انتشار الجيش في درعا وإقالة المحافظ
أفادت الأنباء بأن التظاهرات تجددت الإثنين 21-3-2011 لليوم الرابع على التوالي في مدينة درعا السورية جنوب العاصمة دمشق، حيث خرج آلاف المشاركين في تشييع الشاب رائد الكراد الذي قتل يوم الأحد 20 مارس الجاري، في تظاهرات مرددين شعارات تطالب بالحرية، رغم نشر الحكومة السورية المدرعات والدبابات حول المدينة.
"الله سوريا وحرية"
وقد شيعت مدينة درعا يوم الإثنين جثمان رائد الكراد الذي قتل في مظاهرة شهدتها المدينة يوم الأحد. و تجمع المتظاهرون أمام الجامع العمري الذي يقع في البلدة القديمة، وهم يرددون "الله سوريا وحرية" و "ثورة ثورة"، "الشعب يريد إسقاط الفساد".
وقال نشطاء إن مئات المتظاهرين ضد الحكومة السورية تجمعوا في بلدة جاسم أيضا يوم الإثنين في امتداد للاضطرابات في جنوب سوريا. وأفاد السكان إن الجيش السوري انتشر يوم الإثنين عند مداخل مدينة درعا، في الوقت الذي حاول فيه مسؤولون تهدئة المشاعر في أعقاب احتجاجات مطالبة بالحرية كان قد سقط فيها خمسة قتلى مدنيين.
وشارك الآلاف في تشييع جنازة المحتج رائد الكراد الذي يبلغ من العمر 23 عاما الذي قتلته قوات الأمن يوم الأحد. بينما أقام جنود نقاط تفتيش عند مداخل درعا يتفحصون بطاقات الهوية. بالتزامن مع وصول وزير العدل السوري إلى مجلس المدينة.
بدورها، قالت قناة "الإخبارية السورية" إنه "تم تشييع جثمان رائد الكراد الذي سقط برصاص الغدر"، لافتة إلى أن "الجنازة سارت بهدوء ولم يتخلل التشييع أي حادث أو شغب".
ونقلت سيريانيوز عن مصدر مطلع يوم الأحد أن "التحقيقات ما تزال مستمرة لمعرفة المسؤولين عن مقتل الكراد، فيما كان قد أصيب 7 عناصر من الشرطة في المظاهرة". كما أشارت تقارير مقربة من السلطات السورية إلى "وجود عناصر من تنظيم فتح الإسلام مرتبطة بجهات خارجية دخلت درعا من المخيمات الفلسطينية المحيطة بالمدينة". حسبما نقل موقع "سيريانيوز".
إقالة المحافظ
في هذا الوقت، أعلنت السلطات الرسمية السورية، أن مجموعة من :"عناصر الشغب قامت بالاعتداء على المشافي في درعا، وإحراق ممتلكات عامة وخاصة، وإثارة الذعر بين الأهالي، وسكان المدينة، وإطلاق النار على عناصر الشرطة الذين لم يردوا بالمثل، نافيا وقوع أي وفيات في أحداث الأحد".
وأضافت وكالة الأنباء السورية:"وأكد المصدر أنه سيتم اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية أمن المواطنين وسلامتهم والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة".
وكان مصدر سوري مسؤول قال:"أرسل الرئيس بشار الأسد وفدا للتعزية بالشهيدين اللذين توفيا في أحداث درعا المؤسفة، إضافة إلى تشكيل لجنة للتحقيق في هذه الأحداث واتخاذ الإجراءات اللازمة ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليته فيها وإطلاق سراح الشبان الذين ثبت عدم تورطهم في هذه الأحداث".
كما أكدت مصادر سورية واسعة الإطلاع يوم الأحد 21 مارس، أن الرئيس بشار الأسد أقال محافظ درعا (فيصل كلثوم) استجابة لمطالب مواطني المحافظة. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المصادر أن الإقالة جاءت على خلفية مطالب كان وجهاء وأهالي درعا طالبوا بها السلطات السورية، نظرا لارتكابه أخطاء قاتلة في التعامل مع الاحتجاجات التي تشهدها محافظة درعا .
وتقدم الأهالي بمجموعة مطالب إلى اللجنة التي شكلتها القيادة السورية لمحاسبة المسؤولين، من بينها محاسبة المسؤولين المحليين، ورفع سقف الحريات العامة، وإطلاق سراح المعتقلين، وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، وإنهاء حالة الطوارئ المستمرة في البلاد منذ 48 عاما.
تنديد غربي
وفي هذا السياق، نددت فرنسا مجدداً يوم الإثنين على لسان وزارة الخارجية بـ"أعمال العنف" التي وقعت في سوريا ضد المتظاهرين، وطالبت بالإفراج عن كل الذين اعتقلوا لمشاركتهم في حركة الاحتجاج.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو خلال مؤتمر صحافي إن "فرنسا تدين أعمال العنف التي أدت إلى العديد من القتلى والجرحى بين المتظاهرين المتجمعين الجمعة والسبت والأحد في درعا"، مضيفاً أن:"فرنسا تدعو السلطات السورية إلى الإفراج عن جميع المعتقلين الذين شاركوا في تظاهرات بسبب آرائهم أو ما قاموا به لمصلحة الدفاع عن حقوق الإنسان".
من جهتها، دعت الولايات المتحدة الحكومة السورية الأربعاء 16 مارس، إلى ضبط النفس و"الامتناع عن أي عنف" بعد تفريق تظاهرة لعائلات معتقلين سياسيين في دمشق واعتقال عدد من المتظاهرين. وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية "نحن قلقون حيال المعلومات التي تحدثت عن إصابة متظاهرين واعتقالهم في سوريا".وشدد تونر على وجوب الاعتراف بـ "حقوق" المواطنين السوريين.
وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان، قد نددت باستخدام السلطات السورية للقوة المفرطة الذي أدى إلى مقتل خمسة من المتظاهرين في المدينة خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وجاء في بيان صادر عن المنظمة أن "على سورية التوقف عن استخدام الرصاص الحي والأشكال الأخرى من القوة المفرطة ضد المتظاهرين".
ونقل البيان عن مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، سارة ليا وايتسون، قولها: "لم تظهر الحكومة السورية أي إحساس بوخز الضمير حيال قتل مواطنيها بسبب مجاهرتهم بآرائهم". وأضافت: "لقد أظهر السوريون شجاعة لا تُصدَّق عبر التجرّؤ على التظاهر علنا ضد واحدة من أكثر الحكومات قمعا في المنطقة، وما كان يتعيَّن عليهم أن يدفعوا أرواحهم ثمنا لذلك".
بيان المنظمة هذا صدر بالتزامن مع خروج المتظاهرين الأحد لليوم الثالث على التوالي، إذ أضرموا النيران في عدة مبان حكومية. وقال شهود عيان إن من بين المباني التي أُضرمت فيها النيران مقر حزب البعث الحاكم، والقصر العدلي، وفرعي شركة هاتف خليوي مملوكة لرجل أعمال قريب للرئيس بشار الأسد.
وكانت الصدامات العنيفة بين المتظاهرين والشرطة في درعا يوم الجمعة الماضي 18 مارس، قد خلَّفت أربعة قتلى على الأقل.
اعتقالات جديدة
في سياق متصل، تحدث "المرصد السوري لحقوق الإنسان" يوم الإثنين21 مارس الجاري، عن اعتقالات جديدة. وقال في بيان تلقت "يونايتد برس إنترناشيونال" نسخة منه إن الأجهزة الأمنية في مدينة بانياس الساحلية، اعتقلت السبت كلا من الصحافي والكاتب محمود ديبو، ومصطفى الأعسر، وحسان خدام، وذلك بعد تظاهرة جرت في المدينة يوم الجمعة 18 مارس.
وتحدث المرصد عن اعتقال 11 شخصا في دمشق خلال تظاهرة الجامع الأموي يوم الجمعة الماضي أيضا. وقال إن أجهزة الأمن في ريف دمشق اعتقلت قبل 10 أيام أربعة طلاب في الصف الحادي عشر، على خلفية كتابتهم شعارات على الجدران، "وأخرجتهم مكبلي الأيدي من صفوف دراستهم". كما أشار المرصد إلى اعتقال 3 أشخاص في مدينة حلب أحدهم يوم 6 فبراير الماضي والبقية يوم السبت الماضي. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن يوم السبت 19 مارس أن عائلات الناشطين السياسيين ستتوجه إلى وزير الداخلية سعيد سمور لمناشدته الإفراج عنهم.
وتعود الأحداث التي تشهدها سوريا عندما دعت مواقع تابعة لجماعات معارضة سورية، إلى الخروج في احتجاجات ضمن ما يُعرف بـ"جمعة الغضب" في يوم الجمعة 18 مارس. وتمكنت صفحة على موقع فيسبوك تحمل عنوان "الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011" من جمع حوالي 40 ألف مشارك حتى ظهر يوم الثلاثاء.
ودعا المنظمون السوريين إلى التجاوب مع هذه الدعوة لتظاهرات "سلمية في كل المدن السورية وكندا وأميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واستراليا" في الخامس عشر من مارس للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وأكد القيمون على الصفحة أنهم لا ينتمون لأي جهة سياسية وأنهم "مجرد حقوقيين وناشطين سوريين في داخل سوريا وفي أوروبا".
وكانت مجموعة لم تكشف عن هويتها قد دعت من قبل على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إلى التظاهر بعد صلاة الجمعة في الرابع من فبراير الماضي في كافة المدن السورية ضد "أسلوب الحكم الفردي والفساد والاستبداد".
ساحة النقاش