<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:5.0pt; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:5.0pt; mso-para-margin-left:1.0cm; text-align:justify; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;} </style> <![endif]-->

لم تكن هناك علاقة بين مصر وأمريكا قبل الحرب العالمية الثانية إلا من بعض الأنشطة التبشيرية في منتصف القرن التاسع عشر وتوج بإنشاء الجامعة الأمريكية بالقاهرة، كانت خصومتنا التاريخية مع الإنجليز، وبعد الحرب العالمية الثانية أخذت أمريكا تبحث لها عن دور لها في المنطقة العربية لتستبدل الهيمنة البريطانية بالهيمنة الأمريكية.

وكلما أبدينا الرضا والرغبة في السلام كلما زادت سطوة العدو وزدنا هوانا عليه، فكانت حرب الخليج هي البروفة الأولى التي تعلن خطر الحرب بين دول العالم، أمريكا تدعي أنها تحمي القانون الدولي، ولم يعد من الممكن إقناع أحد غير السذج الذين خدعتهم وسائل الإعلام بأن تلك الحرب لم تكن للبترول الذي يمثل كل تنمية في الغرب، وتم الإعتراف بالهدف الحقيقي وهو تدمير قوة العراق، الدولة الوحيدة في دول العالم الثالث التي قد تملك الوسيلة لمنع الغرب وإسرائيل من تحقيق الهيمنة على المنطقة العربية، لقد كانت حرب استعمارية حقيقية ([1]).

كتب الزعيم البرازيلي لولا قائلا: الحرب العالمية الثالثة بدأت بالفعل، إنها حرب صامتة ولكنها ليست أقل رعبا، فبدلا من موت الجنود يموت الأطفال جوعا، وبدلا من ملايين المصابين هناك ملايين العاطلين، وبدلا من تدمير الجسور تغلق المدارس والمستشفيات والمصانع، إنها الحرب التي أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد دول القارة الجنوبية ودول العالم الثالث.

تكشف إحصاءات الشرطة الأمريكية في نيويورك أن كل ثلاث ساعات هناك سيدة تغتصب، وكل ساعتين رجل يقتل، وكل ثلاثين ثانية هجوم ينفذ، ونسبة انتحار وإدمان المراهقين في أمريكا أكبر نسبة في العالم ([2])، هذه الثقافة الغير إنسانية تصدر إلى العالم كله من خلال الأفلام الأمريكية، والقوانين الأمريكية التي تصنع في منظمة الأمم المتحدة، ليتم تصديرها إلى العالم الإسلامي بصفة خاصة، بحجة الحرية والديمقراطية، والسياسة الإستعمارية هي أن تفعل ما يفعله الآخرون.

وجاء حادث 11 سبتمبر عام 2001 ليمثل صفعة على وجه أمريكا التي ظلت تنقل معاركها خارج الأرض الأمريكية، ولكن هذا الحدث الذي لا يعرف مرتكبيه حتى الآن، أتى بأمريكا إلى الأرض بعد أن ظنت أنها تعيش في السماء وأصبح داخل أمريكا أرضا للمعركة، وقبل التحقيق في سبب الحادث ومعرفة مرتكبيه، نسبت السياسة الأمريكية المتغطرسة مرتكبي الحادث إلى كل المسلمين، بل نسب إلى الإسلام نفسه وهو منه براء.

وبعد الحادث بأيام قليلة، قامت أمريكا في السابع من أكتوبر عام2001 باحتلال أفغانستان بلا أي مبرر للعدوان إلا للدفاع عن الأمن الداخلي لأمريكا بإعتبار أنها سيدة العالم، وعن طريق إعلامهم الخبيث أقنعت العالم أن الأمن الداخلي لأمريكا تجري صيانته في أفغانستان عبر المحيطات والصحاري والجبال، وصارت الكرة الأرضية كلها ضامنة للأمن الداخلي الأمريكي([3]).

والأهداف التي تطمح لها الولايات المتحدة وضعت قبل أحداث 11 سبتمبر، أن تنشئ لها قواعد في وسط آسيا في أفغانستان جنوب روسيا وغرب الصين وفي وسط المنطقة الملاصقة للهند وباكستان وإيران وجمهوريات آسيا الإسلامية، كما أنشأت لها من قبل موطئ قدم في البلقان في أحداث الصرب، وكما رسخت وجودها في الخليج العربي بعد حرب العراق عام 1991م.

إننا أصبحنا نسير وفق الشرعية الأمريكية، وسقف مطالبنا يهبط ويهبط حتى أصبح الخطر الأكبر على وعينا وإدراكنا، لا يمكن أن نطالب بحقوقنا في إطار الشرعية التي يروجها المعتدون-كما فعل مبارك ونظامه أثناء الثورة المصرية حين ادعوا أن الدستور لا يمكن تعديله إلا بوجود الرئيس نفسه على رأس الدولة، ونسي أن هذا الدستور يعطي الشرعية للشعب الذي يستمد الرئيس ونظامه شرعيته منه – وأهم الواجبات في المرحلة القادمة هي تحرير وعينا وإدراكنا مما يسمى بالشرعية الأمريكية.

إننا نعاني من الضغوط الإقتصادية والسياسية والتغلغل البشري الأجنبي من رجال الأعمال ومنظمات حقوق الإنسان بحجة حماية الأقليات المسيحية التي لم تنعم بالحرية إلا في ظل الإسلام، وإذا أعطوا لأنفسهم الحق بالتدخل في شئوننا الداخلية فلنا نفس الحق بفرض إرادتنا عليهم لحماية الأقليات المسلمة في أوروبا وأمريكا وغيرها، وإلا فالأقليات المسيحية في بلادنا شأن داخلي لا يجب أن يخضع لأي إبتزاز.

أصبحنا تبعا للتاريخ الأمريكي، أما الآن وبعد الثورة المصرية في 25 يناير عام 2011م يجب أن نتمسك باستقلال إدراكنا التاريخي وحقنا في أن يكون لنا تاريخنا وأحداثنا، لابد لمصر أن تضع تاريخا جديدا فهي صانعة التاريخ، هذا التاريخ يجب أن يعيد التوازنات بين العالم العربي والغرب، يجب أن تعرف أمريكا والكيان الصهيوني أن مصر شعبا وحكومة لن تسمح بتهديد أمنها القومي ولن نسمح بسياسة الخنوع والتبعية التي اتبعها النظام السابق، وسنحترم تعهداتنا الدولية بما يكفل لنا الأمن الداخلي والخارجي لكل منطقتنا العربية والإسلامية

ومفتاح السياسة الخارجية للدول الإسلامية هو التمكين للدعوة من الانتشار، وهذا يقتضي أمرين: الأول وجود جيش إسلامي قوي منظم في وقت السلم والحرب على السواء، وأن يكون هدف المسلمين في كل وقت هو حماية الدعوة والوقوف في وجه من يتعرض لها، والثاني صد أي عدوان خارجي على حدود الدولة الإسلامية، وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حارب الروم حين استعدوا بجيوشهم للاعتداء على الدولة الإسلامية فخرج إلى تبوك لحربهم.

فإذا كان هناك حرب بين دولة إسلامية وأخرى غير إسلامية فلا معنى للحياد على الإطلاق، يكفي الإعتداء على دولة إسلامية لتتضافر كل القوى الإسلامية لدفعه، لكن الدول الإسلامية قد تخلت عن مسئولياتها تجاه احتلال أمريكا للعراق وأفغانستان وكان يجب عليها نصرة الدولتين المسلمتين.

أما إذا كانت الحرب بين دولتين مسلمتين فالحياد لا يجوز أيضا بل يجب التدخل العسكري ولكن بعد استنفاد جميع الوسائل الممكنة لفض النزاع بالطرق السلمية كالوساطة والتحكيم والقضاء ونحوها (وقد أخطأ العرب عندما استعانوا بعدوهم في حالة اعتداء العراق على الكويت عام 1990، والنتيجة تحررت الكويت من العراق مع بقاء القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج العربي حتى الآن، وبعدها تم احتلال العراق في عام 2003).

والآن وبعد الثورات العربية الدائرة على الأرض يجب أن يعيد العالم العربي والإسلامي أولوياته، فلابد أن يتم تحرير كل الأرض المسلمة المغتصبة بدءا من تحرير فلسطين ثم العراق وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين بوحدة عربية إسلامية.

وما نراه من تحد صارخ من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للمواثيق الدولية دليل على ضعف العالم الإسلامي رغم أن الحق معه ولابد له من الدفاع عن هذا الحق طبقا للإتفاقيات الدولية الموقع عليها، ومثال لهذا التحدي هو اغتيال أسامة بن لادن على أرض باكستان المسلمة دون الرجوع إلى الدولة وهذا اعتداء واضح على سيادة دولة عضو بالأمم المتحدة.

أمريكا طوال السنوات الماضية جعلت من أسامة بن لادن أسطورة العدو الذي احتفظت به لحشد التأييد الدولي للتصرفات الإجرامية التي ترتكبها في أفغانستان والعراق ولذلك يجب أن تحاكم عليها أمام المحكمة الجنائية الدولية لأن القانون الدولي لا يسمح بإغتيال أو قتل أي شخص،  كما يجب أن تلجأ باكستان للأمم المتحدة وللمحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة أمريكا على جريمة انتهاك سيادتها.

تساءل ناعوم تشومسكي البروفيسور الأمريكي وأستاذ اللغويات بعد حادث اغتيال أسامة بن لادن قائلا: ماذا ستكون ردّة فعلنا نحن الأمريكان إذا ما قامت بعض قوات الكوماندوز العراقية بالإغارة على منزل جورج دبليو بوش واغتياله وألقوا بجثته في المحيط الأطلنطي، وأشار إلى أنه: لا يختلف أحد أن جرائم بوش قد تتجاوز ما قام به ابن لادن، بالإضافة إلى أن بوش ليس مشتبهًا به، بل إنّه صاحب القرار بارتكاب أفظع الجرائم الدوليّة سواء في أفغانستان أو العراق التي تختلف عن بقية الجرائم في كونها تحتوي على مجموع الشرّ المتراكم، مئات الآلاف من القتلى، ملايين اللاجئين، تدمير البلاد، والصراع الطائفي المُرّ الذي انتشر الآن في بقيّة منطقة الشرق الأوسط.

هذه شهادة واحد من اليهود الأمريكان، فهل يقولها استخفافا بالمسلمين وأنهم لا يستطيعون اتخاذ رد فعل تجاه هذا العدوان أم أنه يحرض مسلمي باكستان والعراق على بعض العمليات الإرهابية ضد المصالح الأمريكية في العالم، أظن أن العالم الإسلامي لديه الكثير من ردود الأفعال الموضوعية تجاه تلك الممارسات الأمريكية، وأهمها عدم السماح بالتدخل في الشئون الداخلية للبلاد بحجة الديمقراطية وحقوق الإنسان التي انتهكتها أمريكا في وضح النهار على مرأى ومسمع من العالم أجمع، وهناك سلاح المقاطعة للبضائع الأمريكية التي يمكن الإستغناء عنها إما بتوفير بديل وإن كان أكثر تكلفة أو أقل جودة أو تصنيع هذا المنتج محليا، وغير ذلك كثير.

إذا كانت أمريكا تضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية مع أنها تلزم الجميع بإحترام القانون الدولي فعلى الدول العربية والإسلامية المشتركة في المنظمات الدولية إما أن تنسحب من تلك المنظمات وتنشئ المنظمات الخاصة بها والتي تكون بمثابة قانون دولي إسلامي يحكم الدول الأعضاء ومن أراد أن ينضم إلى هذه المنظمات من غير الدول الإسلامية فلا مانع بشرط الإلتزام بقوانينها المستقاة من الشريعة الإسلامية التي من أهدافها إقامة العدل مع المسلمين وغير المسلمين، قال تعالى: "لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى".

وإما أن تقوم شعوب الدول العربية والإسلامية بثورة سلمية لإسقاط المنظمات الدولية التي لا تحترم فيها أمريكا والغرب تعهداتها وقوانينها المنظمة للعلاقة بين تلك الدول كما حدث في العراق وأفغانستان وباكستان وغيرها، على المجتمع الدولي الآن أن يعترف بحق الشعوب في الحرية والعدل وحقوق الإنسان.

مهندسة/ سحر زكي

[1]  روجيه جارودي: كيف صنعنا القرن العشرين – ترجمة ليلى حافظ-ص28 (1420هـ - 2000م)

[2]  روجيه جارودي: كيف صنعنا القرن العشرين – ترجمة ليلى حافظ-ص28 (1420هـ - 2000م)

[3]  المستشار طارق البشري: العرب في مواجهة العدوان – ص 57 (1423هـ - 2002م)

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 291 مشاهدة
نشرت فى 25 سبتمبر 2012 بواسطة IslamyyaMisr

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

25,332

اسلمى يا مصر

IslamyyaMisr
مصر وطن حضارته تسبق التاريخ ولم يذل ولم يهزم إلا على أيدي الطغاة الذين باعوا الوطن بقصر في شرم الشيخ وآخر في باريس. وقد قام الشعب المصري بثورته المباركة في 25 يناير 2011 ليثور على هؤلاء الطغاة، وقد سقط الطاغية الأكبر إلا أن أذنابه لم تسقط بعد، ونقول اسلمي يا »