السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته صحبة الخير والايمان معا نستكمل سلسلة علمتني سورة النساء ومع الجزء السادس عشر
🥀
{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} النساء (138)
البشارة تستعمل في الخير، وتستعمل في الشر بقيد كما في هذه الآية. يقول تعالى:
{ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ ْ} أي: الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، بأقبح بشارة وأسوئها، وهو العذاب الأليم، وذلك بسبب محبتهم الكفار وموالاتهم ونصرتهم، وتركهم لموالاة المؤمنين، فأي شيء حملهم على ذلك؟
أيبتغون عندهم العزة؟
وهذا هو الواقع من أحوال المنافقين، ساء ظنهم بالله وضعف يقينهم بنصر الله لعباده المؤمنين، ولحظوا بعض الأسباب التي عند الكافرين، وقصر نظرهم عمّا وراء ذلك، فاتخذوا الكافرين أولياء يتعززون بهم ويستنصرون.
🥀
﴿ ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾
[ سورة النساء آية:﴿١٣٩﴾ ]
نص تعالى في صفة المنافقين على أشدها ضرراً على المؤمنين؛ وهي موالاتهم الكفار واطراحهم المؤمنين.
ونبه على فساد ذلك ليدعه من عسى أن يقع في نوع منه من المؤمنين غفلة، أو جهالة، أو مسامحة.
🥀
﴿ ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾
[ سورة النساء آية:﴿١٣٩﴾ ]
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون، والمقصود من هذا: التهييج على طلب العزة من جناب الله، والإقبال على عبوديته، والانتظام في جملة عباده المؤمنين.
🥀
﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا۟ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا۟ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِۦٓ ۚ ﴾
[ سورة النساء آية:﴿١٤٠﴾ ]
لما كانت آية الأنعام مكية؛ اقتصر فيها على مجرد الإعراض، وقطع المجالسة؛ لعدم التمكن من الإنكار بغير القلب. وأما هذه الآية فمدنية، فالتغيير عند إنزالها باللسان واليد ممكن لكل مسلم, فالمجالس من غير نكير راض.
🥀
﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا۟ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا۟ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِۦٓ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْكَٰفِرِينَ فِى جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾
[ سورة النساء آية:﴿١٤٠﴾ ]
(في جهنم): التي هي سجن الملك. (جميعاً): كما جمعهم معهم مجلس الكفر الذي هو طعن في ملك الملك، والتسوية بينهم في الكفر بالقعود معهم دالة على التسوية بين العاصي ومجالسه بالخلطة من غير إنكار.
🥀
﴿ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوٓا۟ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَٰفِرِينَ نَصِيبٌ ﴾
[ سورة النساء آية:﴿١٤١﴾ ]
(وإن كان للكافرين نصيب): ولم يقل: «فتح» لأنه لا يحصل لهم فتح يكون مبدأ لنصرتهم المستمرة، بل غاية ما يكون أن يكون لهم نصيب غير مستقر.
🥀
﴿ إِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَٰدِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوٓا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾
[ سورة النساء آية:﴿١٤٢﴾ ]
فهذه الأوصاف المذمومة تدل بتنبيهها على أن المؤمنين متصفون بضدها من: الصدق ظاهراًً وباطناًً، والإخلاص، وأنهم لا يجهل ما عندهم، ونشاطهم في صلاتهم وعباداتهم، وكثرة ذكرهم لله تعالى، وأنهم قد هداهم الله ووفقهم للصراط المستقيم. فليعرض العاقل نفسه على هذين الأمرين، وليختر أيهما أولى به، وبالله المستعان.
🥀
﴿ إِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَٰدِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوٓا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ ﴾
[ سورة النساء آية:﴿١٤٢﴾ ]
أي: متثاقلين، متباطئين، لا نشاط لهم، ولا رغبة؛ كالمكره على الفعل؛ لأنهم لا يعتقدون ثواباً في فعلها، ولا عقاباً على تركها.
🥀
﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾
[ سورة النساء آية:﴿١٤٢﴾ ]
لأنهم لا يذكرونه إلا باللسان، وعند حضورهم بين الناس، بخلاف المؤمنين الصادقين؛ فإنهم إذا قاموا إلى الصلاة يطيرون إليها بجناحي الرغبة والرهبة، بل يحنون إلى أوقاتها.
🥀
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا۟ لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰنًا مُّبِينًا ﴾
[ سورة النساء آية:﴿١٤٤﴾ ]
أي: حجة ظاهرة في العذاب. وفيه دلالة على أن الله تعالى لا يعذب أحداً بمقتضى حكمته إلا بعد قيام الحجة عليه؛ ويشعر بذلك كثير من الآيات. وقيل: أتريدون بذلك أن تجعلوا له تعالى حجة بينة على أنكم منافقون؛ فإن موالاة الكافرين أوضح أدلة النفاق.
🥀
﴿ إِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ فِى ٱلدَّرْكِ ٱلْأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾
[ سورة النساء آية:﴿١٤٥﴾ ]
لأن ذلك أخفى ما في النار، وأستره، وأدناه، وأوضعه، كما أن كفرهم أخفى الكفر وأدناه, وهو أيضاًً أخبث طبقات النار، كما أن كفرهم أخبث أنواع الكفر.
🥀
﴿ مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَءَامَنتُمْ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾
[ سورة النساء آية:﴿١٤٧﴾ ]
وقدّم الشكر على الإيمان؛ لأن العبد ينظر إلى النعم فيشكر عليها، ثم يؤمن بالمنعم؛ فكان الشكر سبباً للإيمان، متقدّم عليه.
🥀
غداً بحول الله وقوته نستكمل معا هذه السلسلة المباركة من علمتني سورة النساء
من إعداد ..
ليالي الرسول عتمان 🌷