////
ذيل الأستاذ !
قصة بقلم :
حسن حجازي
///
كالعادة مثلما , يفعل كل يوم , دخل الفصل , رمى حقيبته التي تحوي داخلها كل شيءٍ إلا ما يخص العلم والتعليم , لم يقل صباح الخير ولم يأبه لعدم قيام بعض التلاميذ لتحيته عند دخوله , بل و لم يطلب ورقة الغياب , باب الفصل دوماً مفتوحاً على مصراعيه طوال الحصة للدخول و للخروج , الأمور كلها عنده سواء , لديه عداء لكل ما هو جديد ..يمقت الكمبيوتر ..يحقد على غرفة المناهل .. الوسائل التعليمية لا جدوى منها.. ما يشغله هو بيته وأولاده والأسعار التي لا يستطيع ملاحقتها وراتبه المتأكل البسيط و سرعة الجزاءات التي تنهال عليه خصماً من راتبه الهزيل , طوال وقت الحصة لا يجلس أبداً , أصبع الطباشير الرخيص لا يفارق يده وما دام غباره يغطي ملابسه ويلطخ بياضه وجهه الشاحب فهو يؤدي واجبه , دوماً وجهته ُ للسبورة يكتب و يشرح لنفسه لا يلتفت للتلاميذ لا يطلب واجبات, ولا يعترف بالمناقشات ... رأي التلميذ عنده لا وجود له , لم يعرف الدروس الخصوصية ,ولا مجموعات التقوية , توقف به الزمن ..ما دام التعليم يُفرخ خريجين مصيرهم الشارع .. لا داعي للتعليم .. منطق .. زوجته.. أولاده.. شغب تلاميذه .. سوء معاملة الرؤساء.. تندر الزملاء .. تبلده .. توقف به الزمن ..لا يبالي ..تنقل بين المدارس .. هو الفشل بعينه ..لولا الدروس الخصوصية التي لا يعرفها, و التي أدمنها تلاميذه عندَ غيره .. ..لرسبَ كل تلاميذه ..زاد شغب تلاميذه ..ألقوا البيض على السبورة لم يتحرك ..بالطباشير لم يهتم .. قام أحد الأشقياء بعمل ذيل طويل من الورق وربطه في مؤخرة قميصه المكرمش .. لم يشعربه .. صرخ الأولاد :
ذيل يا أستاذ !
يا استاذ ذيل !
لم يحرك ساكنا ً .. تحرك زعيمهم وأخرج علبة كبريت وأشعل الذيل.. لا ليحرق ذيل الأستاذ ولكن ليحرق نظام تعليم فاشل !!
هذا ما قاله ُ لي مدير المدرسة الجديدة التي أنتقلت إليها حديثاً في أول يوم ِ عمل هناك وقال محذرا ً وهو يوقع لي على جدول حصصي ويسلمه في لطف :
- أتود أن تصبح َ مثل هذا الأستاذ البائس ؟! وعلى قدر ما تعطي وتتعب وتمنح من جهد ووقت ..وعلى قدر ما تحب تلاميذك ..على قدر ما تحصد !
ثم شد على يدي وتمنى لي التوفيق !
*****
ساحة النقاش