يبذل الزعيم الليبي معمر القذافي جهودا كبيرة للتشبث بكرسي الحكم، ويركز على خطورة انهيار الاوضاع في ليبيا على استقرار منطقة البحر الابيض المتوسط ودول اوروبا على وجه الخصوص، وسلاحه في هذا الصدد اجهزة الاعلام الدولية التي يحاول توظيفها لايصال هذه الرسالة.
آخر لقاءات العقيد القذافي التلفزيونية كانت مع محطة التلفزيون التركية 'تي.آر.تي' المقربة من الحزب الحاكم في انقرة، وتطرق فيها باسهاب الى هذه المسألة، وقال 'اذا انتهى الاستقرار في ليبيا فسينتقل المهاجرون السود الافارقة بالملايين الى ايطاليا وفرنسا، وستصبح كلها سوداء في مدة قليلة'. وجدد اتهام تنظيم 'القاعدة' بتجنيد الليبيين، الامر الذي سيشكل تهديدا لاوروبا واستقرار المنطقة باسرها.
تهديدات العقيد القذافي هذه تنطوي على بعض الصحة في جانبها المتعلق بالهجرة غير الشرعية على الاقل، لان لبلاده شواطئ على البحر المتوسط تمتد لحوالي 1800 كيلومتر، بعضها مهجور تماما ولا يخضع للرقابة الامنية، ولكن ما لا يدركه العقيد الليبي ان تلويحه بمثل هذه الاوراق قد يعطي نتائج عكسية من حيث تسريع، بل وربما تبرير، اي تدخل عسكري اجنبي للاطاحة بنظامه.
فالخطوات التي تبذلها دول اوروبية اعضاء في حلف الناتو، مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا، تتسارع من اجل فرض حظر جوي على ليبيا لحرمان القوات الموالية له من استخدام السلاح الجوي في قصف الثوار الذين يطالبون باسقاط نظامه الديكتاتوري، وتوفير الحماية للمدنيين في المدن الواقعة تحت سيطرتهم.
صحيح ان القوات الموالية للعقيد القذافي حققت بعض النجاحات في ميادين المعارك من حيث استعادة بعض المدن والبلدات، واخراج الثوار منها بفضل تفوقها في التسليح والعتاد، واستخدامها الطائرات العمودية في عمليات الهجوم والمطاردة، ولكن الصحيح ايضا ان مثل هذه النجاحات ستزيد من الضغوط على الحكومات الغربية للتسريع بالتدخل من حيث فرض مناطق حظر جوي، او ارسال امدادات عسكرية للثوار، خاصة ان هذه الحكومات باشرت فعليا في اجراء اتصالات معهم للتعرف على احتياجاتهم العسكرية.
النظام الليبي يترنح، وفرص بقائه في الحكم تتضاءل يوما بعد يوم، ولكن اي تدخل عسكري اجنبي ربما يلحق اضرارا كبيرة بالثورة المضادة لحكمه من حيث تصويرها كأداة للغرب، والولايات المتحدة الامريكية بالذات، للسيطرة على ليبيا وثرواتها النفطية. فالعقيد الليبي بدأ حملة تشويه مسعورة ضد المجلس الوطني الذي يمثل المعارضة الليبية من حيث اتهامه واعضاءه بالخيانة العظمى والارتباط بمشاريع الاستعمار الجديد في المنطقة.
الازمة الليبية تتعقد اكثر يوما بعد يوم، وعامل الوقت يعمل لصالح العقيد الليبي للأسف الشديد، فقد بدا نظامه، ورغم الضربات المتلاحقة والعزلة الدولية اكثر ثقة بالنفس، وعاود الاتصال بالعالم الخارجي لكسب اصدقائه القدامى ومحاولة استغلال ورقة النفط لاستمالة قوى عظمى مثل الصين وروسيا، وهذا ما يفسر قلق الدول الغربية من احتمال لعب المصالح الاقتصادية دورا كبيرا في دفع البلدين، اي الصين وروسيا، باستخدام 'الفيتو' ضد اي قرار في مجلس الامن الدولي لاقامة مناطق حظر جوي في ليبيا.
النظام الليبي نظام ديكتاتوري قمعي فاسد سيطر على ليبيا ومقدراتها، وأذل شعبها، طوال الاربعين عاما الماضية، والتخلص منه يجب ان يكون مسؤولية الشعب الليبي، تماما مثلما حدث في كل من مصر وتونس، وهناك طرق عديدة لمساعدة هذا الشعب لانجاز هذه المهمة ليس من بينها حتما اقامة مناطق الحظر الجوي.
المصدر: القدس العربي
نشرت فى 10 مارس 2011
بواسطة Khaled-now
Yes we are here نَعم نحن هُنا
نحن صفحة إخبارية تعمل على مدار الساعة تهتم باخبار العرب من المُحيط الى الخليج...فمرحباً بكل العرب.. تاريخ تأسيس الصفحة : 5 مارس 2011 مُديرالصفحة : خالد عويضة »
أخبار من المُحيط الى الخليج
كل الأخبار
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
214,451
ساحة النقاش