إن الفجوة الزيتية في مصر تعتبر من أهم المشاكل التي توليها الدولة إهتمام خاص لما تمثله من عبء علي الموازنة العامة إذ أننا نستورد 90 % من استهلاكنا للزيوت ومن المنتظر في خلال خطة التنمية الزراعية أن نقلل هذه الفجوة إلي 70% في عام 2007 و 50% في عام 2010 وهذا لن يتأتى إلا بتضافر الجهود لرفع الإنتاجية سواء عن طريق التوسع الأفقي بزيادة المساحة المزروعة أو بالتوسع الرأسي عن طريق زيادة إنتاجية الفدان وتقليل الفاقد من المحصول ومن هنا يأتي دور أمراض النبات التي تؤدي لفاقد في الإنتاج العالمي المحاصيل يصل إلي 25 % (منظمة الأغذية والزراعة FAO ) .ومما يزيد هذا الأمر تعقيداً هو طبيعة المحاصيل الزيتية وما تتصف به من محتوى غذائي يجعلها عرضة للتلوث بالسموم الفطرية والتي تعد من أهم المشاكل التي تواجه العالم الآن مما دعي منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية للتحذير منها إذ أن السموم الفطرية تلوث 25% من إجمالي محاصيل العالم وتكلف المنتجين 100 مليون دولار سنوياً ونصيب الفول السوداني فقط وهو أجد المحاصيل الزيتية في هذه التكلفة 26% (منظمة الأغذية والزراعة FAO ).
ويمكن تعريف السموم الفطرية بأنها نواتج تمثيل ثانوية ناتجة عن نشاط الفطر في الوسط الغذائي النامي علبه وهي بالتالي ليست هامة لنمو الفطر أو لإكمال دورة حياته إلا إنها تعطيه ميزة تنافسية في الوسط الذي يعيش فيه كما أن بعضها له دور في تقدم الإصابة و ظهور الأعراض Pathotoxin وبعض هذه السموم أيضاً للعائل دور في تكوينها مع الفطر Vivotoxin و تتوقف عملية تكون السموم وإفرازها علي نوع الفطر وطبيعة المادة الغذائية ومدي توفر الظروف البيئية الملائمة, ولقد عرفت السموم الفطرية من قديم الأزل حيث أن عمرها من عمر الفطريات علي الأرض ولكن بداية ظهور تقارير فعلية عنها جاءت في القرن السابع عشر بعد ظهور حالات الأرجوتزم Ergots والتي نشأت من وجود الأجسام الحجرية لفطر Claviceps purpurea في حبوب الشعير ثم تلاها تقرير Cokhel سنة 1910 ويعتبر من أول التقرير التي نوهت عن مشكلة الأفلاتوكسين إلي أن بدأ العالم يهتم بهذه المشكلة ويعكف علي دراستها عام 1960 بعد حادثة نفوق أكثر من 100 ألف فرخ من فراخ الرومي في إنجلترا بغد تغذيتها علي علائق من الفول السوداني الملوثة بالأفلاتوكسين نتيجة لوجود فطر Aspergillus flavus ومن وقتها وإلي الآن تم تعريف أكثر من 400 سم فطري إلا أن أغلب الأبحاث ركزت علي دراسة الأفلاتوكسينات لما لها من سمية عالية ودور هام في الإضرار بصحة الإنسان والحيوان حتى أن التشريعات المختصة بصحة الإنسان والحيوان في كثير من الدول المتقدمة أو النامية لا تتحدث إلا عن الأفلاتوكسين وتتجاهل باقي السموم الفطرية الأخرى وتؤكد التقارير العلمية أن أهم الأجناس الفطرية المسئولة عن إفراز أكثر ثلثي عدد السموم القطرية هي Aspergillus, Fusarium, Penicillum هذا إلي جانب العديد من أجناس الفطريات الأخري مثلAlternaria, Helminthosporium, Trichoderma وسنقتصر هنا علي تلك التي تسبب مشكلة للمحاصيل الزيتية.
المحاصيل الزيتية والسموم الفطرية
تعتبر المحاصيل الزيتية من أهم المحاصيل إصابة بالسموم الفطرية ربما يرجع ذلك لارتباطها بالأفلاتوكسين الذي يعد من أهم السموم الفطرية خطورةً وانتشاراً علي مستوي العالم كما تعد من أكثر السموم الفطرية دراسةً لهذا سنتناولها بالتفصيل وإلي جانب الأفلاتوكسين هناك بعض السموم الفطرية الخاصة بفطريات Penicillium و Fusarium والتي تصيب بعض المحاصيل الزيتية خاصةً في المخزن (جدول 1 ). وإلي جانب أثر هذه السموم علي الصحة العامة فهي لها تأثيرات ضارة للمحصول إذ إنها تخفض من نسبة إنبات البذور وما يتبع ذلك من تأثيرات علي اقتصاديات الإنتاج, كما تلعب بعض هذه السموم الفطرية دوراُ هاماً في ظهور الأعراض علي النبات وتقدم الإصابة فنجد مثلاً السموم الفطرية لفطري Helminthosporium و Fusarium تلعب دوراً كبيراً في ظهور أعراض الذبول حيث تحمل مع التيار المائي إلي أعلى وتؤثر علي الخلايا البرانشيمية المحيطة بالخشب وخلايا الأوراق مؤدية إلي خفض في بناء الكلوروفيل وخلل في عمليات نفاذية الأغشية وقدرة الخلية علي الحفاظ علي محتواها المائي مما يؤدي إلي الذبول كما أن أغلب الميكوتكسينات له فعل تثبيطي للجهاز الإنزيمي للنبات مما يؤثر علي العمليات الحيوية للنبات.
أما بالنسبة للأفلاتوكسين فإن البذرة الملوثة عند إنباتها ينتقل من السويقة الجنينية إلي أعلي مع العصارة ويؤدي إلي تثبيط تكون الكلوروفيل وتظهر أعراض التبرقش والاصفرار علي البادرات كما إنه لفعله التثبيطي للإنزيمات فإن النباتات تكون متقزمة و كذلك له تأثير علي نفاذيـــــة الأغشية ويطلق علي هذا المرض أسم Aflarot نسبة إلي الأفلاتوكسين.
السموم الفطرية والصحة العامة
يمكن تقسيم السموم الفطرية من حيث تأثيرها علي صحة الإنسان والحيوان إلي ثلاثة مجا ميع رئيسية :
· مجموعة السموم التي تتعامل مع الجهاز الهضمي ويكون أغلب تأثيرها علي الكبد وهي تضم نسبة كبيرة من السموم الفطرية وأهمها مجموعة الأفلاتوكسين.
· مجموعة السموم التي تتعامل مع الجهاز البولي وخاصةً الكلى وأهمها الأوكراتوكسين.
· مجموعة السموم التي تتعامل مع الجهاز التناسلي ولها تأثير أستروجيني ومنها الزيرالينون ومشتقاته و الترايكوسيثين.
جدول (1): أهم الفطريات المفرزة للميكوتوكسين وأنواع السموم الفطرية التي تنتجها (منظمة الأغذية والزراعة FAO).
Mycotoxin |
Fungi |
Aflatoxin, Sterigmatocystin, Aflatrem |
Aspergillus flavus, A. parasiticus, A. nomius, A. tamarii |
Ochratoxin, Destruxin B, Penicillic acid |
Aspergillus ochraceus |
Viriditoxin |
Aspergillus fumigatus |
Oxalic acid, Malformin |
Aspergillus niger |
Acetoxyscirpenediol, Acetyl T-2 toxin, Avenacein +1,Calonectrin, Deacetylcalonectrin, Enniatins, Fusaric acid, Fusarin, HT-2 toxin, NT-1 toxin, NT-2 toxin, T-1 toxin, T-2 toxin, Triacetoxyscirpendio, Trichothecin, Zearalenone |
Fusarium moniliforme, F. equiseti, F. oxysporum, F. culmorum, F. avenaceum, F. roseum, F. solani, F. nivale |
Citrinin, Citreoviridin, Gliotoxin, pomeanine, Ochratoxin, Patulin |
Penicillium citrinum, P. citreoviride P. islandicum P. viridictum P. expansum P. roquefortii, P. claviforme, P. griseofulvum |
Altenuic acid, Alternariol, Gliotoxin |
Alternaria alternata |
Trichodermin, Trichothecin, Satratoxins, F,G,H |
Trichothecium roseum, Trichoderma viride |
وتعتبر الأفلاتوكسينات الأكثر اهتماماً من الباحثين وأكثر السموم الفطرية انتشاراً في المحاصيل الزيتية ومنتجاتها الغذائية وكذلك الأعلاف التي هي مصدر تواجد الأفلاتوكسين في اللحوم والألبان, أما بالنسبة لباقي السموم فيعتبر الأوكراتوكسين و كلاً من الزيرالينون و الترايكوسيثين الأخطر.
أولاً: الأوكراتوكسين Ochratoxin
تم إكتشافه عام 1972 وهو يفرز علي المحاصيل الزيتية ومنتجاتها وخاصةً الفول السوداني عن طريق فطرAspergillus ochraceus درجة الحرارة المثلي للإفراز 20-530 م والجرعات المميتة من 13.4 إلي 30.3 مللجرام لكل كجم من وزن الجسم و تبعاً لنوع الحيوان أو الطائر وتعتبر الخنازير أكثر الحيوانات حساسية له و الدواجن أكثر الطيور. ويؤثر الأوكراتوكسين أساساً علي الكلي ويسبب الفشل الكلوي كما إنه يؤثر علي تمثيل الكربوهيدرات في الجسم إلي جانب تأثيره علي أغشية الميتوكوندريا مما يؤدي إلي تثبيطها.
وهو يؤثر علي صحة الإنسان عن طريق تأثيره علي الكلي حيث يسبب إلتهابات مزمنة والفشل الكلوي كما يؤدي إلي إنكماش الكلي وأورام في القناة البولية وهو يؤثر علي الإناث بصفه أكبر من الذكور و أكثر البلاد المتوطن بها والني ينتشر بها هذه الأمراض دول البلقان خاصةً بلغاريا ورومانيا و يوغسلافيا.
ثانياً: الزيرالينون Zearalenone
وهو يفرز علي المحاصيل الزيتية عن طريق فطر Fusarium sp. وهو يفرز في درجات الحرارة المنخفضة ويعرف كيماوياً باللاكتون حمض الريسورسليك الفينولي ويعطي وميض أخضر علي الطول الموجي 260 نانونوميتر وهو أكثر سمية للخنازير حيث يسبب تشوهات وتلف للجهاز التناسلي وهو ما يعرف بـ Estrogenic syndrome وفيه يحدث تورم في الفرج لإناث الخنازير وظهور بقع دموية وضمور للمبايض وإجهاض أما الذكور فيحدث لها ضمور في الخصية وتخنث, وقد وجد إنه يؤدي إلي نقص خصوبة الأبقار ويعطي نفس التأثير علي الإنسان في حالة ما يكون التركيز 1 ميكروجرام لكل كجم من وزن الجسم.
ثالثاً : الترايكوسيثين Trichothecin
وهو يفرزه أيضاً فطري Fusarium sp., Trichoderma roseum. وأشهر أنواعه تسمي T-2 toxin وهي بصفة عامة تسبب الهبوط والكسل مع الإسهال كما تسبب تحلل خلايا المخ والعقد الليمفاوية والأمعاء في الخنازير إلي جانب تأثر الأبقار والخراف الصغيرة وكذلك الطيور به وقد أوضحت الدراسات أن أخطر تأثيراته هو موت الخلايا الداخلية للغشاء الطلائي المبطن للأمعاء الدقيقة والغليظة كما إن له تأثيرات هستولوجية علي الكلي والرحم والطحال.وهو بالنسبة للإنسان يسبب موت لخلايا تجويف الفم والمريء والمعدة ويصحب ذلك تلون البشرة باللون الأبيض وهذه التأثيرات مسجلة في أسيا وأوربا.
رابعاً : الأفلاتوكسـ،ــيـــن Aflatoxin
إفراز الأفلاتوكسين يتم في البذور الزيتية بصفة عامة مثل الفول السوداني, القطن, اللوز, الذرة...إلخ عن طريق أربع أنواع من فطريات الأسبرجلليس هم Aspergillus flavus, A. parasiticus, A. tamari, A. nomius حيث تحمل الجين المسئول عن الإفراز (Af1r) ويعتبر فطرى Aspergillus flavus, A. parasiticus, والمعروفين باسمAspergillus flavus group أهمهم وأوسعهم انتشاراً وتتم عملية الإفراز في مرحلة ما قبل الحصاد وتستمر تحت الظروف السيئة في المخزن وأثناء الشحن للتصدير. وتعتبر ارتفاع رطوبة البذرة أغلى من 12% وتوافر رطوبة نسبية 85% و درجة حرارة من30 إلى 535 م هي أنسب الظروف الملائمة لعملية الإفراز.
وتعد الأفلاتوكسين من أهم السموم الفطرية لما لها من أثار ضارة على صحة الإنسان والحيوان وقد تعرف العالم علي الأفلاتوكسين في أوائل الستينات بعد حادثة نفوق 100000 من فراخ الرومي في إنجلترا بعد التغذية على أعلاف فول سوداني ملوثة بالأفلاتوكسين ومن وقتها و إلي الآن تم إكتشاف 18 نوع من الأفلاتوكسين منهم أربعة انواع رئيسية B1,B2,G1,G2 وأخطرهم وأكثرهم تواجداً B1 (جدول 2) وقد سميت بالأفلاتوكسين نسبة إلي أهم فطر مفرز لها وهو فطر Aspergillus flavus حيث A أول حرف من أسم الجنس و fla أول حروف النوع أما Toxin فهي تعني سم أما الأحرف الخاصة بالأنواع فذلك تبعاً لإنعكاساتها الطيفية عند تعرضها للـ UV حيث التي تعطي اللون الأزرق تأخذ B والتي تعطي اللون الأخضر تأخذ G وأخطرهم علي الإطلاق هو B1 كما أن هناك أنواع تنتج من تمثيل الأفلاتوكسين داخل جسم الحيوان وتتواجد داخل الألبان وتمثل خطورة عالية خاصة علي الأطفال مثل M1وM2.
جدول (2) : الخصائص الفيزيائية والكيميائية لأهم أنواع الأفلاتوكسين (منظمة الأغذية والزراعة FAO ).
Melting point |
Molecular weight |
Molecular formula |
Aflatoxin |
268-269 |
312 |
C17 H12O6 |
B1 |
286-289 |
314 |
C17 H14O6 |
B2 |
244-246 |
328 |
C17 H12O7 |
G1 |
237-240 |
330 |
C17 H14O7 |
G2 |
299 |
328 |
C17 H12O7 |
M1 |
293 |
330 |
C17 H14O7 |
M2 |
240 |
330 |
C17 H14O7 |
B2A |
190 |
346 |
C17 H14O8 |
G2A |
ولخطورة الأفلاتوكسين اهتمت الدول بوضع اللوائح والقوانين التي تنظم عملية الإستيراد لتؤمن المنتج السليم والآمن صحياً لمواطنيها حيث أن هناك ما يربو علي مائة دولة في العالم من سنة 1963 وحتى أخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية في هذا الصدد الذي صدر عام 2003 قامت بتنظيم آلية دخول المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية إلي أسواقها بحيث تكون آمنة صحياً من أي تلوث بالأفلاتوكسين (شكل 1).
وفي أفريقيا فقط خمسة عشر دولة هي التي تسن قوانين تنظم دخول المحاصيل الزراعية ومنتجاتها الغذائية حتى تضمن أن تكون آمنة من الأفلاتوكسين من بينها مصر وتمثل جملة السكان التي تستفيد من هذه القوانين في أفريقيا بالنسبة للعالم فقط 8.2% (شكل 2).
وبالنسبة للتأثيرات الصحية لها علي الإنسان والحيوان فنجد أن جسم الإنسان يدخل إليه الأفلاتوكسين إما بطريق مباشر بالتغذية علي محاصيل زراعية ملوثة أو منتجاتها الغذائية أو عن طريق غير مباشر عن طريق التغذية علي منتجات حيوانية ناتجة من حيوانات سبق تغذيتها علي أعلاف ملوثة بالسموم الفطرية ويعتبر الطريق الغير مباشر هو الأخطر خاصةً علي الأطفال.
الأفلاتوكسين وصحة الحيوان:
تتفاوت الأنواع المختلفة في درجة حساسيتها لحالات التسمم الحادة بسموم الأفلاتوكسين وتتراوح قيم الجرعات النصف مميتة بين 0.3 إلي 17.9 ملليجرام/كجم من وزن الجسم تبعا ًلنوع الحيوان. ويعتبر الكبد هو أكثر الأجزاء تأثرا. ولقد أثبتت الدراسات التي تمت علي حيوانات المزرعة حدوث تليف للكبد مع تكتلات دهنية وتضخم القنوات المرارية لكلا ًمن الدجاج والبط, أما بالنسبة للخنازير فتحدث بؤر صديدية في الكبد مع تحلل دهني وتليف. وقد أوضحت بعض الدراسات الأخرى أن لها تأثير علي الطحال والكلي والرئتين حيث يحدث بهم نزيف وبقع دموية. هذا وقد اجتمعت كل الأبحاث حدوث سرطان كبدي لكل حيوانات المزرعة خاصة إذا تناولت الأفلاتوكسين عن طريق الفم. إلي جانب ذلك فإن للأفلاتوكسين تأثير تيراتوجيني حيث ينتقل تأثيره الضار من الأم إلي الجنين خلال فترة الحمل مما يؤدي إلي حدوث تشوهات وموت للأجنة كما وجد للأفلاتوكسين تأثير ميتاجيني حيث يؤثر علي الكروموسومات محدثاً لها إنكسارات وتحلل في التركيب الكيماوي للكروماتين وخلل في توريث الصفات وإحداث طفرات. ولابد من ملاحظة أن تأثيرات الأفلاتوكسين الهستولوجية علي الجسم تأثيرات غير عكسية أي بمجرد حدوثها لا يستطيع الجسم الإستشفاء منها أو العودة للحالة الطبيعية.
الأفلاتوكسين وصحة الإنسان:
المعلومات التي نشرتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك إيجابية العلاقة بين هضم الأفلاتوكسين وحالات سرطان الكبد في الإنسان وقد تكرر تسجيل هذه العلاقة في كثير من المجتمعات حيث أكدتها دراسات تمت في تايلاند وكنيا وموزمبيق وأوغندا وكلها أثبتت الارتباط بين تلوث الأغذية بالأفلاتوكسين وحالات سرطان الكبد الأولي وقد أظهرت الدراسات أيضاً مدي التلازم بين الإصابة بفيروس إلتهاب الكبد الوبائي وبين هذه الحالات.إلي جانب تأثيره علي الكبد فقد أكدت العديد من التقارير التي نشرت منذ سنة 1966 العلاقة بين تلوث الأغذية بالأفلاتوكسين و ظهور حــالــة رآى (Reye`s syndrome) والتي تتميز بحدوث تحلل دهني للأمعاء حيث وجدت تركيزات من أفلاتوكسين B1 في عينات دم المصابين.
وللأفلاتوكسين حالات إصابة وبائية للجنس البشرى أهمها ما حدث في الهند في أواخر سنة 1974 حيث إنتشرت إصابة وبائية بيرقان الكبد نتج عنها نسبة عالية من الوفيات بلغت 200 حالة وشملت 150 قرية في مقاطعتين بشمال الهند ودخل علي أثرها 1400 حالة المستشفيات وكلها كانت ناتجة من التغذي علي ذرة مخزن وملوث بالأفلاتوكسين. حيث أوضحت التحليلات تلوثه بتركيزات تتراوح بين 0.25 إلي 15.6 ملليجرام أفلاتوكسين B1/ كجم ذرة كما أن من التأثيرات المزمنة للأفلاتوكسين تليف الكبد. إلي جانب هذا للأفلاتوكسين دور في الإصابة بسرطان الرئة وإن كانت الأبحاث لم تستطع تفسير كيفية وصوله إلي رئة الإنسان هل عن طريق الدورة الدموية أم عن طريق الاستنشاق من الهواء و له أيضاً دور في إحداث سرطان المعدة والأمعاء.
الأفلاتوكسين ومعوقات التصدير:
بالرغم أننا نستورد 90 % من احتياجاتنا من الزيوت من الخارج إلا أننا نصدر محصول زيتي هام يحتل المرتبة الرابعة في قائمة المحاصيل التصديرية وإن كان في مصر لا يستخدم كمحصول زيتي وهو الفول السوداني الذي يتمتع بميزة تصديرية للسوق الأوربية المشتركة إذ أنه وطبقاً لإتفاق الشراكة لسنة 1999 بروتوكول (1) حصة الفول السوداني التصديرية مفتوحة مع إعفاء تام من الرسوم الجمركية والتي كانت 16.5% فيما مضى. وبالرغم من ذلك فإن الصادرات المصرية في تراجع والسبب الرئيسي في ذلك هو التلوث بالأفلاتوكسين خاصةً والسموم الفطرية بصفة عامة إذ أن التشريعات التي تسنها الدول لحماية المستهلكين تشترط أن تكون نسبة التلوث لا تزيد عن النسبة المسموح بها وذلك حسب كل دولة (جدول 3).
هذا وقد أظهرت دراسة تمت عام 2002 بواسطة قسم أمراض نباتات البصل والثوم والمحاصيل الزيتية بالتعاون مع المعمل المركزي للأغذية والأعلاف وتضمنت عدد 24 قرية في أربعة محافظات هم الشرقية والبحيرة والإسماعيلية والجيزة حيث تم جمع 427 عينة من محصول الفول السوداني أخذت بعد الحصاد مباشرةً وأظهرت النتائج خلو عينات 16 قرية من أي تلوث بالأفلاتوكسين وكانت نسبة تلوث عينات القري الأخرى ما بين 1.67% إلي 20% وكان معدل التلوث بالأفلاتوكسين من 28 إلي 119 جزء في البليون وسجلت عينات محافظة البحيرة النوبارية بالتحديد أكثر نسب تلوث وأعلي معدل من تواجد الأفلاتوكسين. وهذا إن دل علي شيء إنما يدل علي خطورة هذه المشكلة خاصة ونحن نسعي لزيادة الصادرات الزراعية إلي 5 مليار دولار.
أعدها وكتبها
د. عــمــاد الديــن يـوســف محمود
بــاحث بمعهد أمراض النبات
ساحة النقاش