرًا اِتَّفَقَا الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ مَعًا ، عَلَى أَنَّ الأُمَّ الرَّاحِلَةَ أُخِذَتْ مِنْ بَيْتِهِمْ البَرَكَةُ وَذَهَبَتْ ، عِنْدَمَا هى ذهبت فظَلَّ الاِبْنُ يَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يُسَامِحَهُ ، عَلَى جَهْلِهِ بِفَضْلٍ أُمُّهُ وَتَحَامُلِهِ عَلَيْهَا ، وَهِيَ لَا نَشْكُو لِأَحَدٍ ، والغريب أن الزوجة عندما تصل عملها كل يوم كانت تبكي ، وتقول لمن حولها أَدْفَعُ نِصْفَ عُمْرِي ، وَتَعُودُ الجدة الي الحَيَاةِ وَتَعِيشُ مَرَّةً أُخْرَى مَعَنَّا ، وَعَرَفَتْ بَيْنَ زُمَلَاءِ العَمَلِ بِأَنَّهَا مَنْ فَقَدَتْ البَرَكَةَ بِفَقْدِ أُمِّ زَوْجِهَا ، فتَحِيَّةٌ لِكُلٍّ أَمْ مَازَالَتْ فِي الحَيَاةِ تضيئ لَمِنْ حَوْلِهَا ، ولكل ذو عقل وعاقله حافظا على البركة في حياتكما ، وَأدعو الأخرين ، لِلحِفَاظِ عَلَيْهَا فهى بَرَكَةٌ لَا تَقْدِرُ بِالمَالِ ، وقد لَا يُصَدِّقُ هَذَا القَوْلُ إِلَّا مَنْ فَقَدْ أُمُّهُ البَرَكَةُ ، وَيَارَبِّ الرَّحْمَةُ عَلَى كُلِّ أُمٍّ سَبَقَتْنَا إِلَى رَحْمَةِ رَبِّهَا وَنَسْأَلُ لَهَا الجَنَّه ، وسلام على أمي حتى القاها بفضل الله .

 

♠ ♠ ♠ أَ. د/ مُحَمَّدٌ مُوسَى

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 34 مشاهدة
نشرت فى 12 أكتوبر 2018 بواسطة Meshkaty2

عدد زيارات الموقع

99,148