التحقيق الجمركي في حقوق الملكية الفكرية -  د/ خالد ممدوح

تعريف التدابير الحدودية

يقصد بالتدابير الحدودية " تلك الإجراءات التي يتعين اتخاذها قبل سلع مقلدة أو مزورة عند دخولها أو عبورها للحدود الجغرافية لدول ما ، وسلطات رجال الجمارك إزاء هذه السلع والشخص الذي يقوم بإدخالها إلى حدود هذه الدولة " .

وتعرف الإجراءات الجمركية بأنها " مجموعة من القواعد والأساليب والخطوات المتتابعة والمنطقية التي تعد للتخليص على الواردات والصادرات في نطاق تنفيذ التشريعات الجمركية وغيرها من التشريعات التي يسند للجمارك تنفيذها والمتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والتجارية وغيرها " .

أن البضائع المستوردة قبل الإفراج عنها للاستهلاك، والبضائع المصدرة، عند اجتيازها للحدود السياسية أو الجغرافية بين الدول، تخضع لبعض الإجراءات والمعاملات القانونية الواجبة ، ومن هذه الإجراءات التي تتعرض لها تلك البضائع والسلع، الإجراءات الحدودية لحماية حقوق الملكية الفكرية.

وقد وردت نصوص الحماية الحدودية لحقوق الملكية الفكرية ضمن أهم اتفاقية دولية في هذا المجال وهي اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة لحقوق الملكية الفكرية اتفاقية تريبس TRIPS  .

ولم ينظم المشرع المصري - حتى الآن - الحماية الحدودية لحقوق الملكية الفكرية ، علي بالرغم من أن مصر عضوه في منظمة التجارة العالمية منذ أكثر من عشر سنوات ، إذ أصبحت مصر عضواً في تلك المنظمة عام 1995 .

ولذلك نقترح انه علي السلطات المختصة – وزارة التجارة والصناعة مثلاً- عدم منح أي شخص موافقة استيرادية ، بالنسبة للمنتجات التي تمثل اعتداء على حقوق الملكية الفكرية إلا بموافقة صاحب الحق، أو أن للسلطات سحب الأجازة بعد إعطائها بدون موافقة صاحب الحق إذا طلب الأخير ذلك ، حيث إن إجراءات منع الاستيراد لا تتخذ من قبل الدوائر الجمركية ، بل تتخذ من قبل الوزارة أو السلطات المختصة بمنح أجازة الاستيراد، وهذا الإجراء لا يدخل في نطاق التدابير الحدودية لحماية الملكية الفكرية.

ويلاحظ أن المشرع الأردني نظم التدابير والإجراءات الحدودية لحماية حقوق الملكية الفكرية في قانون الجمارك وخصص لها مادة واحدة وهي المادة (41) ، ونصت في مقدمتها على أنه "يحظر إدخال البضائع المستوردة التي تشكل تعدياً على أي حق من حقوق الملكية الفكرية الخاضعة للحماية بمقتضى التشريعات النافذة ذات العلاقة... وبنيت الفقرة (2/1) من نفس المادة المقصود بحقوق الملكية الفكرية ونصت على أن "حقوق الملكية الفكرية" حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لها والعلامات التجارية وبراءات الاختراع والتصاميم للدوائر المتكاملة والأسرار التجارية والرسوم الصناعية والنماذج الصناعية والمؤشرات الجغرافية".

من أجل حماية صاحب الحق المعنوي في استغلاله لثمرة نشاطه أو إنتاجه الذهني فقد عنيت التشريعات الوطنية - فضلاً عن التشريع الدولي ذاته- بتنظيم هذا الحق ، فتوالت الاتفاقيات الدولية في هذا المضمار بدايةً من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية سنة 1883. مروراً باتفاقية برن لحماية حق المؤلف سنة 1886 ، وانتهاء باتفاقية جوانب التجارة المتصلة بحقوق الملكية الفكرية سنة 1994 (TRIPS) ، فضلاً عن عديد من الاتفاقيات الأخرى تقع فى الفترات البينية.

ولعل من أهم ما تتميز به الاتفاقية الأخيرة (TRIPS) أنها تشتمل على تنظيم تفصيلي لأحكام تستهدف توفير أكبر قدر متاح من الإنفاذ الفعال لحقوق الملكية الفكرية التي تضمنتها الاتفاقية ، إلى الحد الذي أفسحت معه الاتفاقية الجزء الثالث منها لمعالجة هذا الموضوع ، فأفردت له (21) مادة وهى المواد (41 ـ 61) بنسبة تقدر بما يقرب من ( 30% ) من عدد مواد الاتفاقية البالغ (73) مادة .

وتتعدد مجالات الحماية سواء من ناحية الإجراءات الإدارية ، أو من ناحية الإجراءات الوقتية ، أو المدنية ، أو الجنائية ، أو التدابير الحدودية .

ويقصد بالإجراءات الإدارية في هذا الخصوص تلك الإجراءات التي تتخذها الجهات الإدارية أو الأمنية ، وهذه الإجراءات قد تسبق تدخل السلطة القضائية أو تعاصره، أو تليه وتتمثل الإجراءات الإدارية السابقة على تدخل السلطة القضائية في الإجراءات التي تقوم بها أجهزة الضبط بهدف ضبط السلع المقلدة والمزورة وغيرها من الأفعال التي تشكل اعتداء على حقوق الملكية الفكرية، وتعد محاضر جمع الاستدلالات التى تحررها تلك الأجهزة بناء على ما تجريه من تحريات، وكذا المحاضر التى يحررها المتضررون من أهم صور الحماية على صعيد الإجراءات الإدارية السابقة على تدخل القضاء.

ومن ناحية الحماية من خلال الإجراءات الوقتية ، فقد عالجت الاتفاقية هذه المسألة ـ بصفة أساسية ـ فى القسم الثالث (م 5) تحت مسمى "التدابير المؤقتة" فحددت فى البند (1) من المادة ذاتها الغرض من منح السلطات القضائية صلاحية الأمر باتخاذ التدابير الوقتية الفورية الفعالة ، والذي يتمثل في الحيلولة دون حدوث تعد على أي حق من حقوق الملكية الفكرية ، لاسيما منع السلع بما فيها المستوردة فور التخليص عليها جمركياً من النفاذ إلى الأسواق التجارية ، وصون الأدلة ذات الصلة بالتعدي المدعى به .

ويقصد بالحماية المدنية توفير السبل أمام صاحب الحق في طلب اقتضاء التعويض عن الضرر الناجم من أي تعدي على حق من حقوق الملكية الفكرية خاصة عن طريق الدعوى المدنية التي يقيمها أمام القضاء الوطني ، وقد نظمت الاتفاقية الأحكام الخاصة بالحماية المدنية فى القسم الثاني من المواد (42 : 48) .

أما من ناحية الحماية الجنائية ، فقد عالجت الاتفاقية الحماية الجنائية فى القسم الخامس (م 61). وبمقتضى أحكام هذه المادة ألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء بتطبيق الإجراءات والعقوبات الجنائية فى مجالين أساسيين من مجالات حقوق الملكية الفكرية هما: العلامات التجارية.وحقوق المؤلف.

 

وذلك إذا توافرت شروط معينة، فبالنسبة لمجال العلامات التجارية قصرت الاتفاقية تطبيق الإجراءات والعقوبات الجنائية فى هذا المجال على حالات التقليد المتعمد للعلامات التجارية المسجلة. أما فى مجال حقوق المؤلف فقد قصرت الاتفاقية هذا التطبيق الجنائي على حالات انتحال حقوق المؤلف وذلك كله إذا وقعت على نطاق تجاري.

 

دكتور / خالد ممدوح ، جرائم التعدي علي حقوق الملكية الفكرية ، الدار الجامعية ، 2010 .

المصدر: د/ خالد ممدوح ، جرائم التعدي علي حقوق الملكية الفكرية ، الدار الجامعية ، 2010 .
  • Currently 165/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
45 تصويتات / 1537 مشاهدة
نشرت فى 23 إبريل 2010 بواسطة KhaledMamdouh

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

75,269