الهدير لمكافحة وابادة الافات والقوارض

شركة الهدير لمكافحة وابادة الــحــشــرات أبادة الحشرات بأسلوب صحي وسليم بـــــدون رائــــحـــة بــــ

 

 


أثار الحوار الساخن الذى جرى أخيرا بين دول منابع النيل من ناحية، ومصر والسودان وهما دولتا المصب من ناحية أخرى، العديد من التساؤلات عن أسباب هذا الموقف، وهل هو نابع من متطلبات وطنية حقيقية أم له دوافع سياسية غير مبررة؟ وهل تحتاج هذه البلاد للمياه بحق، أم أن الغرض هو الحصول على تنازلات مادية أو معنوية؟ ثم هل تتخذ دول المنابع مواقفها بكامل إرادتها، أم أن هناك أيادى خفية تحرك هذه الإرادة لأغراض إقليمية أو عالمية؟ وأخيرا، يأتى التساؤل عن وزن كل دولة من دول المنابع السبع من حيث الإسهام فيما يصل إلى النيل الرئيسى من الماء؟ وهل يساوى التهديد بإقامة بعض السدود من جانب بعض الدول الاهتمام بما يمكن أن يخلفه من آثار، أم أنه لا يساوى أكثر من ثمن المداد الذى كتب به؟
وبداية، يجب أن نقول إن حوض النيل يتكون من ثلاثة أحواض فرعية، هى حوض هضبة البحيرات الاستوائية، وحوض الهضبة الإثيوبية وحوض بحر الغزال، وهذه الأحواض الثلاثة متباينة مناخيا ولا يرتبط أى منها بالآخر. ويتساوى متوسط الهطول المطرى على كل من هذه الأحواض على وجه التقريب، وقد يزيد مجموع هذا الهطول المطرى فى الأحواض الثلاثة على 1600 مليار متر مكعب سنويا، وإن كان الجريان السطحى من كل حوض يختلف اختلافا كبيرا. يأتى نحو 15% من هذا الجريان من حوض هضبة البحيرات الاستوائية المنبسطة فى معظم أرجائها، والتى تحتوى على العديد من المسطحات المائية والنباتية. أما حوض هضبة المرتفعات الإثيوبية، التى تتراوح فيها المناسيب بين أقل من 100 متر تحت سطح البحر وما يزيد على 4000 متر فوق منسوب سطح البحر، فإن الجريان السطحى منها يصل إلى 85% من المجموع الكلى، ولا يساهم حوض بحر الغزال الذى تنطلق فيه المياه إلى مسطحات مائية ومستنقعات وبرك طبيعية وغطاء خضرى هائل، دون أن يصل منها أى كمية معنوية إلى نهر النيل الرئيسى.
يغطى حوض نهر النيل الركن الشمالى الشرقى من القارة الإفريقية، وهو من أكثر أنهار العالم طولا- إن لم يكن أطولها على الإطلاق - حيث يسرى لما يقارب 6700 كيلومتر. وتبدأ أقصى منابع النيل فى الجنوب بالقرب من بحيرة تنجانيقا عند خط عرض 54 جنوبا، ويمتد إلى مصبه فى البحر المتوسط عند خط عرض 31 شمالا، قاطعا 36 من خطوط العرض. وتقدر مساحة الحوض بنحو 3,1 مليون كيلومتر مربع، تضم أجزاء من عشر دول هى أوغندا، وكينيا، وتنزانيا، ورواندا، وبوروندى، والكونغو، وإثيوبيا، وإريتريا، والسودان، ومصر. وخلال هذا الامتداد الهائل لحوض النيل، تتباين الظروف المناخية والحياة البرية الحيوانية والنباتية، وتختلف الأجناس والحضارات، واللغات، والديانات، والثقافات، وأيضا الأيديولوجيات. من هنا، كانت الحاجة الملحة لأن توكل مهمة التحدث باسم مصر فى أى محفل من محافل حوض النيل إلى فريق متعدد التخصصات، يجيد الإلمام بمختلف الجوانب التى تتشابك لتكون الشكل النهائى لهذه المنظومة المعقدة. أما أن يترك الأمر لفرد أو جماعة ليست لديها النظرة الشمولية للموضوع، فسينتهى به أو بهم الحال إلى ما لا يحمد عقباه. ومن المفيد هنا أن نذكر أن ما نحن بصدد شرحه وتوضيحه فيما بعد يعد الخطوة الأولى نحو معرفة العناصر الفاعلة الحقيقية فيما يصل إلى مصر من مياه النيل، ذلك لأننا لن نورد فقط مصدر ما يصل من إيراد طبيعى من المياه، ولكننا سنذكر أيضا احتمالات التحكم فى بعض أو كل هذه الموارد، وإمكانيات حجز البعض منها فى منطقة أعالى النيل، وإيقاف تمريرها إلى دولتى الممر والمصب.
منابع النيل من الهضبة الاستوائية:
تضم منابع النيل من الهضبة الاستوائية الأحواض الآتية:
1- حوض بحيرة فيكتوريا وحوض بحيرة كيوجا اللتين تتجمع مياههما فى نيل فيكتوريا.
أ - حوض بحيرة فيكتوريا:
تتغذى بحيرة فيكتوريا من مجموعة من الروافد التى تنساب إليها من الشمال الشرقى والجنوب والغرب، أهمها نهر كاجيرا الذى يبدأ أحد روافده فى أقصى الجنوب فى نقطة تبعد نحو 6740 كيلومترا عن مصب النيل بالبحر المتوسط عند مدينة رشيد. وتبلغ مساحة حوض بحيرة فيكتوريا، شاملة مساحة البحيرة نحو 262 ألف كيلومتر مربع، بينما تبلغ مساحة البحيرة نفسها نحو 67 ألف كيلومتر مربع، ويزيد منسوب الماء فى البحيرة بقليل على 1100 متر فوق سطح البحر. والبحيرة تميل إلى الاستدارة فى الشكل، ويصل أقصى طول لها إلى نحو 315 كيلومترا، وأقصى عرض لها 275 كيلومترا، ويبلغ العمق المتوسط للماء فيها 40 مترا، وأقصى عمق نحو 70 مترا. ويبلغ متوسط الهطول المطرى على حوض بحيرة فيكتوريا نحو 1150 ملليمترا سنويا.
ب- حوض بحيرة كيوجا:
وتقل مساحة هذا الحوض بكثير عن حوض بحيرة فيكتوريا، حيث لا تزيد على 6300 كيلومتر مربع، شاملا البحيرة التى لا تزيد مساحتها على 2750 كيلومترا مربعا. وتحيط بها من جميع جوانبها مساحات هائلة من المستنقعات التى تشغلها نباتات البردى، والتى تضعف حركة الملاحة فيها إلا خلال مواسم الأمطار الغزيرة، حين تتجه كميات كبيرة من المياه إلى البحيرة، وتصبح الملاحة ميسرة إلى حد كبير.
ويبلغ معدل الهطول المطرى على بحيرة كيوجا 1500 ملليمتر فى العام، ومعدل البخر من سطح البحيرة 1260 ملليمترا فى العام. يبلغ مجموع ما يصل إلى البحيرة من المياه 118 مليار متر مكعب، ومتوسط البخر من سطح البحيرة 84.5 مليار متر مكعب، أى أن صافى الإيراد السنوى نحو 33.5 مليار متر مكعب.
ج -نيل فيكتوريا :
هذا النهر هو المخرج الوحيد لبحيرة فيكتوريا، وتسرى فيه المياه فوق عدد من الشلالات، أولها شلالات ريبون، تليها شلالات أوين، ويبلغ متوسط سقوط المياه فوق هذين الشلالين نحو 20 مترا يلى ذلك شلالات بوجاجالى، ثم تصل المياه إلى بلدة نمساجالى التى تبعد نحو 80 كيلومترا من مخرج بحيرة فيكتوريا، حيث تصب مياه النهر فى بحيرة كيوجا.
بعد خروج نيل فيكتوريا من بحيرة كيوجا عند نقطة ماسندى بورت، يظل حاملا الاسم نفسه، حيث يسرى فى مجرى أو انحدار ضعيف لمسافة 80 كيلومترا حتى يصل إلى كامدينى، وهناك تنحدر المياه فوق عدد من الشلالات تنتهى بالشلالات المعروفة باسم مارشيزون التى تبعد عن نقطة كامدينى نحو 84 كيلومترا.
2- حوض بحيرة ألبرت:
تعتبر بحيرة ألبرت أحد المنابع المهمة لنهر النيل، لأنها تستمد مياهها من نيل فيكتوريا بشكل أساسى ومن بحيرة إدوارد التى تقع إلى الجنوب منها. وتتصل الأخيرة ببحيرة ألبرت عن طريق نهر السمليكى وبعض الروافد الصغيرة، الذى يستمد مياهه من الجانب الغربى لجبال رونزورى ومن بحيرة إدوارد. وتبلغ مساحة بحيرة ألبرت نحو 5300 كيلومتر مربع، وترتفع مناسيب المياه فيها بما يزيد بقليل على 600 متر فوق سطح البحر. وقد قدر متوسط التصرف الذى يخرج من بحيرة ألبرت بنحو 23 مليار متر مكعب سنويا، وذلك خلال الأعوام من 1912 إلى 1957 التى تم رصد هذه التصرفات خلالها.
أ - نيل ألبرت :
يعرف الجزء من نهر النيل من مخرج بحيرة ألبرت حتى بلدة نيمولى على الحدود الجنوبية للسودان- والذى يبلغ طوله نحو 225 كيلومترا- باسم نيل ألبرت، ويكون الانحدار فيه ضعيفا للغاية، ولا يزيد على2.2 سم/كيلومتر.
ب - بحر الجبل :
بنهاية نيل ألبرت، تتغير طبيعة النهر، حيث يسير فى واد ضيق تحف به التلال من الجانبين، وتعترض مساره الجنادل والصخور التى تحول دون الملاحة فيه لمسافة تصل إلى 170 كيلومترا. يمر النيل خلال هذه المسافة ببعض المساقط التى يعتبر أهمها شلالات فولا وبيدن، إلى أن يصل إلى موقع الرجاف الذى تتيسر الملاحة فى النهر بعد تخطيه. ويصب فى بحر الجبل خلال مساره مجموعة من الروافد ومخرات السيول، أهمها نهر أسوا على الضفة الشرقية. يصل مجموع تصرفات هذه الروافد إلى 4,5 مليار متر مكعب عند منجلا التى تبعد 57 كيلومترا شمالى الرجاف. ويكون انحدار المياه فى هذه المسافة نحو30 سنتيمترا فى الكيلومتر. ويقدر مجموع التصرف المتوسط من مياه الهضبة الاستوائية عند منجلا (متوسط السنوات 1943 - 1957) ومياه السيول بنحو 26 مليار متر مكعب سنويا.
يبدأ بحر الجبل بعد منجلا فى اجتياز منطقة السدود، وهى معترضات من الحشائش والنباتات التى تحول دون الملاحة فى بحر الجبل، وتمتد امتدادا شاسعا على جانبى حوض بحر الجبل. ويفقد النهر فى هذه المنطقة ما يقارب نصف إيراده الطبيعى فى مساحة من المستنقعات تبلغ نحو 8000 كيلومتر مربع. ويقدر ما يخرج من بحر الجبل فى نهايته بنحو 15 مليار متر مكعب سنويا.
ملاحظات على منطقة هضبة البحيرات الاستوائية:
تتكون هضبة البحيرات الاستوائية من مجمعات أمطار متسعة تنتهى إلى بحيرات مختلفة الاتساع. تعتبر بحيرة فيكتوريا
(67 ألف كيلومتر مربع) أكبر هذه البحيرات، تليها بحيرة ألبرت (5300 كيلومتر مربع)، ثم بحيرة كيوجو (3750 كيلومترا مربعا)، بالإضافة إلى بعض البحيرات الثانوية مثل بحيرة جورج (300 كيلومتر مربع)، وبحيرة إدوارد (2200 كيلومتر مربع)، أما مجمعات الأمطار، فتصل فى حالة بحيرة فيكتوريا إلى 262 ألف كيلومتر مربع، و17 ألف كيلومتر مربع فى بحيرة ألبرت، و6300 كيلومتر مربع فى بحيرة كيوجا، و800 كيلومتر مربع فى بحيرة جورج، و12 ألف كيلومتر مربع فى بحيرة إدوارد. ويصل مجموع مجمعات الأمطار إلى ما يزيد على 300 ألف كيلومتر مربع.
يبلغ معدل الهطول المطرى على حوض بحيرة فيكتوريا نحو 1150 ملليمترا سنويا، وعلى حوض بحيرة كيوجا 1300 ملليمتر سنويا، وعلى حوض بحيرة ألبرت 1260 ملليمترا سنويا، وعلى حوض بحيرة جورج 1365 ملليمترا سنويا، وعلى حوض بحيرة إدوارد المعدل نفسه (1360 ملليمترا سنويا).
يزيد منسوب المياه فى بحيرة فيكتوريا على 1100 متر فوق سطح البحر، بينما يقل على 1000 فى بحيرة كيوجا عند نمساجالى، ويصل إلى 615 مترا فى بحيرة ألبرت، ويعلو فى بحيرتى جورج وإدوارد ليصل إلى 910 أمتار فوق سطح البحر.
تسرى المياه فى نيل فيكتوريا من بحيرتى فيكتوريا وكيوجا فوق شلالات ريبون (5 أمتار) وأوين (15 مترا) واللتين تقعان بالقرب من بلدة جنجا الأوغندية ومجموعة أخرى من الشلالات، إلى أن تصل إلى بلدة نمساجالى على مسافة 80 كيلومترا من المخرج، حيث تصب فى بحيرة كيوجا.
يسير النيل فى مجرى طبيعى ذى انحدار بسيط لمسافة 80 كيلومترا عقب خروجه من بحيرة كيوجا عند بلدة ماسندى بورت، حتى يصل إلى كامدينى، ثم تنحدر المياه فوق مجموعة من الشلالات تنتهى بشلالات المارشيزون التى تبعد 84 كيلومترا عن كامدينى.
يبلغ الفرق بين منسوب المياه فى بحيرة كيوجا عند ماسندى بورت ومدخل المياه إلى بحيرة ألبرت نحو 400 مترا، كذلك يصل الفرق فى المنسوب بين مياه بحيرتى جورج وإدوارد إلى نحو 300 متر.
6- تكمن إمكانات الاستفادة بالمساقط المائية فى توليد الطاقة الكهربائية فى نيل فيكتوريا قبل وبعد بحيرة كيوجا إلى بحيرة ألبرت، وفى نهر السمليكى الذى يربط بين بحيرة إدوارد وبحيرة ألبرت.
ورغم عدم توافر بيانات عن مناسيب الأراضى على تخوم البحيرات (فيكتوريا - كيوجا - ألبرت - جورج - إدوارد)، فإن العديد من المؤشرات يبين الحاجة إلى رفع المياه من هذه البحيرات، إذا كان المطلوب الاستفادة بمياهها فى الزراعة المروية فى الأراضى المتاخمة لها. يضاف إلى ذلك أن هذه المساحات تمارس فيها الزراعة المطرية، ومن ثم سيكون المطلوب هو فقط عددا من الريات التكميلية التى تستخدم الرى الضغطى
(وليس الرى بالراحة).
يوضح الجدول رقم (1) مجموعة من البيانات الخاصة بالدول التى تطل على هضبة البحيرات الاستوائية، والتى يمكن من خلالها التعرف على الحقائق الآتية:
تقع أوغندا بالكامل تقريبا داخل حوض النيل، ومن ثم فليست لها مصادر مائية أخرى يمكن ذكرها، تليها رواندا التى تقع 75% من أراضيها داخل الحوض، ثم بوروندى 48%. أما كينيا وتنزانيا، فلديهما أحواض أخرى غير النيل، ولا تتجاوز المساحة من هاتين الدولتين التى تقع داخل حوض النيل نسبة 10%. أما الكونغو، فإن 99% من أراضيها تقع خارج حوض النيل.
لا تزيد النسبة المئوية للدول الست مجتمعة فى مساحة حوض النيل كاملا على 13% بكثير.
تتراوح نسبة الهطول المطرى فى هذه الدول داخل حوض النيل بين 1000 و 1250 ملليمترا سنويا، وهى معدلات لا تفى باحتياجات البخر والنتح. ومن ثم، فإن متطلبات الزراعة المروية تملى أن يكون هناك رى تكميلى، سواء كان ذلك عن طريق مياه تسحب من حوض النيل أو تسحب من أحواض أخرى. إمكانات المياه الجوفية فى معظم هذه الدول إيجابية، إلا أن صعوبة تدبير الطاقة تجعل من ضخ المياه من الخزانات الجوفية أمرا من الصعب تحقيقه.
ويعتبر بحر العرب أهم أنهار حوض بحر الغزال، وتبلغ مساحة حوضه نحو 210 آلاف كيلومتر مربع. ونهاية بحر العرب الجنوبية التى يجرى فيها شرقا تجاه مستنقعات بحر الغزال، عبارة عن برك تكاد تكون غير متصلة، ولا توجد أرصاد موثقة لهذا البخر فى أحباسه العليا.
كذلك، يعتبر من أهم أنهار حوض بحر الغزال نهر لول الذى يقدر تصرفه السنوى بنحو 4.3 مليار متر مكعب فى السنة عند نقطة نيامل.
ورغم أن الهطول المطرى على حوض بحر الغزال يعادل على وجه التقريب الهطول المطرى على هضبة البحيرات الاستوائية، وأيضا الهطول المطرى على حوض النيل فى المرتفعات الإثيوبية، فإن مساهمة هذا الحوض فى تغذية النيل الرئيسى تكاد تكون معدومة، نظرا للانتشار الواسع للمياه فى مناطق المستنقعات، حيث تفقد بالكامل بالبخر والتسرب.
لهذا، فقد أجريت العديد من الدراسات لاستقطاب الفواقد المائية فى هذا الحوض. وقد انتهت الدراسات إلى إمكان إنشاء قناتى تحويل، إحداهما فى شمال الحوض لتجميع مياه الأنهار الشمالية وتوصيلها بأحد الروافد الطبيعية إلى النيل الأبيض، والقناة الثانية فى جنوب الحوض لتجميع مياه الأنهار الجنوبية وتوصيلها إلى بحر الجبل. كذلك، تشير بعض الدراسات إلى إمكانية تخزين المياه فى الأحباس العليا للأنهار الرئيسية، حيث يمكن التحكم فى تصرفاتها واستخدامها للأغراض المختلفة.
ونظرا لوقوع حوض بحر الغزال بالكامل فى منطقة جنوب السودان، لذا فإن مستقبل المشروعات المهمة فى هذا الحوض يتوقف على الاستفتاء الذى سيجرى فى هذه المنطقة عام 2011، وهو إما أن يسفر عن بقاء الجنوب متحدا مع الشمال فى دولة واحدة، أو أن ينتهى إلى استقلال جنوب السودان. ويصبح مستقبل المنطقة فى هذه الحالة مرتهنا بالظروف السياسية للدولة الوليدة، وقدرتها على التعامل مع الظروف الإقليمية والدولية، وإمكانية تعرضها فى الوقت نفسه لأطماع من الدول المجاورة أو الدول الخارجية التى قد تجد فى الثروات الطبيعية للمنطقة (البترول - المياه - الأراضى .الخ) ما يستحق المغامرة.
من هنا، فإن مستقبل شمال السودان ومصر يرتبط ارتباطا وثيقا بجنوب السودان. وبقاء هذا الأخير ككيان متحد مع شمال البلاد يعتبر من العوامل شديدة الأهمية لبقاء الاستقرار المائى والسياسى والأمنى للسودان ومصر على حد سواء.
3- منابع النيل من هضبة المرتفعات الإثيوبية:
تضم منابع النيل من هضبة المرتفعات الإثيوبية حوض نهر السوباط، وحوض النيل الأزرق، وحوض نهر عطبرة
أ - حوض نهر السوباط:
يتكون نهر السوباط من رافدين رئيسيين هما نهر البارو ونهر البيبور. ويمر النهر الأول (البارو) ببلدة جامبيلا على بعد نحو 200 كيلومتر عن نقطة التقاء النهرين، حيث يصب فى نهر السوباط. ويبلغ متوسط تصرف نهر البارو عند جامبيلا نحو 13,4 مليار متر مكعب سنويا (1928 - 1959) يصل منها إلى المصب فى نهر السوباط نحو9,6 مليار متر مكعب سنويا (1929 - 1977). أما الجزء الأكبر، فيضيع فى خور مشار وغيره من الجيران التى تنطلق المياه منها إلى مستنقعات مشار، التى يتم فقد كامل إيرادها بالبخر. أما نهر البيبو، فإن متوسط تصرفه عند مصبه فى نهر السوباط يصل إلى 2,8 مليار متر مكعب/ سنة.
يبلغ مجموع تصرف نهرى البارو والبيبور نحو 12,4 مليار متر مكعب/ سنة، يزيد إلى 12,9 مليار متر مكعب عند بلدة الناصر على بعد 40 كيلومترا، ثم يزيد مرة أخرى إلى 13,6 مليار متر مكعب عند جلة دوليب التى تقع على بعد 23 كيلومترا جنوب ملاكال (1912 - 1977). وتقدر مساحة حوض نهر السوباط بنحو 187 ألف كيلومتر مربع منها 41 ألف كيلومتر مربع تشكل حوض نهر البارو، و109 آلاف كيلومتر مربع تشكل حوض نهر البيبور+37 ألف كيلومتر مربع، تشكل حوض نهر السوباط الرئيسى. ويتراوح معدل الهطول المطرى بين 800 و 1000 ملليمتر فى السهول إلى 2000 ملليمتر فى المرتفعات. بينما يصل معدل البخر فى مالاكال وجامبيلا إلى نحو 1400 ملليمتر فى العام.
بعد التقاء نهرى البيبور والبارو وتكوينهما مجرى نهر السوباط، يخترق هذا النهر الحدود السودانية - الإثيوبية، حيث يلتقى بالنيل الأبيض على بعد 350 كيلومترا من نقطة التقاء النهرين.
وتدل الدراسات على إمكانية تنظيم تصرفات نهر البارو بإنشاء خزان فى منطقة جبيلا على الحدود السودانية - الإثيوبية بسعة 1,5 مليار متر مكعب. كما أن أحد مشروعات استقطاب الفواقد المعروفة منذ أمد طويل يتمثل فى تحويل جزء من مياه مستنقعات مشار لتصب فى خور أدار المتصل طبيعيا بالنيل الأبيض.
ب - حوض النيل الأزرق:
تغذى مياه أمطار حوض النيل الأزرق بحيرة تانا والروافد التى تصب فيها، كما تغذى هذه الأمطار الروافد العليا للنيل الأزرق مباشرة، فى المسافة بين مخرج النهر من بحيرة تانا وحتى سد الروصيرص على بعد نحو 900 كيلومتر من مخرج بحيرة تانا.
وتقدر مساحة بحيرة تانا بنحو 3000 كيلومتر مربع، ومنسوب سطح المياه بها بنحو 1800 متر فوق منسوب سطح البحر. وينخفض منسوب الماء ليصل إلى 510 أمتار عند بلدة فاماكا على الحدود السودانية، ثم إلى 440 مترا عند الروصيرص، ثم إلى 373 مترا عند الخرطوم. ويقدر التصرف المتوسط لبحيرة تانا بنحو 3,8 مليار متر مكعب/ سنة (1921 1925)
(1928 - 1933) يزيد عند الروصيرص إلى 50,2 مليار متر مكعب/ سنة، أى باكتساب كمية كبيرة من الروافد المغذية تصل إلى 46,4 مليار متر مكعب.
ويتغذى النهر أيضا خلال المسافة من الروصيرص إلى الخرطوم (660 كيلومترا) من رافدى الدندر والرهد اللذين يصبان فى الجانب الأيمن للنهر، بتصرف مقداره 3 مليارات متر مكعب سنويا من الأول، ونحو مليار متر مكعب واحد من الثانى.
يصب النيل الأزرق فى النيل الرئيسى عند مدينة الخرطوم، حيث يصل متوسط تصرفه السنوى إلى نحو 50 مليار متر مكعب سنويا. والنيل الأزرق نهر عنيف شديد الاندفاع فى موسم الفيضان، مما يجعل مياهه قادرة على حمل الصخور المفتتة من الهضبة الإثيوبية. ويعود الفضل فى تكوين دلتا نهر النيل إلى ما حمله إليها النيل الأزرق ونهر عطبرة من الطمى عبر آلاف السنين.
ج - حوض نهر عطبرة:
ينبع نهر عطبرة من الهضبة الاثيوبية بالقرب من بحيرة تانا، وله رافدان رئيسيان هما بحر السلام ونهر ستيت ويتغذيان من الأمطار التى تسقط على الميول الشمالية للجبال الإثيوبية. ويبلغ طول نهر ستيت نحو 1215 كيلومترا، وتبلغ مساحة حوض نهر عطبرة ورافديه نحو 100 ألف كيلومتر مربع، بينما تبلغ مساحة باقى الحوض بعد مصب نهر ستيت على بعد 514 كيلومترا من مصب العطبرة بالنيل الرئيسى نحو 43600 كيلومتر مربع. وتقع مدينة عطبرة التى يصب عندها النهر فى النيل الرئيسى على بعد 310 كيلومترات شمال مدينة الخرطوم. ويمثل المطر الذى يسقط على حوض نهر ستيت المصدر الرئيسى لإيراد نهر عطبرة، ويقدر بنحو 800 ملليمتر فى العام تقل إلى 300 ملليمتر فى العام فى حوض عطبرة الأسفل. وبذلك، يقدر تصرف نهر عطبرة عند المصب بنحو 12 مليار متر مكعب (1912 - 1973). ويتزايد تصرف نهر عطبرة من شهر يونيو، حتى يصل إلى الذروة خلال شهرى أغسطس وسبتمبر، ثم يتناقص تدريجيا إلى شهر ديسمبر، ويبدأ الجفاف ابتداء من شهر يناير ويستمر حتى شهر مايو من كل عام. ويتشابه نهر عطبرة مع النيل الأزرق فى أن كليهما نهر موسمى الإيراد.
ملاحظات على الهضبة الإثيوبية :
تصل المياه من الهضبة الإثيوبية إلى نهر النيل الرئيسى عن طريق ثلاثة مصادر رئيسية:
* نهر السوباط الذى يحمل المياه عن طريق نهرى البارو والبيبور إلى النيل الأبيض جنوب مدينة الخرطوم بتصرف سنوى يصل إلى 13,6مليار متر مكعب سنويا، بعد أن يفقد كميات كبيرة من تصرف نهر البارو وفى مستنقعات مشار.
* نهر عطبرة الذى يحمل المياه من بحر السلام ونهر ستيت ثم يصبها فى النيل الرئيسى شمال مدينة الخرطوم، وعلى بعد 310 كيلومترات منها وبواقع نحو 12 مليار متر مكعب سنويا.
* النيل الأزرق الذى ينبع من بحيرة تانا، حيث يصل منسوب المياه بها إلى 1800 متر فوق سطح البحر، ثم يسرى إلى بلدة فاماكا على الحدود السودانية، حيث تنخفض مناسيب المياه إلى 510 أمتار، ثم إلى مدينة الروصيرص السودانية، حيث تقل مناسيب المياه مرة أخرى إلى 440 مترا، ثم يصب عند مدينة الخرطوم، حيث تصل مناسيب المياه إلى 373 مترا. ويبدأ التصرف عند مخرج البحيرة قليلا (3.8 مليار متر مكعب سنويا) تزيد باطراد خلال سريان النهر عن طريق العديد من الروافد، حتى تصل إلى ما يقارب 50 مليار متر مكعب عند المصب.
ويبدأ فيضان نهر عطبرة والنيل الأزرق موسمى فى شهر يونيو من كل عام، ويستمر حتى شهر سبتمبر، ثم يقل حتى شهر ديسمبر، ثم يحدث جفاف تام خلال الأشهر من يناير إلى مايو. والفارق الكبير فى المناسيب على النيل الأزرق (من 1800 متر فوق سطح البحر عند بحيرة تانا وحتى 373 مترا فوق سطح البحر عند الخرطوم) جاذب لانتباه كافة خبراء الرى وتوليد الطاقة الكهربائية، ومن ثم فإنها الشغل الشاغل للعديد من المستثمرين المحليين والإقليميين وأيضا الدوليين. كما أنها تغرى العديد من القوى المحلية والإقليمية والدولية التى تتدخل لتشكل على هواها السياسات التى تعتمد على الماء أو ما درج على تسميته Hydropolitics .لذا، كان من غير المستغرب أن تقود إثيوبيا الحملة الأخيرة للتحرر من أى قيود على استخدام الماء الذى يشكل الهطول المطرى على مرتفعاتها المصدر الرئيسى له، على الرغم من أن الإيراد المائى للبلاد، الذى يتمثل فى الجريان السطحى من النيل الأزرق ونهر العطبرة ونهر السوباط، يصل إلى 84 مليار متر مكعب سنويا. ولدى البلاد 12 حوضا نهريا أخرى يبلغ الإيراد السنوى لها نحو 38 مليار متر مكعب سنويا.
إلا أن اهتمام إثيوبيا بحوض النيل يتمثل فى الحصول على القدر الأكبر من مياه هذا الحوض. وإذا لم يمكن الحصول على المياه، فإن الحصول على مقابل آخر مادى أو سياسى أو معنوى فيه تعويض عن المياه التى قد لا تكون البلاد فى حاجة إليها، مثل حاجتها للمال أو المساعدات المادية أو العينية، خصوصا أن استخدام كامل الهطول المطرى غير ممكن، فى ظل الظروف السائدة من العجز الشديد فى السعة التخزينية والبنية الأساسية اللازمة لنقل وتوزيع المياه، وتلك اللازمة لتسهيل حركة المواطنين، مثل الطرق بأنواعها، والسكك الحديدية، وشبكات الكهرباء والهاتف، وغير ذلك من التسهيلات.
من المفيد هنا إيضاح بعض البيانات التى سبق وضعها فى الجدول رقم (1) عن دول هضبة البحيرات الاستوائية لباقى دول الحوض وهى إثيوبيا، وإريتريا، والسودان، ومصر.
ويتضح من النظرة الأولى للجدول السابق أن مصر هى أكثر دول الحوض على الإطلاق اعتمادا على مياه النيل، ومن ثم فإن هناك مبررا قويا لأن تعتبر الحكومة المصرية والشعب المصرى أن مجرد المساس بأى جزء من الحصة التى حصلت عليها البلاد خلال الأعوام الخمسين الماضية، ومحاولة خفض هذه الحصة بمتر مكعب واحد، خط أحمر لا يمكن القبول به. ويستلزم الأمر التشدد فى التمسك بهذه الحصة، وفى الوقت نفسه أن يتحلى المفاوض المصرى بالمرونة الفائقة تجاه مقايضة مياه النيل بتسهيلات إلى الشركاء فى الحوض، وخصوصا من لهم ظروف اقتصادية ضاغطة أو من يرغبون فى الحصول على مساعدات فنية، أو دعم سياسى، أو غير ذلك من التسهيلات.
4- النيل الأبيض :
يغلب على مجرى النيل الأبيض بين بحيرة نو ومصب السوباط بطول 123 كيلومترا قلة الانحدارات، وكثرة المستنقعات. ويقدر متوسط البخر السنوى من الحوض بنحو 1250 ملليمترا/ سنة. ويصل إلى النيل الأبيض من بحر الجبل وبحر الزراف نحو 14,7 مليار متر مكعب سنويا، يصل منها إلى منطقة ملاكال قبل مصب نهر السوباط نحو 14,4 مليار متر مكعب سنويا.
يتجمع فى النيل الأبيض عند ملاكال المياه الخارجة من بحر الجبل وبحر الزراف (نحو 15 مليار متر مكعب سنويا) وبحر الغزال (500 مليون متر مكعب سنويا) ونهر السوباط (13,5 مليار متر مكعب سنويا) بمجموع نحو 29 مليار متر مكعب. ويبلغ طول النيل الأبيض بين مصب السوباط عند ملاكال والتقائه بالنيل الأزرق عند مدينة الخرطوم نحو 840 كيلومترا، لا يتخللها أى روافد ذات أهمية. ويكون متوسط عرض النهر خلال مسافة الـ 358 كيلومترا الأولى نحو 425 مترا. أما المسافة الباقية وطولها نحو 490 كيلومترا، فيتسع المجرى ليصل إلى 850 مترا فى المتوسط.
ويحيط بالمجرى فى الحبس الجنوبى من الجانبين الأيمن والأيسر سلسلة من التلال المتقطعة، يتحول الوادى حولها إلى منطقة مستنقعات خلال فترات الفيضان تكسوها الأعشاب الكثيفة، حتى يصل عرض المسطح المائى فى بعض الأحباس إلى ستة كيلومترات.
يجدر بالذكر أيضا أن معظم المراجع تشير إلى حساسية الإيراد الطبيعى لنهر النيل عند أسوان الشديدة للهطول المطرى على الهضبة الإثيوبية، ذلك لأن أى زيادة طفيفة فى هذا الهطول تزيد من الإيراد الطبيعى للنهر عند أسوان. والعكس صحيح، لأن أى نقص طفيف فى الهطول المطرى على الهضبة الإثيوبية يعمل على خفض كبير فى الإيراد الطبيعى عند أسوان. ولعل السبب فى ذلك يعود فى المقام الأول إلى الانحدارات الكبيرة التى تمر عليها المياه. من هنا، فإن تغير أحزمة المطر، وانخفاض الهطول المطرى على الهضبة الإثيوبية الذى يمكن أن تسببه التغيرات المناخية المتوقعة من الممكن أن يؤثرا سلبا إلى حد كبير فى الإيراد الطبيعى للنيل عند أسوان، والذى تتجاوز مساهمة هضبة المرتفعات الإثيوبية فيه 85% فى المتوسط.
والخلاصة هنا أن الظروف الطبيعية فى حوض النيل لها العديد من الإملاءات، كذلك فإن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية شديدة التباين والاختلاف. ومن ثم، فإن الفريق الذى يناط به تناول هذا الملف يجب أن يتحلى أولا بأخلاق الفريق، وألا يكون هناك أى مجال للفردية، وأن تتعدد التخصصات اللازمة للإلمام بكامل جوانب الموضوع، وأن يكون فى الاعتبار دائما أن ما كان صالحا للتداول بالأمس لا يشترط أن يستمر التداول فيه اليوم وغدا. ومن المعروف أن الصداقات غير دائمة، والعداوات أيضا غير دائمة، أما ما يدوم، فهو مصالح البلاد، ومصالح العباد، سواء كانوا من الجنوب، أو من الشمال، أو من الشرق، أو من الغرب، أو من دول المنابع، أو من دول المصبات.

المصدر: مصدر: السياسة الدولية
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 168 مشاهدة
نشرت فى 26 إبريل 2015 بواسطة Hany70

هانى السيد الهدير

Hany70
شركة الهدير لمكافحة وابادة الــحــشــرات أبادة الحشرات بأسلوب صحي وسليم بـــــدون رائــــحـــة بـــــدون مــغـــادرة الــمــنـزل 01200085675 -01155535489 »

ابحث

تسجيل الدخول

شركة الهدير لمكافحة الحشرات

شركة الهدير لمكافحة وابادة الــحــشــرات
أبادة الحشرات بأسلوب صحي وسليم
بـــــدون رائــــحـــة بـــــدون مــغـــادرة الــمــنـزل
أتصل نصل 01200085675