صدر حديثاً عن مشروع كلمة للترجمة بهيئة أبوظبي للثقافة والتراث كتاب "التاريخ المصور للأثاث .. من أقدم الأزمنة الى الوقت الحاضر" من تأليف فريدريك لتشفيلد، وترجمة الدكتور عدنان خالد عبد الله.
الكتاب الصادر بطبعته الأولى في العام 1893 يعدّ من أبرز الكلاسيكيات التي تناولت موضوع الأثاث بعمق وشمولية. وهو يأتي مزيناً بمئات الصور التوضيحية واللوحات البديعة ويتميز بإحاطته الكاملة بتاريخ الأثاث في مختلف الدول والحضارات، ويركز بصورة رئيسة على تطور الأثاث منذ العصور القديمة عند الآشوريين والسومريين وقدماء المصريين، وصولا إلى الحضارة الإغريقية والرومانية ثم الأثاث في عصر النهضة وفي إيطاليا وفرنسا وبريطانيا ودول أوروبا الشمالية كالسويد والنرويج والدنمارك.
ويتضمن الكتاب فصلاً عن الأثاث في الشرق يتعرض فيه الكاتب إلى ما أبدعه الصينيون واليابانيون، علاوة على مساهمة التراث العربي والإسلامي الثرية في عالم الأثاث والنقوش. ويعترف المؤلف في أكثر من موضع بمساهمة العرب ودورهم الكبير في تطوير الأثاث والنقوش و أساليب الحفر، فيعزو إليهم الفضل في دفع عجلة التقدم في هذا المضمار، وخصوصاً لجهة إدخالهم للرياضيات في تطوير الأنماط الهندسية للتصاميم، علاوة على تطويعهم للحرف العربي حتى أصبح فناً رفيعاً قائماً بحد ذاته.
كما يكثر الكاتب من الإشارة إلى المفردات العربية التي دخلت اللغات الأوربية للدلالة على أهمية المساهمة العربية في هذا الصدد، ومنها كلمة "الأرابيسك" التي ترتبط بالنقوش والزخارف العربية والإسلامية .
ولعل الميزة المهمة في هذا الكتاب أن المؤلف يتبنى أفكاراً تقوم على الانفتاح بين الأمم والثقافات، وهو يؤمن بتفاعلها وتأثيرها وتأثرها ببعضها بعض، وهي الأفكار التي ستصبح الركيزة الأساسية للأدب المقارن، الذي لم يكن قد ولد بعد. كما يربط الكاتب بين الأثاث والحضارة، والأثاث والثقافة، والأثاث والذوق العام، وباختصار يعتقد ليتشفيلد أن الأثاث هو انعكاس لحضارة البلد وثقافته ومفهومه للجمال والراحة، ولهذا السبب نجد التنوع الهائل في الأثاث عند مختلف الحضارات والثقافات.
كتاب "التاريخ المصوّر للأثاث" ومع قيمته العلمية والتاريخية الكبيرة، فهو كتاب ممتع للقراءة لجميع الفئات، إذ يدفع أي قارئ إلى النظر حوله لكي يرى الأثاث الذي يحيط به بعين وذائقة مختلفتين.
|
ساحة النقاش