قال علماء أمريكيون إن تجربة صدم صاروخ ومسبار فضائيين بسطح القمر، أجرتها وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) الشهر الماضي للتأكد من وجود المياه على سطح الكوكب، قد "أثبتت نجاحا باهرا".
وأشار العلماء، الذين قاموا بدراسة المعلومات التي جمعتها بعثة الوكالة على إن الأدوات والأجهزة الدقيقة التي تم تصميمها بشكل يمكنها من تحسس الرذاذ والبخار الناجم عن عمليتي التصادم، إنهم توصلوا إلى دليل يثبت العثور على كميات وافرة من الجليد المائي وبخار الماء على القمر.
وكانت ناسا قد أعلنت الجمعة أن خبراءها عثروا على "كميات كبيرة" من المياه المتجمدة على سطح القمر.
بيانات أولية
ذكر أنتوني كولابريت، كبير العلماء العاملين في بعثة القمر الاصطناعي المكلف باستشعار ومراقبة سطح القمر (لاكروس)
نحن لم نعثر على كمية ضئيلة من الماء، بل عثرنا على كمية كبيرة منه تعادل المياه التي عُثر عليها ما يمكن أن يملأ "12 دلوا (سطلا) بسعة غالونين من الماء لكل منها
وقالت الوكالة في بيان أصدرته في هذه المناسبة: "تشير البيانات الأولية إلى أن مهمة اكتشاف المياه في الجانب المظلم من القمر قد تكللت بالنجاح
واعتبرت ناسا أن الاكتشاف "يدشن مرحلة جديدة في فهم القمر".
وجاء الاكتشاف الجديد نتيجة لتجربة الشهر الماضي حيث ارتطم الصاروخ والمسبار بحفرة كبيرة مظلمة تقع في منطقة القطب الجنوبي للقمر ويبلغ عرضها 100 كيلو متر، وذلك على أمل جعل الجليد ينبثق من المنطقة في حال وجوده.
وارتطم الصاروخ بالمنطقة المذكورة بسرعة 9 آلاف كيلومتر في الساعة، وبعد أربع دقائق فقط تلاه ارتطام المسبار المحمَّل بكاميرات تصوير لتوثيق تفاصيل الارتطام الأولى.
ووصف أحد الباحثين ما تم العثور عليه من كميات مياه بقوله إنها تعادل ما يمكن أن يملأ "12 دلوا (سطلا) بسعة غالونين من الماء لكل منها".
حفرة كبيرة
قال بيتر شولتز، أستاذ في جامعة براون وباحث متعاون مع بعثة "إلكروس"
المثير حقا في ذلك هو أننا قمنا فقط بصدم نقطة واحدة فقط. إن الأمر أشبه ما يكون بعملية التنقيب عن النفط، فحالما تجده في مكان واحد، تصبح الفرصة أعظم بالعثور عليه في مكان آخر قريب
وأوضح قائلا إن وزن كمية مركب (H2O)، أي الماء، التي تم تمكنت أجهزة القياس الدقيقة من رصدها تساوي 100 كيلو غرام، وقد نجمت عن حدوث حفرة نتجت عن عمليتي الارتطام وبلغ طولها 30 مترا وعرضها 20 مترا.
وقال أنتوني كولابريت، كبير العلماء العاملين في بعثة القمر الاصطناعي المكلف باستشعار ومراقبة سطح القمر (إلكروس): "نحن لم نعثر على كمية ضئيلة من الماء، بل عثرنا على كمية كبيرة منه."
وقال الباحث إن مقياس طيف الأشعة تحت الحمراء الطويلة الموجات الموجود على متن المجسِّ "إلكروس"، والذي تابع عملية ارتطام الصاروخ بفتحة بركانية كبيرة على سطح القمر، قد تمكن بالفعل من التقاط الدليل على وجود الجليد المائي وبخار الماء في منطقة الارتطام.
أطياف أشعة
جرى تصميم أجهزة "إلكروس" بشكل يمكِّنها من التقاط الأدلة التي تشير لوجود الماء
وتابع قائلا إن مقياس طيف الأشعة فوق البنفسجية المنظورة قدم بدوره تأكيدا إضافيا على وجود الماء على القمر، وذلك من خلال تحديده لجزيء الهيدروكسيل (OH)، والذي ينشأ عادة عندما يرش الماء تحت أشعة الشمس.
وقال كولابريت: "لقد تمكنا من مطابقة الأطياف التي حصلنا عليها من المعلومات التي جمعتها بعثة إلكروس، وذلك فقط عندما أدخلنا تلك الأطياف في الماء."
وقد أكد الباحثون أن النتائج التي تم الإعلان عنها يوم الجمعة هي أولية فقط، إذ يمكن أن تسفر عمليات التحليل الإضافية التي ستُجرى على المعلومات التي جمعتها البعثة إلى زيادة التقدير النهائي لكميات المياه التي تم العثور عليها.
حطام ورذاذ
من بيان لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)
تشير البيانات الأولية إلى أن مهمة اكتشاف المياه في الجانب المظلم من القمر قد تكللت بالنجاح
وكان العلماء يأملون بأن ينجم عن عمليتي الارتطام كتلة هائلة من الحطام والرذاذ تشكل عمودا يرتفع في الجو إلى حوالي عشرة كيلو مترات، ويمكن رؤيته من على سطح الأرض.
إلا أن العمود الناجم عن الحطام بسبب الارتطام كان في الواقع أصغر من ذلك بكثير، إذ بلغ ارتفاعه 1.6 كيلو مترا فقط، لكنه كان من الضخامة ما يكفي ليظهر الدليل الذي طالما سعى الباحثون للعثور عليه بشأن وجود الماء على القمر.
وتعليقا على إعلان ناسا عثور خبرائها على المياه على القمر، قال بيتر شولتز، وهو أستاذ في جامعة براون وباحث متعاون مع بعثة "إلكروس": "المثير حقا في ذلك هو أننا قمنا فقط بصدم نقطة واحدة فقط. إن الأمر أشبه ما يكون بعملية التنقيب عن النفط، فحالما تجده في مكان واحد، تصبح الفرصة أعظم بالعثور عليه في مكان آخر قريب."
كان العلماء يأملون بأن ينجم عن عمليتي الارتطام كتلة هائلة من الحطام والرذاذ تشكل عمودا يرتفعه في الجو حوالي عشرة كيلو مترات، ويمكن رؤيته من على سطح الأرض
وفي حال أسفرت عمليات البحث المستقبلية عن وجود كميات كبيرة من المياه على القمر، فيمكن أن تصبح تلك المياه مصدرا مفيدا لأي رواد فضاء قد يتمركزون مستقبلا في المناطق القطبية للقمر.
مياه للشرب؟
وقد يستخدم رواد الفضاء تلك المياه للشرب، أو ربما لصنع وقود لمركباتهم وصواريخهم الفضائية.
يُشار إلى أن ثلاث بعثات فضاء سابقة إلى القمر كانت قد أظهرت أن هنالك ثمة أدلة واضحة على وجود المياه على سطحه. وتتركز المياه في المنطقتين القطبيتين للقمر، وربما تشكلت نتيجة الرياح الشمسية.
وكشفت التقارير البحثية في مجلة "ساينس" أن المياه تتحرك بشكل دوري ومتتابع على القمر، ولربما كانت قد تشكلت بفعل اختلاط الجسيمات بالغبار الموجود على القمر.
ساحة النقاش