دائمًا ما يُطلق على الصحافة السلطة الرابعة التي تراقب السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وفي هذا التقرير نسلط الضوء على 7 من أفضل المواد الصحفية وأكثرها تأثيرًا في القرن الـ20، وارتبط عدد من تلك المواد بالحروب كتغطية روايات الناجين من القنبلة النووية التي سقطت بهيروشيما في الحرب العالمية الثانية، وتحدثت عن الثورات كالثورة البلشفية، وأودت إحدى التحقيقات برئيس أمريكي في فضيحة “ووتر جيت”، وتم الاعتماد في تصنيف المواد الصحفية على بحث تم إجراؤه بجامعة نيويورك عن أفضل المواد الصحفية في القرن ال20.
1- هيروشيما «Hiroshima»
احتلت تلك القصة الصحفية المركز الأول، كتبها الصحافي جون هيرسي ونشرت بجريدة نيويوركر، في 6 أغسطس 1946 في الذكرى الأولى لقصف مدينة هيروشيما بالسلاح النووي بالحرب العالمية الثانية وهو ما أدى لمقتل أكثر من 100 ألف.
وأجرى “هيرسي” مقابلات مع 6 من الناجين من القنبلة النووية، وعرض قصصهم بأسلوب أقرب إلى الرواية الأدبية بعيدًا عن الخيال، متناولا الكارثة بشكل إنساني، وقد لاقت قصته انتشارًا واسعًا، وحاز على جائزة بوليتزر للصحافة في 31 أغسطس 1946.
وهذا اقتباس من بداية القصة الصحفية:
“في الساعة الثامنة والربع صباح السادس من آب (أغسطس) 1945 توقيت اليابان، لحظة انفجار القنبلة النووية فوق هيروشيما، جلست توشيكو ساساكي، وهي موظفة في قسم شؤون شرق آسيا، في مكتبها وكانت تلتفت إلى الوراء لتتوجه بالكلام إلى الفتاة الجالسة في المكتب المجاور. وفي اللحظة نفسها، كان الطبيب ماساكازو فوجي يقرأ صحيفة «أوساكا أساهاي» في شرفة مستشفاه الخاص المطلة على واحد من أنهار هيروشيما السبعة، وكانت أرملة الخياط، هاتسويو ناكامورو، تقف جوار نافذة مطبخها تشاهد جارها وهو يهدم منزله الواقع في ممر وحدات الدفاع الجوي، وكان الأب ويلهلم كلينسورج، وهو راهب ألماني من «جمعية يسوع»، يستلقي على سرير نقال وهو يرتدي ثيابه التحتية في الطبقة الثالثة من منزل الإرسالية، ويقرأ مجلة يسوعية، وكان الطبيب تيروفومي ساساكي، جراح شاب في فريق المستشفى الكبير في المدينة، مستشفى الصليب الأحمر، يحمل عينة دم وهو يمر في رواق المستشفى متجهًا إلى المختبر، وكان راعي أبرشية هيروشيما، كيوشي تانيموتو، يقف على باب رجل ثري في كوي، ضاحية المدينة الغربية، ويستعد لنقل بواسطة عربة اليد أشياء ثمينة من المدينة تحسبًا لغارة ضخمة تشنها مقاتلات «بي – 29» وكان سكان هيروشيما يتوقعون انهمار قنابل كثيرة عليهم. قضى أكثر من مئة ألف نفس نتيجة القنبلة النووية، وهؤلاء الستة هم في عداد الناجين. وإلى اليوم، يتساءلون لماذا لم يفارقوا الحياة شأن غيرهم؟ ولماذا نجوا على خلاف كثر قضوا؟
وكل منهم يروي تفاصيل صغيرة هي من بنات المصادفة أو قرار سائر – مثل خطوة اتخذت في الوقت الصحيح، قرار بالعودة إلى الداخل، ركوب عربة ترام عوض انتظار أخرى – كانت وراء نجاتهم. وكل منهم يعرف، اليوم، أنه ذاق من الموت ما يعصي الخيال، وقتها لم يكن يعلم أيّ منهم أي شيء”.
2- الربيع الصامت «silent spring»
احتل كتاب “الربيع الصامت” المركز الثاني، كتبته الصحافية “راشل كارسن” ونشرت في عام 1962، وتحدثت “راشل” في كتابها عن الآثار البيئية الخطيرة لممارسات الإنسان، لذلك لقي ترحيبًا كبيرًا للجماعات والمنظمات من أنصار البيئة.
وحذرت “راشل” من أنه نتيجة للآثار البيئية الضارة من الممارسات الإنسانية والتقدم التكنولوجي وتقدم صناعة السلاح والصناعات الكيماوية، فلن يأتي الربيع ولن نسمع تغريدات العصافير لأنها ستكون قد ماتت!
استمرت جريدة النيويورك تايمز لعدة أسابيع تنشر عنه، بكونه أكثر الكتب مبيعًا، مما نبه العالم لقضايا التلوث البيئي، وساعد على انتشاره أيضًا ترجمته للغات: الفرنسية، والإسبانية، والألمانية، واحتل الكتاب المركز الـ25 كأفضل كتاب في التاريخ وفقا لمجلة ديسكفري.
3- تحقيقات ووتر جيت
كانت التحقيقات التي قام بها كل من الصحفيين بوب ودوارد وتشارل برنشتاين في عام 1972 وعام 1973، ونُشرت في جريدة الواشنطن بوست عن تجسس الرئيس ريتشارد نيكسون الجمهوري على اجتماعات الحزب الديموقرطي، السبب الأساسي في الإطاحة بالنهاية بـ”نيكسون” الذي قدم استقالته بعد اكتشاف أمر التجسس.
وبدأت القصة عندما تم القبض على مجموعة من الأشخاص كانوا يركبون أجهزة تجسس بمقر اجتماعات الحزب الديموقراطي، وكان أحدهم يملك رقم أحد المسؤولين بالبيت الأبيض، وكان هذا بمثابة بداية الخيط الذي كشف عن العمل العصابي للتجسس على الحزب الديموقراطي وتوروط نيكسون في هذا التجسس.
4- هنا لندن
هكذا كان عنوان مجموعة تقارير إذاعية للصحافي إدوارد آر مورو لمحطة سي بي إس، والتي جمعها في كتاب عام 1940، وتحدثت تلك التقارير عن القصف الألماني لبريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، ودائما ما كان يستهل سرده بعبارة “هنا لندن” ويتحدث من فوق أحد المباني في العاصمة البريطانية.
ولكي يُقرب مشهد الحرب أكثر للمستمع الأمريكي، فقد ركب طيارات حربية أمريكية أثناء أدائها مهمات حربية فوق أوروبا، وتحدث واصفا صورة معسكرات الاعتقال ببكفولندا في ألمانيا:
“كان هناك صفان من الجثث المكدسة مثل كومات الخشب. كانوا نحلاء وبلون أبيض ناصع، كانت الرضوض رهيبة على بعض الجثث، رغم أنه بدا أن اللحم عليها كان قليلا. البعض منها أُطلق عليها الرصاص عبر الرأس، لكنها لم تنزف سوى القليل. وجميعها كانت عارية ما عدا اثنتين. حاولت عدها بأفضل ما أمكنني ذلك وتوصلت إلى استنتاج مفاده أن جميع الموتى البالغ عددهم أكثر من 500 رجل وصبي وضعوا هنا في كومتين مرتبتين”.
5- تاريخ شركة ستاندرد أويل
احتل كتاب “تاريخ شركة ستاندرد أويل” المركز الخامس، لكاتبته “إيدا تاربل”، وقد نشر في عام 1904، ونشر في سلسلة من 19 حلقة في مجلة مكلور وتحدث الكتاب عن شركة “ستاندرد النفطية” التي يمتلكها رجل الأعمال الأمريكي “جون دي روكفيلر”، والذي يُعد واحدًا من أغنى الشخصيات في التاريخ الأمريكي، وانتقد الكتاب احتكار تلك الشركة لمجال النفط وإنتاج الطاقة في الوقت الذي لم يكن هناك من القوانين القوية التي تمنع “الاحتكار” في القرن الـ19.
وفي عام 2011 انهارت الشركة بعام 1911 بعدما وجدت المحكمة العليا بأمريكا أن الشركة تنتهك قانون شيرمان لمكافحة الاحتكار، وألهم ذلك الكتاب العديد من الصحفيين لكتابة مواد صحفية مناهضة للاحتكار في مجالات مختلفة.
6- عار المدن «The Shame of the Cities»
يتشابه هذا الكتاب الذي احتل المركز السادس مع الكتاب السابق في الزمان ومكان النشر، “عار المدن” كتاب كتبه الصحافي “لينكولن ستفنز” في عام 1904 ونشر في مجلة مكلور، وتحدث الكتاب عن عدد من آلات الفساد السياسي في عدد من أكبر المدن في أمريكا، ولم يعتمد الكتاب على كشف الفساد فقط وإنما تورط “الجمهور” في استمرار عمليات الفساد.
7- 10 أيام هزت العالم
احتل كتاب “10 أيام هزت العالم” المركز السابع، وكتبه الصحافي الأمريكي جون ريد، وتحدث فيه عن الثورة البلشفية في أكتوبر 1919، والتي شهدها عن قرب وتتبع عددًا من أبرز قادتها، وعقب نشر الكتاب توفي “ريد” ودفن في مقبرة جدران الكرملين، ذلك المكان الذي يدفن فيه قادة الثورة البلشفية، وبذلك فقد صاحب قادة الثورة البلشفية في حياته ودفن في قبورهم بعد مماته.