ذكرت مصادر دبلوماسية غربية المعلومات الصحافية المتداولة في أكثر من بلد عربي حول احتمال قيام إسرائيل بشن حرب على سورية ولبنان ليست بعيدة عن المعطيات والمعلومات التي توافرت لعاصمة أوروبية قامت بعملية استقصاء مكثفة بواسطة جهاز مخابراتها الخارجي وسفارتها بتل أبيب وعبر دبلوماسييها في واشنطن منذ الجلسة التي عقدتها الحكومة الإسرائيلية في 20 شباط الماضي والتي عرضت للتقييمات المستقاة من أجهزة المخابرات الإسرائيلية حول مرحلة ما بعد مبارك و اندلاع الثورات في عدد من الدول العربية.
أكدت المصادر أن جولة رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأميرال مولن والزيارات المكثفة التي قام بها مسؤولون كبار في المخابرات الأميركية إلى تل أبيب تناولت إعداد تقييم استراتيجي مشترك للأوضاع العربية المستجدة.
نقلت المصادر لوكالة أخبار الشرق الجديد عناصر التقييم الاستراتيجي الأميركي الإسرائيلي للأحداث على النحو التالي:
أولا: يعتقد الإسرائيليون والأميركيون أن المخاض الذي تعيشه مصر بات محفوفا بالمخاطر لجهة مصير اتفاقية كامب ديفيد والشراكة مع السلطات المصرية في محاصرة قطاع غزة ومكافحة عمليات تهريب الأسلحة لصالح حماس والجهاد وخلص الأميركيون والإسرائيليون في حصيلة النقاش حول الوضع المصري أن هناك ستة أشهر من الوقت يجب استثمارها في الضغوط والتدخلات الأميركية الهادفة لترجيح معادلة مصرية تحفظ مواقع تأثير فاعلة للنفوذ الأميركي والإسرائيلي في السلطة المصرية الجديدة.
ثانيا: التقدير الإسرائيلي كان أكثر تشاؤما ويعتقد الإسرائيليون أن الثورات والاضطرابات الحاصلة في البلاد العربية تشكل خطرا جديا على الأمن الإسرائيلي ويرى قادة المخابرات الإسرائيليون أنه لا يمكن لجم صيحات القدس وفلسطين في ميادين التظاهر التي تجتاح العواصم العربية سوى بتوجيه ضربة عسكرية موجعة لكل من سورية وحزب الله ولحماس بالتالي، لأن ذلك من شأنه تغيير البيئة الإستراتيجية وإرغام السلطة المصرية الجديدة على تأكيد الالتزام بكامب ديفيد وكذلك الحؤول دون انهيار السلطة الفلسطينية التي لا يمكن ضمان حياتها لستة أشهر بعدما جرى في مصر وما يمكن أن يجري في الأردن وأثار الإسرائيليون موضوع احتمال أن يأخذ حزب الله زمام المبادرة بتنفيذ الانتقام الذي توعد به أمينه العام السيد حسن نصرالله ردا على اغتيال القيادي عماد مغنية ويخشى الإسرائيليون ردا مؤلما لا يمكن معه تفادي الذهاب إلى الحرب قياسا على إبطال عملية تفجير المجمع الاستهلاكي في حيفا والتي كانت ستودي لو نجحت بحياة ما لا يقل عن 3000 إسرائيلي أو إذا كان الرد تصفية قيادي إسرائيلي كبير .
ثالثا: التفاهم الأميركي الإسرائيلي على تخزين الأسلحة والذخائر اللازمة للقيام بضربة وقائية أخذ طريقه إلى التنفيذ خلال السنة الماضية تتويجا مناورات المشتركة و مذكرات التفاهم الإستراتيجية بين الجيشين الأميركي و الإسرائيلي ولكن الأميرال مولن أبلغ ايهود باراك بأن الولايات المتحدة ستزيد من حجم التخزين في المستودعات المشتركة مع الجيش الإسرائيلي لضرورات الوضع الجديد.
رابعا: النقطة المتفاهم عليها بين الأميركيين والإسرائيليين هي ضرورة أن تشمل الحرب سورية و تنطلق منها لأنهم يجدون في الموقع السوري العقدة الإستراتيجية الأخطر التي تمد بالقوة كلا من حزب الله وحماس والجهاد ويعتقد الإسرائيليون أنه لولا الدور السوري لما أمكن لإيران أن تترجم قدراتها وإمكانياتها على خط الصراع مع إسرائيل ومن هنا فقد نظروا بقلق شديد إلى زيارة البارجتين الإيرانيتين للسواحل السورية خصوصا وقد أفادت هيئة الأركان الأميركية بأن أنظمة القيادة في البارجتين تتصل بنظام الصواريخ الإيراني بعيد المدى.
خامسا: يجد الأميركيون والإسرائيليون معا في حصيلة تقدير الموقف أنه بالأصل سيكون من الصعب تلافي اشتعال الجبهة السورية حتى لو حصر الإسرائيليون ضرباتهم بقطاع غزة أو بحزب الله في لبنان لأن عملية الربط الإستراتيجية التي ظهرت منذ أكثر من سنة بين كل من إيران وسورية وحركات المقاومة في المنطقة أنشأت وضعا جديدا يلزم قيادات الأركان في واشنطن وتل أبيب بأن تبني حساباتها على فرضية الحرب مع سورية وتقول المصادر الدبلوماسية الغربية أن القيادة الإسرائيلية تفضل بدء العمل العسكري بهجوم مفاجئ على سورية يحقق لإسرائيل مكاسب الضربة الأولى قبل أن تدخل الجبهتان اللبنانية والفلسطينية على الخط.
سادسا: يشكل من وجهة نظر الأميركيين صدور القرار الظني في المدى المنظور ودعم قوى 14 آذار مساهمة أميركية كبيرة في تكوين ميزان قوى يناسب الإسرائيليين وقرارهم بشن الحرب بحيث توضع دفعة واحدة جميع العناصر المعول عليها لمحاصرة حزب الله وإضعافه والطعن بمشروعيته وهذا ما يمثل في اعتقاد الإسرائيليين تصحيحا للخلل الذي أحاط بحرب تموز 2006.
ساحة النقاش