بداية الحديث: سنتحدث اليوم عن موضوع من أهم المواضيع ألا وهو ترتيب الحياة, كثير من الناس يعتنى بإدارة الوقت , فى بداية القرن العشرين ابتدىء علم إدارة الوقت بقضية جداول الأعمال, وباختصار أن الانسان يحدد ما يجب عليه أن يفعل , ليس من الأمور الروتينية, وإنما من الأمور الغير الروتينية, ويقسمها إلى أقسام, شىء يتعلق بالبيت, وشىء يتعلق بالعمل, وشىء يتعلق بالنواحى المالية, ويحدد ماذا يجب عليه أن ينهى من أعمال, وأن عمل ينتهى يحذفه من الجدول, وأى عمل يضاف يضيفه إلى الجدول, وهذا هو الجيل الأول من إدارة الوقت, ثم جاء الجيل الثانى, وسمى بجدول الزمن, أى ان أخذ هذه الأعمال ثم أوزعها على الأوقات, ماذا سأفعل هذا الصباح, العصر, الساعة السابعة, وهكذا أوزع أعمالى على أوقاتى المتاحة, هذا هو الجيل الثانى, ثم جاء بعد ذلك الجيل الثالث, وسمى بإدارة الأولويات, وباختصار نظروا فى جدول الأعمال ووجدوا أن الأعمال ليست فى نفس الدرجة من الأهمية, أى كيف أبدأ بالأهم قبل المهم , ثم جاء الجيل الرابع وسمى بإدارة العمر, بمعنى أن حياتنا نفسها لابد ان تتجه فى اتجاه واضح, والأهم بدلا من أن ابرمج ساعتى , كما يقول ستفين كوفى, هو أن ابرمج بوصلة حياتى, يعنى فى أى اتجاه أريد ان أسير, أما ما سأطرحه اليوم هو تشكيل استفدته من كوفى ومن آخرين فى دراستى لإدارة الوقت, ومن تجربتى الشخصية فى الحياة وأحببت أن أسميه رتب حياتك, وهو خلط للجيل الثالث والرابع بطريقة أعتقد أنها أكثر عملية من الطرق النظرية المتاحة, واسمحوا لى أن  أعتبر كتاب "إدارة الذات" للعدلونى الذى فيه تلخيص لكتاب إدارة الأولويات لكوفى وغيره من الكتب, اسمحوا لى أن أعتبره مرجعا تستفيدون منه للتعمق فى الموضوع, أما سيرى فى هذه الدورة فسيكون حسب الكراسة العملية التى تحتوى مجموعة تمارين ومجموعة خطوات, وأرجوا ان تفتحوا الكراسة وتستعينوا بالله عز وجل وتطبقوا معى التمارين, هذه الدورة بدون التطبيق العملى لا قيمة لها, ما الذى تسفيده إذا سمعت هذه الدورة إن لم تطبقها فعلا.
ونبدأ بمجموعة أسئلة لابد ان نجيب عليها بوضوح, لاحظت من تدريبى لأعداد كبيرة من الناس , لاحظت بلا مبالغة أن 98% من الناس لا توجد إجابة عندهم على بعض الأسئلة الرئيسية, قد تكون عندهم لكنها غير واضحة, قد تكون عندهم لكنها غير مكتوبة, قد تكون عندهم لكنها غير مبلورة, هذه الأسئلة لا اريدكم ان تجيبوا عليها الآن , استرح , خذ وقتك, وتأمل , وفكر مليا, قبل الإجابة.
 

الأسئلة العامة
الأسئلة التي نهدف الوصول إليها في نهاية هذه الدورة ( ولا نريد الإجابة عليها الآن)هي :
1- لماذا أعيش ؟
تعليق : لماذا أحيا, طبعا نحن كمسلمين لدينا إجابة ربانية, الله سبحانه وتعالى ما تركنا سدى, الله سبحانه أرشدنا إلى طريق مستقيم, لا نضيع فيه, وقد حدد لنا الله سبحانه الطريق , إذ يقول سبحانه "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون", نتميز نحن المسلمون أن كلمة العبادة عندنا لها مفهوم خاص, فى الغرب ينظر للعبادة على أنها شعائر, العبادة فى الكنيسة, العبادة يوم الأحد, والحياة لا علاقة لها بالعبادة, بينما المسلم, ينظر إلى العبادة بمفهوم شامل للحياة ولذلك يعتبر أن كل شىء يفعله ممكن أن يكون عبادة, إذا فعل بنية صالحة , وقصد به وجه الله سبحانه وتعالى وطاعته, ولذلك جاءت الأحاديث تؤكد ذلك, وفى الحديث "حتى اللقمة يضعها الرجل فى فم زوجته, له فيها أجرا", حتى المداعبات الزوجية يمكن أن تتحول إلى عبادة ويكون للإنسان له فيها أجر, بل أكثر من هذا, حتى النوم إذا قصد به التقوى على طاعة الله عز وجل والاستعداد مثلا لقيام الليل , سيؤجر عليه الانسان, وهناك كلام جميل للإمام العظيم ابن تيمية فى تعليقه على , من هم أولياء الله؟ فى الآية "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون", ملخص كلامه أن "الأولياء فى ديننا ليس لهم شكل خاص, وليس لهم ملابس خاصة , وليس كما يقولوا رجال دين, ليس هكذا نفهم الدين ونفهم الأولياء, وإنما كما يقول رحمه الله, تجدهم فى كل أصناف أمة محمد صلى الله عليه وسلم", تجدهم فى التجار والصناع والزراع, فى الحدادة, فى كل أصناف أمة محمد صلى الله عليه وسلم, فكيف نميزهم؟ من هم ؟ "الذين آمنوا وكانوا يتقون", إذن المؤمن التقى , بغض النظر عن خط سيره فى الحياة, بغض النظر عن وظيفته, ممكن أن يكون وليا من أولياء الله, أى حتى تكون من أولياء الله, ليس المطلوب منك أن يكون لك شكل معين أو وظيفة معينة أو طريقة فى الحياة معينة, سوى أنك تستقيم على الإيمان والتقوى بغض النظر عن وظيفتك , ولذلك الإسلام ما جاء ليغير أعمال الناس إلا ما كان محرما منها, ليس المطلوب منك أن تغير وظيفتك , بل من الممكن أن تسخر وظيفتك لهذا الهدف العظيم, وهو أن تحيا لله رب العالمين, تكون عبدا لله, فى كل مجالات الحياة.
ويبقى السؤال الذى بدأت به, كيف أحيا بحيث أعبد الله عز وجل , ويقول الله سبحانه "هو الذى أنشأكم فى الأرض واستعمركم فيها" , فالانسان المسلم مطلوب منه أن يعمر الأرض, فالذى يحيا على هامش الحياة, على هامش التاريخ, ليس له وزن, ليس له عطاء, ليس له عمران, ليس مشاركا فى إسعاد البشرية, لم يحقق هذا الهدف القرآنى المطلوب وهو استعمار الأرض, للأسف الكفار عندما جاؤا لاستعمار الأمة الإسلامية , استعملوا هذه الكلمة الجميلة, لأنهم تظاهروا بأنهم قد أتوا لعمران الأرض وعمران هذه البلاد المتخلفة, فاستغلوها ومصوا دماءها, لكن نعود إلى المفهوم الأساسى, نحن الذين جئنا لعمران الأرض, نحن الذين جئنا لإحياء الأرض وفق منهج الله رب العلمين.  
 
2- ماذا سأحقق في حياتي؟
تعليق : ولكى تجاوب على هذا السؤال, أريدك أن تتخيل ونفسك , وعمرك 80 سنة إن شاء الله, وتسأل نفسك هذا السؤال, أريدك أن تسأل نفسك  وأنت تنظر إلى تاريخ حياتك, كم أنجزت؟ ماذا تركت ورائى؟ ما هى الآثار التى سوف أشارك بها فى الحياة, المسلم والمؤمن بل حتى الانسان الطموح ولو لم يكن مسلما لا يمكن أن يحيا بغير انجاز, انجاز يلقى به الله عز وجل إن كان من المؤمنين, إذن تخيل نفسك أنك تقول وعند 80 سنة , الحمد لله , الذى تمنيته حققته, فكر , لا تكتب , أريدك أن تتخيل, فقط, تخيل, تخيل شكلك, أشكالنا مقبولة, والجسم مازال لم ينحنى, والوجه مازال به بعض الشباب, اجلس وفكر, هل هى حياة أنت فخور بها, هل انت من الذين حققوا انجازات عظيمة؟, أم أنك تشعر أنها ضاعت, أنا أريد كل واحد وهو يقف هذا الموقف ويعيد شريط حياته, أن يكون وهو يستعرض هذه الحياة يشعر بالرضا, رضا أنه حقق هذه الطموحات التى يتمناها, أنه كان له أثر فى الحياة وفى صنع الأرض واستعمارها وبنائها وفق ما يرضى الله عز وجل,  ويشعر برضا الله سبحانه أنه عاش لله.


3- هل أنا سعيد؟
تعليق : هذا السؤال هو نتيجة لكل هذا ويبنى على كل هذا, ومعظم الناس لا يفكرون بهذا السؤال أصلا, وبعض الناس إذا سألته هذا السؤال لن يكون فى منتهى الصدق, وتتبين حقيقة الإجابة على هذا السؤال , عندما يكون الانسان وحده, عندما لا يكون لديه أى مشاغل, جالس يفكر فى نفسه, فى حياته, فى علاقاته, كثير من الناس يمثل أنه سعيد, يضحك , يبتسم, ولكن عندما يجلس بينه وبين نفسه, يشعر أنه يريد أن يبكى, من شدة التعاسة والألم, لو جاوبت على هذا السؤال للناس , قد تخدع الناس, وإذا سألتك هذا السؤال ستخدعنى, لكن لن ينفعك هذا بشىء, أنا أريدك أن تفكر لنفسك ولأجلك, هل أنت سعيد؟ هذا السؤال ينبع من الأسئلة السابقة, لماذا نحيا؟ كيف نحيا؟ ما الذى سننجز؟ , كل ما كانت الحياة واضحة والإنسان يسير وفق مبادىء وقيم وأهداف, كل ما كانت السعادة أعمق وأعلى, هذا السؤال يتطلب وضوح وصراحة مع النفس , وأرجو أن الواحد يجلس جلسات تأمل وخلوة ذاتية, لا زوجة ولا أولاد ولا تليفزيون ولا محمول, أجلس على الأقل ساعتين, لا تجلس 5 دقائق, اجلس وتأمل فى حقيقة ذاتك, فى حقيقة تفكيرك, فى مدى ارتياحك, فى مسار حياتك, إلى أين تتجه؟ أين كنت؟ اين وصلت؟
4- هل أنا صادق ( مع نفسي وفي علاقاتي ) ؟
تعليق : هل أنت صادق فى كل علاقاتك, هل أنت صادق فى كل ما تقول, أم تخفى أحيانا بعض الحقيقة, أو تتجاوزها أو تغطى عليها, هل أنت صادق فى تعبيراتك, فى عواطفك.
هذه هى الأسئلة الرئيسة فى أولويات الحياة, دعونا نفكر فى الإجابة على هذه الأسئلة, بل دعونا لنفعل أكثر من ذلك, أن نضع خطة للوصول إلى إجابات صحيحة ومريحة عن هذه الأسئلة, ألا ترغب أن تعرف بوضوح لماذا تحيا؟ وتعرف كذلك , ماذا ستحقق فى حياتك؟ وتكون سعيد وصادق, إذا كنت تريد ذلك, فأكمل معى, أنا لا أريدكم أن تجيبوا على هذه الأسئلة الآن, هذه تجيبوها بينكم وبين أنفسكم , تراجعوها باستمرار, تقفوا عندها باستمرار, تتأملوا بها, فى كل يوم من أيام حياتكم, أنا أريدكم أن تسيروا معى فى خطوات مدرجة لإدارة الحياة وإدارة الأولويات وإدارة الذات, واريدكم أن السؤال الذى أطلب منكم الإجابة عليه, إذا كانت له إجابة واضحة اكتبوه, وإذا لم تكن له إجابة واضحة لا تستعجلوا, بل اجلسوا جلسة تأمل, وأحيانا جلسات تأمل حتى تجيبوا على السؤال وتكملوا معنا المشوار, عندها سنستطيع أن نطور حياتنا ونطور ترتيب أولوياتنا.
1- ما هو مجال عملى ؟
تعليق : سأعطيك مثلا , لعله يوضح شكل هذا السؤال, مرة واحد من الشباب دخل إلى واحد من التجار الكبار , ولديه مشروع من المشاريع الخيرية, فشرح له المشروع بكل تفاصيله وبحماس شديد, وأخذ يشجع التاجر على التبرع لهذا المشروع, وقال للتاجر "أنت اللى محتاج هذا المشروع" , فاستغرب التاجر وقال لماذا ياولدى؟ قال لأن هذا يدخلك الجنة, طريقك إلى الجنة, فضحك التاجر وقال ياولدى, "هناك ألف طريق إلى الجنة غير هذا" , طبعا تبرع للمشروع, لكن نبه هذا الشاب إلى شىء, أن الله سبحانه وتعالى يسر الجنة لمن أرادها, وهناك آلاف الطرق إلى الجنة, وتعجنى كلمة قالها الإمام مالك, تدور حول رسالة جاءته من أحد العبَّاد, يقول فيها للإمام مالك "أراك انشغلت بتعليم الناس عن العبادة, فلو التفت للعبادة وانشغلت بنفسك, لعل هذا أفضل لك", فرد الإمام مالك برد عجيب, والإمام مالك هو الأعلم, خلاصته "أن الله سبحانه وزع الأرزاق, والأرزاق ليست الأموال فقط, وأنما حتى القدرات, منهم من أعطاه الله سبحانه حب العبادة, ومنهم من أعطاه الله سبحانه حب الجهاد والقدرة على الجهاد, ومن من أعطى العلم, ومنهم من أعطى المال وحب الخير للناس, وهكذا أرزاق وزعت بين الناس, وكل ميسر لما خلق له, فكما أنك تبتغى الجنة بالعبادة, أنا أبتغى الجنة بنشر العلم ", ولذا أريدك أن تسأل نفسك ما هو العمل الرئيسى الذى أمارس فيه حياتى وسيكون طريقى إلى الجنة؟ طبعا بالإضافة إلى العبادة والعمل الخيرى, وبر الوالدين وتقوى الله, اختر أى شىء, عبادة , فكر , جهاد, عمل خيرى, هندسة, طب, رياضة, فن, سياسة, اقتصاد, إدارة أعمال, علم نفس, دراسة تاريخ, دراسة جغرافيا, وعشرات المجالات, إذا التزم الإنسان فيها بشرع الله عز وجل وبالنية الصالحة, ممكن تكون طريقه إلى الجنة, وممكن الواحد يقول أنا سأخدم نفسى, أهلى , مدينتى, أمتى من خلال 5 مجالات, الدراسات تثبت أن الذى يتشتت فى مجالات كثيرة لن ينتج إنتاج فعال, أنا لا أريد عدة مجالات, وأعرف أنه يوجد أناس يستطيعون أن يعملون فى عدة مجالات, ولكن أضغط عليكم لتختاروا مجالا واحدا فقط, الذى كتب جواب خير , والذى ما كتب, مثل الانسان ماشى ولا يعرف الطريق, تخيل أنك ماشى فى طريق سفر, ووجدت إنسان ماشى وقد رأيت الشمس ساطعة عليه والعرق يتصبب منه, وتوقفت له رحمة به وسألته يأخى تحب أوصلك, فقال لامانع, وعندما سألته إلى أين يذهب, يأتيك الجواب العجيب, لا أدرى إلى أين اذهب, كيف تستطيع أن تساعد مثل ذلك الإنسان, ممكن يكون الطريق الذى يريده ورائه, وهناك كثير من الناس يسيرون فى الحياة لا يدرون بأى اتجاه يريدون أن يسيروا, لا يدرى ما هو المجال الذى يسير عليه ويحقق من خلاله ما يريد, إذا حاول الإنسان أن ينتج فى كل مكان, فى الغالب لن ينتج, وإذا لم يكن يعرف ما هو المجال , فى الغالب سيكون ضائعا, وفى المثل "من يحاول أن يفعل كل شىء , لن يتقن أى شىء", اختر يأخى مجالا واحدا, إذا لم تكن الإجابة واضحة الآن, لا بأس, ستتضح بعد إجابتك على الأسئلة التالية التى ستعين إن شاء الله على بلورة الحياة, وستعين على التأكد أن المجال الذى اخترناه هو فعلا المجال الذى يجب أن نسير فيه, لأنه الانسان ممكن يكون كتب جواب خطأ.
2- ما هى اهتماماتى فى الحياة؟
لا تعليق.
3- ما هى أهم المبادىء التى أعيش وفقها ؟
تعليق : وجدت من خلال تجربتى فى تدريب الناس, أن السؤال عند كثير من الناس مستغرب, كثير من الناس ما يسأل , ماذا تقصد؟ أقصد ما هى المبادىء التى تلتزم بها ؟ ما هى القيم التى تعيش بها؟ كيف تحيا حياتك؟, فإذا كنتم من هذا النوع الذى استغرب السؤال, فهذا طبيعى, رغم أن هذا السؤال بديهى إلا أن أغلب الناس ما فكروا فيه سابقا, أو جوبهوا به سابقا, اكتب 5, 10, 20 مبدأ.
هذه الأسئلة مقدمات وليست الخطوات الفعلية لإدارة الأولويات,  ولو استمررت معى لنهاية البرنامج سيكون لديك خطة واضحة لترتيب حياتك, وهذا الترتيب لعله أهم ترتيب فى حياة الانسان, أهم ترتيب عندما يرتب الانسان أهدافه , أولوياته, أدواره, إنجازاته, وعطائه, ولكن لا تقلقوا إذا كانت الإجابات غير مقنعة, أو غير واضحة, لا بأس, مازلنا فى بداية الطريق.
4- ما هى أهم المشاريع التى أنجزتها فى حياتى حتى الآن؟
تعليق : أتمنى أن يستطيع الإنسان أن يكتب, أنا استطعت أن أعمل مستشفى خيرى, أو ساعدت كذا يتيم, أو أصدرت كذا كتاب, أو عملت كذا برنامج تليفزيونى, أو أسست كذا شركة, مرة كنت فى أحد الدورات عملت تجربة وكان الحضور حوالى 200 واحد, طلبت أن الذى لديه ثلاثة إنجازات أو أكثر يستطيع أن يكتبها يرفع يده, رفع عدد من الناس أيديهم, ثم سألت, إذا كانت إنجازاتكم فخورون بها؟ خلوا أيديكم مرفوعة, من 200 واحد بقى حوالى 7 الذين ظلت أيديهم مرفوعة, وهؤلاء من النخبة فى المجتمع, الحريصين على الثقافة والفكر وحضور الدورات, يعنى حوالى 3% فقط, مصيبة أكثر الناس ما لديهم أى إنجازات, وإذا كانت لديهم إنجازات, فإنجازاتهم بسيطة, لا تدعو الى الفخر ولا تشعر الناس بالسعادة. الانسان يحصل على الرضا الداخلى, طبعا بالإخلاص لله عز وجل أساسا, لكن أيضا بالإنجاز, الشعور أنه فعل شيئا, خدم نفسه, خدم أهله, قدم شىء للناس, قدم شىء للأمة, قدم شىء للدين, قدم شىء للحياة, ومن يسمع هذه الأشرطة, إذا كانوا يقبلوا أن يقيسوا أنفسهم بمقاييس عامة الناس, ليس لهم اثر فى الحياة, إنتاجهم محدود, مشاركتهم محدودة, إنجازاتهم محدودة, مشاريعهم لا شىء, عندها تكون مصيبة, لا نقبل أن يستمر هذا الوضع, أنا أتمنى أن اساهم مع إخوانى وأخواتى فى بلورة حياتهم, حتى يحققوا مشاريع عظيمة لعلى أشاركهم فى الأجر النهائى إن شاء الله, وهم تكون لهم الدرجات العلى ورفعة الشأن فى الدنيا والآخرة, كثير من الناس مشاركاتهم, صناعتهم للتاريخ , للحياة محدودة, إذا الانسان أخلص وأتقن فى الأداء وأنجز سيكون راضى, أنا أريد إنجازات عالية, إنجازات عظيمة, إنجازات تترك أثرا فى الحياة , فى البشر, كما قال الشاعر "وكن رجلا إذا أتوا بعده يقولون مر وهذا الأثر", انظروا الى المتميزون فى التاريخ , انظروا الى المتميزون اليوم, هؤلاء هم الذين يصنعون الحياة , ويصنعون التاريخ , هل من يصنع الحياة والتاريخ , موظف عادى ؟ أم من يصنع الحياة والتاريخ الناس الغير عاديين , أصحاب المشاريع , أصحاب الإنجازات.
الذى لم يكتب شيئا , يشعر أن حياته عادية, لا بأس, إذا كان جزء من عمرك قد فات بلا إنجاز, أرجو أن تساهم هذه الدورة ألا يستمر العمر بدون إنجاز, أرجو أن تساهم هذه الدورة فى بلورة ماذا تريد أن تحقق؟ وكيف فعلا ستحققه على أرض الواقع؟ سيأتى سؤال خامس, الذى أنجز ويريد أن ينجز أكثر, أو الذى لم ينجز, أريده أن يفكر , لماذا لم ينجز؟ بالتأكيد هناك أشياء لو توافرت لديه , سيكون لديه قدرة على الإنجاز أكثر, وهذا هو السؤال الخامس.
5- ماذا أحتاج من قدرات وإمكانيات للأحقق مشاريعى المستقبلية ؟  (الأدوات)
تعليق : أنا مثلا أريد أن ابنى مستشفى خيرى, ولا أملك المهارة, القدرة, المال, الخبرة الفنية, لأفعل هذا, إذن سأحتاج مال, علاقات, خبرات فنية, وعى لطبيعة المشروع واحتياجاته ودراسة الجدوى, إذن السؤال ماذا احتاج لأحقق مشاريعى؟, طبعا مشاريعنا تختلف, كل واحد فينا لديه أهداف ومشاريع وطبيعة فى الحياة تختلف عن الآخر, هذه المشاريع الكبيرة, الطموحة , العالية , التى ستنفعنى وتنفع أهلى وأمتى , بل البشرية كلها, هذه المشاريع التى أطمح إليها وأتمناها, ماذا احتاج الآن حتى أصل إليها؟ سنبحث عن الأدوات, سأعطيكم أمثلة على بعض الأدوات الرئيسية, بالتأكيد كثير من المشاريع, وليس كل المشاريع, تحتاج إلى أموال, وأنا لا أملك الأموال, فيقول بعض الناس أنا أريد أن أعمل كذا وكذا , لكن ما عندى فلوس, مع ذلك اكتب وقول لو كان عندى مال, سأفعل هذه المشاريع, بعض الناس يقول أنا ليس لدى وقت كاف, لو عندى وقت أكثر لفعلت ولفعلت, إذن اكتب, لكن هناك أشياء أخرى, بعضها يحتاج إلى علاقات, أنا احتاج رخصة والرخصة محدودة فى بلد معينة, وبالتالى سأحتاج علاقات حتى يسهلوا لى هذه الرخصة, بعضها يحتاج إلى قدرات معينة, تعلم مهارات معينة, احتاج أحيانا فريق, هذا المشروع لا أستطيع أن أقوم به وحدى, وبدون هذا الفريق لا أستطيع عمله, ومشكلتى الرئيسية أننى لم أحصل هذا الفريق, هذه بعض الأمثلة للإمكانات والقدرات التى ستحتاجها لتحقق مشاريعك المستقبلية, أنا أريد أن يفكر الانسان فى طموحات كبيرة. بعض الناس لا يفكر فى طموحات بسبب العوائق , لكن افترض إنك كسرت هذه القواعد , أو قد وفر لك المال أو الوقت أو القدرات أو المواهب أو الفريق , لو تخيلت نفسك ولديك هذه الإمكانيات, هل ستتغير حياتك؟ بالتأكيد, ستتغير , ستنجز إنجاز غير عادى, إذن خليك طموح , خليك صاحب أحلام, قول أنا احتاج القضايا التالية لأكون من أصحاب العطاء والإنجازات.

قبل أن ننطلق إلى السؤال السادس, الأسئلة الخمسة الماضية, هى الأسئلة الرئيسية التى سننطلق منها, والتى يجب أن نجيب عليها, ولكن حتى نكون عمليا أكثر, سواء أجبتم على الأسئلة الخمسة الأولى أم لم تجيبوا, يحتاج الذين أجابوا إلى أن يعيدوا النظر فى إجاباتهم, قد تكون إجاباتهم خطأ, فيها خلل, أحيانا الواحد لأنه ما عنده خبرة فى ترتيب الأولويات وإدارة الحياة, يجاوب إجابات عامة , وبعض الناس يكون ما جاوب على بعض الأسئلة الأسئلة أصلا, ما عنده وضوح إلى أين يريد أن يسير, وفى نهاية الدورة, سنصل إلى خطة للإجابة على الأسئلة السابقة , بل الأسئلة العامة التى بدأنا بها.
6- ما هى الأعمال التى أستمتع عند القيام بها ؟
تعليق : ما هى الأعمال التى عندما أعملها أكون سعيد, مسرور, مرتاح, أشعر بالمتعة؟, كثير من الناس عندما يذهب إلى العمل, يذهب وهو كاره, ويتمنى لو كان اليوم يوم عطلة, لماذا؟ لأنه كاره لشغله, يشعر أنه مغصوب على هذا العمل, رايح للعمل فقط لأجل المال, ليس لأنه محب لهذا العمل, مستمتع به, لكن مستحيل على الانسان أن يحب كل شىء, ودعونى أعطيكم مثال, من مشاكل المربين مع المراهقين, أحيانا تضغط عليه عشان يدرس, سوف تجد أنه يهمل الدرسة, ينام كثيرا ويسهر بالليل, لكن لو تأملنا سنجد أن هذا المراهق لديه أشياء يحبها, ويستمتع بعملها ويمكن يفز من النوم أو الفراش من أجل ألا تفوته, أنت كولى أمر, كمربى, لازم تعرفها, لازم تعرف ماذا يحب, وإلا لن تستطيع أن توجهه توجيه صحيح, وإلا ستضغط عليه أن يعيش فى حياة لا يحبها, لازم نحاول أن نفهم هذه المسائل, وإلا سنبوء بالفشل, حاول أن تستغل ما يحب للوصول إلى النتائج التى تريد, والتى يجب أن يعيش الإنسان وفقها, أحيانا الإنسان يضغط على نفسه , ويعمل أشياء لا يحبها ليصل الى ما يحب , أحيانا لازم أدرس وأتعب وأعمل الامتحانات صح , لماذا؟ عشان أحصل على الشهادة اللى ها تفتح لى أبواب تحقق لى أن أعمل ما أحب وأعيش فى ما أحب, ولو ما درست وتعبت الآن, يمكن ما أصل أبدا الى الحياة التى أريدها وأحبها. إذن لنسأل أنفسنا هذا السؤال, ما هى الأعمال التى استمتع عند القيام بها؟ عندنا مشكلة كبيرة فى العالم العربى, اسمها "مشكلة التعليم", ومن ضمن مشكلة التعليم, أن الإنسان ما يعطى فرصة لاستكشاف ما يحب , فى التعليم الأمريكى, عندهم نظام جميل, فى المرحلة الثانوية وخاصة على نهايتها يعطى الطالب مواد كثيرة متنوعة, إدارة , سياسة, علم نفس, .., أشكال وألوان من المواد العلمية التى هى تخصصات فى الحياة, ليس هو بحاجة إليها , لكن يسمونها  "Exploratory Courses" أى "مواد استكشاف" , حتى عندما الانسان يدرسها , يشوف هل يحبها أم لا؟, عندنا بالعكس خريج الثانوية, عندما يخرج من الثانوية يحتار, لا يعرف أى تخصص يختار, واحد يقول له, روح سياسة, وواحد يقول إعلام, وواحد ثالث يقول له علاقات دولية, وواحد يقول له هندسة ميكانيكية, يبدأ يحتار فى الاختيارات, وأنا أقول للشباب الذين يسمعون هذا الكلام والذين ما قرروا تخصصهم بعد الذين , مازالوا فى المرحلة الثانوية بالذات, أقول انتبه يأبنى, انتبهى يابنتى, كل إنسان سينصحكم بما يحب هو, الذين قال لك إدارة , أو الذى قال لك علم نفس, هو يحب هذا, انتبهوا لا تسيروا وفق حياة الآخرين, اختاروا تخصص أنتم تحبونه, وهناك معيارين لاختيار التخصص, أولا لا تدرسوا شىء لا تحبوه , لأن الأنسان لن يبدع إلا إذا تخصص فيما يحب وعمل فى ما يحب, أما الشرط الثانى ادرسوا مجال يمكن أن تحصلوا فيه على عمل بعد ذلك, عندنا واحد شاب كويتى درس وتخرج فى هندسة الغابات, أخذ بكالوريوس من أمريكا فى هندسة الغابات ورجع على الكويت, أين سيعمل؟ بماذا سينفعه هذا التخصص, يمكن يكون أثناء الدراسة استمتع, لكن بعد الدراسة ماذا سيعمل؟ وبالتالى لابد أن يعمل الانسان فى مجال يحبه ويدرس مجال يحبه, وإذا كان الانسان فى بداية الدراسة واكتشف إنه المجال الذى فيه لا يحبه, غيره قبل أن يفوت الأوان, وإذا اشتغل فى مجال يحبه خير, أما إذا عمل فى وظيفة بعد التخرج فى مجال لا يحبه, إذن لابد أن يعيد النظر, إذا أنا درست هندسة واكتشفت أنى لا أحبها, من الخطأ أن أكمل في هذا المجال, إذا كان جزء من حياتى قد مضى تعيسا, ليس المطلوب أن تبقى بقية حياتى تعيسة, إذن أعيدوا النظر فى التخصص, ما هى المواد التى فعلا أحببتموها, وهل تخصصك الحالى تحبه, وهل تخصصك الذى تخرجت منه فعلا تحبه, هل العمل الذى أنت فيه تستمتع به, الحياة جميلة جدا , ممتعة جدا للذى يعيش فيها صح, فى اليوم الذى أعمل فيه فقط من أجل المال وأعيش حياة أنا غير مستمتع بها , أصبح عبدا , وأبيع حريتى من أجل المال , أنا لا أبيع حريتى ولا أبيع عقلى على الإطلاق, عقلى ليس للبيع, قدراتى ليست للبيع  , حريتى ليست للبيع , أنا أعمل فيما أحب, واستمتع بعملى لأنى أحبه , أما الذى يعمل من أجل المال فقط ويعيش فيما لا يحب , يعيش سجين, والذى يقول يأخى أنا مضطر, عندى عائلة وعندى أولاد ولازم أعيشهم, ولا أستطيع أن أغير, أقول له "على عينى وعلى رأسى, لكن سأعطيك مهلة 5 سنوات تغير مجال عملك, وتعمل فيما تحب, 5 سنوات لا تستطيع أن تغير فيها حياتك وتعيد بنائها من جديد, إذن أنت عاجز, لا تعجز , حاسب نفسك , حاسب قدراتك , حاسب ميولك, حاسب إنجازاتك , دائما فكر فيها , والعمل الذى لا تحبه , لا تعمل به والتخصص الذى لا تحبه لا تعمل به ."

المصدر: محاضرات للدكتور طارق سويدان
  • Currently 63/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 249 مشاهدة
نشرت فى 26 سبتمبر 2010 بواسطة FURSANMOHAMMAD

ساحة النقاش

amf706

موضوع رائع وجميل
شكرا لك أخي مدين على طرح هذا الموضوع
علاء الفريدي

عدد زيارات الموقع

1,448