مفهوم التنشئة الاسرية :-

بدأت دراسة أساليب التنشئة الاسرية بالتعرف على اتجاهات الوالدين فى التنشئة باعتبارها بمثابة توجه سلوك فى تنشئة الابناء وهى ما يرونه ويتمسكون به من اساليب معاملة ابنائهم فى مواقف حياتهم المختلفة .

 

-         مفهوم الاسرة :

تعتبر الاسرة المؤسسة الاجتماعية الاولى المسوؤلة عن التنشئة الاجتماعية والضبط الاجتماعى فالاسرة اتحاد تلقائى يتم نتيجة الاستعدادات والقدرات الكامنة فى الطبيعة البشرية التى تنزع الى الاجتماع وهى ضرورة حتمية لبقاء الجنس البشرى واستمرار الوجود الاجتماعى وتلعب الاسرة دورا اساسيا فى سلوك الافراد بطريقة سوية او غير سوية من خلال النماذج السلوكية التى تقدمها لصغارها . 

 

-         التعريفات التى تناولت مفهوم الاسرة :

 عرف العديد من الباحثين الاسرة بتعريفات متعددة منها :

 

ويعرف "بوجاردس" Bogardus الاسرة بأنها  " جماعة اجتماعية صغيرة تتكون عادة من الاب والام وواحد أو أكثر من الاطفال , يتبادلون الحب ويتقاسمون المسوؤلية وتقوم بتربية الاطفال , حتى تمكنهم من القيام بتوجيهم وضبطهم , ليصبحوا أشخاصا يتصرفون بطريقة اجتماعية " .

وعرفها الخشاب بأنها " اتحاد حتمى تؤدى اليه الاستعدادات والقدرات الكامنة فى الطبيعة البشرية النازعة الى الاجتماع , وهى بأوضاعها مؤسسة اجتماعية تنبعث من ظروف الحياة التلقائية للنظم والاوضاع الاجتماعية كما انها ضرورة حتمية للقاء الجنسى البشرى ودوام الوجود الاجتماعى ويتحقق ذلك بفضل اجتماع الاثنين الرجل والمرأة والاتحاد الدائم المستقر بينهما بصورة يقرها المجتمع هو الاسرة " .

وعرفها  "بيرجس ولوك " Beargess & lock " أشخاص يتحدون بروابط الزواج أو الدم أو التبنى فيكونون مكنا مستقلا يتفاعلون مع بعضهم البعض بأدوارهم الاجتماعية المختصة كزوج وزوجة , وأم وأب ,وابن وابنة , وأخ وأخت الامر الذى ينشىء لهم ثقافة مشتركة " .

ومن خلال التعريفات السابقة يمكن ان نحدد خصائص الاسرة بما يلى :

 

1-     الاسرة جماعة اجتماعية دائمة تتكون من أشخاص  لهم رابطة أجتماعية تربطهم بعض صلة الزواج , أو الدم ,أو الوالدين والابناء .

2-     أفراد الاسرة عادة يقيمون فى مسكن واحد يجمعهم .

3-     الاسرة هى المؤسسة الاولى التى تقوم بوظيفة التنشئة الاجتماعية للطفل الذى يتعلم من الاسرة كثيرا من العمليات الخاصة بحياته مثل المهارات الخاصة بالاكل واللبس والنوم .

4-     للاسرة نظام اقتصادى خاص من حيث الاستهلاك وانتاج الافراد , لتأمين وسائل المعيشة للمستقبل القريب لافراد الاسرة .  

5-     الاسرة هى المؤسسة والخلية الاجتماعية الاولى فى بناء المجتمع وهى الحجر الاساسى فى استقرار الحياة  الاجتماعية الذى يستند عليه الكيان الاجتماعى .

6-     الاسرة وحدة للتفاعل الاجتماعى المتبادل بين افراد الاسرة الذين يقومون بتأدية الادوار والواجبات المتبادلة بين عناصر الاسرة , بهدف اشباع الحاجات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية لآفرادها .

  

 

-         دور الاسرة ووظائفها :

 تقوم الاسرة بأشباع  حاجات الفرد ,وتحقيق انجازات المجتمع عند قيامها بوظائفها الاقتصادية والتشريعية والتنفيذية والقضائية والدينية والتربوية وتنظيم الانجاب واعالة الاطفال .

ويرى  "سمارت" Simart " ان الاسرة تمنح اطفالها الاستعدادات والسمات والحب والامن والفرص العديدة لنمو شخصياتهم , وتقوم بأشباع حاجاتهم الفسيولوجية والعقلية والعاطفية وتعليمهم , كيف يتعاملون , ويتم تأثيرها عليهم من خلال عاملى الوراثة والبيئة ".

-         وعلى ذلك يمكن ان تصنف وظائف الاسرة كالتالى :

1-     حفظ النوع البشرى وفق قواعد اجتماعية .

2-     تربية الاطفال , واكسابهم العادات والنعتقدات والخبرات الازمة لهم وتنمية الشعور بالانتماء الاسرى والاجتماعى لتكوين شخصيتهم .

3-     القيام بوظيفتها النفسية بتوفير علاقات الاهتمام والتكافل لافرادها , والامن النفسى لخلق انسان متزن ومستقر , يشعر بالانتماء الاسرى والتفاعل المتعمق من اجل مصلحة الاسرة والمحافظة على كيانه .

4-     القيام بوظيفتها الاقتصادية توفير الاحتياجات والمتطلبات الازمة للحياة .

     

-         التعريفات التى تناولت أساليب التنشئة الاسرية :

 تعددت التعريفات التى تناولت مفهوم أساليب التنشئة الاسرية بالمسميات المختلفة كما سبق ذكراه من وجهة نظر علماء النفس

يعرفها ممدوحة سلامة (1984)" بأنها ما يحيط به الوالدان الطفل من (الرعاية أو الاهمال ) من ( التشجيع او التثبيط) من ( الدفء أو اللامبالاة ) أو البرود تجاهه, من اوامر ونواه ومطالب وعقوبات وتسامح , مكونان جوا نفسيا عاما يحيط بالتفاعل بين الطفل واسرته ".  

 

كما يعرفها زهران ( 1986) بأنها " استجابة الاباء لسلوك الطفل مما يؤدى الى تغير هذا السلوك " .

 

ويعرفها طاهر ( 1989) بانه " الطرق التى تميز معاملة الابوين لاولادهم وهى ايضا ردود الفعل الواعية او غير الواعية التى تميز معاملة الابوين للاولادهم خلال عمليات التفاعل الدائمة بين الطرفين " .

 

وتعرفها هدى قناوى ( 1996) بانها" الاجراءات والاساليب التى يتبعها الوالدان فى تطبيع او تنشئة ابنائهما اجتماعيا ". 

 

ويعرفه الباحث بانها " الاساليب التى يتبعها الاباء فى تربية ابنائهم وتنشئتهم تنشئة سوية مما يكون له اثر غلى شخصية الابناء ".  

 

وتتكون أساليب التنشئة الاسرية من العمليات الدافعية والانفعالية والادراكية والمعرفية التى انتظمت بصورة دائمة لتعمل كموجه لاساليب الوالدين فى معاملة الطفل فى المواقف اليومية التى تجمعهم , على اعتبار انه وسيلة الاباء للتفاعل مع الطفل والتى من خلالها يتم نموه النفسي والاجتماعى بما يتضمنة ذلك من تمثله للقيم والمعايير والاهداف التى تطبع اى اسرة فى مجتمع ما . الا ان هذه الاساليب تتباين من حيث نوعيتها , واثارها فى تنشئة الابناء , فمنها اساليب سوية تتضمن تفاعلا لجوانب مشبعة بالحب والقبول والثقة ومن ثم الاستجابة بطريقة ايجابية للبيئة , وبالتالى ينمو الطفل كشخص يحب غيره ويتقبل الاخرين ويثق فيهم , ومنها اساليب غير سوية سلبية كالرفض والتسلط والقسوة والتذبذب والتدليل والحماية الزائدة والتفرقة والاهمال , مما يؤدى بالطفل الى الاضطراب النفسى والذى ينعكس على سلوكه فى هيئة استجابات سلبية نحو البيئة كالعدوانية والشعور بالاضطهاد ومحاولة جذب الانتباه والكذب والتبول اللاارادى وغيرها من الاضطراباتالتى تؤثر سلبيا على نموه وصحته النفسية فى هذه المرحلة ومايليها من مراحل .

 

ولقد عرض بيكر Beckar نموذجا ثلاثى البعد لسلوك الوالدين فى معاملة الابناء على النحو التالى الدفء- العداء – التشدد – التسامح – الاندماج – القلق 

 

وتؤكد نتائج الدراسات التى اجريت فى هذا الموضوع ان اساليب التنشئة الاسرية لا تخضع لنمط واحد بل تختلف من اسرة لاخرى ومن مجتمع لاخر , وهى تتأثر بالتغيرات التى تطرأ على حياة المجتمع من تغيرات ثقافية واقتصادية واجتماعية ,وعليه تتحدد اوضاع النشء فى مستقبل حياتهم كراشدين من خلال مراحلهم العمرية بهذه الاساليب حيث يتم تشكيل شخصيتهم , وهذا يعنى ان السلوك المنحرف الذى يتبعه النشء هو نتيجة لسبب ونوعية اساليب التنشئة الاجتماعية التى تمارس عليهم فى حياتهم وللاباء دور حيوى فى هذه العملية باعتبارهم قدوة لهم وكذلك الامهات لانهم يقدمون لابنائهم خبراتهم وسلوكهم التى يمكن ان يقلدوها .

-         التنشئة الاجتماعية :

 تعتبر التنشئة الاجتماعية من اخطر العمليات شأنا فى حياة الفرد لانها تلعب دورا اساسيا فى تكوين الشخصية الاجتماعية للفرد والتنشئة الاجتماعية فى معناها العام هى العمليات التى يصبح بها الفرد واعيا ومستجيبا للمؤثرات الاجتماعية بكل ما تشتمل عليه من المؤثرات من ضغوط وما تفرطه عليه من واجبات من خلال التنشئة الاجتماعية وما يحدث للطفل والراشد من تغيرات وما يتعرض له من مؤثرات اجتماعية .

 

وتهدف التنشئة الاجتماعية الى اعداد الفرد من الولادة حتى الرشد للاندماج فى اتساق الناء الاجتماعى والتوافق مع المعايير الاجتماعية والقيم السائدة ولغة الاتصال والاتجاهات الخاصة بالاسرة والجماعة التى ينتمى اليها .

 

تعريف التنشئة الاجتماعية :

 

تعدد التعاريف التى تعالج التنشئة الاجتماعية فاحيانا يطلق عليها عملية التنشئة والتطبيع الاجتماعى واحيانا يطلق عليها عملية التنشئة والتطبيع والاندماج الاجتماعى ويستخدم البعض احيانا مصطلح عملية التجمعن .

 

-         نظريات التنشئة الاجتماعية :-

 

اهتم علماء النفس بالتنشئة الاجتماعية واشاروا الى ان النمو الاجتماعى يتأثر بعدة عوامل اهمها الصحة العامة والجهاز العصبى والبيئة التى يعيش فيها الفرد واساليب التنشئة الاجتماعية التى يتبعها الاباء فى تربية الطفل اجتماعيا وهناك عدة نظريات للتنشئة الاجتماعية :

 

(1)   نظرية التحليل النفسى :

 

تفترض نظرية التحليل النفسى جهاز داخل الفرد يتكون من ثلاث منظمات عرفت بالهو – الانا –الانا الاعلى ويمثل الهو مصدر الغرائز ومحتواه اللاشعورى ويسعى دائما لتحقيق اللذة وحينما يتصل الهو بالمجتمع المحيط او البيئة تبدأ عملية تكوين الانا وتظهر فاعلية الانا عندما يتعلم الفرد كيف يتمكن من تحقيق رغبات الهو فى نطاق الظروف التى يفرضها المجتمع بعاداتة وتقاليده الا ان الانا لا يستطيع كبح كل المحفزات الغريزية التى تتنافى مع هذه القيم وتلك التقاليد وبالتالى تاتى اوامر الوالدين والكبار ورقابتهم على تصرفات الطفل وسلوكياته ومن ثم تشتق الانا الاعلى مع مرور الوقت من تعليمات الوالدين لتصبح الانا الاعلى بمثابة المراقب للسلوك الذى يوجه للانا الاوامر ويهددها ومن هنا تتكون معايير السلوك التى يتمثلها الطفل وتصبح جزءا من بنائه النفسى 

 

  وترى نظرية التحليل النفسى ان التنشئة عملية قائمة على التفاعل يكتسب فيها الطفل معايير السلوك وتضفى نظرية التحليل النفسى على الام اهمية فى ذلك الامر خلال تفاعلها مع طفلها فى مواقف التغذية والتدريب .

(2)   نظرية التعلم الاجتماعى :

تفسر  نظرية التعلم الاجتماعي  التنشئة الاجتماعية بأن سلوك الإنسا ن متعلم من خلال تجربته في الحياة (التعلم تجربة تؤدي إلى الخبرة تؤدي إلى تجربة جديدة يستفاد منها خبرة جديدة وهكـذا) وبذلك تسهم التنشئة الاجتماعية في تشكيل ثقافة النشء وتعويدهم على السلوك المقبول، وتفيد اساليب الثواب والعقاب والتشجيع والمكافأة الابناء على تعلم السلوك الاجتماعى والمعايير الاجتماعية .

 

كما يلعب التقليد والمحاكاة والقدوة دورا فى تعلم السلوك , ولذلك تهتم النظرية باختيار نماذج للقدوة يمكن ان يحاكيها الصغار .

ويعتمد مفهوم نموذج التعلم بالملاحظة على افتراض مفاده ان الانسان ككائن اجتماعى يتأثر باتجاهات الاخرين ومشاعرهم وتصرفاتهم وسلوكهم اى يستطيع ان يتعلم عن طريق ملاحظة استجاباتهم وتقليدها .

(3)   النظرية البنائية الوظيفية :

تعتمد النظرية على ان الاسرة بناء يحقق وظيفة مجتمعية وتنظر للتنشئة الاجتماعية على انها عملية اجتماعية تعليمية تستهدف اكساب النشء ثقافة مجتمع . وان الاسرة تقوم بوظيفة هامة لاعضائها تتمثل فى اشباع حاجات الافراد الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والحماية , وذلك للاعداد النشء للاداء ادوارهم الاجتماعية التى تمكنهم من الاسهام مستقبلا فى بناء المجتمع وتطوره . 

 

(4)   نظرية التفاعل الرمزى :

  

يرجع الفضل فى نظرية التفاعل الرمزى لكتابات تشارلز كولى وجورج هيربرت ومن اهم الاسس التى تقوم عليها هذه النظرية :

1-     التركيز على قدرة الانسان على الاتصال من خلال الرموز وقدرته على تحميلها معان وافكار ومعلومات يمكن نقلها لغيره .

2-     الحقيقة الاجتماعية حقيقة عقلية تقوم على التخيل والتصور .

 

وترى هذه النظرية ان تعرف الفرد على ذاته يحدث من خلال تصور الاخرين له ومن خلال تصوره لتصور الاخرين له ومن خلال شعور خاص بالفرد , ومن خلال تفاعل الفرد مع الاخرين وما تحمله تصرفاتهم واستجاباتهم لسلوكه  وتفسيره لهذه التصرفات والاستجابات فانه يكون صوره لذاته .

(5)   نظرية التعاهد الاجتماعى المتبادل :

 

   قامت هذه النظرية على المبادىء والاسس التالية :

-         ان التعاهد الاجتماعى المتبادل هو اساس التفاعل الاجتماعى الذى يقوم على تعاهد ضمنى او تصريح بين اطراف هذا التفاعل بمعنى ان الطرف الذى يعطى يتوقع نوعا من الاخذ أو المقابل .

-         انه فى اى تنظيم اجتماعى متكامل لابد ان يكون توجه اعضاء هذا التنظيم نحو توقعات الاخرين تبادليا بمعنى ان كل فرد فى جماعة يحدد سلوكه وفق توقعات الاخرين منه بينما يحدد الاخرين سلوكهم فى ضؤ توقعاته هو نفسه اى ان توقعات اعضاء الجماعة بالنسبة لبعضهم البعض متبادل .

Eng-fatma

Eng.fatma

  • Currently 57/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
18 تصويتات / 4750 مشاهدة
نشرت فى 16 أكتوبر 2010 بواسطة Eng-fatma

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

381,368