صفحات من علم أصول الفقه لفضيلة الشيخ محمد أبي زهرة

http://www.alukah.net/Sharia/0/22067/

صفحات من علم أصول الفقه

لفضيلة الشيخ محمد أبي زهرة

المتوفى سنة 1394هـ - 1974م

رحمه الله تعالى

 

المقدمة:

الحمد لله مُنزل القرآن، والبادئ بالإحسان، والعائد بالامتنان، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - خير ولد عدنان، وعلى آله وصحبه وتابعيهم في كل مكان وزمان.

 

أما بَعْدُ:

فقد منَّ الله - تعالى - علينا بمننٍ عظام، وآلاء جسام، أفضلُها بعثه إلينا سيِّدنا محمدًا - عليه الصلاة والسلام - الذي جاء بشريعة محمدية مَنْ حكَّمها صار عاليَ المقام، ولقد تنوعتْ إسهامات علماء المسلمين في نصرة هذه الشريعة المحمدية الغرَّاء، كلٌّ حسب تخصُّصه وفنه، بدْءًا من الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - ومرورًا بأئمة الإسلام، إلى أن يرث الله - تعالى - الأرض ومَن عليها، فكلٌّ أدلى بدلوه، سواء فيما له تعلُّق بالقرآن الكريم وعلومه، أو السنة المطهرة وعلومها، أو الفقه وأصوله، أو الدين وأصوله، أو اللغة... وهكذا، ومما تجدر الحاجة إليه علم أصول الفقه، سواء كان عالمًا أو مُتَعَلِّمًا.

 

أما العالِم،  فبه يستنبط الأحكام، ويوازن بين الأدلة، ويتعرَّف على مقاصد الشريعة والتشريع، مع مقارنة مناهج المتقدمين ومصادرهم ومواردهم، ولا يتجاوز مواطن الإجماع، ويُؤَصِّل ويُقَعِّد المسائل، على غرار ما ابتدأه الأوائلُ من الأئمة المتقدمين، فيجتهد كما اجتهدوا.

 

وأما طالبُ العلم، فيحتاج إلى علْم أصول الفقه؛ ليفهم مصطلحات الأئمة ومآخذهم، وأسباب الاجتماع أو الاختلاف، وليساعده على فَهم الشريعة، وليظهر له ما خفي عليه من خلال الاطلاع على دلالات الألفاظ والمصطلحات، فيكون علم أصول الفقه كقانون يفهم بمقاييسه أمور الشريعة المحمديَّة الغرَّاء، ويكون ذلك بالتقيُّد بالوحي المعصوم، الذي لا يأتيه الباطل مِن بين يديه ولا مِنْ خلفه، وقد كان للإمام الشافعي (ت 204 هـ) قَصَبُ السَّبْقِ والقَدَحُ المُعَلَّى في ذلك الفن؛ لكونه أول مَنْ ألَّفَ في أصول الفقه في كتابه الماتع: "الرسالة"[1]، كما ألمع إلى ذلك الإمامُ شرف الدين العِمْرِيطي[2] (ت حدود 890 هـ) بقوله:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَدْ أَظْهَرَا

عِلْمَ الأُصُولِ لِلْوَرَى وَأَشْهَرَا

عَلَى لِسَانِ الشَّافِعِي وَهَوَّنَا

فَهْوَ الَّذِي لَهُ ابْتِدَاءً دَوَّنَا

وقد أكْثَرَ العلماءُ المتقدِّمون والمتأخرون من التأليف في أصول الفقه بعد الإمام الشافعي - رحمهم الله تعالى أجمعين - وقد جعلتُ كتاب العلامة الشيخ محمد أبي زَهْرَة (ت 1974 م) الموسوم بـ: "أصول الفقه"، أصلاً لهذه الصفحات؛ لما لِمُؤلِّفِهِ من منزلةٍ علمية، وعلو شأنٍ في البحث والتحرِّي والإنصاف، وما كان مِنْ غَيْره فقد ييَّنْتُهُ وأحلتُ إليه.

 

واللهَ وَحْدَهُ أسألُ أن يجعلَه خالصًا لِوَجْهه الكريم، يَوْم لا ينْفع مالٌ ولا بنون، إلا مَنْ أتى الله بقلْبٍ سليم.

 

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبيِّه محمدٍ الأمين - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، كلما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون.

 

 

نشأة علم أصول الفقه:

نشأ علمُ أُصُول الفقه مع علْم الفقه، وإنْ كان الفقه قد دُوِّن قبله؛ لأنه حيث يكون فقهٌ يكون حتمًا منهاجٌ للاستنباط، وحيث كان المنهجُ يكون حتمًا لا محالة أصول الفقه.

 

فمِن عصْر الصحابة - رضي الله عنهم - كان بعضُهم ينْهج نهج الحُكْم بالمآل، والحكم بالذرائع، واستخدام قواعد النسْخ... فما كان فقهاء الصحابة - رضي الله عنهم - يقولون أقوالهم مِن غير قيد ضابط؛ بل كانوا يلتزمون في فتواهم مناهجَ، وإن لم يُصَرِّحوا في كل الأحوال بها؛ اكتفاءً بأن عصرهم عصْر فصاحة، وغالبًا السائل مثل المسؤول في الفصاحة، لكن هؤلاءِ فقهاء، وهؤلاء ليسوا كذلك، حتى إذا انتقلْنا إلى عصْر التابعين وجَدْنا الاستنباط يتَّسع؛ لكثرة الحوادث، ولعُكُوف طائفة من التابعين على الفتْوى، ومنهم من كان ينهج منهاج المصْلحة إن لَم يكن هناك نصٌّ، ومنهم مَن ينهج منْهاج القياس واسْتِخراج عِلَلِ الأقيسةِ وضبطها والتفريع عليها بتطْبيق تلك العِلل على الفُرُوع المختلفة.

 

فإذا تجاوَزْنا عصْر التابعين، وَوَصَلْنا إلى عصْر الأئمة المجتهدين، نجد أنَّ المناهج تَتَميَّز بشكلٍ أوضح، وهكذا إلى أن جاء الإمام محمد بن إدريس الشافعيُّ المُطَّلِبِيُّ، فدوَّن علم أصول الفقه، ورسم مناهج الاستنباط، وبَيَّنَ ينابيع الفقه، وَوَضَّح معالِم ذلك العلْم الجليل.

 

ذلك أنَّ الإمام الشافعي وجَد ثرْوةً فقهيَّة أثرتْ عمن قبله، ووجد هناك جدالاً بين أهل الرأي في العراق وأهل الأثر بالمدينة المنورة، وكان ذلك بطلب مِن عَصْرِيِّه الإمامِ عبدِالرحمنِ بنِ مَهْدِي (ت 198 هـ) "أن يضع له كتابًا فيه معاني القرآن، ويجمع قَبُول الأخبار، وحجة الإجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع له كتاب الرسالة"[3]؛ انتهى.

 

فهداه الله - تعالى - إلى وضع موازين يتبيَّن بها الخطأ من الصواب في الاجتهاد، فكانت تلك الموازين هي أصولَ الفقه.

 

ولا غرابة أن يكون وضع علم أصول الفقه بعد علم الفقه تدوينًا، فالنحو تأخَّر عن النطق بالفُصحى، وعلم العروض تأخر عن الشعر.

 

ولقد كانت منَّة من الله - تعالى - كبيرة على الإمام الشافعي؛ حيث آتاه الله - تعالى - علمًا دقيقًا باللغة العربية الفصحى، ونظمًا للشعر، وأوتي علم الفقه من أهله، وعلم الحديث كذلك، مع ما آتاه الله - تعالى - من الديانة التي شهد بها المُخالِف قبل الموافق، ورآه القاصي والداني، فرحمه الله - تعالى - وإيانا وسائر المسلمين بمنِّه وكرمه، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

أُصُول الفقه والفقه والقواعد الفقهيَّة:

هناك فرْق بين الفِقْه وأُصُول الفقه والقواعد الفقهيَّة:

أصول الفقه: "هي المناهج التي تَحُدُّ وتُبَيِّن الطريق الذي يلتزمه الفقيه في استخراج الأحكام من أدلتها، ويرتب الأدلة من حيث قوتُها: فيقدم القرآن على السنة، والسنة على القياس وسائر الأدلة التي لا تقوم على النصوص المباشرة.

 

أما الفقه، فهو استخراج الأحكام مع التقيُّد بهذه المناهِج[4]"؛ انتهى.

 

وإن مثل علم أصول الفقه بالنسبة للفقه كمثل علم النحو بالنسبة للنطق العربي والكتابة العربية، فهو ميزان يضبط القلم واللِّسان، ويمنعهما من الخطأ، كذلك علم أصول الفقه هو ميزان للعقل يضبطه، وهو بالنسبة للفقيه يضبطه ويمنعه من الخطأ في الاستنباط، ولأنه ميزان فإنه يتبيَّن به الاستنباط الصحيح من الاستنباط الباطل، كما يُعرف بالنحو الكلام الصحيح من الكلام غير الصحيح، هذا "ولا شك أن الفقه مستنِدٌ في تحقق وجوده إلى الأدلة: فهو كالغصن من الشجرة[5]"؛ انتهى.

 

وأما القواعد الفقهيَّة، فهي مجموعة من الأحكام المتشابهة التي ترجع إلى قياسٍ واحدٍ يجمعُها، أو إلى ضَبْطٍ فِقْهِيٍّ يربِطُها، كقواعد المِلكية في الشريعة، وكقواعد الضمان، وكقواعد الخيارات، فهي ثمرة للأحكام الفقهية الجزئية المتفرقة، يجتهد فقيه مستوعب للمسائل فيربط بين هذه الجزئيات المتفرقة برباط، وهو القاعدة التي تحكمها أو النظرية التي تجمعها، كما ترى في "قواعد الأحكام"؛ لعز الدين بن عبدالسلام الشافعي (ت 660 هـ)، وفي "الفروق"؛ للقَرَافِي المالكي (ت 684 هـ)، وفي "الأشباه والنظائر"؛ لابن نُجَيْم الحنفي (ت 970 هـ)، وفي "القوانين"؛ لابن جُزَيِّ المالكي (ت 741 هـ)، وفي "تبصرة الحُكَّام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام"؛ لابن فَرْحُون المالكي (ت 799 هـ)، وفي "قواعد ابن رجب الكبرى" (ت 795 هـ) ففيها ضَبْطٌ لأشتات المسائل المتفرعة للمذهب الحنبلي[6]"؛ انتهى.

 

فالقواعد الفقهية يصحُّ أن يُطلقَ عليها: "النظريَّات العامة للفقه الإسلامي"، وعلى ذلك فدراسة القواعد الفقهية من قَبِيل دراسة الفقه، لا من قَبِيل دراسة أصول الفقه.

 

ومِنْ هنا يتبين أنَّ "أصول الفقه يبحث في أدلَّة الفقه، وقواعد الفقه تبحث في مسائل الفقه، وليس لها علاقة إطلاقًا بالأدلة[7]"؛ انتهى.

 

الفقه أم أصول الفقه يقدم في الدراسة؟

بكلا القولين قالتْ طائفةٌ من العلماء، فبعضهم يُقدم دراسة الفقه على دراسة أصول الفقه، وهو الأفضل؛ وذلك لأسباب، منها:

ليس كل من يَدْرُسُ الفقه يُطلَب منه الاستنباط، أو تقعيد المسائل وتأصيلها.

الحاجة ماسَّة إلى دراسة الفقه أكثر منها بالنسبة لأُصُول الفقه.

كثير ممن يقرأ يريد معرفة المسائل الفقهية ولا يتطلَّع إلى الاجتهاد.

من العلماء من يُدَرِّسُ الفقه للتلاميذ وللناس، ويُفهم المقصود دون الحاجة إلى أصول الفقه.

مسائل الفقه واضحة بنفسها، أمَّا أصول الفقه فتحتاج إلى أمثلة من الفقه؛ حتى يتضح المقصود منها على وجه التمام والكمال.

المتعلم لو درس الفقه أولاً ثم ثنَّى بأصول الفقه، فإنه سيطبق على ما درسه في الأصول على أمثلة من جميع الأبواب الفقهية؛ بخلاف دارس الأصول أولاً، فإنه كلما أراد تطبيق مسألة فإنه سوف يفهم معناها وما تدل عليه أولاً، ثم يجعلها شاهدًا ومثالاً لمبحث أصول الفقه الذي هو بصَدد الكلام عنه.

 

ولقد قرر هذا المعنى الشيخ ابن عُثَيْمِين (ت 1421 هـ) بقوله:

"قال بعض العلماء: لا بل الفقه؛ لأن الإنسان يمكن أن يعرف الفقه دون أن يرجع إلى أصول الفقه؛ لأن أصول الفقه ليستْ تبحث في الفقه، لكن تبحث في أدلة الفقه، وحينئذٍ يُمكن للإنسان أن يعرف الفقه قبل أن يعرف أصول الفقه.

وهذا هو الذي عليه العمل الجاري من قديم الزمان، حتى إن بعض العلماء - فيما نسمع - يقرؤون الفقه ولا يقرؤون أصول الفقه إطلاقًا[8]"؛ انتهى.

 

وعلى النقيض من هذا القول، اختار بعضُ العلماءِ تقديمَ أصولِ الفقهِ على الفقهِ، كما قرر ذلك الشيخ العلامة عبدالقادر بن بَدْران الدِّمَشْقِي (ت 1346 هـ) بقوله:

"ولا يُقرِئُها - يقصد: كتب الفقه للمتعلم - إياه إلا بعد إِطْلاعه على طرَف من فنِّ أصول الفقه. واعلم أنه لا يمكن للطالب أن يصير متَفَقِّهًا ما لم تكن له دراية بالأصول، ولو قرأ الفقه سِنينَ وأعوامًا، ومن ادَّعى غير ذلك، كان كلامه إما جهلاً، وإما مكابرة[9]"؛ انتهى.

 

 

أصول الفقه ومعناه:

أصول الفقه: مركب إضافي، وهو في ذاته: اسم لعلم خاص، ولكن تركيبه إضافيٌّ؛ ولذا فلا بُدَّ الآن من تعريف جزأيه: الفقه والأصول.

 

أولاً: الفقه:

الفقه لُغة: الفَهْم العميق النافذ الذي يعرف غايات الأقوال والأفعال، ومن ذلك قوله - تعالى -: ﴿ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 78].

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن يُرد الله به خيرًا، يُفقِّهه في الدين))؛ رواه الشيخان.

الفِقْه اصْطلاحًا: هو العلْم بالأحكام الشرعيَّة العَمَليَّة مِنْ أدِلتِها التفصيليَّة.

 

وعلى هذا يكون موضوع علم الفقه الأحكامَ التفصيلية لكل قضية من القضايا، فإذا ذكر مثلاً: الربا حرام قليله وكثيره، ذكر دليله من الكتاب والسنة.

 

ثانيًا: الأصول:

الأصْل لُغة: ما يُبنى عليه، وهو متَّسق مع المعنى الاصطلاحي؛ ذلك أن علم أصول الفقه عند الأصوليين هو ما يبنى عليه الفِقْه.

ومعنى أصول الفقه: هو العلم بالقواعد التي تبيِّن طريقة استخراج الأحكام من الأدلة.

فأصول الفقه: هي المناهج التي تُحَدِّد وتبِّين الطريق الذي يلتزمه الفقيه في استخراج الأحكام من أدلتها، ويرتب الأدلة من حيثُ قوتها، فيقدم القرآن على السنة، والسنة على القياس وسائر الأدلة التي لا تقوم على النصوص مباشرة.

 

أما الفقه، فهو استخراج الأحكام مع التقيُّد بهذه المناهج.

 

اتِّجاهات العلماء حول أصول الفقه الذي توصَّل إليه الإمام الشافعي:

ألْمعتُ - فيما سبق - أنَّ الإمام الشافعي هو واضعُ علم أصول الفقه من الناحية العلمية التطبيقية، وذلك في كُتُبه: الرسالة وجماع العلم وإبطال الاستحسان.

 

وقصد الإمام الشافعي من ذلك أن يكونَ علمُ الأُصُول ميزانًا ضابطًا لمعرفة الصحيح من الآراء من غير الصحيح، وأن يكون قانونًا كليًّا تجب معرفته ومراعاته عند استنباط الأحكام في أيِّ عصرٍ منَ العُصُور، ولقد استخدم هذا المنهاج في مناقشة آراء الفقهاء التي وجدها بين يديه شائعة فاشية، ولهذا كانتْ أُصُول الفقه عند الإمام الشافعي لا تتَّجه نظريًّا فقط؛ بل كانتْ تسير في اتِّجاهات نظريَّة وعمليَّة.

 

ولقد تلقَّى الفقهاء جميعًا ما وصل إليه الإمام الشافعي في تحرير أصوله بالدراسة والفحص، ولكنهم اختلفوا من بعده على اتجاهين اثنَيْن:

فمنهم مَن اتجه شارحًا أُصُول الإمام الشافعي، مفصلاً لما أجمل، مخرِّجًا عليها.

ومنهم مَنْ أخذ بأكثر ما قرر وخالفه في جُملة تفْصيلات، وزاد بعض الأصول، ومن هؤلاء: الحنفية والمالكية، فزاد الحنفية الاستحسان والعُرف، وزاد المالكيَّة الاستِحْسان والمصالح المرْسَلة والذرائع، وعند المالكيَّة فقط عمل أهل المدينة في العصر الأول.

 

والحق أن فقهاء المذاهب الأربعة لَم يُخالفوا الإمام الشافعي في الأدلة التي قرَّرها، وهي: الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، والقياس.

 

وهذه الأصول مجمع عليها، والزيادة عليها موضع خلاف بينه وبين أكثرهم.

 

وقد سار الفقهاء بعد تقرر المذاهب في دراسة أصول الفقه في اتجاهَيْن مختلفَيْن:

أحدهما: اتجاه نظري، ويُعرف بـ"أصول الشافعية"، وهو لا يتأثَّر بفروع أيِّ مذهب، فهو يُقَرر المقاييس من غير تطبيقها على أيِّ مذهب؛ تأييدًا أو نقضًا، بل كانتْ عنايتُهم تتَّجه إلى تحقيق القواعد وتنْقيحها من غير اعتبارٍ مذهبي؛ بل يُريدون إنتاجَ أقوى القواعد سواء أكان يؤدي إلى خدمة مذهبهم أم لا يؤدي إلى خدمة، ولقد كان منهم مَنْ خالَفَ الإمام الشافعي في أصوله، وإن كان متبعًا له في فروعه، فمثلاً: الإمام الشافعي لا يأخذ بالإجماع السكوتي، ولكن الإمام الآمِدِيّ (ت 631 هـ) - وهو شافعي - رجَّح[10] أنَّه حُجَّة، وقد علَّق الشيخ محمد أبو زَهْرَة على ذلك بقوله: "إنَّ ذلك الاتِّجاه أفاد علم الأصول في الجملة[11]؛ فقد كان البحثُ لا يعتمد على تعصُّب مذهبي، ولَم تخضع فيه القواعد الأصوليَّة للفروع المذهبية؛ بل كانت القواعد تدرس على أنها حاكمة على الفروع، وعلى أنها دعامة الفقه"[12]؛ انتهى.

 

وثانيهما: اتِّجاه متأثر بالفروع، ويُعرف بـ"أصول الحنفية"، وهو يتَّجه لخدمتها وإثبات سلامة الاجتهاد فيها؛ بمعنى: أنَّ أصحاب المذهب يجتهدون له في أن يثبتوا سلامة الأحكام الفقهيَّة التي انتهى إليها المتقدمون من مذهبهم، فيذكرون القاعدة التي تؤيد مذهبَهم، فيُقرر الحنفية مثلاً: أن العام دلالته قطعية، وبذلك يضعِّفون أخبار الآحاد التي تخالفها؛ لأنها ظنيَّة.

 

والفقهاء الذين أكثروا ابتداءً من هذا الاتجاه هم الحنفية - كما سبق - وهو الاتِّجاه المتأثِّر بالفروع، اتجه إلى قواعد الأصول؛ ليقيسوا بها فروع مذهبهم، ويثبتوا سلامتها بهذه الأقيسة، "وإنه من الإنصاف أن نقول: إن بعض الذين تصدَّوا للأصول من الشافعية والمالكية والحنابلة قد كتبوا على مناهج الحنفية في تطبيق الأصول الكلية على الفروع الجزئية، وخدموا المذهب الذي ينتمون إليه؛ فكتاب "تنقيح الفصول في علم الأصول"؛ للقَرَافِيِّ، ينهج ذلك المنهاج، ويبيِّن أُصُول المذْهب المالكي، مطبقة على فُرُوع هذا المذهب، وكذلك نجد للإِسْنَوِيِّ الشافعي - المُتَوَفَّى سنة 772 هـ - كتابًا سماه: "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول"، وهو بهذا يُبَيِّن تطبيق الأصول المعروفة عند الشافعية على فروع المذهب الشافعي، وإن كتابات ابن تيميَّة وابن القيِّم في الأصول فيها توجيه واضح للمذهب الحنبلي.

 

ومن هذا يَتَبَيَّن أن طريقة الحنفية بعد أنِ استقامت، استخدمها كثيرون غيرُهُم من الآخذين بمذاهب الأئمة الأربعة، وإنه بعد أنِ استقامتِ الطريقتان - كل واحدة في منهاجها - وُجِدَتْ كتب فقهيَّة جمعتْ بين الطريقتَيْن: تكتب الأصول مُجَرَّدة، ثم تَتَوَلَّى تطبيقها، وتزيد ما زاد الحنفية، وقد تولى تأليفها علماء ممتازون؛ بعضهم شافعية، وبعضهم حنفيَّة، ومن هذه الكتب: كتاب "بديع النظام، الجامع بين كتاب البَزْدَوِِيِّ الحنفي - وهو فخر الإسلام علي بن محمد ت 483 هـ - والإحكام"؛ للآمِدِيِّ"، ألَّفَهُ أحمد بن علي الساعاتي البغدادي، المتوفَّى سنة 694 هـ، جمع بين أصول البَزْدَوِيِّ، وما اشتمل عليه كتاب "الإحكام" للآمِدِيِّ.

 

وجاء من بعد ذلك صدْر الشريعة عُبيدالله بن مسعود البخاري الحنفي، المتوفَّى سنة 747 هـ، وكتب كتاب "تنقيح الأصول" وشرحه بشرح سماه "التوضيح"[13]، وقد لَخَّصَ فيه أصول البَزْدَوِِيِّ[14]، و"المحصول"؛ للرَّازِي - ت606 هـ - و"المختصر"؛ لابن الحاجب المالكي - ت 646 هـ - ولقد توالت بعد ذلك الكتابات الجامعة بين الطريقتين، وكانت من ثمار ذلك كُتُب قيمة، ومنها كتاب "جمع الجوامع"[15]؛ لتاج الدين السُّبْكِيِّ الشافعي، المتوفَّى سنة 771 هـ، وكتاب "التحرير"[16]؛ لكمال الدين محمد بن عبدالواحد الشهير بـ"ابن الهُمام الحنفي"، المتوفَّى سنة 861 هـ، ومنها كتاب "مُسَلَّمُ الثُّبُوت"[17]؛ لمحب الله بن عبدالشَّكُور الهندي - ت 1119 هـ"[18]؛ انتهى.

 

وسُمِّيت الطريقة الأولى - كما مر - أصول الشافعية؛ باعتبار أن الإمام الشافعي أول مَنْ بيَّن المناهج في دراسته دراسة نظرية مجردة، وتُسمَّى أيضًا طريقة المتكلمين؛ لأن كثيرين من علماء الكلام لهم بحوث في الأصول على هذا المنْهاج النظري.

 

 

أبواب أصول الفقه:

تقدَّم الكلام أن موضوع أصول الفقه هو بيان طرائق الاستنباط، وموازين الاستدلال؛ لاستخراج الأحكام العملية من أدلتها التفصيلية، ولكي تَتَمَيَّز أبوابُ هذا العلم، فلا بد من بيان حقيقة الأحكام الشرعية وأقسامها؛ لأنَّ هذه الأحكام هي التي يجري عليها الاستدلال، وبمُقتضى الدليل يكون الوصْف الذي يُعطاه فعل المكلَّف، وذلك الوصف هو الحكم، على ما سنُبَيِّن، ولذلك كان لا بُد من بيان معاني الحكم وأقسامه، وأن لهذه الأحكام مصدرًا يُعَدُّ هو الحاكم عليها، فهو الذي يعطيها الوصْف الذي يعتبر حكمها، ثُمَّ لا بُدَّ من الكلام في موضوع التكليف، وهو أفعال الناس، ولذلك كانت موضوعات أصول الفقه المقسمة على أبوابه الأربعة:

1- الحكم الشرعي: وهو الذي يجري عليه الاستدلالُ، وبمقتضى الدليل يكون الوصف الذي يُعطاه فعل المكلف.

2- الحاكم: وهو الله - سبحانه وتعالى - وطرق معرفة حكم الله - تعالى - هي الأدلة أو المصادر الشرعية لمعرفة حكم الشرع الإسلامي فيها، سواء كانتْ أدلة متفقًا عليها، أم مختلفًا فيها.

3- المحكوم فيه: وهو ذات فعل المكلف، وأنه في مقدور المكلف، مع الإشارة إلى حق الله - تعالى - الخالص، وحق العباد الخالص، وكذلك اجتماعهما وافتراقهما.

4- المحكوم عليه: وهو المكلف، وفيه يكون الكلامُ على الأهليَّة وعوارضها، والفتوى والاجتهاد، ومقاصد الشريعة المحمدية الغرَّاء.

 

الباب الأول

الحكم الشرعي

فمعرفة الحكم الشرعي هي ثمرة علم الفقه والأصول؛ كما قرَّر ذلك الإمامُ الغزالي[19] (ت 505 هـ)، فإن ثمرة هذين العلمين هي تعريف حكم الشرع فيما يتعلَّق بأفعال المكلفين؛ بَيْدَ أنَّ الأصول تنظر إلى مناهج تعرُّفه ومصادره، والفقه ينظر في استنباطه بالفعل في دائرة ما يرسمه علْمُ الأصول.

 

وقد عرف الإمام ابن الحاجب الحكم بأنه: خطابُ الشارع المتعلِّق بأفعال المكلَّفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضْع.

 

والمراد من خطاب الشارع: الوصْف الذي يعطيه الشارعُ لما يتعلَّق بأفعال المكلفين، كأن يقال: إنه حرام، أو مكروه، أو مطلوب، أو مباح، أو صحيح، أو باطل، أو هو شرط، أو سبب، أو مانع... إلى آخر العبارات المتعلقة بهذا العلم.

ومعنى كلمة اقتضاء: أي: طلب، سواء كان طلب فعل، أو طلب منع، فالحرام فيه طلب منْع لازم، والوجوب فيه طلب فعل لازم، والتخيير هو أن الشارع أجاز للمكلف أن يفعل أَوْ لا يفعل؛ مثل: الأكل في وقت معين أو النوم، من أفعال الإنسان المعتادة التي لا يتعين عليه فيه نوع واحد منها، وإن كانت جملتها مطلوبة.

ومعنى الوضع: أن يكون الشارع قد ربط بين أمرَيْن مما يتعلق بالمكلفين، كأن يربط بين الوراثة ووفاة شخص، فتكون وفاته سببًا لوراثة آخر، أو يربط بين أمرين بحيث يكون أحدهما شرطًا شرعيًّا لتحقق الآخر وترتيب آثاره؛ كاشتراط الوضوء للصلاة، وكاشتراط الشهود للنكاح.

 

ويُسمَّى الحكمُ الشرعيُّ إذا كان فيه اقتضاءٌ أو تخييرٌ حُكمًا تكليفيًّا، وإذا كان فيه ربط بين أمرين يُسمَّى حكمًا وضعيًّا.

 

وعلى ذلك ينقسِم الحكمُ الشرْعي إلى قسْمَيْن:

أ- حكم تكليفي

ب - حكم وضعي.

 

ويتَّضح ذلك من خِلال الشكل التالي[20]:

أولاً: الحكم التكْليفي: وهو ما يكون بيان الشارع فيه باقتضاء طلب الفِعْل، أو الكف عنه، أو التخْيير فيه، وذلك كما يلي:

1- إذا كان طلب الفعل ملزمًا، فهو الواجب والفرض والمحتوم واللازم (عند الجمهور)، وهو قليل مقارَنةً بالمندوب[21].

والواجب: ما يُثاب فاعله امتِثالاً، ويعاقب تاركه استحقاقًا؛ ومثاله: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والصيام، والحج، وبر الوالدين.

 

2- إذا كان طلب الفعل غير ملزم، فهو المندوب، وهو النافلة والسنة والتطوُّع والمستحب والإحسان، وهو ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه، ومثاله: صلاة النوافل.

 

3- إذا كان طلب الكف ملزمًا، فهو الحرام، وهو ما يعاقب فاعله ويثاب تاركه؛ ومثاله: فعل الفواحش؛ كالزنا، وشرب الخمر، والقتل... ثم إن المحرَّم قسْمان:

الأول: محرَّم لذاته: وهو ما قصد الشارع إلى تحريمه؛ لما فيه من ضرر ذاتي؛ كأكل الميتة، أو لحم الخنزير، أو فعل الفواحش، وغير ذلك مما يمس الضرورات الخمس، وهي:

1 - حِفْظ النفْس.

2 - حِفْظ النسْل.

3 - حِفْظ المال.

4 - حِفْظ العقْل.

5 - حِفْظ الدِّين.

 

والشيء الضروري[22]: هو الذي لا يتحقق معه المحافظة على واحد من هذه الخمسة إلا بوجوده، فما يُذهِب العقلَ يمس الضروريَّ بالنسبة للعقل، والذي يُفسد الدين يمس الضروريَّ من الدين... وهكذا.

 

الثاني محرم لغيره: وهو الذي يكون النهي فيه لا لذاته، ولكن لأنه يفضي إلى محرمٍ ذاتي؛ كالنظر إلى عورة المرأة فهو محرم؛ لأنه يفضي إلى الزنا، والزنا محرم لذاته، والبيع الربوي حرام؛ لأنه يؤدي إلى الربا المحرم لذاته، والجمع بين المحارم حرام؛ لأنه يفضي إلى القطيعة؛ ولهذا[23] يَتَبَيَّن أن من ترك الحرام لأنه ما خطر بباله غير مثاب، وكذلك من تَمَنَّى المحرَّم؛ لكنه لم يفعل أسبابه، ولَم يسعَ في تحصيله أو الحصول عليه، وكذلك مَن هَمَّ بالحرام وسعى في أسبابه، لكنه عجز عنه، فلا يُثاب هؤلاء؛ بل يعاقبون، والذي يثاب فقط هو مَن ترك الحرام طاعة لله - تعالى - وانقيادًا لكلام رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم.

 

فائدة:

قد يُطلق المحرَّم على ما يكون التحريم فيه لأمْرٍ عارض؛ ومثاله: الصلاة في الأرض المغصوبة (مع صحتها)، أو البيع وقت النداء لصلاة الجمعة، وكذلك البيع الذي يكون نتيجة للمساومة على سوم أخيه، وهكذا الخطبة على خِطبة أخيه، وغير ذلك.

 

4- إذا كان طلبُ الفِعْل غير ملزم، فهو المكروه، "ولو أصر عليه؛ لأنه ليس عليه عقاب"[24]؛ انتهى.

 

وهو ما يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله؛ ومثاله: ما ثبت في المسند وصحيح مسلم أنَّ رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله يكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال))، وكذلك السؤال عما لا يعني.

 

5- إذا كان الطلب على التخيير، فهو المباح، وهو الحلال والجائز، وهو ما لا يُذم على فعله، "وهذا التعريف باعتبار ذات المباح، لكن باعتبار ما يكون وسيلة له، فقد يكون واجبًا ومندوبًا ومكروهًا وحرامًا"[25]؛ انتهى.

 

ومثاله: النوم والأكل والشرب والمشي.

 

وفي الجُملة المباحُ ثلاثة أقسام[26]:

1- ما صرَّح الشارع فيه بالتخيير.

2- ما لَم يرد فيه عن الشارع دليلٌ سمعي بالتخيير، لكن صرح الشارع بنفْي الحرج عن فعله.

3- ما لَم يرد فيه عن الشارع شيء، فيبقى على البراءة الأصلية.

 

وعلى ذلك تكون أقسام الحكم التكليفي عند الجمهور خمسة، وهي:

الواجب، والمندوب، والحرام، والمكروه، والمباح؛ أي إنَّ الإباحة تثبت بأحد أمور ثلاثة، وهي:

1 - إما بنفي الإثم إن وُجِدَتْ قرينة.

2 - وإما بعدم النص على التحريم.

3 - وإما بالنص على الحِل.

 

الرُّخصة[27] والعزيمة[28]:

ومما له تعلُّق بباب الحكم التكليفي، مبحث الرخصة والعزيمة[29]؛ لأن من مقتضاه أن ينتقل ما هو موضع النهي إلى مباح، أو ما هو مطلوب على وجه الحتْم واللزوم إلى جائز الترْك في أمدٍ معلوم، فهو باب بين الانتقال من حكم تكليفي إلى آخر... فبينهما فرْق[30].

 

والعزيمة: ما شرعت ابتداءً، ويكون الفعل فيها ليس سببه وجود مانع.

والرخصة: ما شرعتْ بسبب قيام مسوِّغ لتخلُّف الحكم الأصلي.

 

وعلى ذلك تكون العزيمة حكمًا عامًّا، هو الحكم الأصلي، ويشمل الناس جميعًا، والكل مخاطب به.

 

أما الرخصة فليست الحكم الأصلي، بل هي حكم جاء مانعًا من استمرار الإلزام في الحكم الأصلي، وهي في أكثر الأحوال تنتقل من مرتبة اللزوم إلى مرتبة الإباحة؛ ومثاله: رؤية الطبيب عورةَ المرأة.

 

وللرخصة أسباب كثيرة، منها الضرورة، كمن يخشى على نفسه من الموت ولا يجد ما يأكله إلا الميتة.

ومنها دفع الحرج والمشقة؛ كالإفطار في رمضان، ورؤية الطبيب عورة المرأة.

 

(تنْبيه):

الرُّخصة تنقَسم إلى قسمَيْن: رخصة فعْل، ورُخصة ترْك.

 

وذلك التقْسيم بحسب ما جاء في العزيمة:

فَإِنْ كَانَ حُكم العزيمة يوجب تركًا، فالرخصة رخصة فعْل.

وإن كان حُكم العزيمة يوجب فعلاً، فالرخصة رخصة ترك.

 

(فائدة):

منَ الرُّخَص العظيمة التي تصدَّق الله - تعالى - علينا بها رخص السفر، وقد جمعها الإمامُ أبو حامد الغزالي في سبع رخص، فقال: "والسفر يفيد في الطهارة رخصتين: مسح الخفين والتيمم، وفي صلاة الفرْض رخصتين: القصر والجمع، وفي النفل رخصتين: أداؤه على راحلته، وأداؤه ماشيًا، وفي الصوم رخصة واحدة، وهي الفطر، فهذه سبع رخص[31]"؛ انتهى.

 

وحكم الرخصة: جواز العمل بها في مواضع الجواز؛ لأنها مما تصدَّق الله - تعالى - علينا بها، كما ثبت في الكتب الستة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الرخصة: ((صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته)).

 

كما أن اليسر رفع الحرج، وهو من مقاصد الشرع الإسلامي المطهَّر، كما قال الله - تعالى -: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]، وقال - تعالى -: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]، هذا ما يَتَعَلَّق بتقْسيم الجمهور للحكم التكْليفي.

 

أمَّا الحنفيَّة، فإنَّهم يُقَسِّمون الحكم التكليفي إلى سبعة أقسام، وهي:

1 - الفرْض: ثبت اللزوم فيه بدليلٍ قطعي لا شبهة فيه.

2 - الواجب: ثبت اللزوم فيه بدليل ظني فيه شبهة.

3 - المندوب.

4 - الحرام: ثبت طلب الكف عنه بدليل قطعي لا شبهة فيه.

5 - المكروه كراهة تحريم (هو يقابل الواجب عندهم)، وهو ما ثبت طلب الكف اللازم فيه بدليل ظني فيه شبهة، وعندهم يذم فاعله، ويُثاب تاركه.

6 - المكروه كراهة تنزيه (وهو يقابل المندوب عندهم)، وتعريفه عندهم كتعريف الجمهور.

7- المباح: وتعريفه عندهم كتعريف الجمهور.

 

ثانيًا: الحكم الوضعي:

وهو يشْمل ما ربط الله - تعالى - به الأحكام الشرعية التكليفيَّة مما يتصل بها؛ من أسباب موجبة لها، وشروط لتحققها، وموانع إن وجدت زال أثر السبب.

 

والحكم الوضعي بمقتضى هذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام، كما يلي:

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 315 مشاهدة

ساحة النقاش

محمود داود دسوقي خطابي

Islamisright
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

272,005