جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ (الزمر: من الآية 22)، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي" (رواه الترمذي، ك الزهد). تساؤل واتفاق
عزيزي القارئ..
هل لم تشعر يومًا بوخزة ضمير، أو لم تتألم مرة من شكة ندم؟
وهل ما تأثرت يومًا بدمعة يتيم، أو ما أحسست مرة بمريض؟
وهل ما تفطر قلبك لمنظر تمزق جثة شهيد؟
وهل ما تمنيت مرة نصرة مظلوم من ظالم؟
وهل يلاحظ أهلك في قلبك القسوة والجمود؟
إذا كان هذا، أو شيء منه قد حدث فأنت مريض، وبقراءتك قد بقي فيك خير كثير حيث إنك تريد العلاج.
ولكن ما هذا المرض؟
إنه عزيزي القارئ مرض قلبي.
فهل تريد أن تعرف، وتتعرف على هذا المرض؟
لا تخجل
قل: نعم، مرضاة لله تعالى
وهل إن عرفت وتأكدت- لا قدَّر الله- أنك مريض عندك الاستعداد للعلاج من هذا المرض عن طريق (طب القلوب).
لا تخجل
قل: نعم، مرضاة لله تعالى
إذن أدعوك- الآن- لقراءة هذا السطور
أعراض قسوة القلب
- عدم التأثر بالموعظة وذكر الله، وجمود العين وبخلها بالدموع، لا رحمة بالصغير ولا عطف على الفقير.
- عدم التأثر بما يصيب الغير من الألم، أو الأذى.
- عدم الاهتمام بأمور المسلمين، وفقدان الرغبة في نصرة الإسلام وأهله.
- عدم الإحساس بخطورة احتلال المقدسات، وانتهاك الحرمات، واغتصاب أعراض المسلمات. لاحظ جيدًا أنه قد توجد هذه الأعراض كلها، أو شيئًا منها.
مخاطر قسوة القلب
قالوا ما أُصيب أحد بمصيبة أعظم من قساوة قلبه (أبو نعيم الأصفهاني حلية الأولياء [8/269،142)؛ ذلك أن قساوة القلب: [انظر رائد فؤاد باجوري الأمراض القلبية ص24 وما بعدها].
1- تذهب اللين والرحمة والخشوع من القلب، وإن مجتمعًا ينعدم اللين والرحمة بين أفراده لهو مجتمع شين، كما أن مجتمعًا لا خشوع في قلوب أهله لهو مجتمع محروم من كل خير.
2- تزيل النعم وتأتي بالنقم، وتؤدي إلى الفرقة، وعدم التآلف، وذهاب الأخوة.
3- تكثر الضغناء والعداوة بين أفراد المجتمع بل بين المجتمعات.
4- تؤدي إلى كراهية الناس لصاحب هذا المرض، والانصراف من حوله، والابتعاد عنه، يقول تعالى: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ (آل عمران: من الآية 159).
5- تقعد صاحبها عن الخير، وتصده عن الهداية، وتغرقه في بحار الشهوات.
6- تعتبر قسوة القلب بوابة تفتح القلب لدخول الأمراض فيه، وهجومها عليه.
7- تعرض صاحبها لإغواء الشياطين ووقوعه فريسة لهم، يقول تعالى ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)﴾ (الأنعام).
8- توقع صاحبها تحت تهديد المولى سبحانه وتعالى له بالعذاب الأليم في نار جهنم ﴿فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ (الزمر: من الآية 22).
9- تُقرِّب قاسي القلب من زمرة اليهود، وعصاة الأمم، ويقول تعالى لليهود: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ (البقرة: من الآية 74).
المصابون بقسوة القلب
والمصابون بهذا المرض اللعين فئات كثيرة، وبيانها كالتالي
1- اليهود:
يقول تعالى: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)﴾ (البقرة)، ويقول تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ (المائدة: من الآية 13).
وها هو ما يفعلونه في النساء والأطفال في فلسطين، ما يؤكد أنه لا قلوبَ لهم بالمرة.
2- كثير من الأمم السابقة:
يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)﴾ (الأنعام).
3- الذين أوتوا الكتاب من قبل:
يقول سبحانه: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)﴾ (الحديد).
4- البعيدون عن ذكر الله وطاعته عامة، المشغولون بالدنيا:
يقول سبحانه: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)﴾ (الزمر).
أسباب قسوة القلب
وهي كثيرة، نذكر منها- للتذكرة- ما يلي:-
1- الركون إلى الدنيا والغرور بأهلها:
وهذا من أعظم الأسباب التي تقسي القلوب والعياذ بالله تبارك وتعالى، فإذا اشتغل العبد بالأخذ والبيع واشتغل أيضًا بهذه الفتن الزائلة والمحن الحائلة، فسرعان ما يقسو قلبه؛ لأنه بعيد عن مَن يُذكِّره بالله تبارك وتعالى؛ فلذلك ينبغي على الإنسان إذا أراد أن يوغل في هذه الدنيا أن يوغل برفق.
فديننا ليس دين رهبانية، ولم يحرم الحلال سبحانه وتعالى، ولم يحل بيننا وبين الطيبات، ولكن رويدًا رويدًا!!
فأقدار قد سبق بها القلم وأرزاق قد قُضيت، يأخذ الإنسان بأسبابها دون أن يغالب القضاء والقدر، يأخذها برفقٍ ورضا عن الله تبارك وتعالى في يسيرٍ يأتيه، وحمد وشكر لبارئه، فسرعان ما تُوضع له البركة ويكفي فتنة القسوة.
نسأل الله العافية منها.
فلذا من أعظم الأسباب التي تستوجب قسوة القلب الركون إلى الدنيا، وتجدهم- أهل القسوة- غالبًّا عندهم عناية بالدنيا، يضحون بكل شيء!
يضحون بأوقات الصلوات!!
ويضحون بالأعمال الصالحة
ولكن لا يضحون بلذات الدنيا.
فلا يمكن أن يضحي الواحد منهم بدينار أو درهم منها!!
فلذلك دخلت هذه الدنيا إلى القلب، والدنيا شعب، ولو عرف العبد حقيقة هذه الشعب لأصبح وأمسى ولسانه يلهج إلى ربه قائلاً: "رب نجني من فتنة هذه الدنيا".
فإن في الدنيا شعبًا ما مال القلب إلى واحدٍ منها إلا استهواه لما بعده، ثم إلى ما بعده، حتى يبتعد عن الله عز وجل، وعندها تسقط مكانته عن الله ولا يبالي الله به في أي وادٍ من أودية الدنيا هلك، والعياذ بالله.
إن هذا العبد الذي نسي ربه، وأقبل على هذه الدنيا مُجِلاً لها، ومكرمًا، فعظَّم ما لا يستحق التعظيم، واستهان بمَن يستحق الإجلال والتعظيم والتكريم سبحانه وتعالى، تكون عاقبته والعياذ بالله من أسوأ العواقب (محمد المختار الشنقيطي كيف ترق قلوبنا؟ ص 8 وما بعدها).
2- الجلوس مع الفُساق ومعاشرة من لا خير في معاشرته:
ولذلك ما ألف الإنسان صحبة لا خيرَ في صحبتها إلا قسي قلبه عن ذكر الله تبارك وتعالى ولا طلب الأخير إلا رققوا قلبه لله الواحد القهار، ولا حرص على مجالسهم، إلا جاءته الرقة شاء أو أبى، جاءت لكي تسكن سويداء قلبه؛ فتخرجه عبدًا صالحًا مصلحًا قد جعل الآخرة نصب عينيه.
لذلك ينبغي للإنسان إذا عاشر الأشرار أن يعاشرهم بحذر، وأن يكون ذلك على قدر الحاجة حتى يسلم له دينه، فرأس المال في هذه الدنيا هو الدين (محمد المختار الشنقيطي كيف ترق قلوبنا؟ ص 8 وما بعدها).
3- كثرة الكلام بغير ذكر الله:
في حديث عمر، رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي" (رواه الترمذي، كتاب الزهد).
عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " كثرة الضحك تميت القلب" (رواه الترمذي وابن ماجه، كتاب الزهد).
4- كثرة الذنوب:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن إذا أذنب كانت نكته سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه" فذلك الران [رواه البيهقي في الشعب رقم 1859]، الذي ذكر الله في كتابه ﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)﴾ (المطففين)
قال يحيى بن معاذ:
ما جفت الدموع إلا لقساوة القلوب.
ما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب.
ما كثرت الذنوب إلا لكثرة العيوب.
علاج قسوة القلب
الصورة غير متاحة 1- المعرفة بالله تبارك وتعالى
لأن معرفة العبد بربه ترقق قلبه من خشية الله تعالى، وتزيل منه قسوته وجموده.
حيث إنك لا تجد قلبًا قاسيًا إلا وتجد صاحبه أجهل الناس بالله عز وجل، وأبعدهم عن المعرفة به وبطشه وعذابه، وأجهلهم كذلك بنعيم الله، ورحمته.
وأيأس ما يكون من روح الله، وذلك لجهله بالله عزَّ وجلَّ.
إذن لما جهل هذا الإنسان ربه تجرأ على حرماته، ولم يعرف إلا شهواته وملذاته.
لذلك كانت المعرفة بالله طريقًا جيدًا لعلاج قسوة القلب (محمد المختار الشنقيطي كيف ترق قلوبنا؟ ص 8 وما بعدها).
2- ذكر الله عزَّ وجلَّ في السر والعلانية، في السراء والضراء، في الليل والنهار في كل الأحوال:
يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)﴾ (الرعد).
وفي الحديث "إن هذه القلوب تصدأ، كما يصدأ الحديد"، قيل فما جلاؤها يا سول الله؟
قال "تلاوة كتاب الله، وكثرة ذكره" (ابن رجب، أهوال القبور227، نقلاً من الأمراض القلبية رائد فؤاد).
وقال يحيى بن معاذ: دواء القلب خمسة أشياء.
- قراءة القرآن بالتفكر.
- وخلاء البطن.
- وقيام الليل.
- والتضرع عن السجود.
- ومجالسة الصالحين (أبو نعيم الأصفهاني حلية الأولياء 8/269،142).
وشكا رجل إلى الحسن قسوة قلبه، فقال له: "عليك بذكر الله".
* * * * *
ويقول تعالى داعيًا لأحبابه: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)﴾ (الحديد).
3- النظر في آيات الله والاعتبار بها:
حيث إنه ما نظر الإنسان- رجلاً كان أو امرأة- في آيات الله في الأنفس أو الآفاق، أو القرآن الكريم، وكان عند نظره، وقراءته، حاضر القلب مفكرًا متأملاً إلا وجدت العين منه تدمع، والقلب فيه يخشع، والنفس لديه تتوهج من أعماقها رقةً وخشوعًا وانكسارًا.
وصدق الله إذ يقول في كتابه الكريم: ﴿كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)﴾ (الزمر: من الآية 23).
لذلك ما أهمل عبد تلاوة القلب، والتفكير فيه إلا قسا قلبه، وتحجرت عواطفه.
ومن هنا كان النظر في آيات الله والاعتبار بها طريقًا جيدًا لعلاج قسوة القلب.
4- تذكر الآخرة:
حيث إن من لا يتذكر أن لكل بداية نهاية، وأن العبد صائر إلى الله، وأنه لا بدَّ من حساب، وأنه لا بدَّ من جنة أو نار!.
كما أن من لا يتذكر أن الحياة زائلة، وأن متاعها فانٍ وبهجتها راحلة، وأنها دار غرور!!
دعاه كل ذلك إلى الإقبال على الدنيا، والانشغال بها، والبعد تدريجيًّا عن الخوف من الله، وقلة الاستعداد ليوم لقاه.
وعندها يقسو القلب وتتحجر عواطفه.
لذلك كان تذكر الآخرة مع زيارة القبور طريقًا جيدًا، لعلاج قسوة القلب.
5- زيارة المقابر:
ففيها فوائد كثيرة منها:
تُذكر الموت.
وتُقصر الأمل.
وتُرقق القلب.
وتُوجد الخشية.
قال ابن المنكدر عن رجل يكثر من زيارة المقابر، هذا رجل يحرك قلبه بذكر الموت، كلما عرضت له قسوة (ابن رجب أهوال القبور227 نقلاً من الأمراض القلبية رائد فؤاد).
وقال أحد الصالحين ما اشتقت إلى البكاء إلا مررت عليه.
قال له رجل وكيف ذلك؟
قال إذا أردت ذلك، خرجت إلى المقابر، فجلست إلى بعض تلك القبور، ثم فكرت فيما صاروا إليه من البلى، وذكرت ما نحن فيه من المهلة.
قال فعند ذلك تختفي قسوة قلبي (ابن رجب ذم قسوة القلب ص 32 نقلاً من الأمراض القلبية رائد فؤاد).
6- الإحسان إلى اليتامى والمساكين:
فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رجلاً شكا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قسوة قلبه.
فقال له: "إن أحببت أن يلين قلبك، فأمسح رأس اليتم وأطعم المسكين" (أحمد في المسند2/ 263، والهيثمي في مجمع الزوائد8/160).
7- كثرة الدعاء:
"اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني ومن شر قلبي" (رواه أبو داود الوتر، باب في الاستعاذة).
قالوا يا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أي المال نتخذ؟
قال" ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا وزوجةً مؤمنةً تعينه على أمر الآخرة" (رواه ابن ماجه، النكاح، من باب أفضل النساء).
"اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، وأسألك عزيمة الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك لسانًا صادقًا وقلبًا سليمًا، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأسألك من خير ما تعلم، واستغفرك مما تعلم إنك علام الغيوب".
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العلى أن تهب لنا قلوبًا لينةً، تخشع لذكرك وشكرك. اللهم إنا نسألك قلوبًا تطمئن لذكرك.
اللهم إنا نسألك ألسنةً تلهج بشكرك.
اللهم إنا نسألك إيمانًا كاملاً، ويقينًا صادقًا، وقلبًا خاشعًا، وعلمًا نافعًا وعملاً صالحًا مقبولاً عندك يا كريم.
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
------------------- د. عبد الحي الفرماوي
* أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر.
|
لا يوجد