عاش الشعر منذ العصور القديمة ـ فلن يتخلف منذ نهضة الصين ومصر واليونان . إلى نهضة فن الشعر قبل وبعد الإسلام وأسلمته الأجيال المتعاقبة فناً ساميا إلى العصر الحاضر . 
لم يتخلف الشعر عن التعبير في مختلف هذه العصور لا لأنه كان تقليدياً فنياً ، ولكن لأنه كان فناً جميلاً رائعاً قادراً على التعبير متطوراً محتفظاً بقيمه الفنية والتعبيرية متصلاً بالحياة، قادرا على أن يربط الصلة كأحسن ما تكون صلة فنية بين الشاعر ومشاعره وبينه وبين المشاعر الإنسانية ثم بين هذا المضمون الثري الذي لا يقبل الانفصال عن الشاعر نفسه وبين قرائه . 
إذن جمل الشعر كفن سام متطور وقدرته على التعبير ، وقدرته على ربط الصلة بين صانعي هذا الفن ومتذوقيه هي التي أبقت على الشعر كفن الآلف السنين . 

ومن هنا فأنني لا أرى أن بعض ما يقال عنه شعر هنا وهناك عبر المواقع وبعض الصحف والبرامج التلفزيونية ، هو نوع من أنواع فنون الشعر إلا إذا أراد له صاحبه أن يكون هكذا . 
فالخلط بين التعبير عما يدور في رأس المؤلف الذي لم يعد موكولاً هنا إلى مشاعره وإحساساته ، بل إلى المزج بين حرية التعبير والقيم الدينية والسير نحو الملائمة بين ما هو ديني ودنيوي ومدح ورياء . هذا لا يعتبر شعر ولا أعتقد أن هكذا شعر يستطيع أن يصل بنا إلى شيء جديد حتى على سبيل الإبداع. 
فالإبداع هو الشيء الجديد الذي لم يصل إلينا ولم يكن موجوداً بالأصل. أما المماحكة ووصف الشهوة ودمجها مع بعض القيم والمفاهيم الدينية والتبجيل والرياء والمزايدة في الوطنية يكون صف كلام. 

فالشاعر عليه أن يحسن بالمواطن أو الآخر وعليه أن لاينطلق من إحساساته الأنانية ولا يهتم لإحساسات الجماعة . 
يجب احترام الموروث الديني والفكري والاقتصادي والاجتماعي للإنسان العربي وعلى الشاعر أن يجير شعره في هذا الإطار لا أن يدخل المفاهيم المتعارف عليها ويوظفها في نصوص لا تخرج عن الإطار الضيق للفكرة يظلل بالمديح .

الشعر يجب أن لا يتنازل عن مقامه الفني لأنه فن يجب أن يحتفظ بميزته في التعبير غير المباشر، في الإشارة واللمحة الدالة، في التعبير بالصورة، وبالصورة الخلفية أحياناً. 

ومن هنا سقط الكثير من الشعراء في قصائدهم التي قدمت عبر ما يسمى مسابقات تمنح جوائز وتضفي ألقاب كبيرة لقصيدة لم يأتي بجديد ولا أبداع كما نرى من خلال بعض من يشرفون على تقيم هذه القصيدة أو تلك ويصرون على أن تكون هذه القصيدة إبداعا . 

الإبداع ليس خليط من الشهوة التي تسيطر على هذا النوع من الشعر يتنفس من خلالها الشاعر فيضع ما يستجديه أو يحلم به أمام القارئ ويقول هكذا هي جراءة الشعر . 
أرحمونا من هكذا شعر .

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 114 مشاهدة
نشرت فى 22 مايو 2011 بواسطة MOMNASSER

ساحة النقاش

د .محمد ناصر.

MOMNASSER
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

357,880