السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته صحبة الخير والإيمان
معكم نستكمل السيرة الذاتية لأولي العزم من الرسل ومع نبي الله ..
🌿
المسيح سيدنا عيسى بن مريم -عليه السلام- هو أحد أُولِي العزم من الرسل، وهو آخِر رسل بني إسرائيل عليهم السلام جميعاً.
هو عيسى بن مريم بنت عمران، ويتصل نسب عمران بداود عليه السلام.
🌿
وليس بينه وبين سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- نبي، وقد بَشَّر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى:
{ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}
[سورة الصف، الآية (6)].
وقد وردت البشارةُ بسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في إنجيل (برنابه) - الإصحاح 97 .
🌿
حياة سيدنا عيسى عليه السلام ..
حملت السيدة مريم -عليها السلام، وهي عذراءُ لم يَسبق لها الزواج من قَبل- بسيدنا عيسى عليه السلام،
وأتت به إلى قومِها تحمله، وجرَى بينها وبين قومِها ما قصَّهُ علينا القرآن الكريم:
{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا }
[سورة مريم: الآية (27)]؛
أي: لقد جئت شيئاً عجيباً، { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ } 29
🌿
فلاذت بالصمت ناذرة للرحمن صوماً عن الكلام أشارت إلى طفلها الصغير ليجيبهم عنها
{ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا }[29]،
فإذا بالصبي الصغير المسيح سيدنا عيسى -عليه السلام- يُنطِقه الله ليعلن عن نبوته الآتية ورسالته المقبلة ويدلَّهم على أن مَن خَرَق العادة فأنطقه في طفولته قادر على كل شيء؛
{ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ، وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ، وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}[سورة مريم: الآيات (30-33)].
وكان سيدنا عيسى بن مريم وأمُّه -عليهما السلام- آيتين من آيات الله للعالمين.
🌿
نشأ سيدنا عيسى -عليه السلام- في كنف أمه بعيداً عن بيت لحم فلسطين في بلدة لها ربوة؛
{ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }
[سورة المؤمنون، الآية رقم (50)].
وأنزل الله عليه كتاباً هو الإِنجيل؛
قال تعالى: { وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}
[سورة المائدة الآية (46)].
ودعا سيدنا عيسى -عليه السلام- بني إسرائيل أن يرجعوا إلى دين الله ويصححوا ما دخل إلى شريعتهم من تحريفٍ وتبديل.
🌿
وأجرى الله على يدِ سيدنا عيسى بن مريم -عليه السلام- المعجزات الباهرات تصديقاً لنبوته وتأييداً لرسالته؛ كإحياء الموتى بإذن الله، وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله، وكان يصوِّر من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وكان يُنبئهم بما يأكلون وما يدَّخرون في بيوتهم تنبُّؤاً غيْبيـًّا.
🌿
وصدَّق سيدَنا عيسى -عليه السلام- طائفةٌ من بني إسرائيل وكذَّبه الأكثرون، وكان مِن ضمن مَن صدَّقه ولازمه الحواريُّون؛ وهم أصحابه وتلاميذه المرافقون له، وكانوا اثني عشر رجلاً.
ولبث سيدنا عيسى -عليه السلام- يجاهر بدعوته ويجادل المنحرفين ويَدلهم على الله عز وجل، ويأمرهم بالاستقامة ويُبيِّن فساد طريقتهم، ويَفضح رياءهم وخبثهم؛ حتى ضاقوا به ذرعاً؛ فاجتمع عظماء اليهود وأحبارُهم فقالوا: إنَّا نخاف أن يُفسد علينا ديننا ويتبعه الناس؛ فأجمعوا على أن يتخلصوا من سيدنا عيسى -عليه السلام- بقتْلِه وصَلبه على طريقتهم التي كانوا يفعلونها فيمن يحكمون عليه بالقتل؛
وعَلم سيدنا عيسى -عليه السلام- بمكر القوم به فاختفى عن أعين الرقباء، ثم مضى -عليه السلام- مع تلاميذه إلى المكان الذي يجتمع به مع أصحابه فيه، وكان أحد القوم يعرف ذلك الموضع فدلَّهم على مكانه، فلمَّا دخلوا المكان الذي فيه المسيح ألقى الله شبهه على مَنْ دَلَّهم على مكانه من الحواريين، فاحتملوا الشبه وصلبوه وقتلوه وهم يظنونه عيسى عليه السلام، ورفع الله -عز وجل- سيدنا عيسى عليه السلام إليه؛ قال تعالى في القرآن الكريم:
{ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا }
[سورة النساء، الآيتان (157، 158)].
🌿
سيكون نزول سيدنا عيسى عليه السلام علامة من علامات يوم القيامة الكبرى.
🌿
غداً بحول الله وقوته نستكمل معاً سيرة جديدة من سير أنبياء الله أولي العزم
من إعداد ..
ليالي الرسول عتمان 🌷