سلام الله عليكم ورحمته وبركاته احبتي في الله

 

ج 2 

 

شرح الحديث السابع والثلاثين من أحاديث الأربعين النووية بحول الله وقوته 

 

للشيخ محمد صالح العثيمين غفر الله له ولنا وجزاه عنا خير الجزاء

 

عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُما، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيما يَرْويهِ عَنْ ربِّهِ تَبَارَكَ وتَعالى قالَ: {إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ؛ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ،

 وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً}.

 

رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحيهما بهذهِ الحروفِ.

الشرح ..

 

قال: "وَإِن هَمَّ بِسَيئةٍ فَلَم يَعمَلهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنةً كَامِلَةً" جاء في الحديث: "لأنهُ إِنَمّاٍ تَرَكَهَا مِن جَرائي" أي من أجلي، فتكتب حسنة كاملة،لأنه تركها لله. 

 

واعلم أن الهم بالسيئة له أحوال: 

 

الحال الأولى:أن يهم بالسيئة أي يعزم عليها بقلبه،وليس مجرد حديث النفس، ثم يراجع نفسه فيتركها لله عزّ وجل،فهذا هو الذي يؤجر، فتكتب له حسنة كاملة، لأنه تركها لله ولم يعمل حتى يكتب عليه سيئة. 

 

الحال الثانية:أن يهم بالسيئة ويعزم عليها لكن يعجز عنها بدون أن يسعى بأسبابها:كالرجل الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليت لي مثل مال فلان فأعمل فيه مثل عمله وكان فلان يسرف على نفسه في تصريف ماله،فهذا يكتب عليه سيئة، لكن ليس كعامل السيئة،بل يكتب وزر نيته،كما جاء في الحديث بلفظه: "فَهوَ بِنيَّتهِ"، فَهُمَا في الوِزرِ سواء[258] 

 

الحال الثالثة:أن يهم بالسيئة ويسعى في الحصول عليها ولكن يعجز، فهذا يكتب عليه وزر السيئة كاملاً، دليل ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا اِلتَقَى المُسلِمَانِ بِسيفَيهِمَا فَالقَاتِل وَالمَقتول في النَّار قَالَ:يَا رَسُول الله هَذا القَاتِلُ،فَمَا بَالُ المَقتُول؟" أي لماذا يكون في النار- قَالَ: "لأَنَّهُ كَانَ حَريصَاً عَلَى قَتلِ صَاحِبِهِ"[259] فكتب عليه عقوبة القاتل. 

الحال الرابعة:أن يهم الإنسان بالسيئة ثم يعزف عنها لا لله ولا للعجز، فهذا لا له ولا عليه،وهذا يقع كثيراً،يهم الإنسان بالسيئة ثم تطيب نفسه ويعزف عنها، فهذا لا يثاب لأنه لم يتركها لله، ولا يعاقب لأنه لم يفعل ما يوجب العقوبة. 

 

وعلى هذا فيكون قوله في الحديث: "كَتَبَهَا عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً" أي إذا تركها لله عزّ وجل. 

 

"وَإِن هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيئةً وَاحِدةً" ، ولهذا قال الله عزّ وجل: ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)(الأنعام: الآية54) وقال الله تعالى في الحديث القدسي: "إِنَّ رَحْمَتِيْ سَبَقَتْ غَضَبِيْ"[260] وهذا ظاهر من الثواب على الأعمال، والجزاء على الأعمال السيئة.

 

 

قال النووي - رحمه الله - : 

 

فانظر يا أخي وفقنا الله وإياك إلى عظيم لطف الله تعالى، وتأمل هذه الألفاظ 

 

وقوله: "عِندَهُ" إشارة إلى الاعتناء بها. 

 

وقوله: "كَامِلَةً" للتأكيد وشدة الاعتناء بها. 

 

وقال في السيئة التي هم بها ثم تركها كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فأكدها بكاملة وإن عملها كتبها سيئة واحدة، فأكد تقليلها بواحدة، ولم يؤكدها بكاملة،

 

 فلله الحمد والمنة، سبحانه لا نحصي ثناءً عليه ، وبالله التوفيق. 

 

أوصيكم بحفظ بحديث

 

اللهم أني احتسب عملي هذا لوجهك الكريم فتقبله مني وممن اقدم عليه بإحسان الى يوم الدين  

 

اسأل الله ان يختم بالصالحات اعمالنا وان يتوفنا وهو راض عنا

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 32 مشاهدة
نشرت فى 31 يوليو 2016 بواسطة Laialysousam

عدد زيارات الموقع

51,528