<!--<!--<!--
يعد التلوث مشكلة استراتيجية تواجه المجتمع المصرى فقد جاء فى تقرير منظمة الصحة العالمية أن نسبة التلوث فى مصر تزيد على ثلاثة أمثال المعدلات العالمية للتلوث، وتتفاقم نسب التلوث فى محافظات القاهرة الكبرى عن سواها من محافظات الجمهورية حيث أكد تقرير مركز السموم الإكلينيكية والبيئية بطب قصر العينى ارتفاع نسب التسمم الناتج عن التلوث فى تلك المحافظات فكان نصيب محافظة القاهرة 35% من حالات التسمم و12% بالجيزة و50% بالقليوبية وهو ما يعود لتكدس شوارع القاهرة الكبرى بالسيارات بين الأجرة والملاكى وحافلات النقل فضلاً عن انتشار المصانع فى القليوبية وحلوان وهو ما يأتى بعواقب وخيمة على صحة المواطنين ومستقبل التنمية خاصة مع انتشار الأمراض الناتجة عن التلوث والتى تؤدى إلى فقدان القدرة على التركيز وبالتالى القدرة على العمل والإنتاج وارتفاع تكلفة العلاج.
مفهوم التلوث
يقول د.محمد عبدالفتاح الباحث الجيولوجى إن التلوث يعنى زيادة عنصر أو أكثر من العناصر الضارة فى جزيئات أحد عناصر البيئة بما يؤدى إلى تغيير فى طبيعة مكونات البيئة وهو ما يعنى أن يصبح هذا المكون الذى تغيرت خواصه مكوناً ضارا بالإنسان وجميع الكائنات الحية على وجه الأرض.
ويكمل د.أحمد أن التلوث قد ينتج عن عوامل طبيعية لا دخل للإنسان فيها مثل الأتربة أو لعوامل صناعية من صنع الإنسان مع التقدم الصناعى والتكنولوجى مثل عوادم السيارات ومخلفات الصناعة التى تنتج عناصر ضارة بالبيئة مثل أول وثانى أكسيد الكربون وغاز الأوزون الذى يعد أحد مكونات الضباب الدخانى ودخان السجائر ولعل أخطر هذه المكونات الرصاص لزيادة نسبته داخل هواء المنزل عن الهواء الخارجى بنحو الضعف.
ويحذر د.عبدالفتاح من خطورة التلوث قائلا: إن تلوث الهواء يتسبب فى وفاة نحو 50 ألف شخص سنويا وتمثل هذه النسبة حوالى 2% من النسبة الإجمالية للمسببات الأخرى للوفاة كما أنه من أكثر العناصر المزعجة الدخان المنبعث من السجائر والذى يقتل نحو 3 ملايين فرد كل عام وفقاً لأحدث الإحصاءات وتشير الدراسات إلى أنه من المتوقع أن يزيد عدد ضحايا السجائر إلى 10 ملايين شخص سنوياً، خلال العقود الأربعة القادمة إذا لم يتم القضاء على التدخين.
أمراض التلوث
ويكمل د.عبدالفتاح أن تلوث الهواء يضر بالملايين سنويا حيث أظهرت دراسة بريطانية أن 2% من أمراض القلب ناتجة عن تلوث الهواء وجاءت تلك الدراسة فى أعقاب تزايد الأدلة العلمية بأن هناك عددا كبيرا من الأفراد الذين يعانون من أمراض القلب تأتى أمراضهم بسبب التلوث وهو ما يقود إلى انخفاض متوسط العمر كما يؤدى التلوث إلى الإصابة بأمراض الرئة والأمراض الصدرية والقصور فى الدورة الدموية ويزيد من نسب الإصابة بأمراض الكلى والقلب والتهابات العين ويؤثر على الجهاز العصبى خاصة عند الأطفال! ناهيك عن أضراره بالنبات والحيوان وما ينتج عنه من تآكل المواد المستخدمة فى الأبنية بل ويؤثر التلوث على الأجنة فى طور التكوين حيث يقلل أوزان المواليد فقد أظهرت دراسة طبية حديثة نشرت بمجلة طب الأطفال المتخصصة أن تعرض الأم للجسيمات الدقيقة الناتجة عن التلوث يؤثر على وزن الطفل عند الولادة بنسبة تصل إلى 26% وهو ما يضر بصحة الطفل.
التلوث وحوادث النقل
ويقول د.عبدالفتاح أن هناك العديد من الأبحاث التى تناولت التلوث وآثاره وتوصلت إلى مجموعة من الحقائق والتوصيات التى لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار ولعل أهم تلك النتائج أن عدد الوفيات المرتبطة بتلوث الهواء عن وسائل النقل وحدها يفوق عدد الوفيات الناتجة عن حوادث السير وهو ما توصلت إليه دراسة تناولت العلاقة بين الصحة والنقل وتوصلت إلى أن 380 شخصا يلاقون حتفهم نتيجة للتلوث سنويا مقابل 266 وفاة تنجم عن حوادث الطرق وهو ما ينسحب على عدد المصابين فالإصابات الناتجة عن تلوث الهواء تفوق الإصابات الناجمة عن حوادث السير وهو ما يزيد عدد المصابين المحتملين لأمراض التلوث مع الوقت إذا استمرت نسبة التلوث فى الهواء فى الارتفاع!!
وتزداد الأمور سوءا إذا أضفنا إليها حقيقة أخرى تقول بأنه من المتوقع أن يرتفع عدد السيارات فى الشوارع إلى الضعفين من 1998م وحتى 2026م.
المجتمع المدنى
ويولى المجتمع المدنى اهتماما لقضية التلوث فقد جاء بدراسة لمركز حابى للحقوق البيئية أنه على الرغم من وجود مجموعة من القوانين التى تهدف إلى حماية البيئة مثل قانون البيئة الصادر عام 1994م والذى يلزم جهاز شئون البيئة بإصدار تقرير سنوى عن حالة البيئة بالإضافة إلى إعلان المؤشرات العامة عن حالة البيئة كل ثلاثة أشهر إلا أن هذا التقرير لم يصدر إلا مرة واحدة عام 1996م وقانون العمل وقانون التأمينات الاجتماعية وحماية بيئة العمل من التلوث وقانون النظافة ووفقاً لهذه القوانين فإن هناك العديد من الجهات المتخصصة بحماية الهواء من التلوث مثل جهاز شئون البيئة ووزارة التجارة الخارجية والصناعة ووزارة القوى العاملة ووزارة الداخلية إلا أن هناك انتهاكات للحقوق البيئية للمواطنين سواء كان هذا فى مياه الشرب أو تدهور حالة الهواء وتراكم المخلفات وعدم وجود إدارة سليمة للمخلفات وهو ما يؤثر على حالة الموارد البيئية من ناحية وصحة الإنسان من ناحية أخرى والتى يضار فيها الفقراء والمهمشون أكثر ممن سواهم.
الحقوق البيئية
وتذهب الدراسة إلى أن أحد أهم الأسباب البيئية لانتهاك حقوق المواطنين البيئية يعود إلى استبعاد المواطن المصرى من المشاركة فى إدارة مواردهم البيئية وذلك لأن الجهات المختصة تقوم بحجب المعلومات الخاصة بالموارد الطبيعية عن المواطنين وبالتالى فإن دور المنظمات الأهلية يتلخص فى إتاحة تلك المعلومات وإشراك المواطن فى إدارة الموارد البيئية.
ساحة النقاش