http://www.alukah.net/Sharia/0/21289/

مبحث و15 مسألة

في سجود السهو

مقدمة:

الحمد لله غافر الذنب والخَطِيئات، مُنزِل العفوِ عن تقصير خلقه وعجزهم في مُحكَم الآيَات، مُرسِل نبيِّه محمد - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بالهُدَى والرَّحمة ورفع الإصْرَ عن المخلوقات، فله الحمدُ ما ذكَرَه ذاكِر أو غَفَلَ عن ذكره كثيرٌ من المخلوقات، وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على سيِّدنا محمدٍ خيرِ البريَّات وأشرف الموجودات، وعلى آله وصحبه الأَماجِد النُّبلاء العُظَماء السَّادات.

 

أمَّا بعدُ:

فمن جميل نِعَمِ الله - تعالى - علينا أن شرَّفنا بكوننا له عابِدين، ولرضاه طالبين، ولسنَّة نبيِّه محمد - صلَّى الله عليْه وسلَّم - مُتَّبِعين، وعلى سنن الصالحين الموحِّدين سائِرِين.

 

هذا، وإن أجلَّ نعمة امتنَّ الله - تعالى - بها علينا أن أرسل إلينا سيدنا محمدًا - صلَّى الله عليْه وسلَّم – كما قال - تعالى -: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران: 164]، أرسَلَه - سبحانه - هادِيًا ومُبَشِّرًا ونَذِيرًا، مُزِيلاً به الإصْرَ الذي كان على الأقوام السابقة؛ كما قال - سبحانه - واصِفًا النبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [الأعراف: 157]؛ ولذلك وصَفَه - تعالى - بأنَّه رحمة للعالمين؛ إذ قال - سبحانه -: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، ووصَفَه بأنَّه رحمة للمؤمنين خاصَّة بقوله - تعالى -: ﴿وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾ [التوبة: 61]، وقد أخبَرَ النبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أصحابه - رضِي الله عنهم - بما امتنَّ الله - تعالى - به عليه من نعمة فقال: ((إنما أنا رحمة مهداة))[1]، ولقد شَمِلَ عفوُ الله - تعالى - وكرمه كلَّ مَن عَجَزَ عن شيءٍ أو قصَّر عنه؛ حيث أجاب الله - تعالى - دعاءَ أوليائِه لما حكى مطلبهم حين قالوا: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ [البقرة: 286]، قال - تعالى -: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 286]، ولقد كان الجواب قبل الرجاء والدعاء حيث قال الله - تعالى - في أوَّل هذه الآية الكريمة: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة : 286].

 

وقد بشَّرَ النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أصحابه - رضِي الله عنهم - والمؤمنين باستجابة الله - تعالى - لهذه الأدعِيَة فقد صحَّ[2] عنه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أن الله - تعالى - قال: "نعم"، وفي رواية[3]: "قد فعلت".

 

والآيات في هذا المعنى كثيرة وَفِيرة[4]، وهي دلالة على كمال سعة رحمة الله - تعالى - بخلقه المؤمنين الموحِّدين الطائِعين.

 

وقد نطقت السنَّة المطهَّرة[5] بما نطق به القرآن الكريم؛ منها: أن رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((إن الله - تعالى - تجاوَز لي عن أمَّتي الخطأ والنسيان وما استُكرِهوا عليه))[6].

 

وفي لفظ[7]: ((رُفِعَ عن أمَّتي...))، وفي لفظ[8]: ((وُضِعَ عن أمَّتي...)).

 

وهذا وغيره يدلُّ على سماحة ديننا العظيم وقد قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((أحبُّ الدِّين إلى الله الحنيفيَّة السَّمْحَة))[9].

 

وقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أيضًا: ((إن الدين يسرٌ))[10].

 

ومِنَن الله - تعالى - تَتْرَى ولا تُحصَى؛ ومن تلك المِنَن أنه تَجاوَز لنا عمَّا وقع مِنَّا من تقصير في العبادات عامَّة، وفي الصلاة على وجه الخصوص؛ حيث جعل لنا في سجدتي السهو[11] جَبْرًا لما حدث في الصلاة من خَلَلٍ؛ سواء كان زيادة أم نقصًا أم شكًّا، وهذا من رحمة الله - تعالى - بنا؛ لعلمه بما خلق، وأن هذا من طبيعة البشر، وهو من أقوى الأدلَّة على ربوبيته - تعالى - لأننا مَخلُوقون فينا عجز وتقصير، أمَّا الله - تعالى - فلا يُعجِزه شيءٌ ولا ينسى شيئًا - سبحانه وتعالى.

كما وصف الله - تعالى - نَفْسَهُ في كتابه الكريم قائلاً: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ [فاطر: 44]، وقال أيضًا حاكيًا قول موسى - عليه السلام -: ﴿قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾ [طه: 52]، وقد ثَبَتَ[12] أن رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال واصِفًا كمال رحمة الله - تعالى - بخلقه: ((وسكت عن أشياء من غير نسيان، فلا تبحثوا عنها)).

 

أمَّا ما يَتعلَّق بسجود السهو فهو ما يلي:



رابط الموضوع:

http://www.alukah.net/Sharia/0/21289/

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 175 مشاهدة
نشرت فى 14 يونيو 2011 بواسطة Islamisright

ساحة النقاش

محمود داود دسوقي خطابي

Islamisright
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

271,684