أوباما : القذافى يجب أن يرحل
على وقع استئناف قوات التحالف الدولي ضرباتها الجوية ضد مواقع ليبية وتدمير مقر قيادة للعقيد معمر القذافي في باب العزيزية وقصف طاول مدينة سبها في قلب الصحراء الليبية والقاعدة البحرية على الساحل الشمالي ليل أمس، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أن موقف الولايات المتحدة يتمثل في ضرورة "رحيل" القذافي من السلطة وأن "حلف شمال الأطلسي سيقوم بدور" في المرحلة العسكرية الجديدة التي ستبدأ "خلال أيام وليس أسابيع"، ولكن وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أوضح أن الدول العربية ترفض تدخلاً بقيادة الحلف في ليبيا.
الرئيس الأميركي الذي أكد أن موقف واشنطن "هو أن القذافي يجب أن يرحل"، أشار إلى أن بلاده ستبقى ملتزمة بالتفويض الذي حدده قرار الأمم المتحدة الرقم 1973 في تحركها العسكري في ليبيا. وأوضح في مؤتمر صحافي مع الرئيس التشيلي سباستيان بينيرا أن "حلف شمال الأطلسي سيقوم بدور" في المرحلة العسكرية الجديدة التي ستبدأ "خلال أيام وليس أسابيع.. نظراً للقدرة غير العادية لهذا الحلف".
ولكن وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه الذي صرح من بروكسل على هامش اجتماع مع نظرائه الأوروبيين أن الحلف الأطلسي "مستعد لدعم" تدخل التحالف الدولي في ليبيا في "غضون بضعة أيام"، قال إن الدول العربية لا تريد تدخلاً بقيادة "الأطلسي" الذي قد يشارك في عمليات التخطيط والإدارة.
كما تحدث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في كلمة أمام النواب بعد ظهر أمس عن نقل مسؤولية العملية العسكرية في ليبيا "الى الحلف الأطلسي في الوقت المناسب"، وأنه "قد تسلم القيادة بسهولة الى أميركي أو فرنسي أو بريطاني، ولكن في إطار الحلف الأطلسي".
ولكن ديبلوماسيين أوضحوا أن حلف شمال الأطلسي أخفق في اجتماع عقده أول من أمس في حل الخلافات حول ما إذا كان يتعين عليه تولي مهمة تطبيق الحظر الجوي فوق ليبيا إذا تراجعت الولايات المتحدة عن قيادة العملية. وقال ديبلوماسي في الحلف "لم تكن هناك أي نتائج للاجتماع".
وعارضت تركيا العضو في الحلف التدخل في ليبيا كما تعارض فرنسا أن يتولي الحلف دور القيادة، ولكن مع تطلع الولايات المتحدة إلى التخلي عن قيادة العملية فسوف ستكون هناك حاجة للاستعانة بقدرات القيادة والتحكم للحلف لتنسيق الجهود متعددة الجنسيات.
وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان أمس، إن تركيا تضع عدة شروط لا بد من الوفاء بها كي يكون للحلف دور. وأضاف أن تركيا تريد أن تنتهي العملية العسكرية الدولية ضد قوات القذافي في أقرب وقت ممكن حتى يتسنى لليبيين تقرير مصيرهم بأنفسهم. واشترط إردوغان كذلك ألا ينتهي التدخل العسكري باحتلال.
وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أكد أمس أن إسقاط القذافي قرار عائد الى الشعب الليبي وإن كانت ليبيا ستكون "أفضل" من دونه كما قال في مقابلة مع وكالة "انترفاكس" الروسية للأنباء.
وقال "أعتقد أنه سيكون من الخطأ تحديد قتل القذافي هدفاً للقوات المسلحة في إطار العملية العسكرية".
وكذلك قال قائد الجيش البريطاني الجنرال ديفيد ريتشاردز إن القذافي "قطعاً ليس هدفاً" للعمل العسكري في ليبيا، وإن استهداف القذافي "ليس مسموحاً به" بموجب قرار الأمم المتحدة.
وجاءت تصريحات ريتشاردز بعد أن رفض وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ استبعاد شن هجمات جوية يمكن أن تستهدف القذافي تحديداً.
دولياً كذلك، قال الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف رداً على رئيس وزرائه فلاديمير بوتين أمس، إن استخدام تعبير حملة صليبية لوصف الوضع في ليبيا "غير مقبول".
وكان بوتين شبه قرار مجلس الأمن الذي يسمح بتدخل عسكري في ليبيا بأنه "دعوات من العصور الوسطى لشن حملة صليبية".
وقال مدفيديف للصحافيين في مقر إقامته خارج موسكو "ليس من المقبول بأي حال من الأحوال استخدام تعبيرات تفضي في جوهرها الى صدام الحضارات مثل اصطلاح الصليبيين وما الى ذلك".
وفي بعض من أشد انتقاداته للولايات المتحدة، قال بوتين لعمال في مصنع روسي للصواريخ "القرار ناقص ومعيب... إنه يسمح بكل شيء. يشبه دعوات العصور الوسطى لحملات صليبية".
ويعقد مجلس الأمن الدولي الخميس المقبل جلسة مغلقة حول الأزمة الليبية على ما أعلن ديبلوماسيون رفضوا كشف أسمائهم.
وفي ليبيا أعلن متحدث باسم الحكومة الليبية أن قوات الائتلاف الدولي قصفت أمس مدينة سبها على بعد 750 كلم جنوب طرابلس، ومعقل قبيلة القذاذفة التي ينتمي اليها القذافي.
وقال المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى ابراهيم في مؤتمر صحافي "منذ السبت شنت قوات الائتلاف المعادية غارات جوية وقصفت بالصواريخ طرابلس والزوارة ومصراتة وسرت مستهدفة بشكل خاص المطارات". ورداً على سؤال قال "نعم لقد تعرضت سبها أيضاً للقصف اليوم (أمس)".
وأوضح أن غارات الائتلاف أصابت أيضاً "مرفأ صيد صغيراً" يقع على بعد 27 كلم غرب طرابلس.
وأضاف أن هذه الهجمات أوقعت "العديد من الضحايا" بينهم مدنيون خصوصاً في مطار سرت المدني.
وسرت هي مسقط رأس القذافي وتقع على بعد نحو 600 كلم شرق طرابلس.
وكان صاروخ استهدف ليل الأحد ـ الاثنين مبنى إدارياً داخل مجمع مقر إقامة القذافي في جنوب طرابلس. وقال مسؤول عسكري في التحالف إن فيه مركز "قيادة ومراقبة" للقوات الحكومية.
والمبنى المعني يقع على بعد نحو خمسين متراً من الخيمة التي اعتاد القذافي أن يستقبل فيها زواره.
كما سمع سكان العاصمة دوي انفجارات قوية مساء أمس، إضافة الى صوت نيران بطاريات الدفاع الجوي. وأفاد شهود أن قصف قوات الائتلاف الدولية أصاب أمس قاعدة بوستة البحرية الليبية على بعد عشرة كيلومترات شرق طرابلس، وشوهدت ألسنة النار تندلع منها. وقال شاهد إن الانفجار أدى إلى اشتعال النيران في خزانات للوقود.
وأعلن ناطق باسم الثوار الليبيين ومصدر طبي في مصراته شرق طرابلس أن 40 شخصاً على الأقل قتلوا الاثنين في المدينة وأصيب مئات آخرون بنيران القوات التابعة للقذافي.
وقال طبيب في المستشفى المركزي في المدينة تحدثت اليه "فرانس برس" هاتفياً عن طريق أحد الناطقين باسم الثوار إن عدد القتلى "وصل الى 40 والجرحى أكثر من 300 ولا نزال نستقبل المزيد".
وكان ناطق باسم الثوار أكد أن "كتائب القذافي قامت تحت تهديد السلاح بجمع نحو 500 شخص من خارج المدينة واقتادتهم الى وسط مصراتة حيث أجبرتهم على التظاهر تأييداً للقذافي".
وأضاف أن "الآلاف من سكان المدينة خرجوا في تظاهرة مضادة، عندها قامت كتائب القذافي بإطلاق النار عليهم من خلال قناصة انتشروا على سطوح البنايات ومن دبابة" ما أدى الى سقوط قتلى وجرحى.
وأكد الناطق أن قوات القذافي لم تسيطر على المدينة "إلا أنها تتمركز في الشارع الرئيسي فيها حيث نشرت قناصة فوق البنايات وثلاث دبابات".
وفي غضون ذلك، أفاد سكان أن قوات القذافي تقصف منذ ثلاثة أيام منطقة الجبل الغربي (جنوب غرب طرابلس) وخصوصاً مدينتي الزنتان ويفرن اللتين يسيطر عليهما المتمردون.
وقال أحد سكان الزنتان (145 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة الليبية) في اتصال هاتفي إن "قوات القذافي تقصفنا من بعيد بواسطة صواريخ غراد. الأمر مستمر منذ ثلاثة أيام. إن القصف كثيف جداً". أضاف ان "المواجهات كانت عنيفة جداً. تمكن المتمردون من صد الهجوم ومنعوا تقدم كتيبة للنظام نحو المدينة" الواقعة في هذه المنطقة الجبلية.
ساحة النقاش