الجزء الأول من الحديث الثالث والعشرين من الاحاديث النووية نظرا لطول الحديث ..
ما ارووع ما قرأت وتعلمت وفاضت منه العبرات وخشعت له القلوب
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته احبتي في الله
شرح الحديث الثالث والعشرين من أحاديث الأربعين النووية بحول الله وقوته
للشيخ محمد صالح العثيمين غفر الله له ولنا وجزاه عنا خير الجزاء
عن أبي مالكٍ الحارثِ بنِ عاصمٍ الأشْعَرِيِّ رَضِي اللهُ عَنْهُ، قالَ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ:
{ الطُّـهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلأَُ الْمِيزَانَ،
وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ تَمْلأَُ مَا بَيْنَ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ،
وَالصَّلاَةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ،
وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ،
كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو؛ فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا}.
رواه مسلِمٌ.
الشرح ...
قوله: الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ أي نصفه، وذلك أن الإيمان - كما يقولون - تخلية وتحلية .
التخلية: بالطهور، والتحلية: بفعل الطاعات.
فوجه كون الطهور شطر الإيمان: أن الإيمان إما فعل وإما ترك.
والتّركُ تَطَهُّرٌ، والفعل إيجاد.
فقوله: "شَطْرُ الإِيْمَانِ" قيل في معناه: التخلي عن الإشراك لأن الشرك بالله نجاسة كما قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس)(التوبة: الآية28) فلهذا كان الطهور شطر الإيمان، وقيل: إن معناه أن الطهور للصلاة شطر الإيمان، لأن الصلاة إيمان ولا تتم إلا بطهور، لكن المعنى الأول أحسن وأعمّ.
وَالحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَانَ" يعني قول القائل: الحمد لله يمتلئ الميزان بها، أي الميزان الذي توزن به الأعمال كما قال الله عزّ وجل: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (الأنبياء:47)
"وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمدُ للهِ تَمْلآنِ - أو تَمْلأُ –" (أو) هذه شك من الراوي، يعني هل قال: تملآن ما بين السماء والأرض، أو قال:تملأ ما بين السماء والأرض. والمعنى لا يختلف،
وَالحَمْدُ للهِ الحمد يكون على صفات الكمال، فالحمد هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم، فتكون هذه الجملة: "سُبْحَانَ اللهِ، والحَمْدُ للهِ" فيها: نفي النقص وإثبات الكمال.
تَملآنِ - أَو تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ" والذي بين السماء والأرض مسافة لايعلمها إلا الله عزّ وجل.
وظاهر الحديث: أنها تملأُ ما بين السماء والأرض ليس في منطقتك وحدك، بل في كل المناطق.
"وَالصَّلاةُ نورٌ" أي صلاة الفريضة والنافلة نور، نور في القلب، ونور في الوجه، ونور في القبر، ونور في الحشر، لأن الحديث مطلق، وجرّب تجد.
إذا صلّيت الصلاة الحقيقية التي يحضر بها قلبك وتخشع جوارحك تحس بأن قلبك استنار وتلتذّ بذلك غاية الالتذاذ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ"[158] .
"والصَّدَقَةُ" الصدقة: بذل المال للمحتاج تقرّباً إلى الله عزّ وجل.
"بُرْهَانٌ" أي دليل على صدق إيمان المتصدّق.
وجه ذلك: أن المال محبوب للنفوس، ولايبذل المحبوب إلا في طلب ماهوأحب، وهذا يدلّ على إيمان المتصدق، ولهذا سمى النبي صلى الله عليه وسلم الصدقة برهاناً.
وَالصَّبرُ ضِيَاءٌ الصبر: حبس النفس عما يجب الصبر عنه وعليه، قال أهل العلم: والصبر ثلاثة أنواع:
الأول: صبر عن معصية الله: بمعنى أن تحبس نفسك عن فعل المحرّم حتى مع وجود السبب.
ومثاله: رجل حدثته نفسه أن يزني - والعياذ بالله - فمنع نفسه، فنقول: هذا صبر عن معصية الله.
الثاني: صبر على طاعة الله: بأن يحبس الإنسان نفسه على الطاعة كرجل أراد أن يصلي، فدعته نفسه إلى الكسل، أو إلى الفراش، أو إلى الطعام الذي ليس بحاجة إليه،أو إلى محادثة الإخوان، ولكنه ألزم نفسه بالقيام للصلاة، فهذا صبر على طاعة الله.
الثالث: صبر على أقدار الله: فإن الله تعالى يقدر للعبد ما يلائم الطبيعة وما لايلائم، والذي لايلائم يحتاج إلى صبر، بأن يحبس نفسه عن التسخّط القلبي أو القولي أو الفعلي إذا نزلت به مصيبة.
وهناك مرتبة فوق الصبر وهي الرضا بأقدار الله، والرضا بأقدار الله أكمل حالاً من الصبر على أقدار الله.
والفرق: أن الصابر قد تألّم قلبه وحزن وانكسر، لكن منع نفسه من الحرام.
والراضي: قلبه تابع لقضاء الله وقدره، فيرضى ما اختاره الله له ولايهمّه، فهومتمشٍّ مع القضاء والقدر إيجاباً ونفياً.
ولهذا قال أهل العلم: إن الرضا أعلى حالاً من الصبر، وقالوا: إن الصبر واجب والرضا مستحب.
نستكمل غدا ان شاء الله تعالى بحوله وقوته باقي الحديث ما كان بالعمر بقية
أوصيكم بحفظ بحديث
اللهم أني احتسب عملي هذا لوجهك الكريم فتقبله مني وممن اقدم عليه بإحسان الى يوم الدين
اسأل الله ان يختم بالصالحات اعمالنا
اختكم في الله .. ليالِ الرسول