مما لا شك فيه أن إدراك روضة الأطفال لإحتياجات الطفل الحقيقية في مرحلة ما قبل المدرسة يضفي عليها بعدا جديدا فبجانب دورها ومسئوليتها في الرعاية التربوية والنفسية والإجتماعية فهي مسئولة عن تعويض الطفل عن الحرمان الناتج عن نقص رعايته الأسرية ولا يمكن أن يتم ذلك بدون متابعة الطفل وتقويمه المستمر حتى يمكن للروضة وقاية الطفل من المشكلات التي يمكن أن يتعرض لها .
فروضة الأطفال كبيئة لحماية الطفل من الإعاقة لا بد أن تجنبه ما قد يصيبه من مشكلات على إختلاف أنواعها ، كما ذكرت سلفا ، وأن تتدخل في الوقت المناسب لمواجهتها وحلها إن وجدت وقد قدم فاروق محمد صادق ، عدة نماذج لبرامج التدخل مع إعاقات الطفولة ويعني مصطلح التدخل Intervention أن يقوم الأخصائي أو الأخصائيون بالتعامل مع مشكلة تعوق الطفل من ذاته أو إمكاناته في التكيف مع نفسه أو مع الآخرين من حوله سواء كان ذلك في الأسرة أو في المدرسة أو في العلاقة مع الزملاء أو الكبار ، وبحيث يؤدي يؤدي هذا التدخل في النهاية إلى إختفاء المشكلة أو التقليل من آثارها السلبية في حياة الطفل الأسرية والمدرسية والتوافقية .
وقد أشار ديلكاوكس إلى مصطلح " الطفل المعرض للإصابة " High Risk Child والذي بنفس خصائص البيئة التي تزداد فيها مختلف هذه الإعاقات ، الأمر الذي يؤكد أن الإعاقة ظاهرة بيئية Ecological .
وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على ضرورة إعداد وتهيئة البيئة الصالحة والسليمة التي تحمي الطفل من الإعاقات .
إن الفحوص التشخيصية للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة أصبحت في كثير من الدول إجراءات روتينية تستهدف متابعة نمو الطفل والكشف عن نواحي القصور فيه .
ويمكن تصنيف هذه الفحوص إلى أربع فئات :
1. النمو الحركي الوظيفي العام .
2. السمع والكلام .
3. البصر والإستخدام الدقيق للعين .
4. المهارات والإستجابات الإجتماعية .
وتعتبر هذه الفحوص أساسية حيث ترتبط بتقييم النمو الطبيعي للطفل ، والبدء فيما تتطلبه نتائج الكشف عن نقص حالات القصور من إجراءات علاجية تأهيلية . فهذه الفحوص تستهدف :
1. الكشف عن العوامل المسببة لأي قصور أو بطء أو توقف في النمو يكشف عنه الفحص .
2. أن تبدأ فورا إجراءات العلاج وتقويم القصور ، مما يتطلب توفير الأجهزة العلاجية على كافة مستوياتها التعليمية والصحية والنفسية والإجتماعية .
إن الكشف المبكر لحالة الإعاقة أو الإعاقة المحتملة تعتبر مرحلة أساسية ذات أهمية قصوى يتوقف على نجاحها بقدر الإمكان مدى نجاح المراحل التالية . والأسرة تقع عليها المسئولية الأولى في ملاحظة أى قصور أو بعد النمو الطبيعي التي بالنسبة لأطفالها يعاونها في ذلك طبيب الأسرة ، ثم روضة الأطفال حيث المعلمة المؤهلة التي يتطلب نجاحها أن يكون لديها الرغبة في العمل مع الأطفال والحساسية لمشكلاتهم وإنفعالاتهم .
بالإضافة إلى طبيب الروضة المتفرغ والأخصائي الإجتماعي ، حيث يتم تحويل الحالة بعد إكتشافها إلى الجهة المختصة لإجراء الفحوص اللازمة .
وبذلك نجد أن الفحوص التشخيصية والكشف المبكر لنواحي القصور من أهم عناصر الجانب الوقائي والتحكم في الأمراض والحد من آثارها في مرحلة مبكرة قبل أن تصل أعراضها إلى درجة لا تستجيب للعلاج .
إذن كيف تصبح روضة الأطفال بيئة تقي الطفل الإعاقة وتتوافر فيها المقومات اللازمة لنجاحها في أداء دورها والوقاية من المشكلات على إختلاف أنواعها .
1. من الناحية العقلية :
فإن الأمر يتطلب التشخيص المبكر للمشكلات التي تتصل بمشكلات الناحية العقلية ، لذا فإن الأمر يستلزم وجود الطبيب داخل الروضة ، وإن كان دور الوالدين هنا لا بد أن يسبق دور طبيب الروضة ، فالضعف العقلي مشكلة من أهم المشكلات التي يجب العناية بالوقاية منه ، ويؤكد أهمية الوقاية أن العلاج الفعال للضعف العقلي ليس ممكنا ، لذا فإن نشر المعرفة ورفع وعي المواطنين وتوجيه وإرشاد الوالدين ، وفحص الأم ووقايتها من الأمراض أثناء الحمل ، بالإضافة إلى وقاية الطفل في مرحلة الطفولة من الأمراض .
والتعرف المبكر على حالات الضعف العقلي من الأمور الأساسية بالنسبة للوالدين لمساعدتهما على الإكتشاف المبكر لمثل هذه الحالات ومساعدتها في تحمل المشكلة والقيام بمسئولياتها تجاهها وقائيا وعلاجيا .
وفي الروضة فإن دور الطبيب هنا في الإكتشاف المبكر للمرض ، وتوجيه هذه الحالات للعلاج المتخصص والتدريب اللازم . فقد ركزت بعض البحوث على أن رعاية الطفل تربويا في الروضة أفضل من بقائه في المنزل فيما يتعلق بالنمو العقلي .
2. من الناحية الجسمية :
إن روضة الأطفال يجب أن تكون بيئة صحية تحمي الطفل من الحوادث التي قد تؤدي إلى عاهات وعوائق معوقة لنموه ، فهي من حيث موقعها قريبة من العمـران ، بعيدة عن أماكن الخطر والطريق العام ، حيث زيادة الضوضاء والتلوث التي تؤدي إلى ضعف السمع .
كذلك فإن برنامج الروضة اليومي بما يتضمنه من أنشطة ومهارات متنوعة يؤدي إلى نمو العضلات وتقوية الأطراف وإستخدامها ، علاوة على ذلك فإنه يتضمن فترات للراحة والنوم لعدم إرهاق الطفل وحمايته من الأمراض .
كذلك فإن الإكتشاف المبكر للأطفال الذين يعانون من ضعفا في الحواس بواسطة المعلمة وتشخيص حالاتهم بواسطة الطبيب .
التأكيد على إكساب الطفل العادات الصحية وأساليب النظافة منذ الصغر لتجنب الإصابة بالأمراض كنظافة الأذن ، فإن عدم تنظيفها يترتب عليه إصابتها بعائق يعوق الطفل عن السمع ويصيبه بضعف السمع .
تزويد رياض الأطفال بالمعدات والأدوات والأجهزة التي تتيح للأطفال ممارسة الأنشطة الحركية واللعب الحر في الهواء الطلق في مرونة وتلقائية ، مما يؤدي إلى تدريب العضلات وإستخدام أعضاء الجسم المختلفة .
الإهتمام بتغذية الطفل حيث يقدم للطفل وجبة غذائية كاملة مغلفة صحية يضع مواصفاتها ويشرف عليها معهد التغذية ( 37 ) ذلك أن توفير التغذية السليمة وبالكميات الكافية تمنع الإصابة الناجمة عن نقص سوء التغذية .
الإهتمام بتحصين الأطفال ضد الأمراض المختلفة وفي المواعيد المحددة.
تطبيق نظام البطاقات الصحية والكشف الدورى العام بحيث تنتقل هذه البطاقات مع الطفل في المراحل التعليمية التالية .
3. من الناحية الإنفعالية :
لابد أن تكون روضة الأطفال بيئة مناسبة للنمو الإنفعالي تجنب الطفل الخبرات المؤلمة العنيفة والإحباط والفشل ، وإضطراب علاقاته بزملائه والبحث عن الأسباب الحقيقية للإضطراب الإنفعالي وإزالتها بمساعدة الأخصائي النفسي بالتعاون مع المعلمة والآباء ، بحيث يتمكن الطفل من حل مشكلته بنفسه وتقديم المساعدة في الوقت المناسب .
إبراز نواحي الإيجابية والقوة لدى الطفل وتنمية الثقة بالنفس ، وتشجيع النجاح وتحمل المسئولية .
العلاج باللعب ، حيث يمثل وسيلة الطفل إلى الإستطلاع والتراخي مع الدنيا ومعرفة وسائل التناسق البدني وإستخدام الرموز والتخيلات ، فاللعب تفريغ لصراعات الطفل الداخلية ( 38 ) .
كما تتضح الأهمية الإنفعالية للروضة من خلال اللعب التربوي الذي توفره ضبطها عن طريق العمل الجماعي والتنافس والتعاون والمشاركة ، كما تساعده على النمو الإنفعالي من خلال الجو السائد فيها ، فالبيئة التي تتسم بالهدوء والدفء والسعادة تؤدي إلى تنمية الإنفعالات الإيجابية لدى الطفل .
4. من الناحية الإجتماعية :
أكدت الأبحاث أن الصغار يفيدون من الإنتظام في رياض الأطفال ، وأن أبرز ما يترتب على ذلك من نتائج هو إزدياد حظ الطفل من الإجتماعية والتعبير عن الذات والإستقلال والمبادرة والتوافق الإجتماعي والإهتمام بالبيئة والشغف بها .
يضاف إلى ما تسهم به الروضة في تحقيق التوافق الشخصي والإجتماعي الناجح للطفل وتزويده بإتصاله الأول بجماعات الأقران ودفع عجلة التنشئة الإجتماعية بين البيت والروضة ، فإنها أيضا تساعده على تأكيد الذات والإعتماد على النفس وحب الإستطلاع والإتصال الإجتماعي ، وتلعب معلمة الرياض دورا هاما في تنمية الشخصية الإجتماعية لطفل الروضة ، ذلك أن التوجيه والمشاركة الإيجابية من جانب المعلمة أكثر جدوى من حيث التوافق الإجتماعي عند طفل ما قبل المدرسة .
ويجمل " جيرسيلد " أهم الآثار الإيجابية للروضة فيما يلي :
1- توسيع دائرة النشاط والتفاعل الإجتماعي للطفل وتعاونه في اللعب مع الجماعة والتخفيف من رهبته للمواقف الإجتماعية وخوفه من الآخرين .
2- تدريب الإنفعالات وضطبتها من خلال اللعب والمشاركة الوجدانية والصداقة والعمل الجماعي والتنافس .
3- تنمية المهارات الحركية ومهارة اللعب والإستفادة من الأنشطة المتنوعة .
4- زيادة المحصول اللغوي .
5- مساعدة الطفل في الإعتماد على نفسه وتقليل الإعتماد على الآخرين .
ساحة النقاش