authentication required

 


حسنا فعل المشرفون على اصدار (كتاب في جريدة) غندما عمدوا الى اختيار موضوع كتابهم الاخير الصادر يوم الاربعاء الماضي في 4 ـ 10 ـ 2006 (مختارات شعرية) للشاعر السوري الكبير (بدوي الجبل) وهو اللقب الذي كان يوقع به قصائده الشعرية ، السياسي والنائب والوزير المرحوم محمد سليمان الاحمد
بدوي الجبل.. هو احد الرموز والقمم الشعرية الباسقة من اولئك الرموز التي لا يستطيع المؤرخ الادبي والناقد ومتذوق الشعر ان يمرّ بها وبانتاجها مرورا عابرا، انه.. وبضعة من الشعراء الافذاذ كانوا عنوان مرحلة زمنية حافلة بالاحداث التاريخية والمنعطفات الحادة وبشتى انواع المبكيات المضحكات في شتى الصعد السياسية والاجتماعية والفكرية،،
في الاربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن العشرين الماضي ، برز في الشام شعراء عمالقة مثل بدوي الجبل وعمر ابوريشة ونديم محمد ثم تلاهم امثال نزار قباني وشوقي بغدادي وعلي احمد سعيد (ادونيس) قبل ان يجرفه هوس العالمية بتأثير يوسف الخال وايحاءاته التي لم تكن منزهة عن الدوافع المشبوهة،،
وفي العراق برز الجواهري والرصافي والزهاوي والنجفي تلاهم نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وآخرون شكلوا بذرة التجديد لفن الشعر
وفي لبنان ايضا.. كان هناك بشارة الخوري (الاخطل الصغير) وميشال طراد الذي يصح اعتباره ذروة الذرى بين الشعراء بالرغم من اقتصاره على اللغة المحكية في كتابة اشعاره ، ولا ننسى العملاق الكبير سعيد عقل الذي اعاد للشعر قامته الملحمية من خلال مسرحياته الشعرية ، بغض النظر عن مواضيع هذه المسرحيات ومناحيها الفكرية الانعزالية،،
كذلك.. كان في فلسطين والاردن شعراء كبار كان لهم اصوات شعرية عالية مسموعة معجونة بالمعاناة فضلا عن بعض اشكال التجديد في الصياغة الشعرية. ففي الاردن كان مصطفى وهبي التل (عرار) وعبدالمنعم الرفاعي وحسني فريز وآخرون. اما في فلسطين فكان ابراهيم طوقان وعبدالكريم الكرمي (ابوسلمى) وتلاهم كمال ناصر وفدوى طوقان وامين شنار واسد قاسم ويوسف الخطيب وآخرون
لكل من هؤلاء القمم فرائد شعرية ظلت حتى وقت قصير تتردد على كل شفة ولسان من سكان هذه البلاد ، وبخاصة .. طلاب الجامعات والثانويات،،
نعود الى (كتاب في جريدة) ومختارات بدوي الجبل الشعرية
في اعتقادي ان تغييب الحديث عن مناسبة القصيدة وما احاط بها من ظروف ، يفقدها الكثير من الوهج والشمول. وقد يكون تجاهل المناسبة ضروريا للحيلولة دون اعتراض او احتجاج الرقيب على المطبوعات في الدول العربية. خذ مثلا قصيدة (من وحي الهزيمة) التي انتقد فيها بشدة وهاجم بدوي الجبل النظامين السوري والمصري بعد هزيمة حزيران ونكبة الامة في ذلك اليوم المريع،
رمل سيناء قبرنا المحفور وعلى القبر منكر ونكير
كبرياء الصحراء مرّغها الذلّ فغاب الضحى وغار الزئير
الى ان يصل قوله:
هُزم الحاكمون والشعب في الاصفاد فالحكمُ وحده المكسور
هُزم الحاكمون لم يحزن الشعب عليهم ولا انتخى الجمهور،،
هذه القصيدة الطويلة سببت للشاعر مشاكل عديدة لم تخلُ من التعرض الجسدي له فضلا عن السجن والملاحقة،،
وكذلك.. فقد جرى تجزئة قصيدة (اللهب القدسي) في (كتاب في جريدة) الى اكثر من مقطع واكثر من عنوان ، مع ان الشاعر اراد بها عتاب الرئيس السوري آنذاك ، شكري القوتلي بسبب انقلابه على رفاق دربه وقبوله الانجراف بتيار عبدالحميد السراج ومحمد الجراح واكرم الحوراني وعفيف البزرة،،

روحي فدى وثن ما كان افقرنا الــــيه في عـــزّة النعـمى وأغناه
ان كان يذكر او ينسى فلا سلمت عيـني ولا كبدي ان كنت انساه
يا من سقانا كؤوس الهجر مترعة بكـى بساط الهوى لما طويناه

وفي قصيدته الرائعة (اني لأشمت بالجبار) التي عاتب فيها فرنسا بعد احتلالها من النازيين الالمان:
يا سامر الحيّ هل تعنيك شكوانا
رق الحديد وما رقوا لبلوانا
سمعت باريس تشكو زهو فاتحها
هلاّ تذكرت يا باريس شكوانا
وفي قصيدته (البلبل الغريب) وصف لحفيده الطفل ، لا اجمل ولا ارق:
وسيما من الاطفال لولاه لم اخف
على الشيب ان انأى وان اتغربا
يجور وبعض الجور حلو محبّب
ولم ارَ قبل الطفل ظلما محببا

ويغضب احيانا ويرضى وحسبنا
من الصفو ان يرضى علينا ويغضبا
يزفّ لنا الاعياد: عيدا اذا خطا
وعيدا، اذا ناغى وعيدا اذا كبا!

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 623 مشاهدة
نشرت فى 18 ديسمبر 2011 بواسطة MOMNASSER

ساحة النقاش

د .محمد ناصر.

MOMNASSER
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

368,633