بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين

وبعــــــــــــــــــــد

فقد أولى الإسلام الأسرة منزلة سامية رفيعة حيث جعلها الأساس لإخراج الإنسان الذي هو ملك لهذا الكون وسيد فيه وكل شيء مسخر لأجله.

والأسرة في الإسلام هي تلك الكوكبة المكونة من الوالدين والأولاد والأجداد والأحفاد والأقارب وربما يقتصر الوصف على الأسرة حينما نتكلم عن الوالدين والأولاد فحسب.

وعلى كل فللأسرة دور قد أُنيط بها وهي المسؤولية<!-- التربوية للأسرة في الإسلام ؛ لأهميتها فالصغير ينشأ بين أحضان الأسرة فيتعلم من الأبوين ويرث من الأجداد ويورث للأولاد والأحفاد وبعد ذلك حيث ترعاه الأسرة وتنميه وتغذيه بدنياً وفكرياً وروحياً فالأسرة إما تكون جسراً للخير وإما أن تكون جسراً للشر؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه<!--"؛ولهذا وغيره من الأسباب اهتم الإسلام بالأسرة سواء كانت أفراداً مجتمعين أم اهتم بها كأفراد كل حدة.

ولقد بدأ الاهتمام بالأسرة في الإسلام قبل تكوينها فأمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الرجال أن يختاروا من النساء الدين وأن لاينخدعوا بمال ولا بجمال ولا جاه فكل هذا زائل ويبقي الدين فقط فقد قال صلى الله عليه وسلم :

    "تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"<!--.

فأمره أن يختار النواة الصالحة حتى تتكون منها أسرة صالحة في نفسها نافعة لوطنها ولبنى جنسها.

والمرأة الصالحة هي مِشعل النور ومِشعل الحب والوئام وهى مدرسة إذا أحسن إعدادها أخرجت أجيالاً تقود الدنيا بأسرها وتبنى الحضارات ورجالها.

 

وقد قال حافظ <!--إبراهيم رحمه الله تعالى :

                     القصيدة لحافظ إبراهيم وهذا هومطلعها وشيء منها:

كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي *** في حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ
إِنّي لَأَحمِلُ في هَواكِ صَبابَةً *** يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ
لَهفي عَلَيكِ مَتى أَراكِ طَليقَةً *** يَحمي كَريمَ حِماكِ شَعبٌ راقي
كَلِفٌ بِمَحمودِ الخِلالِ مُتَيَّمٌ*** بِالبَذلِ بَينَ يَدَيكِ وَالإِنفاقِ
إِنّي لَتُطرِبُني الخِلالُ كَريمَةً *** طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقي
وَتَهُزُّني ذِكرى المُروءَةِ وَالنَدى *** بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ المُشتاقِ
...

مَن لي بِتَربِيَةِ النِساءِ فَإِنَّها*** في الشَرقِ عِلَّةُ ذَلِكَ الإِخفاقِ
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها *** أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَه الحَيا*** بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا        ***         بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ    

هذا وقد أمر الإسلام بالمعروف لتلك الزوجة حتى تطمئن وتركز كل طاقاتها في تربية الأجيال الذين سيحملون على عواتقهم آمال أمتهم.

وللأسرة مسؤوليات في كل الجوانب الإنسانية التي تتعلق بالحياة فهي مسؤوليات متكاملة ومتضافرة وهي تراعي أحوال الأفراد وتنمي قدراتهم في جميع المجالات وتراعى إنسانية الفرد فلا تتعامل على أنه جماد بل على أنه إنسان ذو غريزة وشهوة وروح وعقل وجسد وحب السيطرة والتملك والسعي إلى السمو وعلى نقيض ذلك هناك صفات سلبية تنشأ من البيئة المحيطة بالفرد يجب على الأسرة التخلص منها.

ولو ألقينا نظرة عابرة على الفلسفات الأخرى للأسرة فإننا نجدها نظرة سطحية لا تكاد تتجاوز عملية إيجاد الأولاد ثم لتنشأ بما يوافق فلسفة المجتمع ولا تهتم بالجوانب الروحية ولا العقلية كشرب الخمر أو المُخَدِّرات بل تعتبرها شخصية.

وكذلك لا تهم الأسرة في الفلسفات الأخرى بمسالة الأعراض وسلامة النسب والطهر والعفاف بل هذه الأمور عندهم شبه منعدمة ،وأمر العبادة مُفتقَد عندهم فالولد يعبد ما شاء وينتمي إلى ما يشاء غير الملة التي نشأ عليها.

فالأسرة في الفلسفات الأخرى تنظر لإيجاد مواطن فاعل صالح بينما في الإسلام النظرة أشمل وهي السعي إلى إيجاد إنسان صالح في نفسه نافع لغيره منضبطاً بوحي ربه سبحانه وتعالى.

فالأم لا ترضع وليدها غذاءً جسدياً وفقط بل ترضعه غذاءً روحياً وعاطفياً وتنقل إليه الأحاسيس و الشعور والعُرف وطريقة الإنسانية لديها؛ ولهذا في الأماكن التي لا تهتم بهذا الأمر نجد أن الأولاد يكبرون بغرائز مختلفة ولا تجمعهم صلة بل ولربما كان الشقاق والخلاف أكثر من الوئام والوفاق بينما في الأسرة التي تحتضن أولادها فان الأبناء ينشئون على مبادئ وقائية.

ومسؤوليات الأسرة متعددة ومنها :

أولاً:مسؤولية الأسرة الإيمانية والدينية: الأبناء أمانة عند والديهم وهم الذين يتسببون في إيمانهم أو كفرهم كما سبق في الحديث<!-- :( ولكن أبواه يهودانه أو يتصرانة او يمجسانه ).

ولقد اهتمت الأسرة في الإسلام بتلقين مبادئ العقيدة للصغار فعند الولادة يؤذن للصغير في أذانه اليمني ويقام في الأذن اليسري ويبدأ بالفتح عليه بكلمة التوحيد (لا إله إلا الله ).

ثم لما يبدأ الكلام يتدرج في تعويده على المصطلحات العقيدة المتعلقة بالخالق أو بالرسول صلى الله عليه وسلم أو مبادئ الغيبيات وكذلك تعليمه المراقبة لله تعالى والصبر والتوكل عليه مع التعرف على أمور الحلال والحرام بما يناسب عقولهم ثم تعويدهم على حب الله تعالى وحب الرسول صلى الله عليه وسلم وتعليمهم سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام رضي الله عنهم أجمعين وتعليمه شيئاً من القرآن الكريم والسنة المطهرة .

وللوالدين مسئوليه عظمى تبرز منها أربعة أمور:

أولها : الإرشاد إلى قدرة الله المعجزة .

ثانيها: غرس حب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم في قلوبهم .

ثالثها: زرع التقوى والعبودية فيهم منذ صغرهم .

رابعاً:غرس روح المراقبة لله تعالى في غيبة الناس والوالد والوالدة كما هو مأمور بحفظ نفسه من الوقوع في النار والهلاك هو مأمور أيضاً برعاية أهله وأولاده كما قال تعالى :

(يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة )<!-- .

 

ثانياً :المسؤولية التربوية :وهي تشمل التربية الصحيحة على آداب الإسلام وأخلاقه وتعليم الصغار ما ينفعهم وتحذيرهم من الأخلاق الذميمة وأظهر الصفات التي تنتشر بين الصغار من الأخلاق السيئة مايلي :

               1 –   ظاهرة الكذب .                         2 –    ظاهرة السرقة       .               

               3 –   ظاهرة السباب والشتائم  .           4 -     ظاهرة الميوعة والانحلال  .

               5 –   ظاهرة التمرد  .                        6     ظاهرة حب التملك  .

               7 –     ظاهرة الكبر والاستعلاء.           8 –    ظاهرة تشبه الجنس بغيره نظراً للتأثر بالبيئات الساقطة .

ثالثاً : المسؤلية الجسمية الصحية :وهي مسئولية هامة وضرورية جداً فالصغير إن أُهمل منذ صغره فإن ذلك سيؤثر على فكره وتفكيره وفي بعض الأحيان سيؤدي إلى تدميره فلتحرص الأسرة على التحرز من الأمراض المُعدية ولتبعد الصغار عن ذلك مع وجوب التداوي إن حدث مرض وتعويد الصغار على حب الرياضة وتحذيرهم ممافيه ضرر بالنسبة لأبدانهم أو عقولهم ويتمثل ذلك بالبعد عن :            

           أ –    أصدقاء السوء.

          ب –   أماكن الفساد والشر .

           ج –    غلق منافذ الفتنة والفاحشة .

           د –    تحريم شرب الخمور والمُخَدِّرات والمُفَتِّرات .

          هـ -    تحريم إيذاء الجسم كالوشم .

 

رابعاً :المسؤولية الاجتماعية :فالإسلام يؤكد على صلة الأرحام ومساعدة الآخرين واحترام الوالدين ومراعاة المحتاجين من الأقارب خاصة ثم الأقرب فالأقرب كالجيران والأصدقاء.          

خامساً :المسؤلية العقلية :حيث جعل الإسلام كل ما يُذهب العقل مُحرَّماً وكذلك من مسئولية الأسرة إجبار أبنائها على مواصلة التعليم والاهتمام ببدء التعليم من مرحلة الطفولة للذكور والإناث .

سادساً :المسؤولية الاقتصادية :فالأسرة ترعى الطفل اقتصادياً وأفضل إنفاق الرجل على أهل بيته فيرى ما يحتاج إليه أبناؤه من الأمور الحياتية والعلاجية كما يدعو كل من الأب والأم أبناءَهما إلى تعود الاقتصاد والادخار وأهمية التدبير مع تحذيرهم من السرقة ومن التبذير والإسراف وإهدار الأموال العامة أو الخاصة مع تعويدهم على ترشيد الاستهلاك .  

سابعاً :المسؤلية النفسية : وهي لها أهمية خاصة ؛ لأن نفسية الطفل الصغير إن اضطربت وهو صغير فستؤثر عليه سلباً مع كبره فينبغي مراعاة نفسية الصغير وإذا حدث شجار بين الوالدين فلا يكون أمام الصغار حتى لا يفقد ثقته في الوالدين (عن طريق المنهج الخفي<!--)ولا تحدث له صدمات نفسية أو عقد نفسية تجاه أمور معينة وكذلك مراعاة شعور الصغار وتعويدهم على الجرأة مع الأدب والشعور بالنقص أو التكبر أو الحسد أو سرعة الغضب أو النقد ،وهذا

ثامناً :المسؤولية الخُلُقية :حيث إن الأسرة مكان آمن لتعلم الأخلاق حتى يكون الأفراد أسوياء ؛لأن الطفل الصغير  

         كالصفحة البيضاء فالأسرة تعمل على غرس التقوى والأخوة والرحمة والعفو والحياء والجرأة مع مراعاة حق الله

         تعالى وحق رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكذلك مراعاة حق القرآن الكريم وحق الوالدين وحق الأخوة وحق 

         الجار وحق الإِخوة وحق الرفيق وحق الكبير وحُسن التعامل مع الآخرين مع التأكد على آداب الإسلام كآداب

         السلام واللباس وآداب اليوم والليلة وأذكار الصباح والمساء مع آدأب الاستئذان وآداب المجلس وآداب الحديث وآداب عيادة المريض وآداب الطعام والعُطاس والتثاؤب ؛فلهذا وغيرة كانت نظرة الأسرة في الإسلام ومسؤولياتها في الإسلام ذات شمولية وتكامل ؛ لأنها تتناول جميع الجوانب الإنسانية بخلاف غيرها من الفلسفات فإن كل فلسفة تدعو إلى مفاهيم معين ماركسية كانت أم اقتصادية أم اجتماعية أم فسيولوجية ... أما في الشريعة الإسلامية المحمدية الغراء فإن مسئولية الأسرة تشمل كل ذلك . 

 

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين كلما ذكره الذاكرون أو غفل عن ذكره الغافلون.

جمعه

أبو حمزة

محمود داود دسوقي خطابي

        

        

         

        

 

 

<!--[if !supportFootnotes]-->

<!--[endif]-->

<!--[if !supportFootnotes]-->[1]</spa

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 186 مشاهدة
نشرت فى 5 يناير 2015 بواسطة Islamisright

ساحة النقاش

محمود داود دسوقي خطابي

Islamisright
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

271,712