نمو مبكر

في عام 1928، قام ستة من العمال المصريين العاملين في معسكرات الإنجليز في الإسماعيلية في منطقة قنال السويس بزيارة لحسن البنا، وهو مدرس شاب، كانوا قد استمعوا لمواعظه في المساجد والمقاهي، التي تتركز في الحاجة لتجديد الإسلام. وقالوا إن العرب والمسلمين ليس لهم حيثية ولا كرامة. فهم ليسوا أكثر من مجرد مأجورين أو مرتزقة يتبعون الأجانب، ونحن لسنا لدينا القدرة على إقناع الشارع بما ينبغي عمله مثلما تستطيع أنت، وطلبوا منه بناء على ذلك أن يتقابل مع المسئولين منهم، فوافق وتأسست آنذاك جماعة الإخوان المسلمين.

بدأ البنا وأتباعه بفتح مدارس ليلية، وكان المجتمع في ذاك الوقت مركزًا على التعليم الإسلامي مع التأكيد على تعليم الطلاب كيف يسخرون سلوكياتهم من التكافل والإيثار في حياتهم اليومية، وليس في القضايا النظرية... وكان المفتش العام للتعليم متأثرًا جدًا بذلك، وخاصة بالأحاديث البليغة لأعضاء طبقة العاملين من الإخوان المسلمين، وكان نائب البنا يعمل نجارًا، وأصبح وضع الأفراد من الطبقة الدنيا في مراكز قيادية إحدى سمات الإخوان.

كان أول مشروع اجتماعي كبير هو إنشاء المسجد الذي اكتمل عام 1931، ومن أجله نجحت الجماعة في جمع قدر كبير من المال، مع الحرص على الاحتفاظ باستقلالها عن المانحين المحتمل تطلعهم لجني فائدة من وراء تبرعهم.

في نفس العام بدأت الجماعة تحظى بانتباه الصحافة وأنشأت فروعًا لها في القاهرة. في عام 1932، انتقل البنا إلى القاهرة بناء على طلبه، وانتقل مركز إدارة الجماعة إلى القاهرة معه، وبالإضافة إلى معالجة إدارة المجتمع، كان البنا يلقي محاضرات مسائية في القرآن الكريم للفقراء في الأحياء المحبطة بالمراكز، وكان رواد هذه الدروس من غير الراغبين في التعليم. عبر العقد التالي، نمت الجماعة بسرعة، من ثلاث فروع عام 1931 أصبح لها 300 فرع في مصر عام 1938، وذلك يرجع إلى الفكر غير المتطرف الذي كان له قبول لدى الجماهير. ونظرًا لتمتع الجماعة بسياسات تؤثر في جذب أعضاء جُدُد، أصبحت أكبر مجموعة معارضة سياسية ينتمي إليها أعضاء من شتى الفئات.


إبداعات فكرية

شكَّلت جماعة الإخوان مجتمعًا إسلاميًا صالحًا عاديًا، وفي أوائل الثلاثينات، تضمنت أنشطتها الخيرية العمل الاجتماعي على نطاق صغير بين الفقراء، من بناء وإصلاح المساجد، وإنشاء عدد من مدارس القرآن (كان دور هذه المدارس تعليم الأطفال القراءة والكتابة في بلد يشكل 80% من سكانه الأميين). وكذلك فتح الورش والمصانع، وتنظيم جمع وتوزيع الزكاة. ومع نمو الجماعة، أنشأت عددًا كبيرًا من المؤسسات الخيرية مثل الصيدليات، والمستشفيات، والعيادات لعموم الشعب، وبدأت برنامجًا لتعليم الكبار القراءة والكتابة بتقديم مقررات لذلك في المقاهي والأندية.

على أي حال، كانت رؤية البنا عن نوع جديد من التنظيم قادرة على تجديد الوصلات المكسورة بين التقليد والعصرنة، مما مكَّن الإخوان من الحصول على درجة من الشعبية والنفوذ، لم يتمتع بها أي مجتمع خيري آخر، كما لاحظ البنا أنه في غمرة ازدهار المجتمع المدني المصري، والبيئة الثقافية المتميزة بالإبداعات في الأدب والعلوم والتعليم، تخلَّف التعليم الديني: حيث إن أفكار الإصلاحيين الدينيين الإسلاميين لم تكن قابلة للدخول لجمهور الشعب، ولم يكن هناك جهد جاد لجعل تاريخ الإسلام وتعاليمه مفهومة للشباب، وكان البنا مصرًا على ملء ذلك الفراغ بتدريب مجموعة من الشباب ليكونوا وعاظًا متحمسين مجهزين بطرق التعليم الحديثة، وتكون مستقلة عن الحكومة، والمؤسسة الدينية، ومدعومة بالاستفادة المؤثرة من وسائل الإعلام الجديد.

انعقد المؤتمر العام الثاني للإخوان عام 1933، والذي أوصى بإنشاء شركة للنشر، وشراء آلة طباعة، استخدمت لطباعة العديد من الصحف خلال العقد التالي، وكانت الأموال تجمع لشراء أسهم لإنشاء شركة مساهمة مسموح لأعضاء الجماعة فقط بشراء الأسهم فيها.

هذا المدخل الذي صان استقلال الجماعة عن الحكومة وعن الأثرياء وبتأكيد أن مؤسسات الجماعة مملوكة لأعضائها، ومنها كانت تموَّل المشاريع الجديدة.

خلال الثلاثينات، استطاع البنا أن يصوغ فكرا إسلاميا بدأت الجماعة في تطبيقه، وكان هذا الفكر غير عادي في كثير من جوانبه، فقد كان يلبي احتياجات الطبقات المحرومة، في بلد فيه معظم الحركات السياسية، بما في ذلك الليبرالية، والعصرانية، كانوا نتاج الإقطاعيين، والصفوة من سكان المدن، وأصبح الإخوان يمثلون صوت الطبقات الوسطى المتعلمة، والأقل من الوسطى (وإلى حد ما صوتًا للعمال والفلاحين). وكان ذلك مبررًا لطلب المشاركة السياسية.

وعلى مدار العقد، ركزت الجماعة على العدالة الاجتماعية، لردم الفجوة بين الطبقات (وبذلك يحيون المساواة التي كانت بين المسلمين الأوائل) وأصبح ذلك واحدًا من أهدافها الرئيسية، وكان البنا يتحدث بانتقاد كبير للطبقات العليا، والنظام الطبقي ككل.

الإسلام يسوي بين جميع الناس، ولا يفضل أحد على أحد على أساس الدم أو الجنس، أو أجداده أو سلالته، فقير أو غني، وطبقًا للإسلام، فالناس متساوون في الاحتياجات، والهبات الطبيعية، والمتعلم فوق الجاهل وهكذا فنحن نرى أن الإسلام لا يقر النظام الطبقي.

مع وجود هذا الفكر في العقدين التاليين، وفي غياب حزب اشتراكي قوي، فقد طالب الإخوان بتأميم الصناعات، وتدخل الدولة الرئيسي في الاقتصاد، وتخفيض الحد الأعلى من أجور كبار الموظفين المدنيين، واستصدار قوانين لحماية العمال ضد الاستقلال، ونظام بنكي إسلامي يوفر قروضًا بدون فوائد، وبرامج رفاهية اجتماعية سخية، تشمل تأمينات ضد البطالة، وإسكان شعبي، وبرامج صحية وتعليمية طموحة، تمولها الضرائب العالية على الأثرياء، وبحلول عام 1948، كان الإخوان يؤيدون قانون الإصلاح الزراعي ليمكنوا صغار المزارعين من تملك الأرض.

ثانيًا: كانت أفكار البنا محاولة لإحداث تجديد اجتماعي من خلال تفسير جديد للقرآن، ومن وجهة نظره، كانت مصر ممزقة بين نظامين للقيم الفاسشتية: من جهة تراث ديني نظري ممثلاً في الأزهر، الذي يراه البنا أنه ينطوي على مفارقة تاريخية ولا علاقة له بالدين، وغير مناسب للزمان ولا علاقة له بالمشاكل الملحة التي يواجهها الشعب العادي، ومن جهة أخرى، فيه هجر لكل القيم مع اقتصاد مطلق للجميع مما أفقر الجماهير ومكن الاستثمارات الأجنبية من السيطرة على الاقتصاد، وناقش البنا أن الإسلام يجب ألا يكون محدودًا بالمجال الضيق للحياة الخاصة، ولكن يجب أن يطبق على مشاكل العالم الحديث، ويُستخدم كمؤسسة أخلاقية للنهضة الوطنية، إصلاح كامل للأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

أصبح الإخوان يوصفون أحيانًا وبشكل غير صحيح أنهم يرفضون كل شيء غربي، إلا أنه في الواقع لم يتردد البنا في مدح الفكر الغربي وكذلك الفكر الإسلامي، في ممارسة هذا المدخل الحديث للإسلام، مستخدمًا اقتباسات من مؤلفين مثل رينيه ديكارت، وإسحق نيوتن، وهربرت سبنسر، ليدعم مناقشاته الخاصة، واقترح أن يرسل صحفيين من الإخوان ليدرسوا الصحافة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، واقترح ذهاب مجموعة أخرى إلى مدرسة الخدمة الاجتماعية، وهي مدرسة غربية أخرى برنامجها العلمي والعملي سوف يسهل كثيرًا تدريب الإخوان على الأعمال الاجتماعية الخيرية. وكان يفضل تعليم اللغات الأجنبية في المدارس ويقول: "نحن في حاجة للشرب من ينابيع الثقافة الأجنبية لنستخلص ما هو ضروري لنهضتنا" وكان تشكيله لمفهوم الوطنية الذي كان أساسيًا ليقدم الإخوان للشباب، أن جمع المفاهيم السياسية الأوربية الحديثة مع المفاهيم الإسلامية، في نفس الوقت، شجب الإخوان ما رأوه من تقديس كل شيء غربي، وفقدانهم للاحترام لثقافتهم الخاصة وتاريخهم الخاص.

مفهوم البنا عن الوطنية كان إسلاميًا بالتأكيد وكان هدفه البعيد أن يرى البشرية جمعاء موحدة بالقيدة الإسلامية، ومع ذلك، لم يكن لدى المجتمع تعريف واضح لنوع النظام السياسي الذي كانت ترغبه الجماعة.

فكرة إحياء الخلافة الإسلامية (التي ألغاها كمال أتاتورك عام 1924) كانت تذكر أحيانًا في منشورات الإخوان، ولكن البنا لم يكن يفضلها، وناقشت بعض الانتقادات أن طموحات الجماعة ارتفعت إلى نوع من الفاشية، ولكن البنا رفض بوضوح العسكرية القمعية التي ظهرت في ألمانيا وإيطاليا في الثلاثينات، وكذلك كل القوميات العلمانية (سواء كانت عربية أم أوربية) وأوان التفرقة العنصرية باعتبارها غير ملائمة ولا تتفق مع الدين الإسلامي.

وكانت النتيجة العملية الرئيسية المترتبة على القومية الإسلامية للإخوان، حملة حية ضد الاحتلال في مصر والدول الإسلامية الأخرى، وكان ذلك أحد الأسباب الرئيسية لشعبية الجماعة.

كان مصطلح الجهاد مفهومًا رئيسيًا في مفردات الإخوان: فهو يشير ليس فقط إلى الصراع المسلح لتحرير الأراضي المسلمة من الاحتلال الاستعماري، ولكن أيضًا يشير إلى المجهود الداخلي الذي يحتاجه المسلمون لتحرير أنفسهم من عقدة الدونية المتأصلة ومن الجبرية والاستسلام لظروفهم، وقد شملت الشجاعة في المعارضة المعبر عنها في مبدأ "الجهاد الأكبر هو كلمة حق عند سلطان جائر". (رواه أبو سعيد الخدري) وكذلك أي نشاط إنتاجي يباشره المسلمون في مبادرتهم لإثبات حسن نية المجتمع المسلم. للمحافظة على دعوته للوحدة بين المسلمين، دعا البنا إلى التسامح وإلى العمل الصالح بين الأشكال المختلفة للإسلام، رغم أن الإخوان رفضوا فساد بعض الأوضاع الصوفية وتعظيمهم المبالغ فيه لقياداتهم، إلا أنه في كيان الجماعة نوعًا من الممارسة الصوفية المعدلة، وبذلك حاولت الجماعة عبور الفجوة بين الحركة السلفية والصوفية، وفي الأربعينات حاولت الجماعة التقريب بين الإسلامالإسلام الشيعي. السني و

وقد أكدت الجماعة على أعضائها ألا يحاولوا فرض رؤيتهم عن الإسلام على الآخرين، وقرر قانونهم العام لعام 1934، أن تصرفاتهم يجب أن تعكس دائمًا الود واللطف وأن عليهم تجنب الخلاف، والفظاظة في الأقوال والتلميحات، وكان الأعضاء الذين ينتهكون هذه المبادئ يفصلون من الجماعة (مثل الضغط على النساء غير المحجبات أن يتحجبن).

لقد قدم انفتاح الإخوان على تنوع من الاعتقاد والممارسة الإسلامية، قدموا جزءًا من جاذبيتهم للشباب، وقد حزن البنا على الانهماك الصارم لبعض الجمعيات السلفية في نقاط صغيرة من التعاليم الدينية، وشعر أنه يجب الترحيب بالصوفية والممارسات التقليدية الأخرى، وأنه على الإخوان التركيز على القضايا السياسية والاجتماعية الرئيسية، بدلاً من التركيز على الشكليات.

تنظيم سياسي

بدأ الإخوان في أوائل الثلاثينات برنامج الجوالة، وفيه كان الشباب يتدربون على أسلوب الحياة الرياضي الزاهد، والقيام بالأعمال الخيرية، وتبادل الزيارات بين فروع الإخوان لتوطيد الروابط بينهم، وأصبح برنامج الجوالة الذين جذب زيهم وشعاراتهم وأناشيدهم، استحوذ على قدر كبير من الانتباه، وأصبحوا من أهم الوسائل في تجنيد أعضاء جُدُد، ورأى فيهم البنا أنه أسلوب جيد يقدم الشباب تدريجيًا إلى التدين.

في عامي 1930-1932 تحمل الإخوان مآزق داخلية، فقد تحدى كثير من الأعضاء سيطرة البنا على خزينة الجماعة، وكذلك إصراره على أن يكون له نائب من طبقة اجتماعية منخفضة حيث كان النائب يعمل نجارًا، وكان المرشح ليكون نائبًا، مدعومًا بشكل ساحق في الجمعية العامة للتنظيم، ومستعدا لسداد ديون الجماعة الكبيرة مما عزز موقفه، ولكن الأزمة استمرت حتى هدد بفصل معارضيه من الإخوان، وعندئذ استقالوا.

وبينما كانت بعض شكواهم منه مبررة، إلا أن الأزمة عكست مزيدًا من عدم الموافقة على مفهومه من رسالة الإخوان وشعر الانفصاليون أن الجماعة يجب أن تكون جمعية خيرية إسلامية تقليدية، يمكن أن يساندها ذوو المراكز، ويجب بناء على ذلك فتح حسابات لها، وأن يكون لها قادة من ذوي الشأن اجتماعيًا.

على أثر هذه الأزمة، بحث البنا في تصفية قواعد القيادة في الجماعة، مؤكدًا على أن الصفات الأخلاقية والتضحيات الشخصية، أكثر أهمية من الألقاب والوضع الاجتماعي، والمؤهلات الرسمية، وفي صياغة قانون الجمعية العام عام 1934، زاد من سلطاته الشخصية على الإخوان، مؤكدًا أن السلطة داخل التنظيم يمكن أن تكون على أساس الثقة الكاملة في القيادة، رافضًا الدعوات للشورى المتزايدة، معبرًا عن شك عميق تجاه الانتخابات، التي شعر أنها أظهرت فشلاتهم خلال أزمات 1930-1932، كما أسس لجان تسوية للمساعدة في نزع فتيل الأزمات عند ظهورها.

بدأ البنا في وضع مزيد من التأكيد على مسئوليات الجماعة السياسية فيما يتعلق بمختلف القضايا مثل الزنا، وشرب الخمر، والقمار، والتعليم الديني غير الكافي في المدارس، ونفوذ البعثات المسيحية، والأكثر أهمية الصراع ضد الاستعمار.

وفي استجابة لانتقادات من اتهموا الإخوان بكونهم جماعة سياسية، أجاب البناالسياسة كان جزءًا من الإسلام، فالإسلام لديه سياسة احتضان لهذا العالم. بأن الانشغال ب

كل ذلك، بينما استمرت الجمعيات الإسلامية الأخرى، ليس لها أي اهتمام بالسياسة خلال الفورانات التي ميزت العشرينات والثلاثينات في مصر. واجتذبت الجماعة أعدادًا ضخمة من الشباب المثقفين المصريين خاصة الطلاب بتشجيعهم ودعمهم في التظاهر من أجل القضايا السياسية.

تضمن أول هجوم نشط من الإخوان في السياسة، ما يتعلق بالصراع العربي في فلسطين بين الصهيونية، والقومية العربية، والحكم البريطاني، ومثل جمعيات مصرية أخرى، جمعت الجماعة أموالاً لدعم العاملين الفلسطينيين للإضراب في انتفاضتهم الفلسطينية عام 1936-1939، ونظموا مظاهرات وخطبا لصالحهم. كما دعت الجماعة أيضًا إلى مقاطعة محلات اليهود في القاهرة، على أرضية أن اليهود كانوا يمولون الجماعات الصهيونية في فلسطين وظهرت في صحف الإخوان مقالات عدوانية ضد اليهود (وليس مجرد ضد الصهاينة، إلا أنه في مقالات أخرى أيدت التمييز بين اليهود والصهاينة).

طوَّر الإخوان في منتصف الثلاثينات بناءً هرميًا رسميًا، على رأسه المرشد العام (البنا)، ويساعده مكتب إرشاد ومساعد ونائب، وكانت الفروع المحلية منظمة إلى مناطق، وكان لإدارتها قدر كبير من الاستقلال، وكان للعضوية طبقات عديدة، بمسئوليات متزايدة، فهناك المساعد، والزميل، والعامل، والناشط، وكانت رسوم العضوية تعتمد على إمكانيات كل فرد، وكان الأعضاء الفقراء معفيين من الرسوم، وكانت الترقية في السلم الهرمي تعتمد إلى إنجاز الواجبات الإسلامية، وعلى المعرفة المحصلة من المجموعات الدراسية للجماعة، هذا النظام القائم على الجدارة كان فيه مغادرة جذرية للهرمية القائمة على الوضع الاجتماعي التي ميزت المجتمع المصري في ذاك الوقت.

في عام 1938، استنتج البنا أن كبار الموظفين المحليين حققوا مزيدًا من النفوذ في الجماعة، وأنه كان هناك أعضاء كثير جدًا لديهم ألقاب فارغة، ولديهم واجبات عملية قليلة، وكل هذه المشاكل، أدخل تعديلات تنظيمية رئيسية في السنوات القليلة التالية، ومنذ ذلك الحين، كانت اللجان التنفيذية للفروع يتم اختيارها بواسطة مكتب الإرشاد العام بدلاً من انتخابهم، وفي عام 1941، استُبدلت الجمعية العامة المنتخبة بهيئة معينة أصغر تسمى الجمعية الاستشارية، وبقي بناء الجماعة غير مركزي ولذلك استمرت الفروع في العمل في حال اعتقال أعضاء قياديين.

رغم تشكك البنا فيما يتعلق بالانتخابات، والظاهر في دور المنتخبين المنخفض في الإخوان، طالب بنوع من الديمقراطية عندما وضع وجهة نظره في المبادئ التي تحدد الإسلام السياسي عام 1938.

عندما ينظر المرء إلى المبادئ التي ترشد النظام الدستوري للحكومة، يجد أن هذه المبادئ تهدف إلى حفظ حرية المواطنين في شتى أشكالها، لجعل الحكام مسئولين عن تصرفاتهم أمام الشعب، وأخيرًا، لتحديد أي امتيازات لأي شخص موثوق به. ولكي أكون واضحًا فإن هذه المبادئ الرئيسية تتسق تمامًا مع تعاليم الإسلام فيما يتعلق بنظام الحكم، ولهذا السبب يعتبر الإخوان المسلمين أن من بين جميع الأنظمة الموجودة للحكومة، فإن النظام الدستوري هو أفضل صيغة توافق الإسلام والمسلمين. هذا النظام ينبغي أن يتضمن انتخابات، ولكن ليس أحزابًا سياسية، فقد رفض البنا سياسة الأحزاب، مشيرًا إلى أن الأحزاب السياسية المصرية في ذاك الوقت كانت مغلقة عن الكل ما عدا الصفوة، وأصبحت أدوات للحكم البريطاني الاستعماري.

الحرب العالمية الثانية

في أواخر الثلاثينات، مع استمرار تأكيد الإخوان على التصرفات بدلاً من الأقوال، دفع بعض الأعضاء التنظيم لتشكيل جناح عسكري للقيام بالكفاح المسلح ضد الحكم الإنجليزي الاستعماري، ورفض البعض طاعة قيادة الإخوان المسلمين، والمساهمة في صدامات منعزلة مع البوليس، وشعر المرشد العام للإخوان حسن البنا، شعر أن التنظيم ليس مستعدًا للتورط في حملات عسكرية، وأن أولئك الذين رغبوا في فعل ذلك إنما سلكوا الطريق الخطأ وفقدوا الهدف. ووضع خطة بعيدة المدى، أكثر حذرًا لتكوين مجموعات من الأعضاء يسمون الكتيبة تلقوا تدريبًا روحيًا وبدنيًا صارمًا، وبمجرد أن أصبح هؤلاء الأعضاء كافين، شعر البنا أنه يجب إعداد الكتيبة للانخراط في شئون الحرب، وذلك ينبغي ألا يشمل الإرهاب أو تصرفًا ثوريًا الذي رفضه البنا تمامًا (وفقط كملجأ أخير إذا فشلت جميع الوسائل السلمية)، أعلن بوضوح الحرب على الاحتلال، ومع ذلك، فقد فشل نظام الكتائب في تطوير النمط الذي تمناه البنا، وازداد الصراع المسلح ضد الانجليز، وفي عام 1939، تطورت الأزمة الداخلية في التنظيم إلى أزمة كبيرة، ترك خلالها معظم الكوادر الأكثر نشاطًا تركوا الجماعة ليكونوا منظمة ثورية تسمى شباب محمد. وفي العام التالي، ونتيجة لهذا الصراع، كون التنظيم جناحًا عسكريًا يسمى الجهاز السري، الذي استمر غير نشط خلال سنوات الحرب.

كان رأي الجماعة أن تمتنع مصر عن المشاركة في الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1940، ومن أجل تأكيد تدعيم مصر لجهود الحرب، والتي بدأت بإرسال جنود للحلفاء، بدلت بريطانيا الحكومة المصرية بحكومة أخرى يكون تعاونها أكيدًا. وفرض الحكم العسكري، وفي عام 1941، تم اعتقال بعض الشخصيات العامة اعتبرتهم بريطانيا هدامين، وسُجن حسن البنا مرتين (وكان يطلق سراحه بعد أسابيع)، وصودرت صحافة الإخوان، وحظرت اجتماعات الجماعة، ومنع أي إشارة لها في الصحافة.

كانت قيادة الإخوان حريصة على تجنب المواجهات التي يمكن أن تعطي الحكومة ذريعة لقمع الجماعة كليًا، وأثناء سنوات الحرب تغيرت الجماعة لتتجنب القضايا الحساسة حماية لكيانها، وركزت الجماعة على الحفاظ على/وتوسعة قاعدة أعضائها، وتوسعة برامجها الاجتماعية الخيرية، التي تضمنت المساعدة الإنسانية لضحايا حزب الحلفاء للمدن المصرية، وفي عام 1943، بدلت الجماعة نظام الكتائب بشكل من تنظيم داخلي يسمى "الأسر" وهو نسيج مغلق من خمسة أعضاء لكل أسرة يلتقون بشكل منتظم في منازلهم، وفرضوا مسئوليات لخير الجميع.

ساهم العجز والتفجيرات في خلق وضع سياسي، وبعد مظاهرات ضخمة من الطلبة في فبراير 1942، استقالت الحكومة وحاصرت القوات الإنجليزية قصر الملك، وأجبرته على قبول حكومة يرأسها حزب الوفد (مما دمر مصداقية حزب الوفد في عيون المصريين) واستمر الوفد مواليًا كلية للإنجليز أثناء الحرب، كما فعلت ذلك حكومة السعديين التي تبعته في فبراير1945. عام

كان أول تصرف لحكومة الوفد التي نصبها الإنجليز عام 1942 هو حل البرلمان، والدعوة إلى الانتخابات، وعندما أعلن البنا ترشحه، ضغط عليه النحاس باشا لينسحب، ووافق ولكن في المقابل حصل على وعد من رئيس الوزراء بأن تستأنف الإخوان أنشطتها المعتادة، وأن تأخذ الحكومة موقفًا لمنع الزنا، وبيع المشروبات الكحولية، وبعد ذلك بقليل جعلت الحكومة الزنا غير قانوني، وقيدت بيع المشروبات الكحولية، خاصة في العطلات الدينية، وسُمح للإخوان بمتابعة بعض أنشطتهم، ولكن على مدى السنوات العديدة التالية تراوحت الحكومة بين القمع والمصاحبة تجاه الجماعة. خلال الأربعينات أخذت العضوية في الجماعة تتزايد، وبحلول عام 1948، كان للجماعة ألفي (2000) فرع، ويعتقد أن أعضاءها قد وصلوا إلى أكثر من مليون عضو.


الوطنية بعد الحرب

في الانتخابات عام 1945، هُزم الإخوان حتى في أقوى معاقلهم في الإسماعيلية نتيجة التزوير، وأدى إقصاء الجماعة من السياسة، أدى إلى تقوية أولئك الأعضاء الذين أيدوا مواجهة أكثر أصولية مع الدولة، وجعلتهم غير راغبين بشكل متزايد الخضوع لإصرار البنا على السلوك الغير عنيف. تواجد قوات الحلفاء خلق العديد من الوظائف، وأدى إلى إنشاء الاتحادات التجارية بعد الحرب، وأدى مغادرة معظم هذه القوات إلى خلق طبقة من غير العاملين، وارتفع التضخم واتسعت الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتدنت الرواتب، وفي أثناء الحرب، تدفقت الدعاية في مصر من كافة الجوانب. وكان الصراع يتشكل في: الدعاية البريطانية والأمريكية عن الديمقراطية والاستقلال الوطني من النازية، والقمع السوفيتي، والدعاية الألمانية حول تحرر مصر والعرب من الاستعمار الغربي، والدعاية الروسية حول قوة الاقتصاد السوفيتي، والعدالة الاجتماعية. واحتلال بريطانيا ل مصر، والصراع في فلسطين، والإحباط المستوطن مع الوضع السياسي والاقتصادي، والأفكار الشيوعية كل ذلك وجد أنه من السهل أن يجذب أعضاء جُدُد.

في سبتمبر من عام 1945، تبنت الجماعة دستورًا جديدًا. اعترف رسميًا بالكيانات التي قامت خلال إعادة تنظيم الجماعة عام 1938، كما أنها أخضعت سجلاتها لإشراف وزارة الشئون الاجتماعية، كما يطالب بذلك القانون، وتم تصنيف الجماعة كمؤسسة اجتماعية سياسية دينية، وكان ذلك يعني أن المساعدة الحكومية التي تعطي للجمعيات الخيرية يمكن أن تتاح فقط لبعض أنشطتها، وكانت أنشطة الجمعية الخيرية قد انفصلت بمديرها الخاص وهيكلها الهرمي الخاص، من أجل توفير حماية أفضل لهم من التداخل السياسي. خلال سنوات ما بعد الحرب نمت جماعة الإخوان بسرعة، واستمرت في توسيع أنشطتها الخيرية، وذلك بإقامة المستشفيات والعيادات والصيدليات، والمدارس التي تقدم مقررات فنية وعلمية للصبية، والبنات والكبار، وإقامة المصانع الصغيرة للمساعدة في علاج البطالة التي حدثت بعد الحرب. كانت الصفوة الحاكمة في مصر رافضة بشدة للشيوعية، وبذلك تتفق مع الإخوان كلية، وقامت الحكومة بناء على ذلك بمحاولات لاستخدام الإخوان كأداة ضد خصومها الشيوعيين، ومع ذلك كانت الأزمة بين الصفوة والإخوان حتمية، لأن الإخوان شأنهم شأن الشيوعيين، فهم ناشطون، وقادرون على توسعة رقعة عدم الرضا عن الوضع الاجتماعي الموجود، وكانوا تواقين للقيام بتغييرات كبيرة لعلاج ظلم المجتمع المصري.

عبرت منشورات الإخوان عن عداء شديد تجاه الحكومة وسياساتها، وكان الإخوان يشكلون قوة رئيسية كبيرة في الإضرابات والمظاهرات الوطنية، وفي أكتوبر عام 1945، نظمت الجماعة مسيرات في القاهرة ومدن أخرى من أجل الحرية الوطنية، وكان الإخوان والوفد الحزبان المعارضان الرئيسيان، وكان الوفد خارج السلطة وكان متشوقًا لنصرة قضية الوطنية، وكان مدعومًا في هذه القضية بالشيوعيين، ووجد الإخوان أنفسهم في منافسة مباشرة مع الوفد لقيادة الحركة الوطنية ورغم عدم الثقة العميق المتبادل، إلا أن المجموعتين اشتركتا في نفس المظاهرات الكبيرة، وقد رفض الإخوانالإخوان هدفًا لإزعاج البوليس وللاعتقالات، وتعرض شباب الإخوان و الوفد للصدامات عام 1946، وكاد البنا أن يُقتل بهجوم بقنبلة، وبعد هذه الصدامات عقد ممثلين من الإخوان و الوفد اجتماعات سرية على أمل الوصول إلى تفاهم مما خفَّض بشكل كبير التوترات بين الجانبين. التعاون مع الشيوعيين، مما أدى إلى انهيار الجهة الموحدة، ورفضت الجماعة بشدة هذه التحديات، ونظمت إضرابات بمفردها مما أصل علاقاتها السيئة مع الحكومة، وأصبح

في نفس العام، رجع صدقي باشا من محادثات في لندن بمسودة معاهدة لم تقبلها المجموعات الوطنية مطلقًا، وانفجرت مشاغبات الطلاب العنيفة، وبدأ أعضاء من إخوان الجهاز السري في تنفيذ هجمات على البريطانيين، وعلى مراكز البوليس المصري، واستمروا في عمل ذلك عبر السنوات القليلة التالية. واستجابت الحكومة لذلك العنف المتصاعد بمعايير قمعية قاسية، بما في ذلك موجة من الاعتقالات بين صفوف الإخوان والمجموعات الوطنية الأخرى، واستمرت المشاغبات خلال عام 1946، ثم استقالت الحكومة في ديسمبر.

في يوليو عام 1947، كونه صاحب رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشيالإخوان، قاطع مصطفى مؤمن مناقشات مجلس الأمم المتحدة عن مصر لعمل حديث عن بهو المتفرجين رافضًا جميع المناقشات مع البريطانيين، وداعيًا إلى انسحاب كامل وفوري للبريطانيين من مصر، ومع ذلك لم يفعل مجلس الأمن شيئًا. باشا إلى الأمم المتحدة ممثلاً عن

في مصر، وبين العرب والمسلمين، استمرت القضية الفلسطينية في استلهام تعاطفات قوية، وأعطى حل عام 1947 من الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، أعطى القضية تسارعًا أكبر، وأرسلت جماعة الإخوان متطوعين للحرب في فلسطين عام 1948، وأثناء الحرب كان هناك العديد من الهجمات بالقنابل على اليهود في القاهرة، وفي قضية الجيش التي سوف تناقش فيما بعد، ظهر أن أعضاء من الجهاز السري للجماعة كانوا مسئولين عن بعض تلك الأعمال.

في مارس عام 1948، اغتال أعضاء من الجهاز السري قاضيًا مصريًا هو http://www.ikhwanwiki.com/index.php?ti

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 142 مشاهدة
نشرت فى 13 إبريل 2011 بواسطة IKHWANABUTESH

ساحة النقاش

الإخوان المسلمون بأبوتشت

IKHWANABUTESH
هذا موقع ( الإخوان المسلمين ) فى مركز أبوتشت .. من خلاله نتعرف على دعوة الإخوان وأفكارها واتجاهاتها ومواقفها من القضايا المختلفة ..ومتابعة أخبار الإخوان وفعالياتهم .. ونرحب بمشاركات وآراء الجميع ، فشعارنا ( معاً نحمل الخير لكل الناس ). »

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,456