المكتب الإعــلامي
المركزي
التاريخ الهجري | 27 من ربيع الاول 1432 |
التاريخ الميلادي | 2011/03/02م |
رقم الإصدار: | 16/1432 |
كشفت إحصائيات جديدة نشرتها وزارة العدل التركية عن ارتفاع معدل الجريمة ضد المرأة في تركيا إلى 1,4% خلال سبع سنوات من 2002 - 2009، قُتل منهن 950 خلال السبعة شهور الأولى من عام 2009 وحده. وبناء على دراسة حكومية بعنوان "بحث في العنف المنزلي ضد المرأة في تركيا" فإن 42% من النساء قد تعرضن لعنف في البلاد.
وكان عدد من السياسيين والمعلقين أشادوا بتركيا على أنها تمثل نموذجا للنظام السياسي المستقبلي لمصر والعالم العربي الجديد، بما تمثله من التعايش المفترض للغالبية المسلمة مع النظام العلماني الديموقراطي الليبيرالي.
ولكن المعاملة المخزية للمرأة في البلاد تتطلب إعادة نظر جدية لإمكانية أن يكون هذا النظام يضمن فعلاً مستقبلا إيجابياً للمرأة في تركيا أو العالم العربي.
وقد علقت الدكتورة نسرين نواز الممثلة الإعلامية لحزب التحرير، على ذلك بالقول:
"وراء الصورة البراقة للنمو الاقتصادي في تركيا تكمن الآثارالاجتماعية القبيحة لإفرازات الليبرالية العلمانية والتي يمثل أمن المرأة وكرامتها أولى ضحاياها.
وقد ادعى البعض أن تحديد الإسلام لدور كلٍّ من الرجل والمرأة في الأسرة، وإعطاء القوامة للرجل رب الأسرة وقائدها هو السبب لزيادة العنف ضد المرأة، حيث إن عدم المساواة في الأدوار بين الجنسين يولد عدم احترام المرأة.
لكن إذا كان هذا صحيحا، فكيف يمكن تفسير ازدياد العنف ضد المرأة في المجتمعات الغربية العلمانية الديموقراطية الليبيرالية التي لا يوجد فيها هذه القوانين الإسلامية، والتي تكفل القوانينُ فيها -حسب قولهم- المساواةَ بين الجنسين؟
فعلى سبيل المثال، في المملكة المتحدة هناك امرأة من بين كل أربع تواجه عنفاً منزلياً، واثنتان تموتان كل أسبوع على أيدي أزواجهن أو رفقائهن. ووفقا لإحصائيات وزارة الداخلية فإن الشرطة تتلقى اتصالا هاتفيا كل دقيقة من ضحية تتعرض لإيذاء جسدي. وفي الولايات المتحدة، ووفقا لإحصائيات مكتب التحقيقات الفدرالي FBI، تتعرض امرأة للضرب من شريكها كل 15 ثانية.
إن معاملة المرأة تعتمد على القيم السائدة في أي مجتمع، وفي الدول الليبيرالية العلمانية هناك تناقض بين الدعوة لاحترام المرأة وبين الحريات الليبيرالية التي إما تسمح باستغلال جسد المرأة في الدعاية والترفيه، مما يقلل من شأن المرأة ويحقرها، أو تعزز الاعتقاد بأن الرجل له الحرية في معاملة المرأة حسب رغباته.
وفي ظل مثل هذه الأنظمة، سواء في الغرب أو تركيا، فإن إجراء أية إصلاحات أو تعديلات قانونية للمساواة بين الجنسين هي عبارة عن كلمات جوفاء لا معنى لها؛ حيث أثبتت فشلها في ضمان سلامة وكرامة المرأة العادية. وبالتالي فإن المرأة التركية عانت من وطأة هذا النظام الظالم وقيمه. وبالمقارنة فإن الإسلام، وإن كان يحدد دور كلا الجنسين في الأسرة، فإنه يحظر الاستغلال الذي يحطّ من شأن المرأة، ويرفض بشدة نظرة الرجل للمرأة من منطلق حريته في التعامل معها كما يهوى ويريد. وهذان هما السببان اللذان يساهمان في العنف الأسري في ظل الأنظمة العلمانية الليبيرالية.
لا تستطيع المرأة في العالم الإسلامي، ولا ينبغي لها، أن تتمثل التجارب الغربية في تشكيل نظامها السياسي. ولا أن تقبل بأسلوب التسوية الأقل سوءاً في ظل عدم الاستقرار والقمع في المنطقة. وإن النظام العلماني الديموقراطي الليبرالي الذي أثبت فشله في كل مكان، ابتداء من بنغلاديش إلى وسط آسيا والباكستان وإندونيسيا، لا يجب أن يكون نموذجاً لمثل هؤلاء الذين ضحوا كثيراً لمستقبل عادل وأكثر إشراقا.
وإن مثل هذا النظام الذي يمنع المرأة المسلمة من الالتحاق بمؤسسات تعليمية أو سياسية فقط لأنها ترتدي اللباس الإسلامي، لا يمكن أن يكون نموذجا يُحتذى لمن كانت معتقداته وتراثه وقوته تنبع من الإسلام.
إن التغييرات الحقيقية للمرأة في العالم الإسلامي تتحقق فقط بإقامة دولة الخلافة التي تقوم على قوانين الإسلام. دولة الخلافة التي حفظت حقوق المرأة واحترامها على مدى قرون عديدة، والتي حشد الخليفة فيها جيوشاً جرارة للدفاع عن كرامة امرأة واحدة، هذه الدولة التي أدركت أهمية مساهمة المرأة في الحياة السياسية وشجعتها على التعليم وخرّجت الآلاف من النساء العالمات.
هذه الدولة التي ستقوم حين إعادة إقامتها بإذن الله تعالى باستخدام الأنظمة السياسية والتعليمية والإعلامية بتعزيز احترام المرأة في المجتمع سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة حسب تعاليم الإسلام الذي يكفل لها حقوقها بحيث يُعاقب كل من يُلحق بكرامتها أو جسدها أي أذى بأي شكل من الأشكال."
ساحة النقاش