سلام الله عليكم ورحمته وبركاته أحبتي في الله
معكم ومع سلسلة أولي العزم من الرسل ومع ..
قصة نبي الله إبراهيم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
🌿
سيدنا إبراهيم -عليه السّلام-، أبو الأنبياء وأحد الخمسة أولي العزم الوارد ذكرهم في قوله تعالى:
"وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا"
ولد سيدنا إبراهيم عليه السلام ونشأ في أرض بابل في العراق،
وكان قومه يعبدون الأصنام والكواكب، وكان أبوه آزر يصنع الأصنام، ويبيعها لقومه، ويعبدها معهم،
ورغم ذلك لم يعبد إبراهيم -عليه السّلام- شيئًا من ذلك، فقد عصمه الله -سبحانه وتعالى-،
وآتاه منذ صغره عقلًا رشيدًا، أعانه على إدراك فساد معتقداتهم،
قال تعالى:
"وَلَقَد آتَينا إِبراهيمَ رُشدَهُ مِن قَبلُ وَكُنّا بِهِ عالِمينَ"،
🌿
وعندما بعثه الله -سبحانه وتعالى- رسولًا إلى النّاس، بدأ بدعوة أبيه بألطف عبارة، داعيًا إياه إلى تحكيم العقل، مبينًا له بُطلان ما هو عليه من عبادة الأصنام ؛
فهي مجرد تماثيل لا تسمع ولا تبصر، ولا تجلب نفعًا و لا تدفع ضرًا، قال تعالى :
"وَاذكُر فِي الكِتابِ إِبراهيمَ إِنَّهُ كانَ صِدّيقًا نَبِيًّا ،إِذ قالَ لِأَبيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعبُدُ ما لا يَسمَعُ وَلا يُبصِرُ وَلا يُغني عَنكَ شَيئًا، يا أَبَتِ إِنّي قَد جاءَني مِنَ العِلمِ ما لَم يَأتِكَ فَاتَّبِعني أَهدِكَ صِراطًا سَوِيًّا ،يا أَبَتِ لا تَعبُدِ الشَّيطانَ إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلرَّحمـنِ عَصِيًّا ،يا أَبَتِ إِنّي أَخافُ أَن يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحمـنِ فَتَكونَ لِلشَّيطانِ وَلِيًّا"
إلّا أنّ أباه قد قابل دعوته بالرفض والتهديد والوعيد،
قال تعالى:
" قالَ أَراغِبٌ أَنتَ عَن آلِهَتي يا إِبراهيمُ لَئِن لَم تَنتَهِ لَأَرجُمَنَّكَ وَاهجُرني مَلِيًّا"،
وكذلك فعل قومه رغم دعوته لهم مرارًا وتكرارًا، فأراد إبراهيم -عليه السّلام- أن يثبت لهم بالبرهان العملي بطلان معتقداتهم،
فقام بتكسير الأصنام إلّا الصنم الكبير، إذ علق الفأس عليه لعلّهم يسألونه عن الذي حطّم أصنامهم، قال تعالى:
"فَجَعَلَهُم جُذاذًا إِلّا كَبيرًا لَهُم لَعَلَّهُم إِلَيهِ يَرجِعونَ "،
وقال تعالى:
"فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ، مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ، فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ"
🌿
ولمّا رجعوا من عيدهم الذي يخرجون فيه للسياحة والنزهة، ووجدوا أصنامهم محطّمة، غضبوا غضبًا شديدًا، واتهموا إبراهيم -عليه السّلام- بتحطيمها،
ولمّا سألوه أجابهم بقوله: "بَل فَعَلَهُ كَبيرُهُم هـذا فَاسأَلوهُم إِن كانوا يَنطِقونَ"،
ومُراد إبراهيم -عليه السّلام- من ذلك أن يُبيّن لهم عجز أصنامهم؛ فهي لاتنطق، ولا تستطيع حتى ان تدافع عن نفسها، وقد أقر القوم بعجزها؛ حيث قالوا:
"لَقَد عَلِمتَ ما هـؤُلاءِ يَنطِقونَ "؛
فرد عليهم إبراهيم -عليه السّلام- بقوله:
"أَفَتَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ ما لا يَنفَعُكُم شَيئًا وَلا يَضُرُّكُم، أُفٍّ لَكُم وَلِما تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ أَفَلا تَعقِلونَ"،
🌿
وبدلًا من أنْ يستجيبوا للحق استكبروا وكابروا، وتواصوا فيما بينهم بحرق إبراهيم -عليه السّلام- نُصْرَةً لأصنامهم، قال تعالى:
"قالوا حَرِّقوهُ وَانصُروا آلِهَتَكُم إِن كُنتُم فاعِلينَ"، وقد أجمعوا على ذلك، فجمعوا حطبًا كثيرًا، وأشعلوه نارًا ثم ألقوا إبراهيم -عليه السّلام- في تلك النار، ولكنّ الله أنجاه منها، قال تعالى:
"قُلنا يا نارُ كوني بَردًا وَسَلامًا عَلى إِبراهيمَ ، وَأَرادوا بِهِ كَيدًا فَجَعَلناهُمُ الأَخسَرينَ" .
🌿
ورغم رؤيتهم لتلك المعجزة التي حدثت أمام أعينهم، إلا أنّهم استمروا في كفرهم وطغيانهم، فلمّا لم يجد إبراهيم -عليه السّلام- منهم قبولًا لدعوته،
هاجر ومعه زوجته سارة وابن أخيه لوط -عليه السّلام- من بابل في العراق إلى الشام، ومنها إلى مصر، ثمّ عاد إلى الشام،
وأقام مع زوجته سارة في فلسطين، ثم تزوج من هاجر وأنجب منها إسماعيل -عليه السّلام- ،
ورحل بهما إلى مكة، وهناك تركهما -بأمر الله سبحانه وتعالى- بواد غير ذي زرع،
وقد تكفل الله بحفظهما، وبعد مُدة رأى إبراهيم في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل -عليه السّلام-، قال تعالى:
"فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ، وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ"،
🌿
وقد بشره الله -سبحانه وتعالى- بعد تلك الحادثة بإسحاق -عليه السّلام-؛ تكريمًا له ولزوجته سارة،
ثم أمره ببناء ورفع قواعد بيت الله الحرام في مكة المكرمة،
فكان إبراهيم يبني وولده إسماعيل يناوله الحجارة.
🌿
تضمنت قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام ممّا تضمّنته حرصه على نفع قومه، بتوعيتهم ودعوتهم إلى الحقّ والخير والصواب، مستخدمًا أسلوب الإقناع بالحجج والبراهين الدامغة،
ونبذه التقليد الأعمى، وصبره وثباته عند الشدائد، وثقته بالله سبحانه وتعالى، وصدق طاعته له، وتوكله عليه،
ومما تضمنته أيضًا حرصه على بر والديه، من خلال استعماله لأرق الألفاظ في مخاطبة والده، وحواره معه بكل أدب وتودّد وتلطف، وحرصه الشديد على ما ينفعه، وعلى إرادة الخير له.
🌿
غداً بحول الله وقوته نستكمل معاً هذه السلسلة من أولي العزم من الرسل
ما كان في العمر بقية
من إعداد ..
ليالي الرسول عتمان 🌷