COLORS OF LIFE

أنا من حراء قبست نور عقيدتي،، وعرفت منهاجي بدار الأرقم..

:الحمد لله تمام وانتو كيف حالكم؟ وحشتوني مرة
:والله الحمد لله يا خالة طيبين..
:عسى أموركم تمام مع بعض
:لا الحمد لله مرة تمام
:الحمد لله.. (سنا) جنبك أكلمها؟
:اممممم والله (سنا) في...... احنا دحين في المستشفى هي تعبانة شوية
:خير اشبها؟
:لا لا شوية أنفلونزا بس.. لا تشغلي بالك.. هي دحين مع الدكتور..
:طمني عليها حبيبي.. الله يخليك بس تخلص خليها تكلمني
:حاضر يا خالة سلميلي ع الأهل.. مع السلامة
:الله يسلمك يبلغ إن شاء الله.. مع السلامة
أنهي المكالمة وأنظر إليها، فتنظر إليّ بعينين دامعتين.. فأحتضنها مواسيا لها..
في مرة أرى فيها دمعاتها أشعر بأنني السبب فيما حدث لها وألوم نفسي كثيرا على تقصيري..
نعود إلى الغرفة.. وتأتي الممرضة لتتأكد من درجة حرارتها وضغط دمها وما إلى ذلك..
تخبرني الممرضة بأن ضغط الدم مرتفع.. وعليّ أن أجنبها الانفعال حتى يعود لطبيعته..
أعود إليها..
:(سنا) الممرضة قالت ضغطك مرتفع لازم ننزلو عشان تخفي يعني ما أبغى أشوفك تبكي مرة تانية..
أومأت إليّ بـ(نعم)..
يتصل بي صديقي (مختار).. أحمل هاتفي وأخرج من الغرفة
:ألو
:أهلين (مختار) كيفك؟
:والله الحمد لله.. انت كيفك؟ بقالك يومين ما بتجي الجامعة.. مالك؟ إن شاء الله خير
:آآآه.. والله يا (مختار) ماني عارف اش أقولك
:لالالا دي شكلها كبيرة انت وين هسا في البيت؟
:لا في المستشفى بس لو تبغا أجيلك
:خير إن شاء الله..طيب مستنيك ما تتأخر..
:خير لمن أجيك أحكيلك.. مع السلامة
أنهي المكالمة وأعود إلى الغرفة..
:(سنا).. أنا طالع عند واحد صاحبي بس ما حتأخر.. كلها ساعة إن شاء الله.. تبغي شي؟
تشير إليّ بـ(لا) وترفع يدها مودعة..
أقترب منها..

:(سنا) انتبهي على نفسك..لو في أي شي أعمليلي مسج..

وأذهب إلى (مختار) لأروي له القصة كاملة.. تأثر كثيرا بما حدث لنا، وأشار عليّ بأن أمهلها فترة أخرى ثم نعود إلى المنزل..
عدت إلى المشفى عند الظهيرة.. دخلت إلى الغرفة فوجدتها نائمة أطفأت الضوء وغطيتها وجلست إلى جوارها.. أبعدت خصلاتها عن وجهها وتأملتها بعمق رأيتها (سنا) لأول مرة بعد أن كنت أراها عبئا ومسؤولية حُمِّلْتها..!
يُطرق الباب.. فأذهب لأفتح.. إنه طبيبها السيد (أحمد صدام).. ألماني من أصل عراقي..
:مرحبا..
:أهلا
:ها طمني عساها زينة اليوم..
:والله تمام كانت تعبانة شوية الصباح بس دحين أحسن..
:يلا دير بالك عليها زين.. أنا وصيت عليها دكتور نفسي زميلنا هنا يشوفها كل يوم..
:جزاك الله خير دكتور.. بس حبيت أسألك متى تقدر تطلع؟
:يعني أسبوع وشوية إذا مشيت ع البرنامج مالها.. بس لين تعود تتكلم يبيلها وقت
:الله يسهل.. شكرا لك دكتور..
:عفوا.. قدامها العافية..
:الله يعافيك.. مع السلامة
أغلق الباب وألقي بجسدي المنهك على الكرسي.. وأفكر في الـ(أسبوع وشوية) التي سنقضيها بين جدران هذه الغرفة المملة..
ذهبت إلى المنزل لأحضر بعض الأغراض التي نحتاجها دخلت.. لا يزال كل شيء كما كان منذ الحادثة صعدت إلى الغرفة ورتبتها جيدا واستبدلت الزجاج المكسور بآخر جديد.. وعدت إلى المشفى..
طرقت الباب ودخلت.. فرأيت الممرضات يلتففن حول سريرها.. شعرت بالخوف وذهبت لأسأل الطبيب..
:خير دكتور اشبها؟

:والله الضغط جدا مرتفع سيد (محمد).. بس الحين ركبنالها مغذي
:اش اللي سار دكتور؟ قستلها الضغط قبل شوية كان كويس
:اهيا الظاهر لسا متأثرة بالصدمة.. لأنو قامت من النوم مفزوعة.. دير بالك عليها
:إن شاء الله

اقتربت منها..
:(سنا) اشبك؟ مو كنتي كويسة الصباح؟
أخفضت رأسها.. وأخرجت الدفتر.. كتبت..
(أنا كنت نايمة وقت ما نط من الشباك.. (محمد) أنا سرت أخاف أنام)
رأيت دمعاتها تتساقط على الدفتر..
:(سنا) حبيبي أنا أبغاك تنسي اللي سار وتفكري في اللي جاي نحنا لازم أول شي ننزل الضغط.. وبعدين
 نمشي ع البرنامج اللي حطو الدكتور عشان نطلع من هنا..
كتبت.. (إن شاء الله.. (محمد) خليك معايا)
:حأفضل معاكي دايما بس توعديني تمشي ع البرنامج..
أومأت إليّ بـ(نعم).. وكتبت..
(على فكرة أرسلت مسج لأمي)
:جيد..
(خايفة تحس بشي)
:إن شاء الله ما تحس.. بس لو اضطرينا حنقولها
رفعت عينيها إلى الأعلى وكأنها تدعو.. فأمَّنت مع أني لم أعرف ما كانت ترجوه..!

****

اليوم سنخرج أخيرا من هذا المشفى البغيض.. حاولت و(سنا) بذل قصارى جهدنا لنخرج سريعا من هنا.. ومضت الـ(أسبوع وشوية) ثقيلة جدا على نفوسنا..
أيقظتني (سنا) هذا الصباح..
فتحت عينيّ.. سألتها
:كيفك (سنا) اليوم؟
أومأت لي أنها بخير.. وأخرجت دفترها.. كتبت..
(دوبو جا الدكتور قاسلي الضغط وقال تمام.. كتبلي خروج اليوم)
:ايوة صح قالي أمس
(طيب اش رايك نفطر بعدين نروح؟)
:طيب على راحتك.. حننزل نفطر اليوم تحت في الحديقة
أومأت إلي بـ(نعم)..
نهضت ونظرت إلى الأريكة غير المريحة وقلت في نفسي.. اليوم سأرتاح منها إلى الأبد..
تناولنا طعامنا في الحديقة.. كان صباحا غائما وتوقعنا أن تمطر..
كتبت.. ( (محمد) شوف السما.. ما تفكرك بشي؟)
:مكة في الشتا
(وحشتني مرة)
:وأنا كمان.. الإجازة........
استدركت وصمتت.. فأنا أعلم أننا لن نتمكن من السفر في هذه الإجازة.. بناء على اتفاقنا
ترى كيف سيكون شعورهم إن علموا بأن ابنتهم أصبحت (خرساء).. عليّ أن أختلق عذرا أخبرهم به كي أعلل لهم عدم قدرتنا على العودة..
نبهتني وكتبت.. (أمور مادية يا (محمد).. قولهم عندنا مشاكل مادية صدقني حيقتنعوا)
فتحت عينيّ ونظرت إليها بدهشة..
:كيف عرفتي؟
كتبت.. (كنت جالسة أفكر اش حنقولهم.. ما أبغى أحد يعرف.. اش رايك؟)
:اوكي.. نقولهم (مشاكل مادية).. والله جبتيها.. ها خلصت فطور؟ عشان نطلع نجيب الأغراض
أشارت إلي بـ(نعم)..
أرى ابتسامتها تتقلص شيئا فشيئا.. لاشك أنها متخوفة من العودة إلى المنزل.. لكنها خطوة يجب علينا القيام بها لنختبر مدى فعالية العلاج..
صعدنا إلى الغرفة لنحضر أغراضنا.. وذهبنا لنودع الطبيب والممرضات اللاتي أصبحن صديقات لنا.. ركبنا سيارة أجرة وتوجهنا إلى البيت.. كنت أدعو الله طوال الطريق ألا تنتكس (سنا) عندما ترى المنزل..
ألحظ يديها ترتعش.. فأضع يدي عليها.. إنها باردة جدا.. ربما هو الخوف..
وصلنا إلى المنزل.. فنبهت (سنا) للنزول..
نزلت من السيارة ونظرت إلى المنزل طويلا.. همت بفتح الباب لكنها تراجعت.. أحاول تشجيعها..
:(سنا) يلا افتحي..
استجمعت قواها وفتحت الباب ودخلت.. كنت أراقبها في كل خطوة.. تقدمت نحو الدرج صعدت أول درجة.. ثاني درجة.. ثالث درجة ثم توقفت.. لم أجبرها على الصعود..
:(سنا) تعالي احنا حنجلس في الغرفة اللي جنب المطبخ..
نزلت من على الدرج وذهبنا إلى الغرفة المجاورة للمطبخ.. جلست على الأريكة وقمت أنا بترتيب الأغراض داخل الخزانة.. التفت إليها فوجدتها لا تزال ترتدي عباءتها..
:(سنا).. اشبك ما فصختي عبايتك؟
لم تلتفت.. يبدو أنها غارقة في التفكير لدرجة أنها لم تسمعني..اقتربت منها
:(سنا) ما سمعتيني؟.. اشبك لين دحين لابسة عبايتك؟
رفعت رأسها.. رأيت دموعها تسيل..
:(سنا) اشبك حبيبي؟
أمسكت بقميصي وبكت بحرارة.. تأثرت كثيرا ببكائها الصامت.. احتضنتها حتى هدأت.. وأمضينا ذلك اليوم في تلك الغرفة لأن (سنا) لم تستطع الخروج منها..!

****

بعد مرور أربعة أشهر ونصف على الحادث.. (سنا) أصبحت تجيد نطق بعض الحروف بعد جلسات من العلاج لكنها لا تزال تكتب على ذلك الدفتر.. اضطررنا لإخبار عائلتينا وكان وقع الصدمة كبيرا عليهم.. لكنها وعدتهم أنها لن تعود إلى الوطن حتى تتمكن من تجاوز هذه المشكلة.. صحيح أن (سنا) لم تتمكن من الذهاب إلى الجامعة لكنها أصبحت تستذكر ما فاتها في المنزل.. أحترم إرادتها القوية التي قد تتأثر أحيانا بلحظات ضعف لكنها تعود أقوى بكثير..
هذا اليوم استيقظت من قيلولتي ولم أجدها في الغرفة.. ربما هي في الحمام ذهبت لأبحث عنها فلم أجدها.. هل صعدت إلى الطابق العلوي؟.. لا أظن ذلك.. لكنني سأصعد..
دهشت كثيرا عندما رأيت باب غرفة النوم مفتوحا.. دخلت فرأيتها تنظر من نافذة الغرفة..
:(سنا).. مسا الخير
التفت إليّ..
:وين لقيتي المفتاح؟
أخرجت دفترها من جيبها..
كتبت.. (في الدرج)..
حاولت التحدث..
:التاني.. ليش خـ.. خـ.. خبيتو؟
:خايف عليكي..
ابتسمت بحياء.. وذهبت لتعد الطعام كنت سعيدا جدا لأنها استطاعت نطق بعض الكلمات.. لكني لا أزال أنتظر اليوم الذي ستنطق فيه اسمي بطريقة صحيحة.. جيد أنها تغلبت على عقدتها من تلك الغرفة.. أشعر بالسرور كثيرا لأني لم أعد أنتظرها عند باب الحمام وأبقى مستيقظا حتى تنام.. وأظل معها دائما.. وأظن أنها تشعر بذلك أيضا..
أنهينا طعامنا وقمت لأجلي الصحون هذا اليوم فهو دوري حسب الجدول الذي اقترحتُه.. أفكر في حياتي التي عادت إلى الانتعاش مرة أخرى والاستقرار الذي كنت أفتقده في منزلي رغم أن الجميع يحيطون بي.. لكنني علمت الآن أنني كنت أفتقد نفسي وقد وجدتها رفقة (سنا)..
يرن هاتفي..
:ألو.. نعم
:أهلين (محمد) كيفك؟
:الحمد لله.. عفوا مين انتي؟
تنبهت (سنا) وبدأت تصغي إلي.. 
:أووف معقول ما عرفتني..
:آسف.. ما ميزت الصوت مين؟
:أنا (روان)!!
:مين (روان)؟
:(روان) بنت خالك..!
صمتتُ من هول الصدمة..
:ألو.. (محمد) سامعني؟ ألو
:ها؟ ايوة.. سامعك..
:كيفها (سنا)؟
:تمام الحمد لله..
:سلملي عليها.. كيفك انتا؟
:الحمد لله..
:خالك يسلم عليك..
:الله يسلمو سلميلي عليهم كتير
:طيب.. ما أبا أطول عليك.. بس كنت بطمن على (سنا)..مع السلامة
:الله يسلمك..مع السلامة
لا أنكر أن قلبي رق.. وذاكرتي عادت بي إلى تلك الأيام عندما سمعت صوتها.. لكنني طردت كل تلك الأفكار فهي الآن (كوابيس) مزعجة بالنسبة إلي..
:مين؟
:هادي (روان) بنت خالي.. تسلم عليكي..
أعلم أن (سنا) استغربت هذا الاتصال لكنها لم تشك بعلاقة كانت تربطنا.. جلست أفكر في دوافعها للاتصال بي.. لماذا هذا اليوم بالذات بعد مرور الكثير على زواجنا.. ربما رغبت في الاطمئنان على (سنا).. على العموم.. لا يهمني أن أعرف ما تفكر فيه.. لأنني بت أشعر الآن بمعنى أني (مرتبط).. !
مضى ذلك المساء ببطء وأحسست بالوحدة لأن (سنا) كانت تستعد لاختبار الغد.. أثق بقدرتها على الحصول على علامة جيدة وأتمنى لها ذلك فهي هذا المرة أكثر جدية من كل المرات السابقة..

****

أنتظر عودة (سنا) من الجامعة وأفكر في مخطط نفعله هذا اليوم فهو آخر أيام اختباراتها التي دامت أسبوعين أنظر إلى صورة عرسنا وأتذكر مشاعري حينها وكأني كنت مجبرا على الوقوف إلى جانبها.. واليوم أتمنى أن يعود بي الزمن لأبتسم بسمة فرح..
طرقت الباب..
:مـ مرحبا
:أهلين (سنا)
:كيفك (مــ مـــ حمـ مــ ـد).. (محمد)؟؟؟؟
نهضت مسرعة نحوها.. قبلت رأسها وتعانقنا طويلا وانسابت دموعنا..
وعادت قيمتي بعودة حروف اسمي إلى لسانها.. عندها عدت إليّ!!..
<!--

 

 

أيها القدر..
طلب صغير..
هلا وضعت كل محمد بين أحضان سناه !!

****




محمد ناجي..

 


(عاد الزوجان إلى قلوب بعضهما واستعادا حياتهما..
مرت السنين ورزقا بـ(ناجي) و(نجوى)..
تمكن (محمد) من التخلص من عقدته
في قيادة السيارة..
واستقر في (ألمانيا) مع زوجته بعد أن تحصلا
على شهادة الدكتوراه وهكذا عاد بطلنا إليه!! )..

 

المصدر: بقلمي
EsraaAlqorashi

c.o.l ;)

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 133 مشاهدة
نشرت فى 25 نوفمبر 2011 بواسطة EsraaAlqorashi

ساحة النقاش

colors of life

EsraaAlqorashi
colors of life نحن بانتظارك.. لتبدع! »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

13,679