فن الخزف  في العصر الإسلامي

التراث الفني الإسلامي لا تفرغ جعبته من السحر الحلال  ،فالفخار والخزف من أهم الحرف الفنية التي مارسها الفنان المسلم منذ أن توطدت أركان الإسلام في البلاد المختلفة، فهذا الفن حقق فكرة الحضارة الإسلامية في جوانب متعددة ، لأن روح الإسلام السمحة لا تتماشى واستخدام خامات غالية الثمن مثل الذهب والفضة ، ولذلك أقبل الفنانون المسلمون والعرب منهم خاصة على فن الخزف إقبالاً عظيماً، واستطاعوا أن ينتجوا خزفاً على مستوى عالٍ من حيث القيمة الفنية، وقد شمل إنتاج الخزف جوانب متعددة أمام احتياجات الناس اليومية، سواء أكانت هذه الاحتياجات عامة أم خاصة، فقد صنع الفنان المسلم بلاطات الخزف على أشكال مختلفة لكسوة الجدران، وكذلك بعض الأقداح والكؤوس والأكواب والقوارير والأباريق ...الخ. وتعددت أنواع الخزف الإسلامي في أشكالها وطريقة معالجتها، وأنواع الزخارف بشكل ليس له نظير حتى وصل الإنتاج الخزفي من حيث الفخامة والجمال لأن يكون بديلاً لأواني الذهب والفضة باستعمال تقنية تسمى بالبريق المعدني التي تعتبر صفة أنفرد بها الخزف الإسلامي وهي الأواني التي عشقها العباسيون في فجر القرن التاسع الميلادي، وأجمعت الدنيا علي أن الأواني المزخرفة بالألوان ذات البريق المعدني تنم عن جوهر العقيدة ومضمون الإيمان حيث استطاع الفنان المسلم أن يضفي علي الطين تألقا ساحرا لم يعرفه العالم من قبل ،توصل إليه حباً في الله وإثباتاً أنه وارث الأرض ومن عليها فلا يبقي إلا وجهه ذو الجلال والإكرام . وأصبح هذا الفن بعد أن بلغت الثقافة الإسلامية ذروتها في العصر العباسي (750-1258) تتويجا للمكتسبات الكبرى في ميادين الحرب والعلم والأدب والشعر والفن بأنواعه ، فكانت زخرفة الآنية بالبريق المعدني إضافة عبقرية أهدتها الحضارة الإسلامية للثقافة العالمية مع تنويعات لا حصر لها من الأساليب.وقد كان المطلب الأول للفنان الإسلامي الإبداع الزخرفي بالرسم والألوان والملامس والسوائل الزجاجية والمعدنية وتجريب الخامات المتوفرة بين يديه للسمو بها وتذويب طبيعتها الصلبة .وتختلف الآنية الفنية عن التطبيقية بأن الثانية نفعية كسلاطين الحساء وأكواب الشاي والقهوة وأواني الورد ، أما الأولي فجمالية تقتني لذاتها كلوحات الرسم الملون والتحف الأخرى التي يتميز بها الإنسان عن الحيوان .وقد زاد إبداع الفنان الإسلامي باستخدام ضربات لونية سريعة بفرشاة عريضة ، أو تشكيلات خطية مجردة بارزة تنتهي بتوريقات أو كتابات ولكن التفوق الرائد الذي حققه فنان (الآنية الخزفية ) الإسلامي هو اكتشاف أسلوب جديد في إبداع الزخرفة واعتبره المؤرخون نقله ثورية وهو التلوين بالصبغات المعدنية فوق الطلاء الزجاجي وألتمعت الأواني الخزفية الإسلامية في القرن العاشر الميلادي بالأخضر والأصفر والأحمر ، بل اجتمعت هذه الألوان جميعا علي آنية واحدة. وتميزت زخارف تلك الفترة بامتزاج الطبيعة بالتوريقات التجريدية ، وقد تعددت أساليب البريق المعدني في العصر الإسلامي واستعرض كل فنان قدراته في استخراج الألوان والتحكم فيها وتوزيعها علي العناصر الزخرفية والوحدات التشخيصية والتجريدية .


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2013 بواسطة GhaliaIbrahim

عدد زيارات الموقع

4,908