السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 وبعد فهذه مقدمات وممهدات عشرة  و200 سؤال حول كتاب التوحيد الذي هو حق الله تعالى على البعبيد للإمام محمد بن عبد الوهَّاب (ت 1206هـ رحمه الله تعالى) وهما مدخل إلى حاشية على كتاب التوحيد .

 

 

الحمد لله منزل القرآن للمؤمنين شرعة ومنهاجاً ، رب العالمين وهاديهم إليه فضلاً منه لا احتياجاً ، مكرمهم برؤيته U يوم القيامة ؛ ليزدادوا سروراً وابتهاجاً ، و نشكره على نعمه التي غمرتنا جماعات وأفراداً ،و نستعينه و نستهديه ونستغفره على زلل فعلناه جهلاً وتقصيراً لا اعتقاداً ،و نصلى ونسلم على من اصطفاه ربه فأدناه منه اقتراباً ، سيِّدنا محمدٍ r الذي أرسله ربه بنور للخلق سبيلاً ورشاداً فكان هادياً للعالمين وسراجاً وهاجاً فبلَّغ دينه وأبان للخلق الإسلام علماً وقولاً وعملاً واعتقاداً وعلى آله وصحبه وتابعيهم كلما ذكر الله الذاكرون صباحاً ومساءً وهِجاداً .

                                    أمـــا بعــــد  

فإنه مما لا شك فيه أن علم التوحيد من أوجب العلوم التي يجب على المسلم أن يتعلمه ، وهو أول ما يجب على المكلف معرفته ؛لأن  له تعلقاً بربه خالقه I ، فلهذا كان أول الواجبات وأوجبها تعلماً وتعليماً ومعايشة إنما هو علم التوحيد الذي هو حق الله تعالى على العبيد ... وقد أكثر العلماء رحمهم الله تعالى من التأليف فيه تارة شعراً و أخرى نثراً و مرة على هيئة جواب أو شرح أو تعليق أو حواشٍ أو ... وإن لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب المتوفى سنة ( 1206 هـ ) رحمه الله تعالى اليدُ الطُّولى في التأليف في علم التوحيد: بحثاً و تأصيلاً وتقعيداً و تبسيطاً لكتب العلماء السابقين من أهل السنة و الجماعة رحمهم الله تعالى أجمعين .

هذا وإن أسمى ما يتركه أهل العلم خَلْفَهم  إنما هو العلم النافع الذي يُنتفع به والذي سيكون لهم زاداً يوم المعاد وقد قال الله تعالى في مُحْكم التنزيل وهو أصدق القائلين سبحانه وتعالى : {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ *وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }الزلزلة7-8و ثَبَتَ في مسند الإمام أحمد وصحيح الإمام مسلم و أهل السنن الأربعة عَنْ  أَبي  هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ».

و لهذا فترك العلم أفضل من العبادة وهو المخلد لذكره بأمر الله تعالى  ؛ لأن  فضل وثواب العلم متعدٍّ لغيره والعبادة فضلها وثوابها قاصر عليه وحده كما قال الإمام ابن الجوزي[1] رحمه الله تعالى :" فإذا علم الإنسان ـ و إن بالغ في الجد ـ بأن الموت يقطعه عن العمل ، عمل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته  فإن كان له شيء من الدنيا وقف وقفاً ، و غرس غرساً ، و أجرى نهراً ، و يسعى في تحصيل ذرية تذكر الله بعده ، فيكون الأجر له  أو أن يصنف كتاباً من العلم ، فإن تصنيف العالم ولده المخلد  و أن يكون عاملاً بالخير ، عالماً فيه ، فينقل من فعله ما يقتدي الغير به".انتهى.

ولقد صدق الشاعر[2] إذ قال: 

 وما من كاتب إلا سيفنى *** ويبقى الدَّهْرَ ما كتبتْ يداهُ

فلا تكتب بكفِّك غير شَيْ ... ءٍ يَسرُّك في القِيامة أن تَراهُ   

ومن باب  المساهمة في فعل الخيرات كتبتُ حاشية[3] و200 سؤال حول كتاب التوحيد الذي هو حق الله تعالى على العبيدلشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب رحمه الله تعالى وقد قدمتُ  لها بـ " توطئة و تهيئة " وجعلتُ في ثنايا الحاشية وبعدها  200 سؤال [4] حول كتاب التوحيد .

و قد أكثر العلماء رحمهم الله تعالى من الشرح والتعليق على هذا الكتاب المبارك؛ لصدق نية مؤلفه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب رحمه الله تعالى نحسبه كذلك ولا نزكي على الله تعالى أحداً.

ومن هذا  المنطلق أحببتُ التشرف بالسير حول خُطا أولئك الأعلام والتشرف بخدمة هذا المتن المبارك:كتاب التوحيد :فكتبتُ هذه الحاشية وتلكم الأسئلة وأتبعت المقدمة بتمهيد وتوطئة وتهيئة مدارها على عشرة أمور تتعلق بالكتاب ومؤلفه رحمه الله تعالى. وإنما تحلو العبارات ويجمل التعبير بجمال المقصود منه كما قال ابن الأحنف[5]:

          يكون أُجاجاً قَبْلكم[6] فإذا انتهى ... إليكم تلقَّى طِيبَكُمْ فَيَطِيبُ

وسيكون ذلك من خلال الآتي :

1-              تَمْهيـــــــــــدٌ.

2-              ذِكر متن التوحيد في أول الكتاب ثم أذكر- إن شاء الله تعالى  - المتن وما يتعلق به وما يُستفاد منه مع ذكر الأسئلة كما سبق بيانه.

3-              ترجمة موجزة للأعلام الوارد ذكرهم في متن كتاب التوحيد .

4-              إيضاح بعض المعاني أو العبارات التي فيها بعض الإغلاق.

5-              الاقتصار في الاستدلال على الأحاديث والآثار الثابتة الصحيحة والتي حكم عليها أهل العلم من المتقدمين أو من المتأخرين ممن يُعتد بأقوالهم.

6-              السير بنظام المنهج المتكامل المترابط بين فروع الشريعة الغراء واللغة والعلوم الإنسانية.

وسَمَّيْتُهُ :"حاشية و200 سؤال حول كتاب التوحيد" الذي هو حق الله تعالى على العبيدلشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب رحمه الله تعالى .

سائلاً الله تعالى أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم و أن لا يجعل فيها شيئاً لأحد من المخلوقين ،و أن يجعلها مفتاحاً لفهم توحيد رب العالمين .آمين .

  فإن كان صواباً فمن الله وَحْدَهُ لا شريك له وإن كان غيرَ ذلك فمني ومن الشيطان والله سبحانه ورسوله r منه بَراء و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وتابعيهم علما ذكره الذاكرون أو غفل عن ذكره الغافلون.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تَمْهيـــــــــــــــــــــدٌ

 

رحم الله تعالى الإمام ابن القيم (المتوفى751 هـ) إذ يقول[7]: "  التوحيد الذي دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب وعليه الثواب والعقاب والشرائع كلها تفاصيله وحقوقه وهو توحيد الإلهية والعبادة وهو الذي لا سعادة للنفوس إلا بالقيام به علماً وعملاً وحالاً وهو أن يكون الله وحده أحب إلى العبد من كل ما سواه وأخوف عنده من كل ما سواه وأرجى له من كل ما سواه فيعبده بمعاني الحب والخوف والرجاء بما يحبه هو ويرضاه وهو ما شرعه على لسان رسوله لا بما يريده العبد ويهواه وتلخيص ذلك في كلمتين: إِيَّاكَ أُريدُ بما تُريدُ فالأولى توحيد وإخلاص والثانية اتباع للسنة وتحكيم للآمر  " .انتهى. وقال أيضاً[8]:"الطريق كلها في هاتين الكلمتين وهي معنى قولهم الطريق في إِيَّاكَ أُريدُ بما تُريدُ فجمع المراد في واحد والإرادة في مراده الذي يحبه ويرضاه فإلى هذا دعت الرسل من أولهم إلى آخرهم وإليه شخص العاملون وتوجه المتوجهون وكل الأحوال والمقامات من أولها إلى آخرها مندرجة في ضمن ذلك ومن ثمراته وموجباته .

 فالعبودية تجمع كمال الحب في كمال الذل وكمال الانقياد لمراضي المحبوب وأوامره فهي الغاية التي ليس فوقها غاية وإذا لم يكن إلى القيام بحقيقتها كما يجب سبيل فالتوبة هي المعول والآخية وقد عرفت بهذا وبغيره أن الحاجة إليها في النهاية أشد من الحاجة إليها في البداية ولولا تنسم روحها لحال اليأس بين ابن الماء والطين وبين الوصول إلى رب العالمين هذا لو قام بما ينبغي عليه أن يقوم به لسيده من حقوقه فكيف والغفلة والتقصير والتفريط والتهاون وإيثار حظوظه في كثير من الأوقات على حقوق ربه لا يكاد يتخلص منها ولا سيما السالك على درب الفناء والجمع لأن ربه يطالبه بالعبودية ونفسه تطالبه بالجمع والفناء ولو حقق النظر مع نفسه وحاسبها حسابا صحيحا لتبين له أن حظه يريد ولذته يطلب نعم كل أحد يطلب ذلك لكن الشأن في الفرق بين من صار حظه نفس مرضاة الله ومحابه أحبت ذلك نفسه أو كرهته وبين من حظه ما يريد من ربه فالأول حظه مراد ربه الديني الشرعي منه وهذا حظه مراده من ربه وبالله التوفيق ".انتهى.

وهذا ما قرره شيخُه شيخُ الإسلام الإمامُ ابن تيميَّة  رحمه الله تعالى في سائر كتبه ومنها[9] قوله رحمه الله تعالى : " وبالجملة فمعنا أصلان عظيمان :أحدهما أن لا نعبد إلا الله والثانى أن لا نعبده إلا بما شرع لا نعبده بعبادة مبتدعة

 وهذان الأصلان هما تحقيق شهادة أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ   وأن محمداً رسول الله " .انتهى.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

(( تــوطــئة و تـهيــئة ))

وهي عبارة عن تعريفات و ممهدات وسيدور الكلام فيها من خلال عشرة أمور وهي:

·       الأمر الأول:- التوحيد وأقسامه الثلاثة:-

في بداية الأمر كان سيِّدُنا محمد r يُعَلِّمُ أصحابه رضي الله عنهم الدين الإسلامي : كتاباً وسنة و مما ساعدهم على الفهم بعد توفيق الله تعالى لغتهم الفصحى و لكنهم كانوا يتفاوتون في الفهم تبعاً لحُسْن اعتقادهم والذي نشأ عنه فروق فردية في الفهم و النظر و الاستيعاب ، و قد بوب الإمام البخاري[10] رحمه الله تعالى باباً بعنوان :

 (( باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا )) هذا وقد أشار إلى ذلك شيخ الإسلام أحمد بن تيميَّة[11] (المتوفى 728هـ رحمه الله تعالى) بقوله : " النبي r كان يخاطب الناس على منبره بكلام واحد يسمعه كل أحد لكن الناس يتفاضلون في فهم الكلام بحسب ما يخص الله تعالى به كل واحد منهم من قوة الفهم وحسن العقيدة". انتهى. وقال الإمام أبوالفرج بن الجوزي[12](المتوفى597هـ  رحمه الله تعالى): " ما أكثر تفاوت الناس في الفهوم ، حتى العلماء يتفاوتون التفاوت الكثير في الأصول و الفروع "،وقال[13] أيضاً: " من أضر الأشياء على العوام كلام المتأولين ، و النفاة للصفات" ،وقال[14]:" و بعد هذا فالتحقيق مع العوام صعب ، و لا يكادون ينتفعون بمر الحق إلا أن الواعظ مأمور بألا يتعدى الصواب ، و لا يتعرض لما يفسدهم ، بل يجذبهم إلى ما يصلح بألطف وجه ، و هذا يحتاج إلى صناعة ، فإن من العوام من يعجبه حسن اللفظ ، و منهم من يعجبه الإشارة ، و منهم من ينقاد ببيت من الشعر .

و أحوج الناس إلى البلاغة الواعظ ليجمع مطالبهم ، لكنه ينبغي أن ينظر في اللازم الواجب ، و أن يعطيهم من المباح في اللفظ ، قدر الملح في الطعام ، ثم يجتذبهم إلى العزائم ، و يعرفهم الطريق الحق .

و قد حضر أحمد بن حنبل ، فسمع كلام الحارث المحاسبي فبكى ، ثم قال :[لا يعجبني الحضور ]،و إنما بكى لأن الحال أوجبت البكاء" .انتهى.

،ويؤكد هذا المعنى ما رواه الإمام البخاري في صحيحة عن علي t  أنه قال : ((وَقَالَ عَلِيٌّ حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ))،وبما ثَبَتَ في صحيح الإمام مسلم عن ابن مسعود t  :(( مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لاَ تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلاَّ كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً)).

 

 فتعلم التوحيد كان بمثابة الشجرة والأحكام الشرعية بمثابة الفروع كما في قوله أيضاً :"[15] فالكلمة الطيبة في قلوب المؤمنين وهي العقيدة الإيمانية التوحيدية كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء فأصل أصول الإيمان ثابت في قلب المؤمن كثبات أصل الشجرة الطيبة وفرعها في السماء { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ }فاطر/10والله سبحانه مثل الكلمة الطيبة أي كلمة التوحيد بشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء   ".انتهى.

فحينما يعلمهم الرسول rفقد كانوا يفهمون أن هذا متعلق بالتفسير و ذاك بالفقه و هذا بالمعتقد...      و هكذا.

 ولما ازدادتبحمد الله تعالى – الفتوحات الإسلامية ودخل الناس في دين الله تعالى أفواجاً من العجم و المولدين حتاج الناس إلى جعل الشريعة الإسلامية تنقسم إلى علوم متعددة من : الفقه و التفسير و الحديث و التوحيد  " العقيدة " و الأخلاق و السيرة و ... شأنها كشأن سائر العلوم العربية وغيرها ... ومن هنا نشأ علم التوحيد " العقيدة " كعلم مستقل بذاته وقد تتبع العلماء – رحمهم الله تعالى – بالاستقراء و القراءة الإحصائية فوجدوا أن هناك أدلة  لها تعلق بالذات العلية : ذات الله – تبارك و تعالى – من أسماء وصفات و أفعال فأطلقوا عليها توحيد الأسماء و الصفات .

كما وجدوا أن هناك أدلة متعلقة بأفعال الله – تعالى – لخلقه من الإحياء والإماتة و الرزق والحفظ و ... فأطلقوا عليها توحيد الربوبية = فعل الرب للعبيد  .

 

           الإيمان بربوبية الله                                           

 

 

 

 

 

 

 

 

 


     ووجدوا أيضاً أن هناك أدلة تتعلق بأفعال المكلفين نحو رب العالمينعز وجل – فأطلقوا عليها : توحيد الألوهية = فعل العبد للرب .

 

 

 

 

                                         

 

 

 

 

 

 

 

 

 


الإيمان بألوهية الله تعالى

 

ومن هنا كان علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة يشمل الأنواع الثلاثة : توحيد الأسماء و الصفات وتوحيد الربوبية و توحيد الألوهية .

هذا وقد سار على ذلك المسلمون تطبيقاً عملياً إلى أن كثر اللبس في العامة والتلبيس من الخاصة وعلماء السوء وأهل الشبهات والشهوات فصاغها بعض علمائنا من أهل السنة بعبارات مختصرة فصيحة بأسلوب رقراق...وقد أكثر من ذكر ذلك الإمام أحمد بن تيميَّة(ت728هـ رحمه الله تعالى)في مصنفاته.

[فائدة]:

***في القرآن الكريم إشارات[16] إلى ذلك مثل قوله تعالى: { رّبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} مريم/65 .

  قلتُ:*** وفي السنة الشريفة المطهرة  إشارة إلى ذلك كما في صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ[وليس له في صحيح البخاري إلا هذا الحديث] عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ إِذَا قَالَ حِينَ يُمْسِي فَمَاتَ دَخَلَ الْجَنَّةَ أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِذَا قَالَ حِينَ يُصْبِحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ مِثْلَهُ.

 

·       الأمر الثاني:- كتاب التوحيد والألوهية:

كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب رحمه الله تعالى يتعلق بالنوع الثاني وهو : توحيد الألوهية وفي ثنايا إشارة إلى أمور عقدية عديدة 0

·       الأمر الثالث:- نُبذة[17] ترجمة لمؤلف الكتاب:

هوشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب رحمه الله تعالى ،"وهو علم يستغني عن كل وصف": أما شيخ الإسلام فهو لقب أطلقة العلماء على كل من حاز درجة عالية في العلم بالكتاب و السنة و الصلاح و ...

فشيخ الإسلام مجرد لقب شرفي وقد كان هذا اللقب في الخلافة العثمانية وقد ألمع الشيخ عبد الفتاح أبوغُدة[18] (المتوفى1417هـ رحمه الله تعالى) إلى ذلك بقوله : "أطلقه العلماء السابقون على كل من حاز درجة كبيرة عالية في العلم بالكتاب والسنة وفي الفضل والصلاح والقدوة وكان مرجع المسلمين في العلم وشؤون الدين وهو بهذا المعنى دار في كتب المُحَدثين والمؤرخين والرجال والتراجم " .انتهى.

وقال قبله العلامة الشيخ ابن بدران الدمشقي[19] (المتوفى 1342هـ رحمه الله تعالى)   " ومن اصطلاح الفقهاء التسمية بشيخ الإسلام ، وكان العرف فيما سلف أن هذا اللفظ يطلق على من تصدر للإفتاء ، وحل المشكلات فيما شجر بين الناس من النزاع والخصام من الفقهاء العظام والفضلاء الفخام كشيخ الإسلام أحمد بن تيميَّة الحراني وصاحب » المغني « وغيرهما .

وقال السخاوي : في كتابله سماه»: الجواهر  : « كان السلف يطلقون شيخ الإسلام على المتبع لكتاب اللّه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مع التبحر في العلوم من المعقول والمنقول . قال : وقد يوصف به من طال عمره في الإسلام فدخل في عداد من شاب في الإسلام كانت له نوراً ولم تكن هذه اللفظة مشهورة بين القدماء بعد الشيخين الصدِّيق والفاروق فإنه وردوصفهما بذلك ثم اشتهر به جماعة من علماء السلف حتى ابتذلت على رأس المائة الثامنةفوصف بها من لا يحصى وصارت لقباً لمن ولي القضاء الأكبر ولو عري عن العلم والسن ". هذاكلامه .
ثم صارت الآن لقباً لمن تولى منصب الفتوى ، وإن عري عن الدين والتقوى بل صارت الألقاب الضخمة للباس والزيوالعمائم والكبار ، والأكمام الواسعة والعلم عند الله.

وحيث أفضى بنا المقال إلى هذا البحث ، فلنذكر المبهمات ممن أطلق فيكتب الفقه فنقول : إن أصحابنا منذ عصر القاضي أبي يعلى[20] إلى أثناء المائةالثامنة يطلقون لفظ القاضي ويريدون به علامةزمانه"أ.هـ
 و أما شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب يرحمه الله تعالى – فهو الشيخ العلامة محمد بن عبد الوهَّاب بن سليمان المشرفي التميمي النجدي ، ولد سنة ( 1115 هـ ) ونشأ في بيت علم وفضل على مذهب الحنابلة فوالده كان فقهياً قاضياً وجده كان سيد علماء نجد ومفتيهم رحل إلى العراق لطلب العلم ورجع إلى بلده لينشر العلوم الشرعية بها 0

كان له شغف وتعلق بكتب شيخي الإسلام: ابن تيميَّة و ابن القيم – رحمهما الله تعالى - وكان لذلك أكبر الأثر في نشأته العلمية و الأثرية ، و كان هو في الفقه على مذهب الحنابلة وهو من متأخري الحنابلة؛ لقول العلامة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم[21]  (المتوفى 1392هـ  رحمه الله تعالى ):" المتقدمون من الإمام [ يعني : الإمامَ أحمدَ المتوفى سنة   ( 241 هـ ) رحمه الله تعالى ] 0

إلى القاضي أبي يَعْلَى ( المتوفى سنة 458 هـ رحمه الله تعالى ) ،والمتوسطون منه إلى المُوفَّق ( يعني الإمامَ ابنَ قُدامةَ صاحب المُغْني المتوفى سنة ( 620 هـ ) رحمه الله تعالى ، والمتأخرون من المُوفَّق إلى الآخر" 0 انتهى 0

ولشيخ الإسلام بعد الله – فضل في نشر التوحيد والقضاء على الشرك والبدعة في الجزيرة العربية خاصة وفي سائر البلاد عامة 0 رحم الله تعالى الجميع 0آمين.

وله مؤلفات أكثرها في التوحيد ( العقيدة ) أعظمها كتاب التوحيد الذي هو حق الله تعالى – على العبيد , كما أن له اختصاراً لزاد المعاد وله الكبائر وخطب الجمعة ورسائل في الفقه وله اختيارات فقهية متناثرة في حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع للشيخ ابن قاسم رحمه الله تعالى، وحاشية السلسبيل في معرفة الدليل:على زاد المستقنع للشيخ البليهي رحمه الله تعالى وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب رحمه الله تعالى من مجتهدي المذهب المنتسبين وليس مجتهداً مطلقاً كشيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله تعالى 0

ومن ألطف التراجم المختصرة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب رحمه الله تعالى ما ذكره العلامة الشيخ ابن قاسم[22] رحمه الله تعالى في مقدمة حاشيته على كتاب التوحيد إذ قال رحمه الله تعالى: "

 

 

هو الإمام العلامة الرباني، محيي السنة مجدد الدعوة، وحيد الزمان، بقية أكابر السلف، أبو علي شيخ الإسلام/ الشيخ محمد بن عبد الوهاب ابن الشيخ سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة الحنظلي التميمي. ولد سنة 1115 هـ. في بلدة العيينة من أرض نجد، وقرأ القرآن قبل بلوغه العشر.

وكان حاد الفهم سريع الإدراك، يتعجب أهله من فطنته وذكائه، أخذ عن والده وغيره، ثم رحل للتزود من طلب العلم، فأتى البصرة والحجاز مرارًا والأحساء وغيرها، وتضلع عن علماء تلك الأقطار، ومنهم: محمد حياة السندي المدني، والشيخ إسماعيل العجلوني، وعلي أفندي الداغستاني، والشيخ عبد الله بن إبراهيم النجدي ثم المدني، وغيرهم وأجازوه، وتنور وظهر له ما كان الناس عليه من الجهل بالتوحيد، وما وقعوا فيه من عبادة غير الله، وحج ووقف بالملتزم، وسأل الله أن يظهر هذا الدين بعد أن عفا بدعوته، وأن يرزقه القبول من الناس.

وقصد المدينة المنورة وحضر عند علمائها، وارتحل يريد الشام، وحصل له عائق لما اقتضته الحكمة الإلهية من ظهور هذا الدين في البلاد النجدية، فرجع إليها وقدم على والده في بلدة حريملاء، ودعا إلى السنة المحمدية، ثم ارتحل إلى العيينة، وأزال ما في الجبيلة وتلك الجهات من القباب والمساجد المبنية على قبور الصحابة وغيرها، ثم قدم الدرعية، وتلقاه الإمام محمد بن سعود وبادره بالقبول، فشمر في الدعوة إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة

وسائر شرائع الإسلام، والنهي عن الشرك بالله وسائر المحرمات، وأقام الله به علم الجهاد، وأدحض به شبه أهل الشرك والعناد، وجد الإمام في نصرته، وألبّ عليهم رؤساء العربان والبلدان، واستصرخوا عليهم بأهل نجران وأهل الحجاز وغيرهم فثبتهم الله ونصرهم على قلة منهم، وانتشر التوحيد، وعمرت به نجد بعد خرابها، واجتمعت بعد افتراقها، وكان لهم الغلبة والظهور.

وبالجملة فمحاسنه وفضائله أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، افتخرت به نجد على سائر الأمصار، وزها عصره على سائر الأعصار، وشهد له أهل عصره ومن بعدهم بالعلم وتجديد الدين، وتواتر الثناء عليه عن فضلائهم وأكابرهم.

قال العلامة الشيخ محمد بن علي الشوكاني قاضي صنعاء:

لقد أشرقت نجد بنور ضيائه

 

وقام مقامات الهدى بالدلائل

 

فما هو إلا قائم في زمانه

 

مقام نبي في إماتة باطل

وقال الشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني[23]:

وقد جاءت الأخبار عنه بأنه

 

يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي

وينشر جهرا ما طوى كل جاهل

 

ومبتدع منه فوافق ما عندي

ويعمر أركان الشريعة هادما

 

مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد

وقال الشيخ ملا عمران نزيل لنجة:

فأتاهم الشيخ المشار إليه بالنـ

 

صح المبين وبالكلام الجيد

يدعوهمو لله أن لا يعبدوا

 

إلا المهيمن ذا الجلال السرمدي

لا يشركوا ملكا ولا من مرسل

 

كلا ولا من صالح أو سيد

وقال عالم الأحساء الشيخ حسين بن غنام:

لقد رفع المولى به رتبة الهدى

 

بوقت به يعلى الضلال ويرفع

سقاه نمير الفهم مولاه فارتوى

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 155 مشاهدة
نشرت فى 16 ديسمبر 2011 بواسطة Islamisright

ساحة النقاش

محمود داود دسوقي خطابي

Islamisright
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

271,791