تتوقع مصادر المجلس الوطني الليبي والثوار أن تقوم قوات دولية بتوجيه ضربات، خلال ساعات، لـ«تقليم أظافر» قوات العقيد الليبي معمر القذافي التي واصلت تدمير مدن يسيطر عليها الثوار في ليبيا، حيث جرت أكبر المعارك أمس في مصراتة. ورغم قول وزير الخارجية الليبي موسى كوسا إن بلاده ليبيا أعلنت وقفا لإطلاق النار في البلاد لحماية المدنيين والإذعان للقرار الذي أصدرته الأمم المتحدة الليلة قبل الماضية بشأن الحظر الجوي فوق بلاده، إلا أن كتائب القذافي وأبنائه واصلت الهجوم بشكل عنيف على الكثير من المحاور في المدن الشرقية والغربية من العاصمة طرابلس.
وأوقعت هذه المعارك العشرات من القتلى ومئات الجرحى واعتقال عدد آخر من الثوار الذين يطالبون منذ يوم 17 من الشهر الماضي بإسقاط حكم القذافي، فيما قالت مصادر الثوار إنهم تمكنوا من صد عشرات الهجمات وقتل وأسر عدد من جنود القذافي والاستيلاء على آليات عسكرية.
وقالت مصادر الثوار في مصراتة الواقعة على بعد نحو 220 كلم إلى الشرق من العاصمة الليبية طرابلس إن عدد القتلى في تزايد، بعد أن قتلت قوات القذافي 4 وجرحت 70 أمس خلال قصفها للمدينة بالدبابات والأسلحة الثقيلة، منذ الساعات الأولى من صباح أمس من جانب مقر الكلية الجوية القريب من المدينة. وباستخدام الترغيب والترهيب حاولت القوات التابعة للقذافي إخضاع المدينة لسلطاتها بأي طريقة، بما فيها عروض بالاستسلام مع العفو عن المسلحين، وهو ما رفضه الثوار.
وحاولت كتائب القذافي حول مصراتة فصل المناطق الواقعة غرب الطريق عن باقي مناطق المدينة الواقعة شرق الطريق الساحلي. وذلك بعد أن انتشرت قوات الكتائب بكثافة من ناحية الطريق الساحلي، بعد اقتحام عدة منازل ونشر للقناصة على أسطحها، واحتجاز ساكنيها كدروع بشرية، لكن الثوار نصبوا عدة أكمنة، قال محمد حمودة من قيادات ثورة 17 فبراير إن الثوار تمكنوا من خلالها أن يصدوا تقدم قوات القذافي وإيقاع خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، إضافة إلى احتجاز ما لا يقل عن عشرين من الأسرى من قوات القذافي والاستيلاء على غنائم من حاملات الجند والآليات العسكرية والأسلحة المتنوعة.
وفي وقت لاحق من يوم أمس نقل موقع «ليبيا جيل» المستقل أخبارا قال إنها «مؤكدة» عن تقهقر قوات القذافي على أعقابها.. «بعد أن تصدى لها الثوار جهة المدخل الغربي للمدينة، حيث استطاع الثوار إعطاب 4 آليات على الأقل»، وتحدث عن «وجود عدد من القتلى والأسرى والجرحى في صفوف قوات القذافي، وما زال الثوار يطاردون فلول القوات التي تحاول الفرار، ومنها عدد من الجنود يحاصرهم الثوار في منطقة القوشي». و«سقوط 4 شهداء في صفوف الثوار».
وفي بداية الليلة الماضية، ورغم انقطاع اتصالات الهواتف المحمولة عن مصراتة، أبلغت مصادر في المدينة «الشرق الأوسط» بوقوع هجوم جديد مع حلول الظلام من قوات القذافي وأن الثوار خسروا 5 من أنصارهم سقطوا قتلى بعد أن تمكنوا من رد الهجوم العنيف والثالث من نوعه منذ صباح أمس، وجرى تدمير عدة آليات وأسر جنود ومرتزقة.
وتحدثت المصادر، ومنها مركز ليبيا للمعلومات، وهو مركز مستقل، عن معارك طاحنة حول مدينة إجدابيا الواقعة جنوب بنغازي بنحو 160 كلم، حيث تمكن الثوار من صد هجوم كتائب خميس القذافي، وطرد فلولها إلى الجنوب من المدينة، بعد أن كانت محاصرة في شرق المدينة. وقالت المصادر إن قوات القذافي وهي تتراجع قامت بقصف عشوائي للكثير من المرافق في المدينة منها محطات الكهرباء والمياه وغيرها.
وقال إبراهيم عميش مسؤول الدائرة السياسية بالتحالف الوطني الليبي (المعارض) لـ«الشرق الأوسط» إن القذافي استخدم أمس الدبابات والقصف بالقوات البرية ضد المدن على نطاق واسع. وتجددت المواجهات في المناطق الغربية من طرابلس والمعروفة باسم مناطق الجبل الغربي، في نالوت ويفرن. وبعد أن قامت طيلة الليلة قبل الماضية بقصفها بالطائرات تلقت قوات القذافي ضربة في مدينة نالوت التي تقع على بعد نحو 50 كلم عن الحدود مع تونس. وقالت المصادر إن طائرات القذافي شاركت في قصف المدينة قبيل صدور قرار مجلس الأمن بحظر الطيران فوق ليبيا، وإن قوات الثوار تمكنت في صباح اليوم التالي من قتل عدد كبير من قوات الكتائب التابعة للقذافي وأسر عشرات منها، رغم القوات البرية الكبيرة التي حشدتها قوات القذافي التابعة لكتيبة خميس وكتيبة الخويلدي وكتيبة سحبان.
وأضاف الصحافي المحلي في الجبل الغربي، جمعة الحبوبي، أن قوات القذافي البرية قامت أولا، ومنذ الفجر، بمهاجمة نالوت، وأن أهالي المدينة من الثوار ردوا على قوات القذافي وأسروا ما لا يقل عن 10 من الجنود والضباط، ورغم قلة تسليح الثوار وافتقارهم إلى أي مقومات عسكرية في مواجهة جحافل القذافي، إلا أنهم مع ذلك تمكنوا من صد الهجوم، وأن المعارك أسفرت عن جرحى وقتلى لم يعرف عددهم على وجه الدقة.. (العدد ما بين 7 و8 قتلى من الجانبين. يوجد دمار كبير ونحتاج لإغاثة عاجلة).
وتعرضت مدينة يفرن للقصف الكثيف والعنيف من قوات القذافي، وأفادت مصادر من المدينة أن هذه القوات تمكنت من اعتقال عدد من الثوار وترحيلهم إلى العاصمة طرابلس.
يأتي هذا القصف الواسع للكثير من المناطق في ليبيا من جانب كتائب القذافي، في ظل تضارب تصريحات القيادات الليبية من المسؤولين الحكوميين ومن أبناء القذافي. وتواصل الهجوم على المدن رغم إعلان موسى كوسا أن ليبيا قررت إعلان وقف فوري لإطلاق النار ووقف فوري لكل العمليات العسكرية. وصرح عضو المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي شكله الثوار في بنغازي، خالد السايح، بأن القوات الموالية للقذافي ما زالت تهاجم الثوار رغم إعلان القذافي وقف إطلاق النار. ونقل راديو «أوروبا 1» الفرنسي عن السايح قوله إن نظام القذافي لم يتوقف للحظة عن مهاجمة الشعب الليبي، مشيرا إلى أنه ما زال يطلق النار على المدن المحاصرة، موضحا أن قوات القذافي ما زالت تقصف بالطائرات مدن «زنتان» و«مصراتة» و«إجدابيا».
ورغم عرض كوسا لوقف إطلاق النار الذي لم يحدث أمس، نقل تلفزيون قناة «الجزيرة» عن سيف الإسلام نجل القذافي قوله في اليوم نفسه إن الجيش الليبي سيطوق بنغازي لكنه لن يدخلها بينما ستدخل قوات مكافحة الإرهاب المدينة لنزع سلاح المعارضة التي تسيطر على بنغازي.
كما نقل تلفزيون «العربية» عن سيف الإسلام أمس أن ليبيا لا تخاف من قرار مجلس الأمن الذي سمح بتوجيه ضربات عسكرية لحماية المدنيين الليبيين.
وعقب القرار الذي أصدره مجلس الأمن الليلة قبل الماضية بفرض حظر جوي فوق ليبيا أظهرت لقطات تلفزيونية مباشرة من مدينة بنغازي معقل الثوار آلاف المحتجين وهم يهتفون ويطلقون الألعاب النارية احتفالا بالقرار، ويلوحون بعلم الاستقلال الليبي وأعلام عدة دول أخرى منها مصر وتونس وفرنسا التي يعتقد الثوار أنها وقفت بقوة إلى جانب صدور قرار الحظر الجوي من مجلس الأمن. وردد المحتشدون هتافات منها «هيه عليه النار كلاته.. وقفنا له طياراته»، و«ون تو ثري.. شكرا ساركوزي».
كما انتقلت الاحتفالات من ليل الخميس حتى أمس إلى جميع المدن الليبية الواقعة تحت يد الثوار إضافة إلى مدن أخرى ما زالت تحت سيطرة القذافي، حيث عمت الاحتفالات المدن الشرقية ومدن الجبل الغربي وفي بعض الأحياء في طرابلس.
ساحة النقاش