بدأ الأمر باعلان..........لوحة اعلانية كبيرة فى ذلك الميدان بوسط المدينة ........كانت مقدمته تقول : ابحث مع الشرطة. استوقفنى الاعلان كنت قد سمعت عن هذا منذ فترة كانو يتحدثون عن مكافأة ضخمة لمن يعثر على شخص ما حسبته مجرد كلام يروجه الناس وما أكثر ما يروج من كلام فى مثل بلادنا لكن يبدو ان الموضوع حقيقى وها هو الاعلان أمامى أقرأه ولكن ما استوقفنى حقا كان صورة الرجل المنشورة فى الاعلان انها صورة مبهمة يمكن أن تكون لأى شخص.. اذا فهناك خدعة ما فى الأمر.. لكن مهلا.. هذه الصورة تذكرنى بشخص ما لا أعرف من هو بالتحديد لكن انا واثق انى رأيته من قبل فى مكان ما صورته قابعة فى مكان ما فى خلايا مخى الرمادية فكرت قليلا ثم ابتسمت .... لم لا ؟ لن أخسر شيئا بالعكس سوف تكون مغامرة مثيرة نوعا أن تبحث عن شخص ما وربما كانت هناك جائزة عظيمة حقا .. فليس هناك دخان بلا نار..................................................

سرعان ما راقت لى الفكرة فأخذت اتلفت حولى وأفكر أين يمكننى أن أجد مثل هذا الشخص؟؟؟؟ فى هذه اللحظة بالذات سمعت همسا يسرى بين الناس يتناقلونه كأنه سر خطير.... أصغيت السمع..... همممم...... كما توقعت تماما انهم يتحدثون عن ذات الشخص المطلوب ، يبدو أنه شوهد منذ وقت قريب يتجول فى المنطقة..

دارت الأفكار فى رأسى.... يالحظى السعيد انه موجود هنا فى نفس وقت وجودى.. لكن اين يمكن ان يكون ؟؟؟؟؟؟؟؟ ربما فى هذا الاتجاه ،أو هذا الاتجاه.....

ماأكثر الاتجاهات فى هذا المكان ليكن سوف أتريث قليلا وأفكر اين يمكن لهذا الشخص ان يختبىء مممممممم لأضع نفسى فى موضعه اين يمكن ان أكون وانا مطارد من كل الناس تقريبا..؟؟؟؟ لمحت شارعا صغيرا أقرب الى الحارة المظلمة 

قررت ان تكون البداية من هناك ..............................................

وفى حركة بطيئة توجهت الى الحارة المظلمة لكن مهلا... لست الوحيد العبقرى هنا فهناك أناس كثيرون راودتهم نفس أفكارى تقريبا بدأت أزيد من سرعتى شيئا فشيئا لعلى أكون فى المقدمة ازداد الركض وازداد معه التعب ال ان وصل حدا لايطاق قررت التوقف قليلا لالتقاط الأنفاس هنا لمحت زقاقا صغيرا فكرت انه ربما يكون طريقا مختصرا اسلكه لأصل قبل الجميع توجهت اليه على مهل .....؟؟؟ ياله من طريق ضيق ومظلم تحركت من وقفتى واتجهت اليه وبدأت اسير فيه مسرعا قليلا

لم تمض على برهة الا وقد كنت قد بدأت انفصل عما حولى من ماديات المكان وفكرة الجائزة مسيطرة على تماما واحساسى الشديد بالتعب بدأ فى الزوال كل هذ مع ازدياد غريب فى سرعتى وشعورى باتساع المكان يتزايد عندها بدأت أتخلى عن ذلك المعطف الضيق الذى كان يعيق حركتى منذ البداية وايضا ذلك الحذاء الضيق ...

حركتى السريعة جعلتنى أشعر وكأنى أحلّق ولست أسير سيرا عادياً ........ ما هذا؟؟

يبدو اننى لم أعد وحيدا كما كنت فى بداية الزقاق لقد كان هناك أناس اخرين , كانو هم أيضاً قد تخلصو من أجزاء من ملابسهم تلك التى تعيق الحركة... كان شعوراً غريبا هذا الذى كنت اشعر به ... طيورا محلقة.. نعم هكذا كنا طيورا محلقة نحلق فى ذات الإتجاه حتى وصلنا الى مكان متسع أشبه بالميدان تناثرت فيه المقاهى وامتلأت بأناس من نوع اخر.. كانو خلقا كثيرا بادين فى كامل أناقتهم ولا يلقون بالا لما يحدث فى الطريق يحتسون المشروبات ويدخنون الشيشة وكأن شيئا لا يعنيهم مما يحدث فى الخارج ربما لم يسمعوا عن الجائزة لكن هذا صعب جداً ربما لا تثير اهتمامهم ربما لا يصدقون لكن ما شأنى أنا بهم فلأكمل طريقى ولأضع كل تركيزى فيما انا مقدم عليه ... كانت نشوتى وإحساسى بالمغامرة قد وصلا حدا جعلنى لا أعير إهتماما لشيءً مما حولى....... ولكن هناك بعيدا عن زحام المحلقين وسكون المنتظرين لمحته ساكنا فى وقفته لا يبدى حراكا ... إنه هو بكل تأكيد ذات الملامح المبهمة المنشورة فى الإعلان وإحساس غريب يشدنى نحوه.......... دعوت الله فى سرى ألا يكون احد اخر قد لاحظ ما لاحظته.. وبدات اسير نحوه بطريقة لا تلفت الأنظار ....فلأفوز وحدى بالجائزة مهلا ما بال المحلقين حولى يسلكون ذات سلوكى ولكن كل منه فى اتجاه مختلف تمهلت قليلا وراقبت المشهد من حولى إن كل واحد منهم يتوجه ناحية هدف مختلف عن الاخرين وكلهم فى اتجاهات مختلفة عنى كل منهم نحو شخص مختلف يحسبه المطلوب كدت أصيح فيهم انهم مخطؤن لكننى كتمتها فى أعماقى فلأذهب اليه وحدى ولن يشاركنى فيه احد بدت لى الفكرة انانية بعض الشىء لكننى أصررت عليها فكل هؤلاء من حولى لديهم الفكرة الأنانية ذاتها .........سرت ناحية هدفى بإطمئنان وهدوء هذه المرة فلا احد غيرى ذاهب الى هناك لاحظت ان بدأ فى السير مبتعدا عنى اسرعت قليلا وهو يواصل الابتعاد بنفس سرعتى كنا نتبتعد ونترك من ورائنا شيئا فشيئا حتى صرنا شبه وحيدين وهناك على مرمى البصربد لى ذلك الميدان الكبير حيث بدأ كل شىء وجد هناك تجمعات الناس التى تركتها فى البداية كانت حالتهم سيئة للغاية بل اسوأ من اى تصور ملابسهم كانت رثّه مهلهلة ووجوههم قد بدت عليها ملامح ارهاق وبؤس لا مثيل لهما الاّ أن تحركاتهم بدت غريبة بعض الشىء كانو ينتظمون فى مجموعات كل منهم يهرول خلف شخص ما يحاولون الامساك به ظنا منهم انه المطلوب احست نفسى بالأسى عليهم غير اننى انتفضت فجأة وانتفض قلبى ظاناً بان رجلى قد هرب منى الاّ اننى حين التفت ناحيته وجدته منتظرا فى مكانه محافظا على المسافة بيننا ... فيما يفكر هذا الرجل بالضبط؟؟؟ واصلت سيرى نحوه وهو يسير بذات سرعتى حتى قررت ان انهى تلك المطاردة الغريبة لصالحى فانطلقت فجأة بسرعة شديدة نحوه الاّ انه كان سريعا مثلى ظللت اطارده حتى خرجنا بعيد عن الميدان ووصلن الى شاطىء النيل , كانت الشمس قد بدأت رحلة الغروب اليومية والسماء مصبغة بلون الغروب الرائع والافق تزينه بضع سحابات متناثرة هنا وهناك اعطت سحرا للمكان ولا أحد هنا سوانا نحن نتشارك هذه اللحظة قفز فجأة من فوق السور الفاصل عن النيل فقفزت وراءه ظل يجرى فوق تلك الأحجار البيضاء على الشاطىء وأنا فى اثره اقفز فى رشاقة بالغة فوق الأحجار ... وفجأة تعثرت قدمه فوقع منكفئا على وجهه بين الأحجار واستقر لا يحرك ساكنا اقتربت منه فى بطء حتى توقفت الى جانبه مباشرة إنه الأن ملكى وحدى شاعرا بالانتصار نظرت الى مياه النيل وقد انعكست عليها أضواء الغروب فأكسبتها مظهرا قدسياً جعل القشعريرة تسرى فى جسدى كان انفعالى ونشوتى قد بلغا ذروتهما ..........اقتربت منه أكثر وبدأت اعدل من رقدته وأمسح الدماء المختلطة بالتراب الحجرى الأبيض من على وجهه ........

تراجعت فجأة وكأن صاعقة انفجرت فى وجهى ....... يا إلهى من هذا الرجل بالضبط؟؟؟؟؟ رباه هذا غير ممكن...... بل مستحيل انه يملك ملامحاً أشبه بـ...........

ملامحى ان لا........بل هى ذات ملامحى إنه...........إنه..........انا

تراجعت فى وجل تعثرت قدمى وسقطت واصطدمت راسى بالأحجارجاءت سقطتى بجانبه تماما رقدت بلا حراك ورأسى يئن من الألم وضربات الأفكار فى جنباته بدأ الفهم يغزو عقلى شيئاً فشيئاُ والظلام يكسو السماء سريعا ونور عجيب يتفجر داخلى ذهبت الشمس لمستقرها ومعها ذهب الوعى ببطء وهدأة نفسى تزداد والصمت يعلو ويعلو حتى صار هو المسيطر...........

إنه صمت أبدى هذه المرة


وليد القاضى
مدينة أكتوبر
يناير 2004

 

المصدر: قصة قصيرة من تأليفى
Elkadypharmacy

وليد القاضى

  • Currently 116/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
38 تصويتات / 782 مشاهدة
نشرت فى 19 يناير 2010 بواسطة Elkadypharmacy

ساحة النقاش

وليد عبد التواب القاضى

Elkadypharmacy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

15,815