السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته صحبة الخير معكم نستكمل سلسلة علمتني سورة المائدة
ج الحادي عشر
🥀
﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَٰوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِى ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿٩١﴾ ] .
فكل لهو دعا قليله إلى كثيره، وأوقع العداوة والبغضاء بين العاكفين عليه، وصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، فهو كشرب الخمر.
🥀
﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَٰوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِى ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿٩١﴾ ]
فإن في الخمر من انغلاق العقل، وذهاب حجاه، ما يدعو إلى البغضاء بينه وبين إخوانه المؤمنين؛ خصوصاً إذا اقترن بذلك من السباب ما هو من لوازم شرب الخمر؛ فإنه ربما أوصل إلى القتل.
وما في الميسر من غلبة أحدهما للآخر، وأخذ ماله الكثير في غير مقابلة، ما هو من أكبر الأسباب للعداوة والبغضاء.
🥀
﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَٰوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِى ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿٩١﴾ ]
ثم أعلم تعالى عباده أن الشيطان إنما يريد أن تقع العداوة بسبب الخمر، وما كان يغري عليها بين المؤمنين،
وبسبب الميسر؛ إذ كانوا يتقامرون على الأموال والأهل، حتى ربما بقي المقمور حزينا فقيرا؛ فتحدث من ذلك ضغائن وعداوة، فإن لم يصل الأمر إلى حد العداوة، كانت بغضاء، ولا تحسن عاقبة قوم متباغضين.
🥀
﴿ لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوٓا۟ إِذَا مَا ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّأَحْسَنُوا۟ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿٩٣﴾ ]
(ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين):
دليل على أن المتقي المحسن أفضل من المتقي المؤمن.
🥀
﴿ لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوٓا۟ إِذَا مَا ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّأَحْسَنُوا۟ ۗ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿٩٣﴾ ]
ومما يدل على نفاسة التقوى وعزتها: أنه سبحانه لما شرطها في هذا العموم؛ حثَّ عليها عند ذكر المأكل بالخصوص ... وهذا في غاية الحث على التورع في المأكل والمشرب، وإشارة إلى أنه لا يوصل إلى مقام الإحسان إلا به.
🥀
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَىْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ تَنَالُهُۥٓ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُۥ بِٱلْغَيْبِ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿٩٤﴾ ]
(الغيب): ضد الحضور، وضد المشاهدة ...
وفائدة ذكره أنه ثناء على الذين يخافون الله؛ أثنى عليهم بصدق الإيمان وتنور البصيرة؛
فإنهم خافوه ولم يروا عظمته وجلاله ونعيمه وثوابه، ولكنهم أيقنوا بذلك عن صدق استدلال.
🥀
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ۗ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ۚ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَام ٍ}
المائدة (95)
أي لا تقتلوا الصيد إن كنتم قد أحرمتم بالحج أو بالعمرة أو بهما معا،
وإن لم تحرموا فالصيد محرّم أيضاً في حدود منطقة الحرم.
وسبحانه قد جعل الحرم زماناً والحرم مكاناً.
🥀
{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُون }
المائدة َ(96)}
وهذا قول دقيق يبين تحليل صيد البحر وطعامه، وتحريم صيد البر على المحرم كما حرّم الصيد في دائرة الحرم على المحرم وغير المحرم؛
لأن المسألة ليست رتابة حِلٍ، ولا رتابة حُرمة، إنما هي خروج عن مراد النفس إلى مراد الله.
وصيد البحر هو ما نأخذه بالحيل ونأكله طرياً،
وطعام البحر هو ما يعد ليكون طعاماً بأن نملحه ولذلك قال: {مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ}. ولهذا جاء الحق بطعام البحر معطوفاً على صيد البحر. والشيء لا يعطف على نفسه، فإذا ما جاء العطف فهو عطف شيء على شيء آخر، فالعطف يقتضي المغايرة.
إذن فالمقيم يأكل السمك الطري والذي في سيارة ورحلة فليأخذ السمك ويجففه ويملحه طعاماً له، مثلما فعل سيدنا موسى مع الحوت.
🥀
﴿ ٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿٩٨﴾ ]
أي: ليكن هذان العلمان موجودين في قلوبكم على وجه الجزم واليقين؛
تعلمون أنه شديد العقاب العاجل والآجل على من عصاه، وأنه غفور رحيم لمن تاب إليه وأطاعه؛ فيثمر لكم هذا العلم الخوف من عقابه، والرجاء لمغفرته وثوابه، وتعملون على ما يقتضيه الخوف والرجاء.
🥀
﴿ ٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿٩٨﴾ ]
جعل الرحمة صفة له مذكورة في أسمائه الحسنى، وأما العذاب والعقاب فجعلهما من مفعولاته، غير مذكورين في أسمائه.
🥀
﴿ مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلْبَلَٰغُ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾
[ سورة المائدة آية:﴿٩٩﴾ ]
(ما على الرسول إلا البلاغ) أي: ليس له الهداية والتوفيق ولا الثواب، وإنما عليه البلاغ
🥀
غداً بحول الله وقوته نستكمل معا هذه السلسلة المباركة من علمتني سورة من القرآن الكريم
من إعداد
ليالي الرسول عتمان 🌷